قال المؤرخ الأميركي أندرو باسيفيتش في مقالة نشرها موقع "ريسبوسيبال ستيتكرافت" إن "يوم الحساب جاء أخيرا لدولة الأمن القومي في الولايات المتحدة"، مشيرا إلى أن "وباء "الكورونا" سيشكّل عبرة للشعب وللإدارة الإميركية، دون أدنى شك".
وفي مقالته المطوّلة، تحدّث المؤرّخ عن "دولة الامن القومي" هذه، فشرح أنها "دولة ضمن دولة" تعود جذورها إلى بدايات الحرب الباردة"، وأضاف أن الهدف "الظاهري لهذه "الدولة" كان الحفاظ على أمن الاميركيين وضمان حرياتهم".
وأوضح أن "أجهزة الاستخبارات الأميركية - اي وكالات الاستخبارات المركزية "الـCIA" واستخبارات الدفاع "الـDIA" والامن القومي "الـNSA"- شاركوا بنشاطات سرية بين حقبة الخمسينيات والثمانينات، وذلك تحت ذريعة حماية الأميركيين"، مشيرا إلى أن هذه الأجهزة "أخفقت في خليج الخنازير في كوبا عام 1961 وفي حرب فيتنام خلال حقبة الستينيات والسبعينيات، دون أن تعرضها هذه الاخفاقات لخطر وجودي".
وتابع الكاتب أن "انهيار الاتحاد السوفييتي لم يؤدِ إلى زوال "دولة الأمن القومي"، بل سارعت هذه "الدولة" للبحث عن "تهديدات" جديدة و"مهام" جديدة"، وقال إن "هذه "التهديدات الجديدة" شملت شخصيات مثل رئيس بنما السابق مانويل نورييجا والرئيس العراقي السابق صدام حسين"، مشيرا إلى أن "واشنطن كانت استفادت من هذه الشخصيات قبل أن تتحدث عن ضرورة التخلص منها"، وتابع أن "الولايات المتحدة لا تزال تنشط عسكريا في العراق وأفغانستان على الرغم من الفشل الاميركي في كلا البلدين".
بعد كلّ هذا، اعتبر الكاتب أن "وباء "كورونا" سيشكّل عبرة لا يمكن للإدارة والشعب الأميركي تجاهلها"، مشيرا إلى أن "الرؤساء الاميركيين دائمًا ما يطلبون من "الكونغرس" مبالغ تزيد عن ترليون دولار من أجل تلبية "احتياجات" دولة الامن القومي""، وأضاف أن "الشعب الاميركي لا يشعر بالأمان اليوم، في وقت يُحرم من ممارسة ابسط الحريات".
المؤرخ الأمريكي قال "استنادا إلى هذا المعيار، فإن الجهاز الذي أنشئ من اجل حماية الشعب الاميركي فشل، فالمعاناة التي سيواجهها على مدار الأشهر المقبلة يجب النظر إليها على انها حاسمة فيما يتعلق بجدوى وجود "الدولة الأمنية"".
ولفت إلى أن "الولايات المتحدة واجهت مخاطر أخرى منذ هجمات 11 ايلول/سبتمبر 2001 ، مثل اعصار "كاترينا" عام 2005 وغيره من الاعاصير التي ضربت أميركا عامي 2012 و2017، فضلا عن حرائق اجتاحت الساحل الغربي للبلاد، وتكلفة هذه المخاطر كانت تزيد عن نصف ترليون دولار، وهي تسببت بمقتل عدد أكبر بكثير مما تسببت به هجمات 11 ايلول/سبتمبر".
وبرأي هذا المؤرخ، تشكّل "الاوبئة و"الاحداث المناخية" تهديدا مباشرا وفوريا لسلامة الشعب الاميركي، وذلك خلافا "للحكام المستبدين" في الخارج او "التنظيمات الارهابية"، لذا ""دولة الامن القومي" في أميركا غير مؤهلة لمواجهة تهديدات مثل انتشار الاوبئة.
ورأى أن الشعب الاميركي في حالة رعب بعد أن تبيّن أن الحكومة تركته معرّضًا للمخاطر التي تهدد حياته وحرياته"، مؤكدًا أن "دولة الامن القومي" تركت الشعب الاميركي مكشوفا ومعرضا في الداخل بعد انشغالها في نشر "القوة الصلبة" في الخارج".
وعليه، خلص المؤرخ الى أن "حماية الاميركيين يجب أن تشكل الاولوية على صعيد الامن القومي لكن "دولة الأمن القومي" غير قادرة على القيام بذلك، فقادتها منشغلون في شن حروب في الخارج".