التجربة أثبتت أنه لا يمكن لأيّ قوة عالمية أن تفسخ العلاقة بين سوريا وايران فهي متأصلة ومتجذرة منذ عقود طويلة ولها أبعاد استراتيجية عميقة، خاصة وأن الأهداف والرؤى واحدة والمصير مشترك، وهذه الوحدة في الحقيقة اثقلت كاهل الدول الامبريالية، حيث لا تريد هذه الدول أن تتشكل اي قوة خارج تحالفاتها لأنها تجد في الأمر تهديدا على مصالحها وأطماعها في المنطقة، وبالتالي من الطبيعي جداً أن يقلق البنتاغون والادارة الأمريكية من اي تعزيز للعلاقة بين ايران وسوريا، وما يُغضب أمريكا أكثر أنها حاولت قدر المستطاع الضغط على البلدين واغراقهما بالعقوبات الاقتصادية للابتعاد عن بعضهما البعض لتكون النتيجة توقيع اتفاقيات عسكرية جديدة الأسبوع الفائت.

الاتفاق العسكري الجديد تم توقيعه في دمشق بين وزير الدفاع السوري علي أيوب، ورئيس أركان الجيش الإيراني محمد باقري. وجاء في البيان المشترك أنّ توقيع الاتفاقية “يأتي تنفيذاً للرؤيا السياسية والعسكرية بين البلدين”. ودعا البيان إلى “انسحاب جميع القوات غير الشرعية من سوريا”. من جانبه، قال وزير الدفاع السوري علي أيوب، إنّه “لو استطاعت الإدارات الأمريكية إخضاع سوريا وإيران ومحور المقاومة لما تأخرت للحظة”، واضاف “أن الجيش السوري الذي صمد منذ عام 2011 وحافظ على بنية الدولة هو على موعد حتمي مع النصر”، وتابع أنه “مهما ارتفعت فاتورة الصمود فإنها أقل من فاتورة الاستسلام والخنوع”. وشدّد أيوب على أنّ “من يراهن على تخريب العلاقات بين إيران وسوريا هو واهم”.

من جهته، قال رئيس أركان الجيش الإيراني اللواء محمد باقري: “إنَّنا سنقوم بتقوية أنظمة الدفاع الجوية السورية في إطار توطيد العلاقات العسكرية”، مشيراً إلى أنّ “تركيا متأخرة قليلاً في تنفيذ التزامها بتفاهمات أستانا لإخراج الجماعات الإرهابية من سوريا (…) وعليها أن تدرك أن أي حل لمشكلاتها الأمنية لا يكون عبر الوجود في الأراضي السورية”. ولفت باقري إلى أنّ “شعوب ودول المنطقة لا ترحّب بالوجود الأمريكي”. وأضاف: “الاتفاقية الموقّعة تعزّز إرادتنا وتصميمنا على التعاون المشترك في مواجهة الضغوط الأمريكية”.

من جانبه أعرب الرئيس السوري بشار الأسد عن ارتياحه لنتائج اجتماعات الجانبين السوري والإيراني وتوقيع اتفاقية التعاون العسكري والتقني بين البلدين والتي تجسد مستوى العلاقات الاستراتيجية.

وأوضح الأسد خلال لقائه يوم الخميس رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الايرانية اللواء محمد باقري والوفد المرافق له، في دمشق، أن اتفاقية التعاون العسكري والتقني بين البلدين والتي تجسد مستوى العلاقات الاستراتيجية التي تجمع بين سوريا وإيران، تأتي كنتيجة لسنوات من العمل المشترك والتعاون لمواجهة الحرب الإرهابية على سوريا، والسياسات العدوانية التي تستهدف دمشق وطهران.

رسائل وبنود الاتفاقية الجديدة واضحة ولا تحتاج للكثير من الشرح والاستفاضة، البلدين يقولان بكل بساطة أن تحالفنا متين ومحكم ولا يمكن لأحد المساس به تحت اي ظرف، حتى لو جاءنا ألف “قيصر”، والواضح جداً أن الولايات المتحدة الأمريكية التي تعشق سلب الدول سيادتها لم يروق لها هذا التحالف السوري_الايراني وتريد انهاءه تحت اي ظرف ومهما كلف الثمن، ولكن يبدو أن التكلفة على واشنطن ستكون اكبر بكثير مما هي على دول المنطقة، حيث حاولت الادارات الأمريكية المتعاقبة أن تضع العراق بأكمله تحت سيطرتها منذ العام 2003 وحتى كتابة هذه السطور، ولكن ماذا كانت النتيجة؟، مر 17 عاما ولم تتمكن واشنطن من احراز اي تقدم على مستوى نزع السيادة العراقية، والأهم من هذا ان العراق اصبح أكثر التصاقا مع دول محور المقاومة وهنا جن جنون واشنطن التي ترغب في فك الارتباط بين دول هذا المحور، الذي أصبح يشكل قلقا كبيرا على أمريكا، حيث ارتبطت ايران بالعراق بسوريا بلبنان باليمن بشكل وثيق واي دول جديدة ستهاجمها الولايات المتحدة الامريكية ستنضم لهذا الحلف الذي يكبر يوما بعد يوم دون ان تتمكن واشنطن من ان تحرك ساكنا ودون ان تتمكن معداتها وآلياتها المتطورة والثقيلة من احداث اي فرق على ارض الواقع، حيث ان هذه المنطقة لأبنائها وهم الاحق في العيش فيها والاستفادة من خيراتها وليس واشنطن التي ارسلت بوارجها وجنودها من آلاف الكيلومترات لتعطينا دروسا في “الديمقراطية” التي لا تمتلكها هي بالأساس.

بعد الاتفاقية الأخيرة أكدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، أن الاتفاقية العسكرية الموقعة مؤخراً بين سوريا وإيران، لن تمنعها من مواصلة جهودها في محاربة تنظيم داعش في سوريا.

ونقلت مجلة “نيوزويك” الأمريكية عن المتحدثة باسم البنتاغون جيسيكا ميكنولتي، قولها إن “مهمة القوات الأمريكية في سوريا ستبقى كما كانت عندما بدأت عملياتها لأول مرة في عام 2014، والمتمثلة بتمكين الهزيمة المستمرة لتنظيم داعش”.

وأضافت “سيستمر أعضاء الخدمة الأميركية في تنفيذ مهمة هزيمة داعش في سوريا، بالاشتراك مع القوات المحلية في شمال شرق البلاد وحول قاعدة التنف”. وتنتشر القوات الأمريكية في عدد من القواعد العسكرية في شمال وشرق سوريا، ولاسيما على مقربة من حقول النفط في المنطقة، كما أعلنت واشنطن مراراً أنها تريد انسحاب القوات الإيرانية من سوريا.

لا نعلم ان كانت سوريا ام أمريكا هي صاحبة القرار في سوريا، وكأن الأخيرة لا تملك سيادة حتى تاتي واشنطن وتملي عليها من يجب ان يبقى ومن يجب ان يذهب، من يجب أن يذهب هي أمريكا التي توجد على الاراضي السورية دون اذن من الدولة وبالتالي تعتبر بجميع المفاهيم والاعراف الدولية بأنها دولة محتلة ويجب طردها بالقوة، فهي لا تزال تدعي انها تحارب “داعش” الذي صنعته لكي تبقى في المنطقة وتنهب خيراتها، والغريب ان “داعش” لايتواجد سوى بجوار حقول النفط التي تتجه نحو واشنطن لطرد داعش وسرقتها كما هو الحال اليوم في سوريا والعراق.

 

المصدر: الوقت