لم تقف السلطات السعودية عند حدود التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، بل ذهبت أبعد من ذلك إلى التعاون والتنسيق المباشر معه في شؤونها الأمنية والعسكرية، وحتى الآن ليس هناك جديداً. الجديد في الأمر هو تعاونها مع الإحتلال للتحقيق مع معتقلين فلسطينيين وأردنيين في “السجون السعودية”، بجرم تأييد المقاومة الفلسطينية ودعمها. أي في الوقت الذي كان مفترض أن تكون فيه الرياض الحاضن الأول للفلسطيينيين ونضالهم المستمر ضد الإحتلال، تتفنن في ممارسة شتى ألوان التخاذل والخيانة للقضية الفلسطينية.   

مصادر مقربة من حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، كشفت تعاوناً استخباراتياً بين “السعودية” والكيان الإسرائيلي، في التحقيق مع ناشطين أردنيين وفلسطينيين معتقلين في السجون السعودية بتهمة دعم حركة “حماس”. المصادر أكدت أنّ التحقيق مع المعتقلين تم بمعاونة شخصيات بجهاز المخابرات الإسرائيلي “الموساد”، شاركوا المحققين السعوديين عملهم، فضلاً عن اشتراك فريق آخر من جنسيات أجنبية في التحقيقات.  

ووفقا للمعلومات التي نقلها موقع “عربي بوست” عن المصادر الفلسطينية، كانت عناصر المخابرات الإسرائيلية تحقق مع المعتقلين باللغة العبرية، وقد تعرف عليهم المعتقلون فأخبروا عائلاتهم، ثم وصلت المعلومات إلى الدوائر المقربة من الحركة في الخارج. التحقيق كان يركز، بحسب المصادر على معرفة نشاطات المعتقلين السابقة داخل الأراضي الفلسطينية والبحث في ارتباطاتهم الداخلية وأبرز الرموز والعناصر الذين تعاملوا معهم في الداخل والخارج الفلسطيني.  

وعن أسباب استعانة السلطات السعودية بفرق “الموساد” الإسرائيلي وفرق الإستخبارات الأجنبية الأخرى، هو عدم امتلاك فرق التحقيق السعودية الخبرة الكافية للتحقيق في القضايا المتعلقة بفلسطين وعدم إلمامهم بالواقع الفلسطيني الداخلي، خاصة أن ملف حركة حماس في الداخل يعدّ شأناً إسرائيلياً أمنياً بالدرجة الأولى، كما تقول المصادر.   

رئيس لجنة المعتقلين السياسيين الأردنيين في السجون السعودية، خضر المشايخ، قال في تصريح لـ “عربي بوست”، أنّ “الجلسة الثانية لمحاكمة المعتقلين والناشطين المحسوبين على الحركة سوف تُعقد بعد أقل من شهر”، مؤكداً “أهمية الجلسة القادمة لمحاكمة المتهمين؛ لكون القاضي سيستمع لأقوال المتهمين، وأن محامي المتهمين سوف يطلب الإفراج عنهم بكفالة مالية، منهاً عدم وجود تأكيدات بأن تكون الجلسة القادمة فاصلة للبت في قضية المتهمين، وأن الحكم قد يصدر في جلسات لاحقة”.  

 

وفي السياق، شدّد المشايخ على “استياء أهالي المعتقلين لاختفائهم منذ 8 آذار/مارس الماضي ولم يروهم حتى اللحظة، كما أن التواصل مع عائلات المعتقلين يتم بشكل محدود عبر الهاتف في اتصال لا يتجاوز عشر دقائق، وفي أغلب الأحيان ينقطع التواصل لأسابيع أو لأشهر”. 
كما نوّه بأن السلطات السعودية أفرجت عن معتقل واحد فقط خلال الفترة الماضية، يدعى بكر الحصري وقُضي بترحيله خارج البلاد، لكنه بيّن أن ملف الحصري مازال عالقاً حتى اللحظة منذ أكثر من شهرين، حيث تمّ التنسيق مع المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات لترحيله إلى عمان، لكن لا شيء تحرك حتى الآن.  يذكر أن المحكمة السعودية الجزائية المتخصصة كانت قد حدّدت موعد جلسات المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين منذ أكثر من سنة في السجون السعودية، في شهر سبتمبر/ أيلول الحالي. مع العلم أن المحكمة الجزائية عقدت، أولى جلساتها في مطلع مارس/ آذار الماضي، لمحاكمة عدد من المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين، بتهمة “الإنتماء لتنظيم إرهابي، وجمع الأموال”، وهي الخطوة التي لقيت استياءاً كبيراً من قبل قيادات المقاومة الإسلامية “حماس” التي استنكرت معاداة السلطات السعودية للقضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني المشروع.  وتواصل السلطات السعودية منذ مطلع عام 2019 حملة اعتقال الفلسطينيين المقيمين على الأراضي السعودية. الحملة طالت العشرات مِمَّن تتهمهم الرياض بالإرتباط بالمقاومة الفلسطينية. وقد جرى اعتقال الكثير من الفلسطينيين المقيمين في البلاد منذ عشرات السنين وآخرون كانوا قد وصلوا إليها بهدف زيارة مؤقتة. ورغم عدم وجود اتهامات جرمية واضحة ضد المعتقلين، إلا أن السلطات السعودية لصقت بهم تهم “الإنتماء لتنظيمات إرهابية”، والحقيقة هي انتمائهمم لـ”حماس” أو تأييدهم لها وللمقاومة الفلسطينية عامةً.

المصدر: مرآة الجزيرة