في مقالٍ جديدٍ نشره على موقع التفكير الإقليميّ العبريّ (ميدا) تحدث مسؤول شكاوى الجنود السابِق في جيش الاحتلال الجنرال احتياط يتسحاق بريك مرّةً أخرى عن المخاطر المُحدّقة بالدولة العبريّة، مُشدّدًا على انعدام جهوزية الجيش لأيّ حربٍ مقبلةٍ، وطبقًا لأقواله فإنّ طوقًا من الصواريخ يحاصر إسرائيل من كلّ جانبٍ تقريبًا.

وبحسب سيناريو الرعب الذي رسمه الجنرال بريك فإنّ طوقًا محكمًا بأكثر من 200 ألف صاروخ يحيط إسرائيل، منها آلاف الصواريخ الدقيقة، كتلك التي أصابت منشآت النفط السعودية. هذه الصواريخ منتشرة في محيطنا كطوق خانق، من “حماس” في غزة وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والقوات الحليفة لهم في العراق وسوريّة، كلّها موجهة نحو أهدافٍ إستراتيجيّةٍ إسرائيليّةٍ كمحطات الكهرباء، منشآت تحلية المياه، قواعد سلاح الجو والبر التابعة للجيش الإسرائيلي، المرافئ التي تشكل بوابات إسرائيل، البنية التحية الاقتصادية، مراكز الحكم وأمور أخرى.

وشدّدّ في تحليله على أنّ هذه الصواريخ موجهة كذلك نحو أهداف مدنية مثل “غوش دان” (مركز الدولة العبريّة)، خليج حيفا، بئر السبع، القدس، التجمعات الصناعية وتجمعات سكانية أخرى، وتهدف لإلحاق ضربةٍ قاضيةٍ بمواطني إسرائيل، بالإضافة إلى اقتصادها وبنيتها التحتيّة.

ونوّه إلى أنّ صواريخ (حيتس) التابعة للجيش الإسرائيليّ، والقادرة على اعتراض الصواريخ المعادية، مخزونها صغير جدًا ولا تكفي إلّا لأيّامٍ معدودةٍ من القتال، لافِتًا في الوقت ذاته إلى أنّ هذه الصواريخ تهدف على نحوٍ خاصٍّ إلى الردّ على ضرب أيّ أهدافٍ إستراتيجيّةٍ وليس على استهداف للسكان، وأوضح أنّ تكلفة الصاروخ الواحد 3 ملايين دولار، معتبرًا أنّ إسرائيل لا تملك القدرة الاقتصاديّة لحيازة مخزونٍ كبيرٍ، وينطبق الأمر ذاته على صواريخ (القبة الحديديّة) التي يكلف كل صاروخ منها حوالي  100 ألف دولار.

الجنرال الإسرائيليّ حذّر أيضًا من تقلّص سلاح البر في الجيش، الأمر الذي لا يسمح له بخوض الحرب على جبهتيْن في آنٍ واحدٍ، موضحًا أنّه المواجهة القريبة القادمة ستكون على أربع جبهاتٍ وهي: “حماس” في غزة، حزب الله في لبنان، وعشرات آلاف المقاتلين المسلحين في الضفة الغربية، فيما سيشكل الجيش السوريّ تهديدًا مركزيًا على الحدود الشماليّة، طبقًا لأقواله.

ولفت إلى أنّه نتيجة للتقليص في الجيش والميزانيات، فإنّ السواد الأكبر من هذا الجيش غير مؤهل للحرب بسبب نقص التدريب وسوء صيانة الأسلحة في مخازن الطوارئ وإقالة الآلاف من جنود الخدمة الدائمة وفقدان القدرة المهنية للجنود والقادة، خاصة في منظومة الاحتياط.

وأوضح الجنرال بريك في مقاله، الذي لم يلقَ تأييدًا من قبل جنرالات آخرين، أوضح أنّ الانشغال في معارك أخرى، صرف انتباه الحكومة عن تحضير الجيش للحرب الكبرى، مؤكّدًا أنّ العمليات التي نفذّها سلاح الجوّ الإسرائيليّ في سوريّة منذ العام 2017 وحتى اليوم لم تؤدّ لتحسين الوضع الإستراتيجيّ الإسرائيليّ، كما أنّ الهجمات لم تمنع استمرار المشروع العسكريّ لدقة الصواريخ ومواصلة التمركز الإيرانيّ في الدول التي تحيط بالدولة العبريّة، كما قال.

وبناءً على ما ذكره أعلاه، أكّد الجنرال بريك أنّ الجيش الإسرائيليّ وجد نفسه منشغلاً اغلب وقته في المعركة بين الحروب دون أنْ يستثمر في الاستعدادات للحرب المقبلة، مُضيفًا أنّ آلاف الصواريخ التي أطلقت ضدّ أهدافٍ في سوريّة كلفت خزينة دولة الاحتلال المليارات، ولكن في سلم أولويات مختلف قليلاً وفي جزء من هذه الأموال، كان يمكن تعزيز منظومة الدفاع وتحصين الجبهة الداخلية، المكشوفة أمام آلاف الصواريخ، كما قال.

وعاد الجنرال الإسرائيليّ للمرّة العاشرة إنْ لم يكُنْ أكثر، عاد للتأكيد أنّ الجبهة الداخلية الإسرائيليّة ستكون الساحة الرئيسيّة في الحرب المقبلة، لكن صُنّاع القرار من المُستوييْن الأمنيّ والسياسيّ يتجاهلون هذه القضيّة بشكلٍ تامٍ، مُختتمًا بالقول إنّ إهمال الجبهة الداخليّة سيؤدّي إلى نتائج وخيمةٍ جدًا تطال البنية التحتيّة والاقتصاد، كما قال.

وَجَب التأكيد أنّ الجنرال بريك نشر مقاله قبل المقابلة التي أجرتها فضائية (الميادين) مع الأمين العّام لحزب الله، حسن نصر الله، كما أنّها ليست المرّة الأولى التي ينبري فيها هذا الجنرال للتحذير من المخاطِر المُحدّقة بإسرائيل في المُواجهة القادِمة.

 

المصدر: زهير اندراوس - رأي اليوم