الأسبوع القادم لن يكون هادئا تماما في الشرق الاوسط. وقد بقيت تسعة ايام فقط على دخول الرئيس الأمريكي جو بايدن الى البيت الابيض في 20 كانون الثاني. ولكن في هذه الفترة الزمنية ايران ما زالت تخشى من ضربة عسكرية أمريكية ضدها، التي ستنزل عليها بأمر من الرئيس التارك دونالد ترامب. ورغم أن سيناريو كهذا لا يبدو منطقيا بالنسبة لإسرائيل، إلا أنهم في جهاز الامن لدينا قلقون مع كل ذلك من احتمالية تقدير خاطيء يؤدي الى اشتعال عسكري غير مخطط له يمكن أن ينعكس ايضا على إسرائيل.

العصبية في طهران ظاهرة منذ بضعة ايام على خلفية ايام ترامب الاخيرة. وهي تؤثر ايضا على شركاء وفروع ايران، ومن بينهم حزب الله والمليشيات الشيعية التي تعمل في العراق وفي سوريا. ويبدو أن مستوى الخوف لدى الايرانيين ارتفع اكثر بعد الهجوم على مبنى الكونغرس في يوم الاربعاء الماضي والذي زاد من حدة سلوك ترامب ودفعه الى الزاوية وأشعل مجددا محاولات عزله.

في الصحف الأمريكية نشرت قبل الفوضى التي حدثت في الكونغرس سيناريوهات حول عملية محتملة اخيرة لترامب في الشرق الاوسط. بعد الاقتحام العنيف لمؤيدي الرئيس لتلة الكابيتول قالت رئيسة مجلس النواب، نانسي بلوسي، بأنها تحدثت مع رئيس هيئة الاركان المشتركة، الجنرال مارك نيلي، من أجل التأكد من أن "الرئيس غير المستقر"، حسب تعبيرها، لن يستطيع المبادرة الى هجوم نووي في ايامه الاخيرة في منصبه.

الولايات المتحدة من ناحيتها خشيت من خطوات انتقامية ايرانية على خلفية الذكرى السنوية الاولى لاغتيال الجنرال قاسم سليماني على أيدي الأمريكيين – قائد قوة "القدس" التابعة لحرس الثورة، والذي قتل في العراق في بداية كانون الثاني من العام الماضي. وحتى الآن لم تسجل أي محاولات ايرانية للرد، لكن الأمريكيين قاموا باستعراضات جوية لقاذفات "بي 52" التي ارسلت الى منطقة الخليج الفارسي من قواعدها في الولايات المتحدة، وحتى أنهم حركوا قوات بحرية في المنطقة، كما يبدو لغرض الردع.

الجيش الإسرائيلي يوجد مؤخرا بمستوى عال من التأهب الدفاعي، وضمن امور اخرى، نشرت بطارية باتريوت في ايلات، ويلاحظ حضور غير عادي لطائرات حربية في سماء البلاد، في كل القطاعات وفي جزء كبير منها في ساعات اليوم. في لبنان احتج السكان في بيروت على طلعات طيران متواترة لطائرات حربية إسرائيلية في سماء العاصمة. يبدو أن إسرائيل تستعد لصد أي هجوم محتمل ضدها بواسطة الصواريخ والقذائف والطائرات بدون طيار من جانب تنظيمات تعمل بتوجيه من ايران. التأهب يتعلق بعدد كبير من الساحات: سوريا ولبنان في الشمال، العراق في الشرق واليمن في الجنوب. وفي الخلفية استمرت جهود ايران لنشر الوسائل القتالية في سوريا وتهريب السلاح لحزب الله في لبنان. ومثلما نشر في هذا الاسبوع في "هآرتس"، فانه في الايام العشرة حدثت ثلاث هجمات جوية نسبت لإسرائيل ضد اهداف ايرانية وحزب الله ونظام الاسد في سوريا.

تأهب إسرائيل يتعلق ايضا بخطوات انتقام محتملة لايران. طهران تنسب لإسرائيل المساعدة في اغتيال سليماني الى جانب اغتيال رئيس مشروعها النووي العسكري، البروفيسور محسن فخري زادة، قرب طهران في تشرين الثاني الماضي. هذا التأهب يرتبط بنفس سيناريو التقدير الخاطيء بين ايران والولايات المتحدة.

مصادر امنية في إسرائيل قالت للصحيفة بأن جهاز الامن يوجد مؤخرا في اتصال متواصل مع البنتاغون والقيادة العليا للجيش الأمريكي. وحسب قول هذه المصادر فانه من هذه المحادثات يتبين أنه ليس للأمريكيين أي نية للبدء بخطوة هجومية ضد ايران في الوقت الحالي، وأنه رغم الظروف السياسية الحساسة في واشنطن إلا أنه من غير المعقول أن سلوك شاذ للرئيس سيترجم الى نشاط عسكري في الشرق الاوسط. ايضا أكدت المصادر على أنه حتى لإسرائيل لا توجد أي نية للقيام بخطوة هجومية كبيرة ضد ايران على اراضي ايران في الوقت الحالي.

واضافت هذه المصادر الامنية بأن الخوف الاساسي في إسرائيل يتعلق بسيناريو يتمثل بسلسلة من سوء الفهم المتبادل الذي يمكن أن يؤدي الى الاشتعال، على خلفية خوف ايران من خطوة غير متوقعة لترامب. إسرائيل خشيت من تطورات كهذه حتى في فترات كان فيها تصعيد تدريجي في الماضي. وبنظرة الى الوراء، فان الاحداث التي أدت الى اطلاق عملية "الجرف الصامد" في قطاع غزة في صيف 2014 تنسب الى قراءة خاطئة متبادلة لافعال إسرائيل وحماس، عندما تمت اساءة تفسير تحركات معينة على أنها نية للطرف الآخر لبدء الحرب.

 عاموس هرئيل - هآرتس
 

المصدر: اطلس للدراسات