“إنّ روح السياسة تختلف تماماً عن روح البيروقراطية. البيروقراطية تريد أن تظلّ دائماً في إطار ما تعرفه، وهي تبالغ في مخاطر ما لا تعرفه حتى تؤمّن نفسها. ومنطقها دائماً قواعد الجمع والطرح. وأما السياسة فهي شيء آخر: هي البحث عن الجديد ورؤيته بالبصيرة قبل رؤيته بالبصر، وهي قبول المخاطر، وهي الاعتماد على تقدير المواقف وتفاعلاتها، وهي أكبر من حسابات الجمع والطرح”.
هنري كيسنجر
  بعد “كامب ديفيد” لم يكن أحد في الغرب يتوقع سياقاً للأحداث في لبنان إلا في إطار “سقوط الدولة” و”سقوط المجتمع” و”سقوط البندقية الفلسطينية” وسقوط القوى المحلية المؤثرة على صنع القرار في شَرَك توقيع اتفاقية مع “إسرائيل”، ليكون لبنان ثاني دولة بعد مصر يخضع لما يٌعرف بترتيبات “السلام”. اجتياح العام 1978 حقق تأثيراً فعلياً نحو أزمةٍ طائفيةٍ موحلة، واختبارٍ مطلوب لسلطة تبحث عن بواباتٍ داخل بحار الاستقرار فلا تجد. “الحالة الإسلامية الشيعية” في لبنان كانت تفتش بدورها عن مسالك مرهقة بعد تغييب الإمام موسى الصدر. خريف الاختطاف كان سيطول لولا الانتصار المفاجئ للثورة الإسلامية في إيران. بدا كأنّ القلق الذي اعتراها قد قلّ بعض الشيء ولكنّ التحديات كانت تحاصرها من كل جانب. لم يمرَّ وقت كثير حتى استُشهد أحد أبرز الملهمين للفكر الحركي الشيعي وهو السيد محمد باقر الصدر الذي مثّل الحاضنة والمرجعية ونقطة جذبٍ لكثير من العلماء والشبّان اللبنانيين الثوريين، ثم اندلعت الحرب العراقية الإيرانية لتضغط على النظام الفتي وإمكاناته المتواضعة وعلى مصير الثورة ومستقبل المرتبطين بأهدافها في لبنان والمنطقة. تلا ذلك اجتياح العام 1982 فتفجرت التناقضات الوطنية وأحياناً الإسلامية بين من يريد أن يتباعد عن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي بمنطق الفكر التبريري أو بمسلك الهروب من المسؤولية.
مَن شنَّ الحرب على إيران ونفّذ الاجتياح في لبنان أراد أن يضع جميع الفدائيين والمقاومين في لبنان داخل مربّع ضيّق، وأن يدفع برجل قوي إلى سدة السلطة يعرف حقيقة طلبات أمريكا وإسرائيل السياسية والعسكرية ويسعى لتنفيذها. من لحظة الغزو بدأ النظام الإسلامي في إيران الاقتراب أكثر من قضية الصراع مع العدو الإسرائيلي. خلال أيام قليلة تم إرسال وفد عسكري وسياسي إلى سورية للتباحث مع المسؤولين السوريين في كيفية تقديم الدعم. اجتمع الرئيس حافظ الأسد بالوفد الذي كان مؤلفاً من وزير الدفاع العقيد “سليمي” وقائد الحرس “محسن رضائي” والعقيد “صياد شيرازي” وآخرين، ونتج عن اللقاء توقيع اتفاقية تسهّل بموجبها سورية لقوات إيرانية الدخول إلى البقاع اللبناني والمساهمة في دعم جهود التصدي للغزو الإسرائيلي. بعد ستة أيام على الاجتياح وصلت “فرقة محمد رسول الله” من حرس الثورة الإسلامية دمشق بقيادة “أحمد متوسليان” وعبرت بعدها إلى لبنان الذي كان الموت يدقّ أبوابه.
 وسريعاً ما وصلت أصوات التكسّرات الآتية من عمق الجنوب والضاحية إلى حيث تواجد قوات الحرس في بعلبك وأطرافها. كُثر من الجنوبيين آنذاك كانوا يتسمّرون في أماكن تشردهم وشرودهم وحيرتهم وبؤسهم.  بعض الأعلام البيضاء رُفعت على أسطح البيوت خوفاً من هولٍ قادم وتغريبة جديدة.
الزمن يسيل حرائق ومجازر ويتقاطع مع أشياء بأسماء فجةٍ تُولد بقساوةٍ مخالفةً فطرة هذه الأرض الأصيلة التي نبتت فيها البطولات وجرت في دروبها تضحيات من أمثال أدهم خنجر وصادق حمزة إلى السيد عبد الحسين شرف الدين فالإمام موسى الصدر الذي رفع شعار “إسرائيل شر مطلق” و”السلاح زينة الرجال”.
 الناس الصادقون الذين فشلوا في التخلّص من “مرض الأرض” وفلسطين والمقدسات كانوا مشدودين إلى القوة التي تأتي من الإيمان والغيب. في زاوية أخرى، كان هناك علماء دين يحاولون التخفّف من وطأة انسحابهم بفتاوى غامضة عمادها “ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة”.
وفي زاوية ثالثة طبقة سياسية تقليدية تُغري الجمهور بالأوهام الصغيرة لتبرّر علاقتها الالتباسية مع قوى لبنانية أخرى راغبةً بالانغماس بعمق في المشروع الصهيوني. لم يخبِّئ القادمون من بلاد “طالقان” أصولهم القادمة من كربلاء ولا أحلامهم بالمرابطة على تخوم بيت المقدس. تنفيذ “أمر الإمام” الخميني بدأ يجد مسالكه الصحيحة. وجدوا في هذه الأرض الكثير من الحب، وفي البلاد متسعًا للمقاومة والمقاومين. بعضهم يعرف “استثنائية الأرض التي باركنا حولها” حين تدّرب في معسكرات “فتح”. بعضهم الآخر رافق نجلَي الخميني مصطفى وأحمد والشيخ رفسنجاني وغيرهم من المناضلين الإيرانيين الأوائل وجال على مواقع المقاومة الفلسطينية على التخوم مع فلسطين المحتلة وتشرّب من عطر زيتونها وتلمّس طريق المسيح بين هضاب عاملة والجليل.
أحياناً، تشتبك الأقدار بشكل غريب. توقيع الاتفاقية المصرية-الإسرائيلية تزامن مع انتصارات الشعب الإيراني على الشاه، وبدء مسارات التسوية تزامن مع رواج شعار الإمام الخميني “يجب أن تزول إسرائيل من الوجود”، وانكفاء الجيوش العربية، واعتبار حرب أكتوبر من العام 1973 آخر الحروب مع “إسرائيل” والإحباط الذي ساد الأحزاب العربية اليسارية والقومية تزامن مع بدء صحوة ثورية دينية شيعية كانت إيران والعراق ولبنان ميدانها. اجتياح العام 1982 جعل الإيرانيين خارج أسوارهم نحو أرض أخرى أكثر التصاقاً بعقيدتهم وشغفهم وأشواقهم بعدما كان نظام شاههم البائد قد منع كل نفس ونفيس أن يُقدّم لتحرير فلسطين، بل كان مع أنظمة عربية أخرى يطالبون “المتحمسين والمغامرين” أن تسكن سكاكينهم الأغماد إلى الأبد. كان نظام الشاه ومعه مجموعة الدول العربية التي كانت تُخفي علاقاتها بالكيان الإسرائيلي آنذاك أشبه بشبكة لتهريب ” الاعتراف والتفاوض والصلح”. هاجسهم الأكبر هو الخوف من أن تلتقي تطلعات العروبيين والقوميين واليساريين الصادقين مع الثوريين الإسلاميين الجدد. في حين كانت إسرائيل بحروبها الأخيرة على لبنان تظن أنّها بذلك تدفع آخر المقاومين للاستسلام ووضع أسلحتهم لتبدأ بعدها تفاصيل كتابة التاريخ الجديد للمنطقة.
لكن الحروب الأخيرة على الفلسطينيين واللبنانيين جاءت بنتائج عكسية، فقد فتحت أمام المقاومين الذين يتبعون “خط الإمام” -وهو مصطلح راج بعد انتصار الثورة الإسلامية- طريقاً للتوغل أكثر في هذا الصراع الوجودي مع الصهاينة، وألغت الكثير من القيود والحسابات السياسية الداخلية نتيجة الفوضى وغياب السلطة الرسمية. صار يمكن لحُرّاس الثورة أن يدّربوا اللبنانيين “الخمينيين” ويمدّوهم بالثقافة الدينية والثورية أكثر بأضعاف مما فعله الدكتور الفذّ مصطفى شمران الذي أتى به الإمام الصدر من الولايات المتحدة الأمريكية ليؤسِّس الجناح العسكري لحركة المحرومين تحت اسم أفواج المقاومة اللبنانية(أمل). كانت الحقائق الأساسية في غاية الوضوح بالنسبة إلى “الحرس”. لا حيادَ عن هدف “إزالة إسرائيل من الوجود”.
لقد دخل هذا الشعار في أدبيات وصيحات المتدربين وجرى بعد ذلك على ألسنة الناس عندما شاهدوا لأول مرة عروض المقاتلين في بعلبك العام 1984 وهم في زي الحرس التقليدي بمناسبة يوم القدس العالمي الذي أعلنه الإمام الخميني في آخر جمعة من شهر رمضان. وبموازاة حركة التدريب والتسليح وإنشاء المجموعات القتالية المنظّمة، كانت المؤسسات الرسمية الإيرانية “بيت الإمام” و”وزارة الخارجية” و”الحرس الثوري” ترعى إنشاء تنظيم جديد باسم “حزب الله” لا يدخل معترك الصراع السياسي مع الصهاينة والاستكبار العالمي الذي تمثله الولايات المتحدة الأمريكية، إلا وهو مرتكز على أسس فكرية متينة ومنهج جذري لا يضعف في المنعطفات، ولا تُخيفه التهديدات، ولا تٌغريه الجوائز والأعطيات.
وقد لعب السفير الإيراني في دمشق السيد ” علي أكبر محتشمي بور” دورًا أساسيًا في جمع الكادر العلمائي والطليعة الرساليّة وإيجاد جسر ارتباط بينها وبين ولاية الفقيه، وتم التوافق معهما على الأيديولوجيا، والاستراتيجيا، وأهمية بناء التنظيم وبناء المؤسسات والأطر الثورية المختلفة لانضواء مختلف طبقات المجتمع في جهد تحرير البلد من الاحتلال الإسرائيلي كمرحلة أساسيّة في مراحل الصراع. ولقد أتاح وجود قوّات الحرس أن يحقّق حزب الله بالتدريج حضورًا قويًا في الميادين السياسية والعسكرية والجماهيرية.
وكل من كان يراقب الحالة الإسلامية الشيعية بعناوينها المختلفة كان يدرك الدور التاريخي لقوات الحرس في هذا الصعود الشيعي، إن كان على مستوى العمل المقاوم وموقع لبنان في معادلات الصراع، أو لجهة التوازنات الداخلية لاحقاً. لقد قدّمت قوات الحرس نموذجًا راقيِاً للتلاحم والإيثار مع المستضعفين في لبنان، واستطاعت أن تؤسّس لعلاقات متنوعة مع قوى حزبية ودينية لبنانية وفلسطينية تتلاقى معها في إعاقة وإفشال المشروع الأمريكي والصهيوني من البوابة اللبنانية. ورغم أنّ هذا الدور كان محدوداً ومحاطاً بظروف جغرافية وأمنية وسياسية معقّدة نتيجة الاتفاق مع دمشق أيضاً، لكنّها استطاعت بالاستفادة من طبيعة التطورات والتناقضات المحلية والخارجية تأسيس قاعدة (كادرية) عريضة حملت مشروع الإمام الخميني إلى واجهة الأحداث في المنطقة والعالم.
إنّ “إسرائيل” فوجئت استراتيجيًا، فهي لم تكن تدرك بداية خطورة الزلزال الذي وقع في إيران لجهة حجمه ومداه وأهدافه، ولم تكن تتوقّع أن تجد الثوريين الإيرانيين على تخومها يومًا ما. ينقل بعضهم عن الشيخ محمد جواد مغنية وهو أحد أعلام الفقه العامليين أنّه التقى الإمام الخميني إبّان الاجتياح الإسرائيلي للجنوب عام 1978 في النجف الأشرف شاكيًا له معاناة الجنوبيين وحرمانهم وأوضاعهم البائسة طالباً لهم المساعدة، فردَّ الإمام بجواب:” يجب أن يسقط الشاه”.
 فكرَّر الشيخ مغنية الكلام ظنًّا منه أنّ الإمام لم يفهم مُراده، لكنّ الإمام أجاب مرة أخرى بالإجابة نفسها. فخرج الشيخ مغنية يائسًا حائرًا مصدومًا. يقول مغنية:” ولم أدرك حقيقة ما قاله إلا بعد الزلزال الذي أحدثته الثورة الإسلامية الإيرانية”. مفاجأة التاريخ أكّدت نفسها إذاً.
ما قام به الإمام الخميني لم يكن منظوراً ولا قابلاً للتنبؤ بآثاره وحقائقه. كليلةٍ تأتي من حيث لا ينتظرها أحد. أو كموجة تسونامي تسحب في طريقها كل الفلسفات والأيديولوجيات والتنظيرات ومصانع التفكير إن وُجدت، بل والهزائم والخيبات التي تولّدت بفعل النوايا الهشّة والإرادات الضعيفة والمصالح الضيّقة والتنافسات الممجوجة، وصيّرت فلسطين بلادًا ضائعة. ربما كان حتى عند الكثيرين من أبناء الشعب الإيراني والعربي على وجه الخصوص مجرّد حلم، قبل أن يحوّله يقين الإمام الخميني من رؤيا إلى حقيقة أرعبت إسرائيل وجعلت جنرالاً إسرائيلياً يتحدث عن ” التهديد الوجودي الذي يتضاعف من حولنا” بسبب إيران.
وثانياً يقول: “إنّ سوريا والعراق أصبحتا جسراً ذهبياً يربط إيران بحزب الله”. وثالثًا يعترف هذه الأيام بالقول:” إنّ “المناظر الطبيعية الهادئة والسلمية هنا لا تُضلّلنا، فنحن مشغولون (في مواجهة حزب الله) من الصباح إلى الليل، كل أيام الأسبوع، وعلى مدار السنة”. بمعنى آخر إنّ محور المقاومة الذي تقوده إيران يبني جسور عبور إلى فلسطين أشبه بالجسر الذي بناه المصريون لعبور قناة السويس خلال حرب أكتوبر من العام 1973. وكما انتقل أتون المعارك من شرق القناة إلى غربها، فإنّ إسرائيل تخشى من انتقال المعارك يوماً ما من شمال فلسطين وشرقها وربما غربها بفعل الصواريخ الإيرانية التي سلّمها فيلقُ القدس بقيادة الشهيد قاسم سليماني إلى حركات المقاومة لتكون جاهزةً ليوم الفصل الأكبر. ربما لم يكن يخطر في بال سليماني وهو يحارب شاباً على الجبهة خلال الحرب العراقية- الإيرانية أنّه سيكون في يوم من الأيام مسؤولاً عن تجهيز الفِرق التي ستدمّر “إسرائيل”. وربما لم يكن يخطر في ذهن “عساكري” وهو يُنشد للفتيان الصغار في المساجد والحسينيّات ومعسكرات التدريب “أيها الثائرين.. على المستكبرين”  و”الجهاد الجهاد ..حيّ على الجهاد” أنهم سيكونون قادة كبارًا يُذيقون عدوّهم طعم الجحيم ويحققون ما عجزت عنه أنظمة وجيوش عربية.
إلا أنّ ذلك لم يكن بالنسبة إلى الإمام الخميني إلا يقيناً وشهوداً رآه ببصيرته التي عاينها الشيخ مغنية بنفسه فوجده” بعيد المدى، شديد القوى، تنطق الحكمة من جوانبه” أو كما يصوّر الإمام الخامنئي البصيرة حين يقول إنها:” رسم الاتجاه الصحيح” و “البوصلة وكشّاف النور “. فقد كانت فلسطين على مرمى حجر. كانت وفق الإلهام الرباني قبل السياسة بمفهوم كيسنجر، أكبر من حسابات الجمع والطرح. قضية تستحق أن يُمشى بها على وحي الأقدار، وأن تُعاش فوق الأحاسيس الراهنة، وخارج سياق ما هو الآن بل ما هو صائر. وخارج الملاحظات الثقيلة والافتتاحيات الرسمية التي تُقال فيها خطب حماسية ثم ينتهي كل شيء إلى ورق باهت من التاريخ .
يُنقل أنّ محيي الدين بن عربي ذهب يوماً إلى أستاذه وشكا إليه كثرة الظلم والعصيان فقال له:  “توجّه إلى ربك” . ثم ذهب بعد مدة إلى أستاذ آخر وشكا إليه الظلم وشيوع المعاصي فقال الأستاذ:” توجّه إلى نفسك” . وعندما سمع ذلك بدأ بالبكاء ملتمّساً من الأستاذ بيان سبب اختلاف الإجابات فقال له: “يا قرّة عيني، إنّ الأجوبة واحدة، فهو قد دعاك إلى الرفيق الأعلى، وأنا دعوتك الى الطريق.” لقد دعا الإمام الخميني إلى إزالة إسرائيل من الوجود وطلب احتشاد كل القوى الممكنة لتحقيق هذا الهدف، أما الإمام الخامنئي في ما يفعله إنما يمهّد الطريق لتصل قوافل الثوريين والأحرار والشرفاء إلى فلسطين.
وبمعنى آخر، لم يكن الذي حصل العام 1979 خرافات وأوهاماً، ولم يكن حراس الثورة الذي وصلوا لبنان رجالاً عابرين في زمن يركض بسرعة ليودي بهم إلى حتفهم الذي يحبونه، ولم يكن تكراراً لتجارب فاشلة نجحت بالحصول على النضال والخيبات ولم تفز بالعز والانتصار، ولم يكن أناشيد ثورية تطرب لها الآذان قبل أن تأكل الأناشيد نفسها حكاياهم البائسة. لم يكن من ذلك كله، بل كانت قوات الحرس بداية حكاية لن يكون منتهاها إلا عندما يستريح جنود فيلق القدس من لبنان وغزة وسورية والعراق واليمن على أبواب” المغاربة، والثلاثي، والرحمة، والأسباط، والسلسلة..” وبقية الأبواب الأخرى.
لا تطاول على الغيب ولكن هذا الذي بدأ العام 1982 حين نزلت الطلائع الأولى لقوات الحرس في “ثكنة الشيخ عبد الله” في بعلبك، واستمر بالانكشاف والظهور تباعاً لن ينتهي إلا بشيء كبير. نحن علينا أن نرصد حركته واتجاهه ونتابع مسار تطوراته المقبلة التي من شروطها وعناصرها، المفاجآت وقبول المخاطر ومقدرة القادة على صنع توازن بين تفاعلات الميدان ومتطلبات الإلهام. الصورة تنقلب تماماً عما كانت عليه قبل سنوات. فيلق القدس وفي الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد قائده يثير في صفوف ألويته المتأهبة لدخول فلسطين الآمال، في حين أنّ “إسرائيل” تثير في صفوف ألويتها العسكرية المخاوف.
في ذكرى سليماني، فإنّ المحللين الإسرائيليين الاستراتيجيين أنفسهم باتوا يعرفون أنّ زمن “إسرائيل” قد انتهى وأنّ زمناً آخر ينتظم في الأفق بالكثير من اليقين. أليس هذا ما يرمز إليه إصبع السيد نصر الله !

 

المصدر: صادق النابلسي - راي اليوم