أصدر قاضي التحقيق الأول في بيروت القاضي غسان عويدات، أمس، قراراً يقضي بمنع المحاكمة عن «سوكلين» وشقيقاتها لـ{عدم توافر عناصر الجرم في فعلهم ولاختصاص القضاء الإداري». اللافت هو خلاصة القرار التي جزمت بعدم وجود مخالفات للعقود التي وقعت بموجب قرارات مجلس الوزراء، معتبراً أن النظر في هذه العقود ليس من صلاحياته، بل يعود الى القضاء الإداري
بعد مُضيّ نحو سنة على إحالة النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم ملف التحقيقات مع شركة "سوكلين" وشقيقاتها الى قاضي التحقيق الأول في بيروت، القاضي غسان عويدات، والادعاء عليها وعلى شركة "سوكومي" وشركةD.G JONES SPARTNERS LTD (الاستشاري) وشركة لاسيكو (الاستشاري) بجرم الاختلاس واستثمار الوظيفة، أصدر القاضي عويدات، أمس، قراراً منع المحاكمة عن الجهات المذكورة لـ"عدم توافر عناصر الجرم في فعلهم ولاختصاص القضاء الإداري".
ورأى القرار أنه لم يتبيّن من التحقيقات إقدام المُدّعى عليهم على اقتراف تلك الأفعال ــ ضروب الحيلة المقصودة في تنفيذ العقود والاشراف على تنفيذها بقصد الإضرار بمشاريع الدولة وجرّاً للمنفعة الخاصة (...)ــ باعتبار أن هذه العقود "كانت تخضع لرقابة السلطة الإدارية ولقراراتها". وأضاف: "إن العقود والتلزيمات المتعلّقة بها حصلت نتيجة قرارات صادرة عن مجلس الوزراء وعن الأجهزة الإدارية التابعة له وعن الوزراء المعنيين، كما أن الانفاق من أموال الصندوق الوطني المُستقل هو بقرار صادر عن مجلس الوزراء ولم يطل سوى البلديات المُستفيدة من عقود النظافة". ينطلق القرار من هذه "التبريرات" ليخلص الى أن هذه التدابير هي أعمال إدارية نتجت إنفاذاً لقرارات السلطة الإجرائية، "والطعن بها يخرج عن اختصاص القضاء العادي ليدخل حصراً في اختصاص القضاء الإداري"، لافتاً الى أنه لم يتبيّن من التحقيقات قيام المُدعّى عليهم في معرض تنفيذهم للعقود قيامهم بالاستيلاء احتيالاً على المال العام أو الإضرار بمشاريع الدولة أو غيرها من الجرائم المُدّعى بها.
وبالتالي، ركّز القرار على مسألة تنفيذ الشركة لنصوص العقود من دون أن يغوص في تفاصيل نشأة هذه العقود بما يؤمن مصلحة الشركة، معتبراً أنها من مهمة القضاء الإداري.
تغييب ادّعاء النيابة العامة المالية
لم يظهر القرار القضائي وجود تحقيقات جدّية، وبدا القرار مرتكزاً على أقوال المُتهمين وتقريرين من خبيرين كلّفهما بالتحقق من مسائل محددة من دون التطرق الى بواطن هذه المسائل، إذ تعامل التحقيق مع المخالفات المزعومة بالشكل لا بالجوهر. مثلاً، يستند التحقيق الى تقرير الخبيرين داني بو هدير ومحمود مزهر المعدّ عام 2015، والذي يخلص الى أن الشركتين "تقيّدتا بالموجبات العملية المطلوبة منها وفقاً لنظامهما الأساسي، وقد قامتا بتنفيذ موجباتهما العقدية (..)". وأشار الخبيران الى أحد الأفعال المدعى بها (التلاعب بكميات النفايات المنقولة) بأن ذلك لا يحصل إلا إذا كان هناك تواطؤ مع الاستشاري "دي جي جونز"، إلا أن الخبيرين "لم يلمسا ذلك"! هذه النقطة شكّلت مثالاً لمستوى التحقيق المنفّذ، إذ كيف لخبيرين مكلفين بالتدقيق أن يتحدثا عن "اللمس" ليبنيا تقريرهما؟
على أي حال، أعاد قرار قاضي التحقيق القضية الى أصلها، أي "فساد" العقود نفسها، التي فصّلتها الحكومة على قياس الشركات! من هنا، تُظهر الخلاصة أن القرار لم يجزم بعدم وجود الفساد، محيلاً الامر الى القضاء الإداري، لكنه حسم مسألة تطابق ما قدمته الشركات من مستندات وأقوال مع العقود. في الواقع، تُشكّل هذه النقطة "الذريعة" الأبرز التي تستخدمها "سوكلين" للردّ على جميع الاتهامات التي سيقت بحقها.
اللافت بحسب وكيل النائب سامي الجميّل، المحامي مارك حبقة، هو عدم إشارة القرار الى ادّعاء النيابة العامة المالية بجرم استثمار الوظيفة واختلاس المال العام.
في هذا الصدد، يذكر القرار أنه في الوقائع، تقدّم المدعي النائب سامي الجميّل "بشكوى مباشرة تبعاً للشكوى التي سبق له أن تقدّم بها أمام النيابة العامة التمييزية (..)". يقول حبقة في اتصال مع "الأخبار"، إنه تقدّم بشكوى لدى النيابة العامة التمييزية التي أحالت القضية الى النيابة العامة المالية التي ادّعت بدورها ضد الشركة وشقيقاتها، "ما يعني أن الشكوى واحدة"، مُبدياً استغرابه من تغييب ادّعاء النيابة العامة المالية.
يقول حبقة إنه لا يحق لقاضي التحقيق أن يمنع المحاكمة عن جهة مُدّعى عليها من قبل النيابة العامة المالية، لافتاً الى أن القاضي "لم يُعيّن خبراء للتأكد من الأدلة التي أودعناها"، ومُشيراً الى أنه مُنع خلال التحقيقات من سؤال الجهة المدّعى عليها عدداً من الأسئلة المُتعلقة بتأسيس الشركة فرعاً لها في قبرص، وغيرها من التفاصيل.
ويختم حبقة بالإشارة الى أنه سيعمد الى استئناف القرار.
تجدر الإشارة الى أنه إضافة الى حزب الكتائب اللبناني، تقدّم كلّ من جمعية التعاون الدولي لحقوق الإنسان وبلدية الغزيلة (عكّار) وبلدية عمار البيكات (عكار) بشكوى أمام النيابة العامة، فضلاً عن تقديم الوزير السابق وئام وهاب أيضاً شكوى ضدّ الشركة.
أبرز الادّعاءات ضدّ الشركات التي منع قاضي التحقيق المحاكمة عنها هي:
- إقدام شركة سوكلين على التلاعب بكميات النفايات المنقولة من المناطق التابعة للتعرفة المقطوعة في منطقة بيروت الكبرى واحتسابها على حساب البلديات التابعة للتعرفة وفقاً للوزن.
- عدم قيام الاستشاري D.J. jONES بالرقابة المطلوبة بحجة عدم توافر الإمكانات، مع إقراره بحصول أخطاء دائمة كان يُنذر شركة "سوكلين" بوجوب تصحيحها في مجال أعمال الكنس والجمع.
- عدم صيانة الآليات الموضوعة بتصرف شركة سوكلين من قبل الإدارة وتركها لتتحول الى خردة.
- تقاضي شركة سوكلين أموالاً من الصندوق البلدي المُستقل عائدة لبلديات لم تستفد من خدماتها وتقع خارج النطاق الجغرافي لعملها.
- إقدام شركة لاسيكو على طلب وقبض مبالغ عن عمليات معالجة لم تتم وفقاً للعقد لعدم وجود المساحات الكافية المؤمنة من الإدارة.
- عدم ظهور حسومات موازية في الفواتير النهائية المُقدّمة من قبلها مع قبضها في الوقت عينه لتكاليف طمر الكميات ذاتها.
محاولة قبضها لمبالغ عن مطمر بصاليم على أساس الطمر الصحي، فيما لم تستعمل المطمر المذكور سوى للردميات الصلبة.
- وجود شبهة في استعمال هذا المطمر كمكبّ للأطنان الزائدة غير المعالجة المُشار اليها، من دون حصول طمرها أصولاً وفقاً للعقد، وقبض تكاليف الطمر كاملة.
- عدم تقديم الشركة المذكورة للفواتير النهائية التي تم قبض المبالغ على أساسها والفواتير الأساسية التي تمت المُطالبة بموجبها للتأكد من حجم الحسومات المُدّعى حصولها.
- حصول تلاعب وأخطاء ومماطلة في تنفيذ عقد الجمع والكنس من قبل شركة سوكلين وتقاضي أموال عن أعمال لم تُنجز، في ظل غياب الرقابة الفاعلة والتقصير في إتمامها وفقاً للعقد.
- حصول مخالفات في تنفيذ أعمال المعالجة والطمر الذي يُثبت عدم إنجازها وفقاً لشروط العقد مع شركة سوكومي واستناداً إلى الكميات المتفق عليها، مع المطالبة والاصرار على تقديم فواتير وقبض مبالغ غير مُستحقة.
- عدم تنفيذ طريق الناعمة ــ عين درافيل ــ بعورته وفقاً للشروط الفنية المنصوص عليها في العقد لناحية إنشاء شبكة المياه وقنوات التصريف.