لم يكن مفاجئاً أن يحدث ما حصل في جلسات مناقشة سلسلة الرتب والرواتب من خروقات تجاوزت حدود الاعتراض على الضرائب والرسوم المدرجة في بنود تمويل السلسلة انما تعدت ذلك الى حفلة مزايدات من قبل بعض الكتل، كحزب الكتائب وأطراف أخرى كانت تقول في العلن إنها تؤيد اقرار تصحيح ما هو مستحق على رواتب العاملين في الدولة لكنها كانت تعمل في الخفاء لتطيير السلسلة، وبينهم نواب في المستقبل واللقاء الديمقراطي و"القوات اللبنانية " مما أدى الى فقدان النصاب.
وفي تقويم لأحد النواب الذين شاركوا في الجلسة، فان "النقاشات كانت تشير منذ بدء مناقشة بنود تمويل السلسلة من جلسة مساء يوم الأربعاء الى وجود توجّه لدى البعض لتطيير الجلسة من خلال المداخلات المطولة لنواب في هذه الكتل، وان كان نواب حزب الكتائب بدوا أكثر المشاغبين عبر اطلاق شعارات شعبوية، مع أن هناك كتلا اخرى إعترضت ليس فقط في خلال الجلسات الاخيرة على كثير من بنود الضرائب التي تطال الفئات الفقيرة وذوي الدخل المحدود خاصة كتلة الوفاء للمقاومة. ولاحظ النائب ان "ما حصل من "هرج ومرج" في الجلسات يعود في بعضه الى ادارة الجلسات التي كان يجب ان تكون اكثر ضبطاً لمحاولات بعض النواب إطالة المناقشات بطريقة غير معهوده في السابق، وكل ذلك حتى يصار الى عدم إقرار السلسلة كونها تأتي في البند الذي يلي بنود الضرائب والرسوم".
ويوضح هذا النائب ان "الرسوم والضرائب التي وضعت لتمويل السلسلة وتحديدا تلك التي تطال الفئات الفقيرة لم تكن مقبولة من بعض الكتل باستثناء النائب فؤاد السنيورة والذين يسيرون في سياساته الضريبة ضد ذوي الدخل المحدود الذي سعى وما زال يسعى للحؤول دون وضع أي ضرائب على على أرباح المصارف الخيالية التي تجاوزت العام الماضي الخمسة مليارات دولار وعلى أصحاب الريوع العقارية وعلى كبار المضاربين من التجار والمستوردين، وكذلك عدم القيام بأي اجراء لوقف الهدر والتهرب الجمركي".
غياب نواب من المستقبل والقوات واللقاء الديمقراطي طيّر نصاب الجلسة
ويؤكد ان "من حق اي كتلة او نائب، الاعتراض على فرض الضرائب، كما ان من حق اي تجمع أو هيئة نقابية الاعتراض على الضرائب التي تطال الفئات الفقيرة والمطالبة باعادة النظر بارقام السلسلة بما يؤدي الى اعطائها حقوقها"، موضحا انه "كان بالاساس يمكن تفادي بعضها على الاقل، إلا أن بعض الكتل اصرّت في اللجان المشتركة على رفض ذلك مما حال دون الغائها في مقابل اضافة بنود اخرى لتمويل السلسلة تطال اصحاب الرساميل العالية والمصارف وكل اصناف المخالفات بدءاً من المخالفات البحرية، مع الاشارة الى الضرائب التي وضعت على بعض هؤلاء هي اقل بكثير مما يتوجب عليهم دفعه".
ولذلك يشير النائب المعني الى ان "هناك ثلاثة اطراف ساهموا في تطيير الجلسة:
_ الطرف الأول وهو الشغب الذي مارسه بعض النواب الى جانب المداخلات المطولة من الذين كانوا بالاساس لا يريدون اقرار السلسلة، وقد استعملت "شمّاعة" الرسوم لهذا الهدف، مع انه كان بامكان هؤلاء المطالبة بصورة جدّية بالغاء بعض الضرائب التي تطال ذوي الدخل المحدود في مقابل رفع الضرائب على كبار المتمولين من خلال الضريبة التصاعدية، بل ان هدف هؤلاء كان تطيير السلسلة، وهو ما أفصح عنه صراحة رئيس حزب "القوات" سمير جعجع باعلان تعليق تأييد السلسلة.
_ الطرف الثاني وهم الذين افقدوا نصاب الجلسة من كتل عدة معروفة من تيار المستقبل الى "القوات" واللقاء الديمقراطي مما حال دون استكمال النقاشات لباقي البنود.
_ الفريق الثالث وهو الذي لجأ الى بث الشائعات التي شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي، والواضح ان وراءها _كما قال وزير المال علي حسن خليل _ ماكينة الشركات والمصارف، لانه لاول مرة تفرض ضريبة عادلة عليهم.
نواب الكتائب بدوا أكثر المشاغبين عبر اطلاق شعارات شعبوية
في كل الاحوال، فان اقرار السلسلة ينتظر تحديد رئيس مجلس النواب نبيه بري موعدا جديدا للجلسة التشريعية، حيث رجح المصدر النيابي ان تكون الاسبوع المقبل، لكن الملاحظ ان كبار التجار سارعوا في الساعات الماضية الى رفع اسعار السلع التي طالتها الضرائب دون وجه حق، حتى قبل نشرها في الجريدة الرسمية، ما يحتم على الجهات المعنية في الحكومة ومؤسسات الدولة المسارعة الى ملاحقة هؤلاء ومنعهم من استغلال ما حصل بهدف زيادة ارباحهم الخيالية.