3 لاءات سياسية، و3 لاءات تقنية، باتت مرفوعة في وجه مشروع وزير الخارجية جبران باسيل لقانون الانتخابات. الأولى، رفعها كل من حركة أمل وحزب الله وتيار المستقبل، رغم أن الأخير مشارك في صياغة المشروع. أما تقنياً، فملاحظات القوى الثلاث تنسف المشروع من أساسه. في هذا الوقت، يزداد الحديث عن قرب التوصل إلى اتفاق على قانون انتخابي، يعتمد النظام النسبي

فتح الطّرح الانتخابي الأخير للوزير جبران باسيل، منذ لحظة إطلاقه، باب الاعتراض عند الكثيرين، بمن فيهم حلفاء التيار الوطني الحرّ. وهو محاصر بمجموعة من الملاحظات، إذا ما أُخذ بها، فستنسفه من أساسه. ومع انتهاء المهل الدستورية لدعوة الهيئات الناخبة، ورفض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون توقيع الدعوة، باتت البلاد أمام قطوع خطير من الصعب على أحد التنبؤ بما إذا كان سيجتازه أو لا. ولعلّ هذا الأمر هو الذي دفع القوى السياسية إلى استئناف نشاطها «الانتخابي» بعدما أخذت السلسلة والموازنة كل الوهج في الأسبوعين الماضيين.

فتكثفت الاتصالات واللقاءات، بعد التحذيرات الجدّية التي أطلقها كل من الرئيس نبيه برّي، والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، قبل أن تشهد عين التينة ليل أمس جولة حوار جديدة بين تيار المستقبل وحزب الله وحركة أمل للتباحث بشأن قانون الانتخابات، تلتها مائدة عشاء جمعت الرئيسين بري وسعد الحريري.
وبحسب مصادر من أكثر من فريق سياسي، فإن القوى السياسية الرئيسية باتت قريبة جداً من التوصل إلى قانون انتخاب، يعتمد النظام النسبي.
في هذا الوقت، يُصرّ التيار الوطني الحرّ على أنَّ الأطراف تقترب من التوافق على الاقتراح الذي تقدّم به الوزير جبران باسيل، في مقابل إصرار كل من تيار المستقبل وفريق الثامن من آذار على العكس. وبحسب مصادر قريبة من الرئيس نبيه بري، «ثمة ثلاث ملاحظات جوهرية على مشروع الوزير باسيل»، هي: رفض اعتماد التصويت الطائفي (الأرثوذكسي) وفق النظام الأكثري في دوائر متوسطة؛ رفض أن يكون الصوت التفضيلي محصوراً بالقضاء؛ ورفض اعتماد النسبية على أساس الدوائر الخمس، والمطالبة بأن يكون لبنان دائرة واحدة. كذلك ثمة ملاحظات أخرى، غير جوهرية، تتصل ببعض الدوائر والمقاعد، كالمطالبة بأن يكون قضاءا زغرتا والكورة دائرة وحدهما، لأن الدائرة المقترحة من باسيل (البترون، الكورة، زغرتا، بشري، المنية)، تبدو وكأنها تستهدف النائب سليمان فرنجية.
ورداً على سؤال، جزمت المصادر بأنَّ موقف حزب الله (الذي يلتزم الصمت حيال قانون الانتخاب) مطابق لموقف حركة امل، مضيفة: نحن والحزب إيجابيون تجاه مشروع باسيل، لدينا ملاحظات، فليأخذوا بها، وعندها «نمشي» بالمشروع. ولم تنفِ المصادر أنَّ الملاحظات الأساسية، إذا ما أُخذ بها، فإنها تعني نسف مشروع باسيل من أساسه.
وفيما تؤكّد مصادر التيار الوطني الحر أنَّ تيار المستقبل موافق على مشروع باسيل، وأنَّ نادر الحريري (مدير مكتب الرئيس سعد الحريري) شارك في وضع المشروع، عدّدت مصادر رفيعة المستوى في «المستقبل» لـ«الأخبار» ملاحظات الحريري على مشروع باسيل، وهي، للمفارقة، قريبة جداً من ملاحظات حركة أمل. وهذه الملاحظات هي: رفض التصويت الطائفي؛ رفض فصل المنية عن الضنية؛ وفي ما يتعلّق بتقسيم الدوائر التي سيُعتَمَد النظام النسبي فيها، فتيار المستقبل يفضل أن يكون لبنان دائرة واحدة. وفي اللقاء الذي جمع الرئيس الحريري برئيس القوات اللبنانية سمير جعجع أول من أمس، «جرى البحث في النقطة الأخيرة، وكان هناك شبه توافق عليلها، على أن يكون الصوت التفضيلي في الدوائر المعتمدة وليس في القضاء.
وفي إطار الحديث النسبية، قالت مصادر رفيعة المستوى في فريق 8 آذار لـ«الأخبار» إن رئيس الحكومة سعد الحريري قال قبل يومين، وفي خلال لقاء مع الوزير باسيل والوزير علي حسن خليل والنائب علي فياض والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، حسين الخليل، قال بشكل واضح: «نحن منفتحون على النسبية».
وقد زار الحريري أمس بعبدا للقاء عون، حيث شدّد على أننا «سنصل إلى قانون انتخابي جديد»، مؤكداً «أننا منفتحون على كل القوانين التي تقدم، وبينها النسبية والمختلط». وأشار إلى أن «هناك أفرقاء موجودين في البلد كالنائب وليد جنبلاط يجب أن يكونوا مرتاحين». مصادر بعبدا قالت إن اللقاء كان «متابعة لما حصل في خلال اليومين الماضيين، في ما يتعلق بقانون الانتخابات والسلسلة»، مؤكدة أن «الرئاسة الأولى لا تدخل في تفاصيل الصيغ الانتخابية المطروحة، وهي ليست معنية بها، بقدر ما هي معنية بالمبادئ العامة لأي قانون انتخابي جديد». لكنها أشارت إلى «وجود تقدّم في هذا الشأن، ويجري العمل على بعض التعديلات»، كذلك هناك «تفاهم على الوصول إلى اتفاق في مهلة زمنية محددة».

أما في ما يتعلق بالزيارة التي قام بها وزير الداخلية نهاد المشنوق إلى بعبدا، فقد لفتت المصادر إلى أن هذه الزيارة أصبحت «أسبوعية، وليست استثنائية، تهدف إلى عرض كل الملفات». ورأت المصادر أن «موقفَي عون والمشنوق يساعدان على إنضاج القانون»، ويشكلان «عامل ضغط ورفضاً للتمديد». ومن بعبدا أوضح المشنوق أنَّ مسألة «التأجيل التقني وليس التمديد ولفترة محدودة» هي كي «يتم في خلالها العمل على الإدارة وكيفية تعاملها مع أي قانون جديد». وقال إنَّ «لدينا وقتاً، أعتقد ثلاثة أشهر من الآن. ومن المنتظر أن يكون هناك قانون جديد خلال نيسان، لأن الأمور لا تحتاج إلى أكثر من ذلك بعد كل التطورات الحاصلة في الموضوع. وما دون ذلك، هناك أزمة سياسية كبيرة في البلد لا يرغب أحد في حدوثها». وزار المشنوق الرئيس بري ونقل عنه أنه «سيبذل الجهود والمساعي من أجل العمل على إقرار قانون جديد للانتخاب ومنع الفراغ».
مصادر عين التينة أكدت أنَّ «كلام المشنوق في بعبدا كان هو نفسه مع الرئيس بري»، وأنَّ «المشنوق أكد أنَّ توقيعه دعوة الهيئات الناخبة لا تستهدف أحداً، فهو يريد رفع المسؤولية عن كاهله، عبر القيام بواجباته كوزير للداخلية». ولفتت المصادر إلى أنَّ «برّي غير مستعد لأن يقترب من خطر الفراغ»، ومن الواضح أن «كل الأطراف تريد انتخابات على أساس قانون جديد».
وانعقدت في عين التينة جلسة الحوار الـ41، بين المستقبل وحزب الله، واستكمل المجتمعون النقاش حول التحضيرات لقانون الانتخابات، وأكدوا ضرورة إقراره بالسرعة الممكنة ورفضهم القاطع للوصول إلى الفراغ في المجلس النيابي لما له من تداعيات خطيرة على الأوضاع، ودعوا كل القوى إلى استمرار التشاور للوصول إلى قانون جديد.

المصدر: جريدة الأخبار