إجراءات أميركية جديدة للتضييق على المصارف؟
يتعرض رئيس الجمهورية ميشال عون لحملة ضغط وتهويل داخلية ودولية على خلفية المواقف التي أعلنها أخيراً من سلاح حزب الله. وفي المعلومات أن واشنطن ربما تكون في صدد فرض إجراءات جديدة على المصارف اللبنانية في سياق هذه الحملة
ليس ضرورياً أن تكون من أنصار نظرية المؤامرة كي تربط الخيوط بعضها ببعض. الوقائع الملموسة، والمقروءة، كفيلة بذلك.
من واشنطن إلى بيروت، مروراً بتل أبيب، يتعرّض ميشال عون وعهده لموجة من الضغط والتهويل والتشويه و«الاغتيال السياسي»... وصولاً إلى التحذير من الاغتيال الجسدي، بحسب يعقوب عميدور، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق المقرب من بنيامين نتنياهو، الذي اعتبر أن «مصير عون سيكون كمصير رفيق الحريري في حال فكّر بالخروج عن المحور الإيراني».
بدأت القصة في 12 شباط الماضي. قال رئيس الجمهورية لقناة «سي بي سي» المصرية انه «طالما هناك ارض تحتلها اسرائيل، وطالما ان الجيش اللبناني لا يتمتع بالقوة الكافية لمواجهتها، هناك ضرورة لوجود سلاح حزب الله لأنه مكمّل لعمل الجيش». عبارة كانت كافية لتقوم الدنيا على الرجل من دون أن تقعد بعد، خصوصاً إذا ما عُطفت على ما دار في لقاءاته مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومن بعده الملك الأردني وبابا الفاتيكان، وهو مما لا شك فيه أن أصداءه وصلت إلى واشنطن وغيرها من عواصم الغرب.
كلام رئيس الجمهورية شكّل، بعد يومين من إطلاقه، إحدى نقاط جدول أعمال لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض، لتبدأ بعدها موجة التهويل. يكتب أحد عتاة المحافظين الجدد إيليوت أبرامز، في مجلة «نيوزويك» الاميركية، متسائلاً: «هل يجب أن تقدم الولايات المتحدة مساعدات عسكرية للجيش اللبناني بعدما بات عون يعتبر وجود حزب الله دفاعاً ضرورياً عن لبنان ضد إسرائيل، وبعدما أضفى شرعية على الدور العسكري للحزب؟». ودعا واشنطن الى العمل على وقف مسار التعاون بين الجيش والمقاومة، «والسير في إتجاه معاكس»، والتأكيد ان وقف المساعدات «هو النتيجة الحتمية إذا لم يبتعدوا عن حزب الله».
لم يكن مقال ابرامز وحيداً في تحريض ادارة ترامب على لبنان وجيشه... واقتصاده. بعده بأيام، كتبت صحيفة «وول ستريت جورنال» الاميركية أن هناك لبنانيين يخشون دفع ثمن «تزايد نفوذ حزب الله» تحت رئاسة عون. ولفتت الى أن «ثمة طرقاً عدة يمكن الإدارة أن تضغط فيها على لبنان، من استهداف المصارف إلى تقليص التمويل للجيش والنازحين السوريين». وأشارت الى أنه في سياق التصعيد الأميركي ــــ الإيراني، فإن «النظام المصرفي اللبناني قد يواجه سريعاً عقوبات قاسية من وزارة الخزانة الأميركية».
وفي هذا السياق، يتردد أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تبلّغ بالفعل من الأميركيين بأن هناك تحضيرات تجري في واشنطن لإقرار لوائح جديدة للتضييق على المصارف بذريعة تسهيل التعاملات المالية لحزب الله، تحت عنوان إعادة تفعيل القانون الأميركي المعروف بـ «قانون مكافحة تمويل حزب الله»، وربما تحت عناوين أخرى، وسط معلومات عن سعي أميركي لاصدار قرارات جديدة حول «مكافحة تبييض العملة» في المصارف اللبنانية.
وبالتزامن، أُوقف رجل الأعمال اللبناني قاسم تاج الدين في المغرب، بعد تعقّب طويل، في ما بدا أنه مقدمة لإجراءات أميركية ربما تطال آخرين ممن وضعت أسماؤهم على لوائح «مكتب مراقبة الأصول الأجنبية» الأميركي (أوفاك).
فجأة، وبالتوازي، بدا أن الأمور في بيروت انفلتت من عقالها على خلفية النقاش حول سلسلة الرتب والرواتب لتفجير الأزمة الاجتماعية في وجه العهد. بدا من تمزيق صور ميشال عون أو تعرّضها للتشويه في أكثر من منطقة مسيحية، بأن هناك من يتقصّد النيل من هالة الرئيس. فيما شغّلت إحدى الشركات «المدفوعة الأجر سلفاً» ماكيناتها على مواقع التوصل الاجتماعي، استناداً إلى معطيات مفبركة، لتواكب بعض القضايا المطلبية.
التقديرات تشير الى أن حملة الضغط والتهويل ستتواصل، أقله حتى موعد القمة العربية نهاية الشهر الجاري في عمان، للحؤول دون إعلان عون مواقف «غير مرغوبة» في أرفع محفل عربي. حتى ذلك الحين، الترقّب الغربي والعربي في أعلى مستوياته، وسط طلب عدد كبير من الدبلوماسيين لمواعيد من بعبدا، قبل القمة التي علمت «الأخبار» أنه سيكون للرئيس «موقف بارز جداً» فيها.