هل درّب عمر بكري فستق سفّاح «داعش» البريطاني محمد الموازي؟ سؤال طُرح أخيراً في الإعلام البريطاني، وسط تذكير بأنّ بكري جُنّد من قبل الاستخبارات البريطانية، وعمل مخبراً لها منذ التسعينيات
تزدحم، منذ أيام، الأخبار والمقالات الغربية، البريطانية تحديداً، حول الكشف عن هوية المواطن البريطاني الذي ظهر في أشرطة فيديو لتنظيم «داعش» وهو يذبح عدداً من الرهائن الغربيين. اسمه، حسب المعلومات المتداولة، محمد الموازي من أصل كويتي، وقد سُمّي في الإعلام «الجهادي جون».
ولعلّ أحد أبرز المقالات التي نشرت حول الموضوع، تقرير على الموقع البريطاني الإخباري «ميدل إيست آي» بعنوان «السيرك: كيف هيّأت الاستخبارات البريطانية طرفَي الحرب على الارهاب». كاتب المقال نافذ أحمد متابع للشؤون الأمنية والمجموعات المتطرفة والأمن الدولي، ويكتب منذ سنوات مقالات في صحف بريطانية وأميركية عديدة حول المجموعات الإسلامية المتطرفة في بريطانيا وعلاقاتها المتشعبة بأجهزة الاستخبارات في المملكة المتحدة.
أحمد لفت في بداية مقاله الى أنه «في كل مرة يشغل فيها حدث إرهابي الإعلام البريطاني، تظهر الشخصيات ذاتها على المنابر الإعلامية مثل ماجد نوّاز وأنجم شودري اللذين تحوّلا إلى ضيفين شهيرين يتنقلان بين مختلف وسائل الإعلام المحلية». «لكن ما لا يعرفه الكثيرون عن هذين الضيفين»، يضيف أحمد، أن القاسم المشترك بينهما هو الأجهزة الأمنية البريطانية، ملمّحاً إلى علاقة بين ما ذكره و«كيف وصل الجهادي جون إلى ما هو عليه». ومن بين الشخصيات الأخرى التي ركّز عليها المقال عمر بكري فستق وإد حسين، لارتباطهما بالحزب الإسلامي المحظور في بريطانيا «حزب التحرير» و«حركة المهاجرون» التي أسسها فستق عام 1996 بعدما غادر «التحرير». ويكشف الكاتب عن العلاقة الوثيقة بين أجهزة الاستخبارات البريطانية وحسين وبكري، «حتى قبل أن يتحوّلا إلى وجوه إعلامية شهيرة».
وفستق موقوف في لبنان منذ أشهر بتهمة تنظيم مجموعات مسلحة والتحريض على الإرهاب.
«عندما ترك بكري حزب التحرير الذي كان يرأسه عام 1996 وأنشأ «المهاجرون»، جنّده مباشرة جهاز الاستخبارات البريطانية الخارجية MI6»، نقل الكاتب عن جون لوفتوس، ضابط سابق في استخبارات الجيش الأميركي والمدّعي في وزارة العدل الأميركية. «تجنيد بكري جاء بهدف تسهيل نشاط الإسلاميين في دول البلقان»، وإلى جانب بكري جنّدت الاستخبارات البريطانية في الفترة ذاتها «أبو حمزة المصري» المحكوم حالياً في قضايا إرهاب في الولايات المتحدة الأميركية. ويلفت المقال إلى أن شودري كان أحد مؤسسي «المهاجرون» إلى جانب بكري. شودري، «كان منخرطاً عن قرب في عملية تدريب بريطانيين إسلاميين وإرسالهم للقتال في الخارج» وحركة «المهاجرون» كانت «تحظى بمباركة الاستخبارات البريطانية».
وحسب المؤرخ مارك كورتيس، قام بكري «وفق الترتيب المتّبع» (بين الاستخبارات و«المهاجرون») بـ«تدريب مئات البريطانيين في معسكرات في المملكة المتحدة وفي الولايات المتحدة».
وقبيل تفجيرات لندن عام 2005، كشفت صحيفة «ذي وول ستريت جورنال» نقلاً عن «مسؤول رفيع في استخبارات الأمن القومي MI5» أن بكري «كان لفترة طويلة مخبراً لدى الأجهزة البريطانية وقد ساعد MI5 في عدد من التحقيقات التي كانت تقوم بها». معلومات أخرى نقلها المقال عن أحد المحامين البريطانيين الرفيعين في شؤون الإرهاب، تقول إن «بكري وشودري اجتمعا نحو 20 مرّة بجهاز MI5 بين عام 1993 وأواخر التسعينيات».
مقال «ميدل إيست آي» يشير إلى أن شخصيات إسلامية عديدة في بريطانيا، ومن بينها إد حسين، «كانوا على علم بعلاقة بكري مع الاستخبارات البريطانية».
علاقة الحكومة البريطانية مع بكري لم تتوقف بعد مغادرته الأراضي البريطانية حسب المقال، إذ تشير المعلومات إلى أنه في عام 2010 «ذهبت أموال حكومية بريطانية إلى بكري» بهدف «دعم حركات إسلامية معارضة من بينها «القاعدة» من أجل الحدّ من النفوذ الإيراني والسوري في المنطقة». وهنا، ذكّر المقال بتصريح بكري «لأحد الصحافيين» عندما قال إن «السنّة الغاضبين في لبنان يطلبون مني أن أنظّم لهم الجهاد ضد الشيعة... وتنظيم القاعدة هو الوحيد القادر على هزم حزب الله». بكري درّب «منذ وصوله الى لبنان» عدداً من «المجاهدين البريطانيين والألمان والفرنسيين من الذين ذهبوا وقاتلوا في سوريا»، أضاف المقال، ولفت إلى أن بكري «ظلّ على اتصال بنائبه شودري من خلال الإنترنت وبثا أشرطة تحثّ البريطانيين على الالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية والتوجه إلى سوريا للقتال هناك وقتل المدنيين».
أحد أتباع بكري ذكر العام الماضي أن «نحو خمسة مقاتلين أوروبيين على الأقلّ، من بين الذين قتلوا في سوريا يحاربون إلى جانب داعش كانوا من معاوني بكري». فهل كان «الجهادي جون» أحد تلامذة بكري؟ سأل كاتب المقال، مذكّراً بأن الموازي كان على «لائحة المراقبين» من قبل الاستخبارات البريطانية. فكيف منع من السفر إلى الكويت ولم يمنع من التوجّه إلى سوريا؟