ساءت أوضاع الرئيس سعد الحريري في الأشهر الأخيرة، على مختلف الصعد، حتى بات خبر إمكان توجّهه إلى البلاد التي يحمل جنسيتها (إلى جانب الجنسية اللبنانية) يستحق النشر. فالحريري لم يزر «وطنه الثاني»، أي المملكة العربية السعودية، منذ تكليفه تأليف الحكومة، قبل أربعة أشهر ونصف شهر. وعطلة الأعياد، نهاية العام الماضي، التقى أفراد عائلته في باريس، لا في جدة، ولا في الرياض. الجديد أن رئيس الحكومة تلقّى دعوة لزيارة المملكة السعودية، بحسب ما ذكرت مصادر قريبة منه لـ«الأخبار». وأكّدت المصادر أنه سيلبّي الدعوة، لكنه سيحرص على أن يكون الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز في الرياض خلال تلبيته الدعوة، أملاً في لقاء يجمعه بالعاهل السعودي.
يُذكر أن وليّ وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، سبق أن أجرى اتصالين هاتفيين بالحريري، وتعمّد الإعلان عنهما، أحدهما لتهنئة الحريري بتأليف الحكومة، في كانون الأول الماضي، والثاني في شباط الماضي.
من جهة أخرى، لم تشهد المفاوضات الرامية إلى الاتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية أيّ تقدّم يُذكر. رافضو «النسبية»، وعلى رأسهم التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، ماضون في موقفهم، وكذلك رافضو مشروع الوزير جبران باسيل القائم على التصويت الطائفي والنسبية المُكبّلة. وحتى ليل أمس، لم يكن أحد من القوى السياسية المعنية بالمفاوضات قد أبلغ باسيل قبول اقتراحه، ولا رفضه، باستثناء إشارات إضافية تصدر عن تيار المستقبل، ترفض التصويت الطائفي (أن ينتخب المسلمون نواباً مسلمين حصراً، وأن ينتخب المسيحيون نواباً مسيحيين حصراً).
وكان مسؤولون عونيون يؤكدون أن حزب الله سيُبلغ التيار الوطني الحر موقفه النهائي من مشروع باسيل قبل نهاية يوم أمس. لكن يبدو أن التعديلات التي اقترحها باسيل على مشروعه لم تلبّ الملاحظات التي سبق أن أبداها الحزب، إذ أكّدت مصادر التيار لـ«الأخبار» أن الحزب بحاجة إلى المزيد من الوقت قبل إعلان موقفه النهائي.
وفي مقابل «الانتظار العوني»، علمت «الأخبار» أن رئيس مجلس النواب نبيه بري كرّر أمس تذكير المفاوضين على قانون الانتخاب بأن الوقت ليس مفتوحاً أمامهم، وبأن لديهم مهلة 10 أيام كحدّ أقصى للتوصل الى «اتفاق على مبادئ قانون انتخابي». أما على مقلب تيار المستقبل، فكان لافتاً تأكيد النائب أمين وهبة، في تصريح الى إذاعة صوت لبنان، أن التيار يرفض «كل الصيغ التي تدور في فلك الأرثوذكسي، لأنها تهدد العيش المشترك وتشكل خطراً على المسيحيين». ولكنه من جهة أخرى نسف تأييد رئيس الحكومة سعد الحريري للنسبية الشاملة، مشدداً على «موقف المستقبل الرافض للنسبية الكاملة في ظل وجود السلاح وتأييده للقانون المختلط». وقد عبّر الحزب الاشتراكي عن رفضه أيضاً لصيغة التصويت الطائفي، عبر مفوّض الإعلام في الحزب رامي الريس الذي أشار الى «أننا وصلنا إلى مرحلة في النقاش الانتخابي أصبح هناك ربط بين شعار صحة التمثيل والتمثيل الطائفي». وسأل في حديث تلفزيوني: «من قال إن انتخاب النواب من طوائفهم يصحّح التمثيل؟ ومن قال إذا الكتل النيابية أصبحت كتلاً طائفية هذا الامر يصحح التمثيل»؟ مضيفاً أن «هناك مشكلة في البلد هي وجود الطائفية السياسية، ويجب أن لا نكرّسها في قوانين الانتخاب، خصوصاً أن قانون الانتخاب ليس أمراً تفصيلياً، بل أمر أساسيّ ويبنى عليه».
مليون دولار لإخلاء سبيل ضابط
على صعيد آخر، أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة، برئاسة العميد حسين العبدالله، قراراً بإخلاء سبيل العميد محمد قاسم مقابل كفالة مالية قدرها مليار ونصف مليار ليرة لبنانية (نحو مليون دولار أميركي). ويُحاكم قاسم بتهمة اختلاس أموال عامة من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، التي كان يشغل فيها منصب رئيس وحدة «الإدارة المركزية» في عهد المدير العام الأسبق اللواء أشرف ريفي. وعلمت «الأخبار» أنّ هيئة المحكمة طلبت المبلغ نفسه بدل كفالة مالية للمقدم محمود القيسي، الموقوف في القضية نفسها. وطلبت «العسكرية» مبلغ نصف مليار ليرة لبنانية بدل كفالة مالية لإخلاء سبيل كلّ من الرتباء الثلاثة الموقوفين في ملف «فضيحة سرقة أموال المساعدات المرضية» التي اتّهم فيها عدد من ضباط مديرية قوى الأمن ورتبائها باختلاس أموال وإساءة أمانة واستغلال السلطة لسرقة أموال المديرية.