لا ينضب خزان الخلافات السياسية بين القوى، حتى «الصديقة». الإشكال الأخير الذي ظهر حول هوية الجهة السياسية التي «يحقّ» لها تسمية قائد منطقة الشمال في وحدة الدرك الاقليمي، يُنذر بخلاف بين حركة أمل وتيار المستقبل، من بوابة قوى الأمن الداخلي
نهاية الأسبوع الماضي، أصدر المدير العام لقوى الأمن الداخلي عماد عثمان عدداً من التعيينات الأمنية، «متحدّياً» بها ثنائي حركة أمل ــ حزب الله، تحديداً في ما يتعلّق بتعيين الرائد ربيع فقيه رئيساً لفرع الأمن العسكري في فرع المعلومات، والعقيد علي سكينة قائداً لمنطقة الشمال في وحدة الدرك الاقليمي، والعقيد ربيع مجاعص قائداً لمنطقة البقاع في وحدة الدرك الاقليمي.
على قدر أهمية الخطوة، جاءت ردود الفعل من جانب فريق 8 آذار.
بدايةً كان ثنائي حركة أمل ــ حزب الله يزكّي خيار المقدم مصطفى بدران، عوض فقيه الذي تمسّك به رئيس فرع المعلومات العقيد خالد حمود. مع صدور التعيين، مرّ الأمر بسلاسة نسبية على خطّ حركة أمل ــ حزب الله، كونهما لا ينظران إلى فقيه كمعادٍ لخطّهما السياسي، إضافة إلى اعتبارهما أنّه شخصٌ «كفوء».
إلا أنّ الخلاف الأساسي هو في ما خصّ تعيين سكينة. لا يتعلّق الأمر بشخصية قائد منطقة الشمال، ولا بكفاءته. التحفظات على تعيين سكينة عديدة، أبرزها اعتبار حركة أمل أنّه يجب أن يكون لها الكلمة الفصل في هذا التعيين، تماماً كما يحسم تيار المستقبل تعيين قائد منطقة الجنوب في وحدة الدرك الاقليمي وقائد شرطة بيروت وغيرهما من المناصب المخصصة للضباط السنّة في قوى الأمن الداخلي. إلا أنّ عثمان بعد تعيين سكينة، وقائد منطقة البقاع ربيع مجاعص، ووجود جهاد الحويك قائداً لمنطقة جبل لبنان، وسمير شحادة في الجنوب، يكون قد أطبق سيطرة تيار المستقبل الأمنية على هذه المناطق الأربع (الضباط الأربعة سبق أن خدموا في فرع «المعلومات»)، فضلاً عن سيطرته على مفاصل شرطة بيروت. اختيار سكينة ومجاعص يُعتبر تعييناً انتخابياً في نظر فريق 8 آذار، هدفه مساعدة تيار المستقبل في الإعداد لمعركة الانتخابات النيابية المقبلة. ولو اختارت حركة أمل قائداً لمنطقة الشمال، فإنه لن يكون مطواعاً بيد «التيار الأزرق»، وبالتأكيد إنّ أولوياته ليست خوض معركة التيار الانتخابية.
مصادر حركة أمل أكدّت لـ«الأخبار» أنها لن تسمح بأنّ «يمر ما حصل على صعيد التعيينات مرور الكرام». الخلاف بين قوى الأمن الداخلي، ومن خلفها تيار المستقبل، وبين حركة أمل «جايي».
الرسالة الأولى التي وجّهتها حركة أمل كانت من خلال الطلب إلى رئيس وحدة الادارة المركزية في قوى الأمن الداخلي العميد سعيد فواز التوقف عن دفع المصاريف السرية لـ«المعلومات». ورداً على سؤال، حول ما إذا كان وزير المال علي حسن خليل سيتوقف عن دفع المصاريف السرية لقوى الامن الداخلي، قالت مصادر حركة أمل: «إذا إجا عبالو بيعملها».
من جهتها، قالت مصادر وزارة الداخلية لـ«الأخبار» إنّ لبّ الموضوع هو الخلاف حول «حقّ الإمرة»، بما يخصّ قرار تعيين قائد منطقة الشمال. وتنفي أن يكون للتعيينات علاقة بالتوجهات السياسية للمُعَيّنين أو كفاءتهم. بالنسبة إلى المصادر، «لن يؤدي الأمر إلى نزاع كبير. هناك غضب يهدأ مع الوقت». أما عن سبب تعيين قائد منطقة الشمال من دون استشارة حركة أمل، في حين أنه لا يُمكن تعيين قائد الجنوب إلاّ بعد الوقوف على خاطر الرئيس سعد الحريري والنائبة بهية الحريري، فتقول مصادر الداخليّة إنّ «عثمان ربما يهدف إلى إرساء طريقة جديدة في التعيينات»! ورداً على سؤال، قالت مصادر «الداخلية» إن العميد سعيد فواز لن يتوقف عن القيام بواجباته وتحويل الأموال المستحقة لأي قطعة من قطعات الأمن الداخلي، وعلى رأسها «شعبة المعلومات» التي خدم فيها لأكثر من 10 سنوات». وقالت المصادر: إذا ضغطت حركة أمل على فواز، فإنه سيفضّل الاستقالة من قوى الامن الداخلي على أن يوقف تحويل الاموال إلى القطعات الأمنية».
رعد «متفائل» بالنسبية
على صعيد آخر، لم يطرأ أي جديد في النقاش حول قانون جديد للانتخابات النيابية، على الرغم من أنّ المهل الدستورية والقانونية باتت ضاغطة. ما زال كلّ طرف على موقفه في رفض مشروع الوزير جبران باسيل بالمطلق، أو تسجيل ملاحظات جوهرية عليه من شأنها أن تنسفه.
وعلمت «الأخبار» أنّ الوزير بطرس حرب يُعِدّ لمطالعة «نارية» سيدلي بها خلال جلسة المناقشة العامة التي دعا إليها الرئيس نبيه بري يوم الخميس المقبل. وبحسب المعلومات، تتضمن المطالعة هجوماً على طروحات القوانين الانتخابية، تحديداً الصيغة الأخيرة للوزير باسيل «كونها غير مقبولة وتخالف الدستور». كذلك سيتطرق إلى دور الحكومة ومسؤوليتها في إقرار قانون انتخابي.
فقد أكدّ النائب محمد رعد، في احتفال تأبيني أمس، أنّ «قانون الانتخاب الذي يشعر به كل لبناني بحصوله على حقه في التمثيل النيابي هو قانون الانتخاب القائم على النسبية». وجدّد اقتراح حزب الله أن «يكون لبنان دائرة واحدة. ولكن نحن حاضرون للنقاش في أن يكون بدوائر متوسطة. وأنا من المتفائلين بأننا سنتوافق هذا الشهر على قانون انتخابي يعتمد النسبية». في المقابل، لا يزال باسيل مُصرّاً على أنّ القانون الذي تقدّم به «لا يزال حياً ولا أحد يمكنه قتله، لأنّ لا أحد يُمكنه قتل لبنان»، مشيراً إلى أنّ القانون «لا يزال قيد النقاش بين الأفرقاء، والجواب عليه لا يزال منتظراً من حزب الله الذي سيعطي جوابه النهائي».
من جهته، رأى الوزير السابق سليم الصايغ أنّ «النواب الذين ينتقدون قانون النسبية اليوم هم أنفسهم اتفقوا عليه في بكركي. ونحن لسنا خائفين لا من قانون الستين ولا من أي قانون آخر، المهم أن نكون على قدر الكلمة التي نقولها».
الحريري: «داعش» لم يقتل السوريين
من ناحية أخرى، قال الرئيس سعد الحريري في مقابلة مع «فرانس 24» إنه «لم يعد باستطاعة الدولة اللبنانية تحمّل أعباء مليون ونصف مليون نازح سوري»، طالباً من المجتمع «الاستثمار بمبلغ يتراوح بين 10 و12 مليار دولار على مدى سبع سنوات (...). إن لم يستثمر المجتمع الدولي في لبنان، فإننا سنكون مجبرين على اتخاذ خطوات لكي يجد هؤلاء النازحون أماكن غير لبنان».
وفي ما خصّ الوضع في سوريا، أكدّ الحريري أنّ «الشعب السوري هو الوحيد الذي يجب أن يُحدّد من سيرأسه». ولكنه يعتقد أنّ «الحلّ هو التخلص من داعش ومن (الرئيس السوري) بشار الأسد. فعلينا أن لا ننسى أنّ من قتل 700 ألف سوري حتى اليوم ليس داعش بل النظام السوري».
لا يشك الحريري في أنّ «إسرائيل هي التي تريد القيام بحرب على لبنان وليس حزب الله. كلّ يوم هناك خروقات جوية وأرضية ولمياهنا الإقليمية»، مضيفاً رداً على سؤال: «لا أخاف استفزازاً من حزب الله». وكشف الحريري أنه تم الاتفاق، خلال زيارته السعودية، على تشكيل لجنة مشتركة «تدرس الأمور الاقتصادية والعسكرية».