فتحت نتائج انتخابات نقابة المهندسين في طرابلس، التي جرت يوم الأحد الماضي وأسفرت عن فوز مرشح تيار المستقبل بسام زيادة بمركز النقيب، باباً واسعاً من النقاش داخل التيار الأزرق وخارجه، نظراً إلى ما كشفته النتائج، بعد فرزها والتدقيق فيها، من معطيات غير مطمئنة لقيادة التيار وقواعده.

فقد أظهرت النتائج فوز زيادة بـ 1348 صوتاً من أصل 2592 مقترعاً (52%)، بينما نال منافسه مرسي المصري، وهو مرشح منشق عن تيار المستقبل، 948 صوتاً (36%)، بينما بلغ عدد الأوراق الملغاة والبيضاء 160 ورقة (6%)، وتوزعت النسبة الباقية، وهي بحدود 5 في المئة، على مرشحين آخرين منفردين.
لكن المفاجأة التي كشفتها الانتخابات كانت في ما أظهرته التفاصيل الدقيقة للانتخابات التي فصّلها ناشطون، بعضهم في تيار المستقبل وآخرون مستقلون، من أن زيادة قد فاز في الانتخابات بأصوات ليست من صلب قاعدته المستقبلية، بل بأصوات حلفائه، أبرزهم الكتلة المسيحية في النقابة، بعدما تبين أن 45% ممن انتخبوه ينتمون إلى تحالف القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، فضلاً عن مهندسين محسوبين على تيار المردة صوتوا له أيضاً، ومهندسين مستقلين.
وكشفت الانتخابات أيضاً أنَّ الجماعة الإسلامية التي أعلنت تحالفها مع المستقبل صوّتت لزيادة، إلى جانب مهندسي تيار العزم الذين ترك الخيار لهم في انتخاب النقيب، ومهندسين مقربين من النائب محمد الصفدي والوزير السابق فيصل كرامي.
في مقابل ذلك، كشفت القراءة في نتائج الانتخابات أنَّ الناخبين المسلمين في النقابة، وأغلبهم قاطع الانتخابات، صوّتوا إما بأوراق بيضاء (160 ورقة أي 6%)، أو أنهم اقترعوا لمصلحة المصري الذي نال 420 صوتاً، أغلبهم من المنشقين عن تيار المستقبل وينتمون إلى عكار، مسقط رأس المصري، وبقية المناطق خارج طرابلس، بعد أن اتخذت الانتخابات بعداً مناطقياً نتيجة تمسك التيار الازرق بمرشح من المدينة، كذلك نال المصري 528 صوتاً مسيحياً من مناصري الحزب الشيوعي واليسار الديموقراطي والمناطق خارج طرابلس، وعلى وجه التحديد عكار.
أوساط في تيار المستقبل أوضحت لـ«الأخبار» أن الانتخابات «كشفت أن زيادة فاز بأصوات حلفائنا وليس بأصواتنا، وأن الأمور كادت تفلت من أيدينا لولا الاستنفار الذي قمنا به في الساعات الثلاث الأخيرة». ولفتت إلى أن الوزير السابق أشرف ريفي «لعب دوراً في خفض عدد ونسبة الناخبين المسلمين الذين اقترعوا لزيادة، وأن مفاجأة مدوية كادت تحصل في انتخابات نقابة المهندسين، كما حصل العام الماضي في انتخابات بلدية طرابلس، لو لم نتدارك الأمور في الساعات الأخيرة».
وردّت الأوساط نتائج الفوز «غير المُقنِع» إلى «التعامل الفوقي لمسؤولي التيار في طرابلس مع المرشحين والانتخابات»، محمّلة مسؤولية النتائج «غير المرضية» للنائب سمير الجسر ومستشار الرئيس سعد الحريري لشؤون الشمال عبد الغني كبارة. وأشارت إلى أن نتائج انتخابات نقابة المهندسين «أثارت قلقاً واسعاً لدى قيادة التيار في بيروت، وخشية من أن تُترجم في الانتخابات النيابية المقبلة»، ونقلت عن قيادات مستقبلية مركزية قولها إن «ماكينة الخصم الانتخابية التي شاهدناها في نقابة مهندسي طرابلس، هي أكبر من ماكينة انتخابات نقابية. إنها ماكينة انتخابات نيابية».

المصدر: عبد الكافي الصمد - الأخبار