ينتقل اليوم النقاش حول قانون الانتخابات إلى طاولة مجلس الوزراء، في ظل عدم حصول خرق كبير على جبهة الحليفين، حزب الله والتيار الوطني الحر. في المقابل، يستمرّ الرئيس سعد الحريري في مفاجأة خصومه وحلفائه، إيجاباً، مبلغاً الجميع أنه مع النسبية مهما كان شكل الدوائر

ساعات ويلتئم مجلس الوزراء، في محاولة للاتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية. حتى الساعة، لا يبدو أنّ الجهود نجحت. كذلك فإنّ الأسباب التي حالت سابقاً دون الاتفاق على مشروع جديد، لم تنتفِ. القوى السياسية تتشبّث أكثر فأكثر بمواقفها.

رئيس التيار الوطني الحر يصرّ على رفض النسبية الكاملة، مهما كانت تقسيمات الدوائر، ويرفض التخلي عن مشروعه (المختلط بين التصويت الأكثري الطائفي والنسبي المقيَّد)، رغم كل ما فيه من عيوب (توسيع دوائر قانون «الستين» مع جعل التصويت فيها طائفياً، وتفريغ النسبية من مضمونها عبر حشر الصوت الطائفي في القضاء). في المقابل، يرفض حزب الله السير بمشروع باسيل، إلا إذا تم الأخذ بملاحظاته، والتي تنصّ بشكل أساسي على أن تكون النسبية في المشروع قائمة على الدائرة الواحدة، وتحرير الصوت التفضيلي. تيار المستقبل، أيضاً، لن يسير بقانون باسيل. وقد علمت «الأخبار» أنّ الرئيس سعد الحريري أبلغ كلّ القوى السياسية أنّ تياره يقبل إقرار قانون للانتخابات قائم على النسبية وفق لبنان دائرة واحدة، أو مُقسّمة على ستّ دوائر، أو تسع دوائر، «وهو سيعمل على إقناع كلّ المعترضين بهذا القانون». أمام حالة انسداد الخيارات هذه، تتجه القوى الممثَّلة في الحكومة إلى مجلس الوزراء اليوم، لمحاولة التوصل في ثلاثة أيام (الجلسات ستُعقد اليوم وغداً وبعد غد) إلى ما عجزت عن التوصل إليه في سبع سنوات. ومما زاد الامور تعقيداً، عدم التمكن من فتح ثغرة في جدار الأزمة، رغم الاجتماع الذي عُقِد في بعبدا أمس، بين الرئيس ميشال عون والوزير باسيل من جهة، ووفد رفيع المستوى من حزب الله، ضمّ نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، وعضو شورى الحزب الحاج حسين خليل، ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد (هو عضو شورى أيضاً) ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا. وكان منتظراً من اللقاء فتح الباب أمام إمكان التوصل إلى توافق على قانون انتخابي؛ فحزب الله لا يزال يدعو إلى اعتماد النسبية الكاملة، بصرف النظر عن الدوائر. وهذا المطلب كان شعاراً يرفعه العماد عون، طوال السنوات الماضية. كذلك فإن التيار الوطني الحر، حتى أسابيع قليلة خلت، كان يطرح النسبية كلما «زُرِك» بسؤال عن سبب تمسّكه بالمختلط.
وفضلاً عن التصريحات العلنية، فإن التيار سبق أن «انتزع» من القوى المسيحية التي اجتمعت في بكركي، بدءاً من عام 2012، موافقة على مشروع قانون يعتمد النسبية، في 15 دائرة. وعدّ التيار موافقة القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية وتيار المردة على مشروع قانون يعتمد النسبية الكاملة، انتصاراً كبيراً له. لكن ذلك لم يحل دون تراجع التيار عن هذا المطلب الإصلاحي.
في اجتماع أمس، بحسب مصادر في 8 آذار، نقل وفد حزب الله تحيات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى العماد عون، وثنائه على مواقف عون الأخيرة. وبعد عرض للشؤون في المنطقة، وخاصة في سوريا بعد العدوان الأميركي الاخير، جرى بحث مسألة قانون الانتخاب. وأكّد الطرفان متانة تحالفهما، بصرف النظر عن اختلافهما حول قانون الانتخاب. وكرر وفد الحزب ملاحظاته على مشروع باسيل، مجدداً التمسك بالنسبية الشاملة. وفيما لم يخرج من عون أي موقف سلبي من كلام وفد الحزب، تولّى الوزير جبران باسيل الرد، ليعيد على مسامع الوفد الحليف أسباب تحفّظه على النسبية. وفي محصلة اللقاء، لم يتم التوصل إلى قواسم مشتركة، باستثناء الاتفاق على استمرار التوافق. وعلمت «الأخبار» أن باسيل زار، بعد مغادرة وفد الحزب قصر بعبدا، الرئيس سعد الحريري في منزله بوادي أبو جميل.
وكان حزب الله قد جدد أمس، علناً، موقفه من النسبية، على لسان النائب حسن فضل الله، الذي رأى أن «علينا أن نقوم بخطوة حقيقية إصلاحية في البلد، وهذه الخطوة تجعل كل مرشح للانتخابات النيابية معنياً بكل صوت، وبهذا نلغي المحادل والطريقة المعتمدة منذ عام 1992». وقال إن نظرة حزب الله في ما خصّ قانون الانتخابات «سنُقدمها في جلسة مجلس الوزراء. ونحن لسنا متمسّكين بصيغة محددة لتقسيم الدوائر، بل نحن متمسّكون بالنسبية الكاملة. يجب اعتماد قاعدة التفاهم والتوافق لإنجاز القانون الانتخابي، لأن تركيبة البلد تفرض ذلك. ونحن لم نتعامل في أي يوم من الأيام على قاعدة أكثرية عددية في ما يخص القضايا الأساسية المتعلقة بانتظام السلطة وبالقرارات الأساسية على مستوى السلطة في لبنان، بل نتعامل معها على قاعدة التفاهم والتوافق».
من جهة أخرى، كشف فضل الله عن الإعداد لقانون في مجلس النواب يُلزم من يتقاضون الاموال العامة بكشف حساباتهم المصرفية، وحسابات أفراد عائلاتهم، على أن يكون للمواطنين ووسائل الإعلام الحق في الاطلاع عليها. ورأى فضل الله أن «الموقف الرسمي اللبناني في ما يتعلق بالعدوان الأميركي الأخير الذي تعرضت له سوريا، يفترض أن تعبّر عنه الحكومة التي لم تجتمع أصلاً لتأخذ قراراً في ذلك، (...) وبالتالي فإن المواقف التي صدرت عن رسميين داخل الحكومة هي لا تعبّر عن موقف الدولة اللبنانية، وهناك بيان وزاري يجب على الجميع أن ينضبط به، وأما من يريد أن يقول موقفه فليقله في إطار حزبه، ولكن عندما نقول إن الحكومة تعبّر عن موقفها، فهي تعبّر عنه بعد أن تجتمع وبعد أن تقرأ بيانها الوزاري لترى ما فيه. ومن وجهة نظرنا، فإن الموقف الطبيعي هو بإدانة عدوان على شعب وعلى دولة من قبل دولة أجنبية معتدية هي الولايات المتحدة الأميركية».
من جهته، قال عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق إنّ «مسار قانون الانتخابات يسير من سيّئ إلى أسوأ، والأزمة حوله تزداد صعوبة وتعقيداً، لا سيما أن بعض القوى السياسية لا تزال تغامر وتراوغ وتناور ولا تعبأ بمصير البلد». وأكدّ أنّ علاقة حزب الله «بحلفائه جميعاً، لا سيما بحركة أمل والتيار الوطني الحر، هي علاقة ثابتة وراسخة وأصلب من أن يهزّها النقاش حول القانون الانتخابي الجديد. والذين يراهنون على التباعد والاختلاف على قانون الانتخاب بين حزب الله وحلفائه، فإنهم لن يحصدوا إلا الخيبة والحسرة».
من جهة أخرى، زار القائم بأعمال السفارة السعودية وليد البخاري الوزير السابق عبد الرحيم مراد في شتوره. ورأى مراد «ضرورة تكثيف الخدمات والمشاريع في قرى البقاع»، مثنياً على «الدور التاريخي لمملكة الخير في مواقفها تجاه لبنان، والقضايا العربية والانسانية في المنطقة».

المصدر: الأخبار