يبدو ان مفاعيل الضربة الأميركية الأخيرة على مطار الشعيرات في سوريا لن تكون محدودة، والرسائل التي أُريد توجيهها من خلالها أكبر مما كان البعض يظن ويعتقد.
مما لا شك فيه أن الرئيس دونالد ترامب أراد من خلال الضربة ومما بات معروفاً ان يؤكد لكل اللاعبين في الميدان السوري أن يد الولايات المتحدة لا زالت موجودة وهي قادرة على الضرب متى ارادت حتى دون استصدار قرار من الكونغرس او مجلس الامن، وبالتالي فان رسم قواعد اللعبة من جديد سيبقى بيد الادارة الاميركية.
من المؤكد أن ما حصل كان إحدى نتائج زيارة محمد بن سلمان الاخيرة الى واشنطن والتي تم الاتفاق خلالها على عدة خطوات حول الصفقة الكبرى بين واشنطن والرياض وابو ظبي.
في قراءة التداعيات وبعض التصريحات التي صدرت من واشنطن بُعيد الضربة ومن بعض العواصم المعنية بالشأن السوري، كان اشارة امريكية بالجهوزية التامة لتوجيه ضربات مماثلة في أكثر من مكان اذا ما كانت السعودية والامارات مستعدتين لدفع الكلفة المتفق عليها في اللقاء الاخير بين الجانبين. ولعل البيان الرسمي السعودي يؤكد أيضاً جهوزيتها لدفع الجزية مقابل ان تدخل الولايات المتحدة في الصراع بشكل مباشر. تؤكد المعلومات ان الرئيس ترامب طلب الحصول على 30% من النفط السعودي مقابل التدخل العسكري في سوريا واليمن في حين عرض بن سلمان حصول الولايات المتحدة على عائدات النفط السعودي لخمس سنوات الامر الذي رفضه ترامب.
في العودة الى الميدان فإن ميناء الحُديدة اليمني يعد المرفق الاكثر اهمية والاكثر حساسية نظرا لمجريات الحرب. والطلب السعودي المُلح للسيطرة عليه سيغير مجرى الحرب بل وجه الصراع في المنطقة نظرا الى ان اليمن تعتبر الخاصرة الرخوة في محور "الممناعة"، وذلك لا يمكن ان يتم دون تدخل أميركي مباشر.
على نار هادئة يتم التحضير لمعركة الحُديدة سعوديا واميركيا، حيث أشارت المعلومات الى لقاء بن سلمان مع عدد من "مشايخ" العشائر اليمنية لتسليمهم شحنات السلاح والاموال اللازمة لخوض المعركة عند نقطة الصفر، فضلا عن التعاون السعودي مع الرئيس عمر البشير لاشراك أكثر من ستة آلاف جندي سوداني في المعركة تم تجهيزهم للمعركة الفصل.
في موازاة السخونه في الميدان اليمني، يبدو ان الميدان السوري ليس اقل سخونة بل ربما أكثر نظراً لتعالي حدة الخطاب الاعلامي والدبلوماسي بين الولايات المتحدة وروسيا فيما يخص سوريا. كما ان حدة التصريحات والبيانات من الجانبين لا تظهر ان الامور تتجه نحو حل ما أكثر مما انها تمهد لتصعيد واشتباك ميداني على الساحة السورية.
من يراقب لغة الخطابات والتصريحات بين الجانبين يلاحظ حذراً روسيا وتدرجا في لغة الخطاب وفق ما تقتضيه الاجواء والميدان بما لا يكسر الجرة مع الخصم الأميركي ولا يجبرها أيضاً. لكن في المقلب الآخر تظهر اندفاعة واشنطن اكبر نحو التصعيد وتكرار الضربة "اذا لزم الأمر"، وربما ما يزيد رغية أميركا لعاب السعودية الذي يسيل بهدف تسعير نار الحرب التي لن يَحمد أحد عقباها ان اندلعت.
الايام المقبلة ستحمل حتما ما هو جديد في المنطقة، فهل تؤدي حدة الخطاب بين القطبين الأميركي والروسي الى طاولة مفاوضات لتقسيم المصالح، ام ان خيار الصدام العسكري ليس مزاحاً وهو ما سيعيد خلط الاوراق على الساحة الاقليمية؟
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع