صدر القرار الظنّي في قضية الطفلة «إيللا طنوس»، أمس، متهماً كلّاً من مستشفى «المعونات» و«الجامعة الأميركيّة» وطبيبيهما بجنحة الإيذاء غير المقصود، وكلّاً من «أوتيل ديو» وطبيبها بجنحة عدم إغاثة شخص في حال الخطر، وذلك بعد مماطلة مُمنهجة استمرّت لأكثر من سنتين تولتها المستشفيات حيناً، والأطباء حيناً آخر من خلال الاعتصامات التي نظّموها، ناهيك عن تقرير نقابة الأطباء الذي لم يعترف بأي خطأ ارتكب بحقّها، ونقضته لاحقاً ثلاثة تقارير طبيّة
أخيراً، وبعد سنتين من المُماطلة، صدر القرار الظنّي الرقم 82، عن قاضي التحقيق الأوّل في بيروت جورج رزق، في الدعوى الرقم 777/2015 المُقامة ضدّ كلّ من الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، مالكة مستشفى «سيدة المعونات»، و«الجامعة الأميركيّة» و«أوتيل ديو دو فرانس»، بالإضافة الى 3 أطباء يعملون في هذه المستشفيات، بتهمة «جناية وجنحة الإيذاء وبتر أطراف الطفلة إيللا طنوس»، محيلاً إياهم أمام القاضي المنفرد الجزائي في بيروت، وذلك بالتزامن مع اعتصام سلميّ نظّمته عائلة الطفلة أمام قصر العدل للضغط في سبيل تحرير القرار الظني، ووضع العدالة على السكّة الصحيحة، ليشكّل ذلك انتصاراً لقضية هذه الطفلة التي بترت أطرافها الأربعة نتيجة أكثر من 20 خطأً طبيّاً ارتكب بحقّها، بحسب ما تفيد التقارير الطبيّة المُرفقة بالملف.
تقاسم مسؤوليات: من الخطأ في التشخيص وصولاً إلى بتر الأطراف
بناءً على المطالعة التي قدّمتها النيابة العامّة الاستئنافيّة مطلع شهر آذار الماضي، ونتيجة التحقيقات التي أجراها القاضي رزق، تمّ الظنّ بالمدّعى عليهما الطبيبين ع. م. ور. ش. بالجنحة المنصوص عليها في المادة 565/ عقوبات والمتعلّقة بالتسبّب بإيذاء غير مقصود، كما الظنّ بالمدّعى عليهما مستشفيي «سيّدة المعونات» و«الجامعة الأميركيّة» بالجنحة المنصوص عليها في المادة 565/210 من قانون العقوبات والمتعلّقة بإيذاء تسبّبه المؤسّسات المعنويّة جراء عمل أحد أعضائها أو مديريها أو عمّالها أو ممثليها، بحيث تتراوح عقوبة هذه الجنحة بين 6 أشهر و3 سنوات، والظنّ بالمدّعى عليه الطبيب ك. أ. بالجنحة المنصوص عليها في المادة 567/ عقوبات والمتعلّقة بالامتناع عن إسعاف وإغاثة شخص في حال الخطر، وبالمدّعى عليه مستشفى «أوتيل ديو» بالجنحة المنصوص عليها في المادة 567/201 من قانون العقوبات المتعلّقة بامتناع إحدى المؤسّسات المعنويّة من خلال أحد أعضائها أو مديريها أو عمّالها أو ممثليها عن إغاثة أو إسعاف شخص في حال الخطر، وتصل عقوبة هذه الجنحة إلى السجن حتى سنة.
ماذا حصل في كلّ مستشفى؟
القضية التي أحيلت أمام محكمة الجزاء في بيروت استندت إلى التقارير الطبيّة المُرفقة في الملف، وتشير إلى تقاسم ثلاثة مستشفيات وثلاثة أطباء مسؤوليّة تفاقم وضع إيللا، وصولاً إلى بتر أطرافها الأربعة.
وبنتيجتها، حمّل القرار الظنيّ الطبيب ع. م. مسؤوليّة التسبّب بإيذاء الطفلة عن إهمال وقلة احتراز، بدليل عدم قدرته على تشخيص وضعها الصحيّ المرضي مرّات عدّة، وآخرها كان وصفها بأنها مصابة ببكتيريا الستريبتوكوك أ، وتالياً عدم إعطائها الدواء الشافي، والمضادات اللازمة لحالتها، كذلك عدم إجراء الفحوص اللازمة رغم حرارتها المرتفعة. كما حمّل «المعونات» المسؤوليّة نفسها نتيجة استعمال وسائلها في إهمال معالجة الطفلة، ولجهة عدم قيام الفريق الطبيّ لديها بتقديم الوسائل اللازمة لإجراء العناية الطبيّة وفقاً للمعايير الطبيّة، لا بل التأخّر في تقديم المعاملة الطبيّة والمتقنة.
إضافة إلى ذلك، حمّل القرار الظنيّ الطبيبة ر. ش. ومعها «الجامعة الأميركيّة» مسؤوليّة التسبّب بإيذاء الطفلة، ما أدّى إلى بتر أطرافها نتيجة الأهمال وقلة الاحتراز في تقديم المعالجة، وإعطائها الأدوية الرافعة للضغط لمدّة 6 أيام متواصلة رعم تحسّنها سريرياً، وكذلك التأخير في معالجتها وتشخيص وضعها بصورة خاطئة لأكثر من ست مرات، وتأخير وقف علاجها بالأدوية الخافضة للضغط والتي تسبّبت بتضييق شرايينها وإقفال الأوعية الدمويّة، ما حال دون التنبه إلى تطوّر وضعها، وصولاً إلى إصابتها بالغرغرينا.
فيما حمّل الطبيب ك. أ. و«أوتيل ديو» مسؤوليّة عدم إغاثة الطفلة التي وصلت إلى طوارئ المستشفى مصابة بالصدمة الإنتانيّة، بحيث لم يجرَ لها أي فحص لمعرفة ما إذا كان وضعها الصحيّ يسمح بنقلها إلى مستشفى آخر.