كغيره من اقتراحات قوانين الانتخاب، سقط الاقتراح الأخير لوزير الخارجية جبران باسيل، بعد اعتراض القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل عليه. الرئيس نبيه بري بدوره أعاد تشغيل محركاته، علّه ينجح في جوجلة أفكار اقتراح جديد قبل مرور مهلة الشهر، والاضطرار إلى تمديد ولاية المجلس مرة ثالثة
مع أن خطوة رئيس الجمهورية ميشال عون باستخدام المادة 59 من الدستور، لتجميد انعقاد جلسات مجلس النواب لمدة شهر تنتهي في 13 أيار المقبل، منحت القوى السياسيّة فسحة أخيرةً من الوقت للاتفاق على القانون الجديد، إلّا أن التشاؤم لا يزال مسيطراً على غالبية القوى، مع الشعور بالعجز عن إمكانية الوصول إلى صيغة قانون جديد، قبل انقضاء المهلة.
فها هو اقتراح القانون المختلط الأخير للوزير جبران باسيل يتهاوى أمام اعتراضات القوى السياسية، الحليفة منها للتيار قبل الخصوم، لينضمّ الاقتراح الأخير إلى الاقتراحات الميتة.
واقتراح باسيل الأخير (الذي سبق أن تقدّم بفكرته الاولى الرئيس نبيه بري قبل أشهر، ثم تبنّاه باسيل وأدخل عليه تعديلات جوهرية) لم يسقط هذه المرّة أمام اعتراض قوى 8 آذار عليه.
فحزب الله أبلغ باسيل موافقته على المشروع. أما حركة أمل، فلم تمنح وزير الخارجية حتى الآن موقفاً واضحاً من قانونه، رغم أنها في الجوهر، ترفضه. لكن الرفض الواضح أتى من حليف التيار، القوات اللبنانية، التي سجّلت على المشروع ملاحظات كفيلة بنسفه. يُضاف إلى ذلك موقف النائب وليد جنبلاط الحاسم برفض هذا القانون، والذي أبلغه جنبلاط إلى كلّ من بري والرئيس سعد الحريري عبر النائب وائل أبو فاعور. كذلك عبّر النائب عمّار الحوري أمس عمّا لا يقوله الحريري علناً، برفض مشروع باسيل، مؤكّداً أن «مشروع باسيل بشقه التأهيلي لا يمر، وهو بعيد عن اتفاق الطائف والدستور، وهذا الاقتراح يعيدنا إلى التطييف والتمذهب». ورغم محاولة القول إن الحوري يعبّر عن رأيه الشخصي، فإن مدير مكتب الرئيس سعد الحريري، نادر الحريري، كان قد أبلغ عدداً من المفاوضين رفض تيار المستقبل لمشروع باسيل.
لكنّ عطلتي عيد الفصح ونهاية الأسبوع لم تؤثّرا في إصرار الرئيس نبيه بري على تفعيل التواصل واللقاءات مع ممثّلين عن القوى السياسية، للاستفادة من الوقت وجوجلة الأفكار حول مشاريع قوانين قديمة ــ جديدة، علّ المهلة تجنّب لبنان «أبغض الحلال» في التمديد للمجلس النيابي حال انقضاء المهلة من دون الاتفاق على القانون الجديد. وعلمت «الأخبار» أن نقاشات برّي مع أكثر من جهة سياسية، بينها النائب جورج عدوان ووزير الداخلية نهاد المشنوق، اللذان زارا مقر الرئاسة الثانية في عين التينة والتقيا كلّاً على حدة برئيس المجلس، إضافة إلى ممثّل عن جنبلاط، أعادت إلى طاولة البحث القانون المختلط (64 نسبي 64 أكثري) الذي اقترحه برّي عبر النائب علي بزّي عام 2014 إلى الواجهة، مع بعض التعديلات، كذلك عاد القانون النسبي على أساس 13 أو 15 دائرة، سواء الذي أنتجته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي أو الذي اتفقت عليه القوى المسيحية في بكركي قبل أكثر من 3 سنوات.
من جهته، أشار برّي أمام زوّاره أمس إلى أن على الجميع الانخراط في ورشة البحث عن قانون عادل بعيداً عن القوانين التي تكرّس المذهبيّة والطائفية، مؤكّداً أن «الفراغ في المجلس النيابي لن يقع لأنه يعني سقوط المؤسسات الدستورية الأخرى ومؤسسات الدولة اللبنانية». ورداً على سؤالٍ لـ«الأخبار» حول ما يشاع عن أن نهاية ولاية مجلس النواب من دون تحديد موعد للانتخابات لا تعني دخول المجلس في الفراغ، قال بري: «هؤلاء لا يعرفون الدستور ولا القوانين، ولو ادّعوا ذلك، إنها تحليلات شيطانية وخزعبلات».
وحتى ليل أمس، لم يكن أيّ من الوزراء قد تبلّغ موعد جلسة الحكومة المقبلة، التي من المفترض أن تعقد غداً الأربعاء وتخصّص لنقاش القانون الانتخابي المنتظر، علماً بأن هناك عدّة أمور طارئة على جدول أعمال الحكومة ومشاريع تعمل عليها الوزارات تجب مناقشتها في الحكومة سريعاً. ومن غير الواضح أيضاً إن كانت الحكومة ستتولّى مهمة النقاش في القانون الانتخابي كما جرى الاتفاق الأسبوع الماضي، وعلى الأثر تم تشكيل اللجنة الوزارية المكلّفة بنقاش القانون، والتي لم تحقّق أي تقدّم حتى اللحظة.