تُستنزف يوماً بعد يوم مهلة الشهر المعطاة للإتفاق على قانون جديد للانتخابات. وبعد سقوط مشروع قانون «التأهيل الطائفي»، كرر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تمسّكه بالنسبية الكاملة، فيما أكد تيار المستقبل أن «صيغة التأهيلي غير مقبولة»
انتهت عُطلة الأعياد، ولم تنتهِ معها ضراوة الخلاف السياسي حيال قانون الانتخابات العتيد. مع كلّ يوم يُشطب من شهر «الفرصة» الأخيرة للاتفاق على قانون، يزداد خطر خروج المأزق عن السيطرة. فخيار الذهاب إلى التمديد، والتهديد بصدام في الشارع، لا يزال مطروحاً بقوة، إذا لم يتم التوصل إلى قانون جديد للانتخابات.
أما الكلام عن إعادة إحياء مشاريع قديمة، فقد حسمه رئيس تكتّل التغيير والإصلاح الوزير جبران باسيل أمس بقوله إنه «لا يُوجد ولا أي صيغة ماشية، لا النسبية ولا المختلط ولا الدائرة الفردية ولا القانون الأرثوذكسي». وبالتالي، فإن الأيام الفاصلة عن تاريخ 15 أيار ستشهد إمّا انفراجاً باتفاق على قانون جديد، وإما... الانفجار!
لم يبقَ أمام الحكومة التي أخذت على عاتقها موضوع قانون الانتخابات سوى وقت قصير، وإلّا إقرار التمديد الثالث لمجلس النوّاب بعدما استخدم رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون ورقته الدستورية. وهذا الخيار من شأنه أن يجدّد الأجواء المتوترة في الشارع، بعد التحذيرات بالإضراب العام الذي كان يُحضّر له، ومن منع النواب من الوصول إلى جلسة التمديد بأي شكل من الأشكال. ويُمكن القول إن الأسبوعين المقبلين هما من أخطر الأسابيع التي تمُر على لبنان منذ سنوات.
أمس، عادت الماكينات السياسية إلى العمل. لا جديد حتى الساعة، باستثناء أن الجميع يسلّمون بسقوط مشروع باسيل ــ 2 المبني على «التأهيل الطائفي» للمرشحين. حتى باسيل نفسه بدا أمس كمن يتبرّأ منه، حين قال إن فكرة المشروع ليست فكرته، بل إنه تبنّاها وطوّرها. لكنّ الآخرين يغلّفون رفضهم المُطلق ببعض الملاحظات على الدوائر والصوت التفضيلي، فيما لم يبلغ الرئيس نبيه برّي العونيين موقفه بعد. وحده النائب وليد جنبلاط رفض وبالصوت العالي مبدأ «التصويت الطائفي»، فيما أبلغ حزب الله باسيل قبوله باقتراحه. أما القوات اللبنانية، فتتمسّك برفض مشروع باسيل، من خلال تقديم ملاحظات تنسفه من أساسه. بدورها، أبلغت مصادر رفيعة المستوى في تيار المستقبل «الأخبار» أن «قضية قانون الانتخابات ليست في ملاحظات على قانون ما، بل في تحديد الصيغة المقبولة، وبعدها تأتي الملاحظات. ولا يبدو أن صيغة التأهيلي مقبولة». وجزمت المصادر بأن المهلة الفاصلة عن 15 أيار ستشهد اتفاقاً على قانون جديد للانتخابات، «لن يكون وفق التأهيلي». ورداً على سؤال، قالت المصادر إن صيغة النسبية في 15 دائرة (المشروع الذي اتفقت عليه الأحزاب المسيحية في بكركي قبل 4 سنوات) مرفوضة من المستقبل، قائلة إن «مشروع النسبية في 6 دوائر قد يكون هو الحل». وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس عون أبلغ وفد حزب الله الذي زاره قبل نحو 10 أيام موافقته على هذه الصيغة (النسبية الكاملة في 6 دوائر). وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن عون كرر تمسّكه بخيار النسبية الكاملة. وقد أبلغ موقفه هذا لزواره في الأيام الماضية.
من جهتها، أكدت مصادر سياسية مطّلعة على سير المداولات «أننا ما زلنا ندور في الحلقة المفرغة التي تُطيح الصيغة تلوَ الأخرى»، والدليل على ذلك «عدم دعوة مجلس الوزراء حتى الساعة إلى الانعقاد، مع أن وظيفة الحكومة في هذه المرحلة هي الانكباب على دراسة القانون». وأشارت المصادر إلى أن «كلّ القوى يتلطى بعضها خلف البعض الآخر حتى لا تظهر وكأنها هي المعرقل». أما المشكلة الأكبر، بحسب المصادر، فهي «في عدم التوافق حتى على إقرار الخطوط العامة للقانون الجديد انطلاقاً من صيغة التأهيل، لتشكّل معبراً لأي تمديد محتمل.
وقال باسيل أمس، في كلمة له بعد اجتماع تكتل «التغيير والإصلاح»: «اللبنانيون ينتظرون منا: إما أن ننجز لهم قانون انتخاب، وإما نقول لهم إننا غير متفقين. ليس هناك من أمر أهم من إقرار قانون انتخابي، لا تعيين ولا تشريع ولا مجلس وزراء، لأننا نريد أن ننتهي من التمديد»، فيما عبّرت كتلة «المستقبل» النيابية عن رفض مشروع باسيل من دون أن تسميه، مشددة على «تجنّب الانزلاق نحو طروح وصيَغ تُعيد البلاد الى الوراء، وتزيد من حدة الاحتقان وتدعو إلى الفصل والانقسام الطائفي والمذهبي البغيض الذي يدمّر لبنان». أما النائب غازي العريضي فلفت، بعد لقائه الرئيس برّي، إلى أن «أخطر ما يُمكن أن نواجهه هو مغامرات مبنية على رهانات أو أوهام أو تمنيات تضعنا في وجه بعضنا البعض، وهذا أمر سبق أن كلف لبنان الكثير، ويبدو أن ثمّة من لا يريد أن يتعلّم من تجارب الماضي».