في كل مرّة يقفز فيها سمير جعجع الى المنبر ليتحدّث لا يسعنا الا انّ نلعن الظرف السياسي الذي اوصل للعفو عن مجرم اثبت القضاء ادانته. لا سيّما وانّه اشتهر بعد العفو بانتظاره اطلالات السيد حسن نصر الله ليدعو بعدها الصحفيين الى مؤتمر يعبّر فيه عن امتعاضه من كل موقف داخلي او خارجي تقدّمه المقاومة. ولا يبدو ذلك غريبا او حديثا في مسار قاتل مدان لم يستحِ يوما ولم يخفِ يوما ولاءه الحقيقي، وربما ما زالت خزاناته وخزائنه عامرة بالسلاح ذي الدمغة العبرية، والثياب التي لا تتميّز عن لباس جنود العدو..
كان سمير جعجع بعد العفو، في كل موقف يصدره ردا على المقاومة، يحاول اعادة تقديم اوراق اعتماده لدى السفارات المعادية للمقاومة. وهذه السفارات، من حسناتها القليلة، انها تجيد "تسعير" هذا النوع من الشخصيات بحيث تقيّم الشخص من حيث مدى الافادة التي قد يقدمها لها. ومن هنا، ورغم مغالاته احيانا في مواقف ترضيها، وحتى مزايدته على العدو في ابداء الانزعاج والنقمة على المقاومة، لم يستطع الجعجع ان يصبح شخصيّة قيّمة بل بقي سعره كما هو، لنقل يعادل اجر صوت يرتفع جعجعة مع العدو.
اليوم، دعا حزب الله الاعلاميين الى جولة على الحدود مع فلسطين المحتلة. وبدا بديهيا ان يستنفر سمير جعجع من على منبره تماما كما استنفر جنود الاحتلال في مخابئهم على امتداد الشريط الحدودي، عبّر عن امتعاضه من الفكرة واعتبرها خطأ استراتيجيا. ومن الطبيعي ان يعتبرها كذلك. موقعه التاريخي ودوره القدبم المستجد يحتّمان عليه ان يصرّح تصريحا مشابها. وإلا كنّا ربما سنشكّك بأنفسنا وبصحّة الجولة التي حوّلت الجنود على الحدود الى اضحوكة القاصي والداني.
جعجع بدوره لم يسلم من التحوّل الى اضحوكة مواقع التواصل الاجتماعي، فكانت التعليقات على تعليقه تتوارد على الصفحات. معظمها يدور حول تاريخه غير المشرّف فيما خص المقاومة والعداء للصهاينة، وحول حجمه الذي لا يمثّل ولا يعبّر عن اي وزن سياسي قد يُؤخذ بعين الاعتبار. التعليقات الساخرة المرادفة لـ"مين طلب رأيه" تكررت وبدت ردا طبيعيا على جعجعته التي بلا قيمة في موضوع هو عاجز كل العجز عن فهمه.. ففاقد الشيء لا يعطيه، ولا يفهمه ايضا. هذا اذا سلمنا جدلا ان موقفه هذا لم يأت مقابل "حفنة من الدنانير" لا سيما بعد شحّ موارد السفارات الممولة لهذه الاشكال وهذه المواقف.
المهم، كانت جولة موفقة ومعبّرة للاعلاميين بمحاذاة الارض المحتلة. اظهروا جميعا الفخر والعاطفة الصادقة، وبأعلى الصوت قالوا اننا اليها عائدون.. شاء من شاء، وجعجعَ من جعجع.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع