للحريري سعد الدين مآثر كثيرة. فالحق يٰقال بغض النّظر عن اعجابنا بشخصه من عدمه، ولنكن موضوعيين، يجب ان نذكر ونشدّد على ذكر ارتفاع منسوب المواطنة لديه واستبساله في كل ساح من اجل ايصال موقف وطنه من كل شاردة وواردة على الكوكب. ولا يُخفى على احد، اصراره الدائم على رفع صوت وطنه عاليا.
هذا الاصرار الذي دفعه الى الهرولة نحو الجنوب صباح اليوم، متبرئا من على منبر اليونيفيل من جولة الاعلاميين التي نظمها حزب الله يوم امس على الحدود مع فلسطين المحتلة، والتي كانت محل انتقاد لدى العديد ممن اعتدنا امتعاضهم واستنكارهم لكل نشاط نذكّر فيه الصهاينة بالإنتصارات، وان اي حماقة سيرتكبونها ستكون عواقبها عليهم وخيمة. نعم، ربما في قرارة انفسنا تمنينا ان تكون الغلبة في كلام سعد الدين الحريري، بصفته رئيس حكومة لبنان، البلد الصغير الذي يهدد امن الكيان الصهيوني، وان لا تكون لجنسيته وولائه المعلن للسعودية اي تأثير على رأيه. لكن حدث ما حدث، وان كان لن يغير في واقع الامور شيء. فالرسالة التي ارادت المقاومة ايصالها للعدو وصلت، ولا يبدد فحواها اي تصريح تلاها،
اذن، حاملا مفهوما مغلوطا عن السيادة، توجه سعد الدين الحريري صباح اليوم الى جنوب لبنان حيث الحدود مع فلسطين المحتلة، وتوجه نحو موقع قوات اليونيفيل ليسجل موقفا كان قد سبقه الى هذا الموقف زميله في العمل لدى شركة سلالة ال سعود لتعميم ثقافة الوهن وزميله ايضا في مؤسسات الولاء الدولي ذات الوكلاء المتعددي الجنسيات، المدان قضائيا والمعفي عنه سياسيا سمير جعجع. وهذا التخاطر في الموقف ليس عفويا.. اذ ان في كل جوقة عادة يتم توزيع الادوار بحيث لا تشوّش اداة على اخرى.
وفي هذا الاطار، ولسبب او لآخر خرج صوت اداة هزيلة من تلك الجوقة تُدعى على ما اذكر فارس سعيد.. لم يبدُ الصوت نشازا، للأمانة، بل اتى منسجما مع سائر الاصوات الصادرة عن ادوات تلك الجوقة.. لقد تخطى سعيد مسألة التطبيع والنأي بالنفس وكل تلك الشعارات المشبوهة، مصرحا بأن على مسيحيي لبنان ان يكونوا جسر العبور للسلام بين العرب والصهاينة! لا يحتمل حديثه الكثير من التعليق كونه هزيلا وغير ذي قيمة لدرجة تجعل الوقوف عند كلامه اشبه بالانصات الى نعيق بوم مرّ عابرا وما وجد حتى ايام شعار "العين لا تقاوم المخرز" مستقرا فكيف الان في زمن الانتصارات، حيث ولى زمن الهزائم وانتقلنا من الدفاع الى التهديد بالهجوم؟
انهى سعد الدين جولته، وعاد ضاحكا للانجاز الذي حققه.. اما حجارة الجنوب .. الشاهد المثال على سيرة المقاومة والتي تعرف الفارق بين ايام الحرية والقوة، وايام الاحتلال، لو اتيح لها ان تنطق، لرحبت برئيس الحكومة في زيارته الاولى وهمست له ان يدوس برفق على تلك الاعتاب المطهرة بالدم والعرق وذكّرته ان يشكر الزنود التي قاومت وانتصرت وحررت حتى يستطيع ان يزور الجنوب.. لو امكن للأشجار ان تخبره عما فعله المحتل، وكيف في جذور كل منها دم شهيد وحكاية وطن، ربما لما تردّد في شكر الاعلاميين ومن نظم زيارتهم، لأن هذه الزيارة حرّضته على ان يذهب وان يرى عن قرب ارضنا المخضبة بارواحنا، ويرى الجميلة فلسطين الاسيرة على بعد خطوة، وشريط شائك.. ربما، لو فكر بالامر قليلا، لاختلف تصريحه الى حدّ الاعتذار عن تأخره عن الحج الى ارض المقاومين.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع