يصعب عليك التلفّظ بكلمة "السعودية" دون ان تتبادر الى ذهنك سيل من الصور المسيئة للانسانية التي تعكس ما يمارسه هذا النظام من جرائم متوحشة، سواء تجاه المواطنين السعوديين او تجاه الاحرار اينما وجدوا. لذلك، كان النهار حافلا بأخبار مضحكة بقد ما أن شرّ البليّة قد يضحك.

في السعودية ثمة نقاشات طالت واستطالت واستدارت لتبيان اذا ما كانت المرأة انسانا او لا، وحين سلمّوا جدلا انها من الممكن ان تكون انسانا تساءلوا بشكل جدّي وشديد البلاهة، هل هي انسان كامل ام لا؟ وما وجدوا اجابة عن تساؤلاتهم تلك فحسموا الامر بتطبيق ابشع القوانين المسيئة للانسان. وما انتقاص حقوق المرأة في تلك البلاد الا جزء يسير من انتهاكات طاولت جنس البشر اجمع. وان صرنا نسمع بهذه الانتهاكات فلسبب وحيد وهو التسريبات المصورة القادمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأحد هذه التسريبات كان فيديو يصور عملية قطع رأس امرأة في الشارع، في مشهد مفزع يتواصل فيه صراخ المرأة وتشفّي المتفرجين. لوهلة تعتقد ان في الامر خدعة تلفزيونية، الا ان حقيقة ان السعودية هي البلد المصدّر للمظاهر الداعشية تسقط كل احتمال بأن يكون الفيديو مركبا. وهذا مثال من مئات الامثلة التي تصور عداء هذا النظام وهذه السلالة لكل ما يمت الى الانسانية بصلة. 

وكان الانسانيون الجدد من جهة واصحاب الايمان بما يسمى المؤسسات الدولية وعلى رأسها الامم المتحدة من جهة اخرى يسعون حينا الى تكذيب ما يحكى عن الارتكابات السعودية ويدعون انها مبالغ فيها وفي احيان كثيرة يعتبرون ان السعودية قابلة لتطبيق اكذوبة "شرعة حقوق الانسان" لتوطيد علاقتها بالغرب. لم يدر هؤلاء بعد ان السعودية والغرب سواسية في الاجرام. وما التبشير "بالديمقراطية" الا ستار متسخ يحاول اخفاء تحلل كل المفاهيم الانسانية لدى الغرب والسعودية وتحولها الى جيفة لا تنضح الا بالنتانة. وما قرار منح رئاسة لجنة حقوق المرأة في الامم المتحدة للسعودية الا دليل على قذارة الطرفين المذكورين. وقد اورد العديد من ناشطي التواصل الاجتماعي طيلة النهار مشاهد واخبارا توثق وتؤرخ انجازات السعودية في مجال حقوق المرأة، تلك التي لا حقوق لها هناك، على الاطلاق. سيبدو الامر منطقيا في حالة واحدة وهي اعجاب مرتادي مقهى "المجتمع الدولي" باعتماد المرأة كوسيلة للانجاب، تفقد حتى حقوقها كأم ساعة الانجاب وتتحول اما الى مربية مطيعة او الى خادمة صامتة او الى "مرمية" محرومة حتى من مشاهدة اولادها.

سيهرع احدهم الان ليقول ان  في ايران المرأة ممنوعة من حريتها. لا تتعب نفسك بالاجابة. انصحه بقليل من غوغل وليقارن بنفسه. سيتمكن من تبيان الفرق بين دولة تدعم نساءها لخوض تجربة "البحوث النووية" ونظام يحرم مواطناته حق قيادة السيارة ويفتتح اسواقا للجواري في البلاد التي يتمكن فيها مرتزقته من احتلال قرية ما. لا مجال للتوسع بالامثلة هنا. فمواقع التواصل والمحطات الاخبارية حافلة بشواهد كثيرة، من هذا ومن ذاك!

وقبل ان تتمكن من ابتلاع صدمة خبر لجنة حقوق المرأة، يصلك خبر بأن السعودية تتبرع بمساعدات مالية وانسانية لليمن! اليمن الذي تقصفه الطائرات السعودية وتبيح فيه لمرتزقتها الطيارين الجبناء دفن العائلات تحت ركام المنازل، في مشاهد تتطابق مع جرائم العدو الصهيوني في فلسطين ولبنان. قد يبدو الامر للفئة المستهدفة من هذا الرياء والاستغباء امرا عاديا. مهلا، تخيّل معي ان يكون العدو الصهيوني قد تبرع من اجل اعانة واغاثة المهجرين في حرب تموز ٢٠٠٦! تبدو الفكرة غبية وشديدة الغرابة. صحيح، وهذا ما حدث فعلا في العام الثالث للعدوان الاميريكي السعودي على اليمن..

الخبر بحسب وكالة الاناضول جاء حرفيا: "أعلنت المملكة العربية السعودية تخصيصها لمبلغ 150 مليون دولار كمساعدات إنسانية لليمن، وذلك خلال مؤتمر جنيف للدول المانحة لليمن. وأكد رئيس الوفد السعودي، عبد الله الربيعة، أن بلاده تدعم اليمن أكثر من أي دولة أخرى، مؤكدًا على الجهود السعودية في دعم المشاريع الإغاثية الأممية للجار اليمني. كما أشار الربيعة إلى أن المملكة لن تدخر جهدًا لتخفيف وطأة المأساة الإنسانية التي تشهدها اليمن". هنا تشتبك في رأسك الف الف صورة، تجمع عز اليمن بالصور الاتية من هناك، بمشاهد لأطفال استعجلهم الموت في غارة سعودية فحوّل لحمهم الى اشلاء تستجمع نفسها وتضم غبار بيوتها جلدا عسى الغبار يوقّر حرمة الموت، ومشاهد لأمهات يعتصرن من قلوبهن ما يمكن ان يؤمن غذاء يوم واحد، لعائلات تحتضر في حصار يمنع الغذاء والدواء. ترى امهات يحملن اطفالهن المحرومين من العلاج عسى الموت يخجل من خطف فلذات اكبادهن على مرأى دمع عزيز يجري، دمع يود لو ينفصل عن ملحه ليصير ماء يروي عطش رضيع يختنق ببكائه. كل هذه الصور تحضر وانت تعرف من القاتل، وترى اليد السعودية كيف تقتنص الارواح وتشرد الاجساد ثم تمتد لتقدم المساعدات! والاسوأ ان يدا خائنة بمرتبة رئيس عميل يدعى عبد ربه منصور هادي تمتد ذليلة لتقبل المساعدة.

بعد ذلك، ماذا يمكن ان يقال؟ لا شيء! 

وحده الميدان الذي يجابه القذارة المتوحشة المتمثلة في السعودية وحليفها الاميريكي والغربي وربيبته الصهيونية، في كل ارض حرة من اليمن الى فلسطين، من سوريا الى العراق، وفي كل شبر يرتضي الموت الف مرة ولا ينام على الظلم، ولو توّجه الظالم بمساعدة او هبة!

وحده الميدان سيرد الوجع الى وجه ملك الرمال اوجاعا وصفعات، لن تشفيه منها لا مساعدات اميريكا ولا غيرها. والتاريخ، الذي تعلمنا ان لا يُكتب بغير الدم، سيكتب لعنة تلك السلالة على امتداد الارض العربية.

المصدر: شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع