بعد سنوات من القتال ضد الجماعات التكفيرية المسلحة في جرود السلسلة الشرقية، أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن مهمة مقاتلي الحزب في منطقة الحدود الشرقية أُنجِزت، وأنهم بدأوا ينسحبون من مواقعهم، ليتسلّمها الجيش اللبناني
أكد الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله وجود «أمل حقيقي في الوصول إلى قانون انتخابي جديد». تأكيد نصرالله أتى في خطاب ألقاه في الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الشهيد مصطفى بدر الدين، بعد كلمة لنجل الشهيد، علي بدر الدين، أكّد فيها التمسّك بخيار المقاومة.
ولفت نصرالله إلى أن الحدود الشرقية بين لبنان وسوريا «أصبحت آمنة بدرجة كبيرة، ونحن في المقاومة دخلنا إلى تلك الجبال وقضى مجاهدونا في الجبال ليالي وأياماً صعبة قتلوا وقدموا الشهداء، والآن على الحدود لم يعد يوجد أيّ داعي لوجودنا هناك. فكّكنا وسنفكّك بقية مواقعنا العسكرية على الحدود من الجهة اللبنانية، لأن مهمتنا أنجزت، ومن اليوم المسؤولية تقع على الدولة. نحن لسنا بديلاً من الدولة اللبنانية ومن الجيش اللبناني، والأمور في السلسلة الشرقية متروكة من اليوم للدولة». وقال إن الإنشاءات التي أقامتها المقاومة ستُترك للجيش اللبناني، كاشفاً أن الجيش بدأ ينتشر في تلك المنطقة. وأشار إلى أن حزب الله سيحتفظ بوجود على الجانب الآخر للحدود، إلى جانب الجيش السوري، ليشكّل خط دفاع أول عن لبنان في حال حصول أيّ خرق. ولفت نصرالله إلى أن «بلدة الطفيل لبنانية وليس لها طريق (من لبنان)، ومن يرد أن يذهب إلى الطفيل عليه أن يدخل إلى سوريا أولاً، ومن ثم إلى بلدة الطفيل. وعندما وقعت المواجهات في السلسلة الشرقية، اضطر أهل الطفيل إلى مغادرتها، واليوم مع انتفاء السبب تواصلنا مع أهالي الطفيل وقلنا لهم إنهم يستطيعون العودة إلى بلدتهم. وإذا كان أحد يعتبر أن وجودنا العسكري في تلك المنطقة كان عائقاً أمام عودتهم، أبلغناهم أن مهمتنا انتهت وأنه يمكنهم العودة». وأكد أن الدولة يجب أن تبادر إلى مساعدة الاهلي على العودة، «بعض الأمور تحتاج إلى تنسيق بين الدولتين اللبنانية والسورية، ونحن بخدمة أي جهة تطلب منا المساعدة». وأشار الى أن «بعض القوى السياسية والمنابر الاعلامية تتهم حزب الله بأنه يريد إحداث تغيير ديمغرافي في منطقة بعلبك ــ الهرمل وكذلك في منطقة عرسال، فيما كان حزب الله إلى جانب الجيش اللبناني يشكل سداً منيعاً لحماية كل البلدات في بعلبك ــ الهرمل. ولو أراد الحزب إحداث تغيير ديمغرافي لكنا تركنا جبهة النصرة وتنظيم «داعش» الارهابيين يدخلان إلى هذه الضيع ويقتلان ويدمران، ثم نحن ندخل إليها ونحررها.
لكن نحن نريد أن يعود أهالي الطفيل إليها، وأن يستطيع أهالي عرسال العودة إلى أعمالهم وبساتينهم، وليبقى أهالي عرسال في عرسال ويعود أهالي الطفيل إلى الطفيل ويبقى أهالي القاع في بلدة القاع». وقال: «الحقيقة أن من يقوم بالتطهير العرقي والطائفي هو الجماعات المسلحة المدعومة من السعودية وقطر وتركيا».
ووجّه نصرالله رسالة إلى المسلحين الذين يحتلون جزءاً من جرود عرسال، مؤكداً أن «لا أفق للمعركة التي تدور في الجرود، ونحن جاهزون لأن نضمن تسوية، لأن الدولة ليست مستعدة للتفاوض مع الحكومة السورية». وقال إن هذا الملف «لا يعني حزب الله فقط، بل يعني الجميع، وهناك قوى سياسية لديها خط مع هذه الجماعات من الجيد أن نتساعد في هذا الموضوع»، داعياً إلى «حلّ الموضوع بالتي هي أحسن والتعاون، لأن الوجود المسلح في الجرود بات عبئاً على عرسال وعلى الناس. لذلك، الأفضل أن تعالج هذه الأمور بهذه المناطق حقناً للدماء، إلا إذا كان هناك في الداخل أو في الخارج من يريد تشغيل هذه الجماعات لاستنزاف لبنان لا المقاومة». كذلك أعلن السيد جاهزيته لحل أزمة النازحين الموجودين في مخيمات عرسال، بما فيه التواصل مع النظام في سوريا، لإعادة أكبر عدد منهم إلى منازلهم.
إسرائيل الجبّارة والمرعبة سقطت
وتطرّق نصرالله إلى الجدار الذي يبنيه العدو الإسرائيلي على الحدود مع لبنان من ساحل الناقورة الى جبل الشيخ، مؤكداً أن «عصر النكبة بالنسبة لشعوبنا وحركات المقاومة قد انتهى، والاسرائيليين في السنوات الماضية شيّدوا بعض الجدران وأقاموا شبكات إنذار متطورة جداً على الحدود. ولكن قبل أسابيع استطاع مواطن لبناني أن يعبر الشريط الشائك ويمشي على قدميه ويصل إلى محطة الباصات في كريات شمونا». فبسرعة اكتشف «الصهاينة أن إجراءاتهم ومخابراتهم هشّة، ولذلك سارعوا الى بناء هذا الجدار على الحدود، وهم سيبنون الكثير من الجدران». ورأى أن من «دلالات هذا الجدار على الحدود اللبنانية الفلسطينية الاعتراف بانتصار لبنان الساحق وهزيمة إسرائيل ومشاريعها وأطماعها في المنطقة، واعتراف بسقوط مشروع إسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات. فكل الاحداث تثبت أن إسرائيل ضعيفة، هي بيت العنكبوت، وكانت من فولاذ بعيون الضعفاء والخائفين». وأكد أن «الاسرائيلي لا يستطيع أن يبقى في لبنان وفي غزة. فالدولة الجبارة المرعبة والمخيفة، إسرائيل العظمى التي تفرض شروطها على شعوب المنطقة وحكوماتها من دون تفاوض حتى، سقطت، لأنه عندما تختبئ إسرائيل خلف الجدران العالية وتعبّر عن خوف جنودها وخوف قطعان المستوطنين، فهذا يعني أنها أصبحت إسرائيل الضعيفة».
وعن التهديدات بشنّ حرب إسرائيلية، لفت السيد إلى أن هذا الكلام «جزء من الحرب النفسية المعتادة والطبيعية، ولا يجوز ـن يخضع لها الشعب اللبناني». وأكد أن حرب تموز عام 2006 حفرت عميقاً في إسرائيل، ولن يكون هناك أي مكان في كيانهم بمنأى عن صواريخ المقاومة في أي مواجهة مقبلة». وقال للشعب اللبناني وكل المقيمين في لبنان: «عيشوا حياتكم الطبيعية، لأن هذا التهديد ليس جديداً، والعدو يقوم بحرب نفسية. ثقوا بمعادلتكم الذهبية».
«إخوة ذو الفقار سيواصلون صمودهم»
وأكد نصرالله أن «إخوة السيد ذو الفقار سيواصلون في سوريا صمودهم وعملهم، ولكن أي وقف إطلاق نار توافق عليه القيادة السورية نحن نوافق عليه». وشدد على ضرورة اغتنام أي فرصة لوقف إطلاق النار في سوريا، مؤكداً أن «حلفاء سوريا، أي روسيا وإيران، هم أكثر انسجاماً اليوم من أيّ وقت مضى». وأضاف: «الجماعات المسلحة حالتها سيّئة واليد العليا هي للجيش ولحلفائه. هناك تطور في الشمال والجنوب وعلى الحدود السورية العراقية». وبالنسبة إلى زيارة ترامب للسعودية، رأى نصرالله أنه لن يجري الحديث «عن فلسطين والأسرى، بل عن سوريا والعراق، ولذلك يجب أن ننتظر ما الذي سيحصل هناك ولا داعي للخوف. ففي عام 1996 في شرم الشيخ، جاء كل العالم وأرادوا وقرروا مسح حركات المقاومة، ويومها هدّدوا بأنهم سيأتون لإبادتنا، ولكن كان الانتصار في نيسان 1996 بقيادة السيد ذو الفقار». ولفت السيد في هذا السياق إلى أن الشهيد مصطفى بدر الدين (السيد ذو الفقار) «لم يغب عنا، بل نعيش بفضل تضحياته الجسام. فهو القائد والمقاتل في كل ميدان لمقاومة الاحتلال. فالشهيد كان مضحّياً في الشدائد، وقائداً في تحرير الارض واسترجاع الاسرى بكرامة، وقائداً في تفكيك شبكات العملاء والتكفيريين، وفي الدفاع عن محور المقاومة. وقد قاد في عام 1996 معركتنا في مواجهة إسرائيل، والتي نتج منها اتفاق نيسان ومهّد لتحرير عام 2000». وأشار الى أن بدر الدين «كان قائد العمليات في المقاومة على مدى سنوات، وكان من الطبيعي أن يسعى الصهاينة وإعلامهم للنيل منه».
نصرالله يردّ على ابن سلمان
وردّ الأمين العام لحزب الله على تصريحات وليّ وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان المهاجمة لإيران، فرأى أن الأخير يقول إن مشكلته ليست سياسية، بل هو يخوض حرباً دينية عقائدية». فابن سلمان، بحديثه عن أن إيران تؤمن بحتمية ظهور الإمام المهدي، نقل ما يسمعه من كلام «الكبار، كبار النظام وهيئة كبار العلماء. ومشكلته مع إيران أنها تنتظر الإمام المهدي، والكل يعرف أن الإمام المهدي سيخرج من مكة لا من طهران ولا من دمشق ولا من بيروت. لذلك يجب تثقيفه دينياً. وموضوع الامام المهدي عليه إجماع المسلمين، وهو ليس موضوعاً شيعياً»، متوجّهاً إلى محمد بن سلمان بالقول: «خروج المهدي باعتقاد المسلمين أمر قطعي، وسيخرج من مكة المكرمة ويواليه أهل الجزيرة العربية. وعندما سيخرج لن يبقى ملك ظالم ولا أمير مستبد، ولن تستطيع، لا أنت ولا آباؤك ولا أجدادك أن تغيّروا هذا الواقع».
من جهة ثانية، حيّا السيد نصرالله في كلمته الأسرى في سجون العدو الاسرائيلي الذين يضربون عن الطعام لليوم الـ25 على التوالي، مديناً الصمت العربي والدولي، وموضحاً أنه «بعد أيام سيحجّ الزعماء الى ترامب في السعودية، وسنرى ماذا سينتج من هذه القمة. هل سيكون للأسرى الفلسطينيين وللشعب الفلسطيني أيّ مكان في هذه القمم؟ هل سيملك ملوك ورؤساء عرب الجرأة والشجاعة ليطالبوا ترامب الذي يدعم إسرائيل بالضغط عليها للاستجابة لمطالب الأسرى المحقّة والإنسانية أم سيكررون صمتهم وسكوتهم؟».