لم تتوصل القوى السياسية إلى اتفاق على قانون جديد للانتخابات. لكنّ مصادر رفيعة المستوى تؤكد حصول «تقدّم كبير»، تمثّل في موافقة التيار الوطني الحر على اقتراح الرئيس نبيه بري

في خطابه أول من أمس، قال الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، عن ملف قانون الانتخابات: «خلال الأشهر الماضية سمعنا من بعض القيادات أنّ الاتفاق غداً صباحاً. فكنا نسأل أنفسنا، هل اتفقتم ولا علم لنا؟ عجيبة بعض المبالغات».

ورغم ذلك، أكّد نصرالله وجود أمل حقيقي في التوصل إلى قانون جديد. ويوم أمس، أكّد أكثر من مصدر واسع الاطلاع أن ترويج بعض القوى والشخصيات لقرب التوصل إلى قانون انتخابي جديد ليس سراباً، بل تعبير عن «تقدّم كبير» في المفاوضات الدائرة حول مشاريع قوانين الانتخابات النسبية. وقالت المصادر إن التطوّر الذي حصل يتمثّل في موافقة التيار الوطني الحر على اقتراح الرئيس نبيه بري القاضي بالتخلي عن مشروع «التأهيل الطائفي»، في مقابل إقرار قانون للانتخابات النيابية يعتمد النسبية، وإنشاء مجلس للشيوخ. وقالت المصادر إن هذا التقدّم لا يعني الاتفاق على كافة التفاصيل، إذ لم يتفق المفاوضون بعد على عدد الدوائر التي ستعتمد، علماً بأن هناك توجّهاً بحصر الصوت التفضيلي في القضاء. فبري لا يزال متمسّكاً بأن تُجرى الانتخابات النيابية في 10 دوائر كحدّ أقصى، فيما يطالب التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية بأن يكون عددها بين 13 دائرة و15 دائرة.
وعبّر وزير الخارجية جبران باسيل أمس عن هذه الاجواء، في قوله إن التيار لا يهتم باسم القانون، بل «المهم أن يكون في القانون نسبية ليتمثل الجميع، ولكن ليس فيه استنسابية. نريد قانوناً فيه ضوابط لتنوّعنا، ولن نقبل بأقل من ذلك مهما كانت الإغراءات والتهديدات والمهل». باسيل ــ وخلال تمثيله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في حفل افتتاح شارع الرئيس عون في بلدة الحدت ــ أكّد التوجه إلى فتح دورة استثنائية لمجلس النواب عبر القول إنه «سنُحاور ونُبادر حتى النهاية، وسنفتح دورات ونطوي التمديد إلى النهاية حتى يكون لدينا قانون جديد».
لكن ليل أمس، برز مؤشر سلبي لم يُعرف بعد مدى تأثيره على مفاوضات قانون الانتخاب، تمثّل بهجوم عنيف شنّه باسيل على بري، من دون أن يسميه، في ملف الكهرباء. وقال باسيل: «هدفنا واحد هو أن يكون هناك كهرباء في لبنان ومعركتنا بدأت منذ عام 2010»، سائلاً أين كان «من يتكلم اليوم عندما أوقف معمل دير عمار أربع سنوات؟ لو سمحتم لنا بتنفيذ المعمل لما كنا بحاجة لبواخر اليوم. ماذا بقي من جميع الاتهامات السابقة في حقنا؟ كلها كانت مردودة ولم يبق إلا أثر الكذب وتاريخهم اتهامات كاذبة». وحذّر من أن يزايد أحد على التيار، فـ«من ملأ جيوبه بالمال لا يحقّ له الكلام عن تعبئة جيوب. من تاريخه أسود بالفساد، لا يمكن له أن يُبيّض ملفه على حسابنا بل على حسابه».
ودافع باسيل عن الخطة التي وضعها وعن الوزير سيزار أبو خليل الذي «أمضى خمس سنوات في الوزارة مستشاراً ورفض أن يتقاضى معاشاً». بالنسبة إليه، «نتيجة خطتنا عجز صفر في الكهرباء وكلفة ٢٠٠% أقلّ على المواطن. وكلّ ما تسمعونه في موضوع الكهرباء كذب، ووزير الطاقة يقوم حرفياً بما طُلب منه في مجلس الوزراء».
واستبعدت مصادر مشاركة في المفاوضات الانتخابية أن يؤثر كلام وزير الخارجية سلباً على المفاوضات، متوقعة أن ينحصر ردّ فعل بري في عرقلة مشروع استئجار بواخر لإنتاج الكهرباء. لكن مصادر في تيار المستقبل قالت لـ«الأخبار» إن المواقف الحقيقية للقوى السياسية تظهر جلية في الاشتباك «الكهربائي» لا في التبشير بقرب إقرار قانون جديد للانتخابات.
من جهته، أعلن نائب القوات اللبنانية جورج عدوان «أننا دخلنا العدّ العكسي لإقرار قانون الانتخاب». وأكدّ أنّ موقف التيار الوطني الحر والقوات «هو نفسه بأدق التفاصيل في قضية قانون الانتخاب».
ويطبّق نائب القوات ما قاله النائب وليد جنبلاط في مقابلته مع «الأخبار» (العدد ٣١٧٠) بأنّ «الدور المطلوب من عدوان، في ظل التلاقي بين القوات والتيار الوطني الحر، محاولة إقناع التيار بأفكار جديدة». على الرغم من أنّ الدور الذي يلعبه عدوان «استفزّ» قيادة التيار، بحسب معلومات «الأخبار»، إلا أنه تابع تحركاته في اليومين الماضيين، وآخرها كان أول من أمس مع باسيل. أبلغ عدوان عدداً من القوى السياسية، ومن بينها حركة أمل، تفاؤله. واتصل به برّي شاكراً إياه على مسعاه، إلا أنّ رئيس المجلس كان في قرارة نفسه غير مُقتنعٍ بالتوصل إلى نتيجة إيجابية.
وقال بري لـ«الأخبار»: «لا نزال في مرحلة المراوحة. لو كان هناك خرق جدي وأجواء إيجابية لكنا علمنا بذلك». وعن النقاش في النسبية ومجلس الشيوخ، أشار بري إلى أنه «لم يصل إلى نتيجة بعد. نسمع أنّ الجميع بات يؤيّد هذا الطرح، لكننا لم نرَ أيّ ترجمة فعلية لهذا الكلام». كذلك فإنّ برّي يؤكد تمسّكه بـ«إسناد رئاسة مجلس الشيوخ إلى الطائفة الدرزية. هذا أمر لا مجال للبحث به». رئيس المجلس النيابي سينتظر حتى الإثنين، «إذا لم يحصل أيّ تقدّم فستؤجّل جلسة التمديد وأسحب مشروعي من التداول. قدّمت كلّ ما أستطيع تقديمه، وعلى الجميع أن يُدرك أن المخاطر ستكون كبيرة جداً على البلد». وعن عدم ممانعة التيار الوطني الحر فتح دورة استثنائية قال: «هذا أمر جيد، لكن عقد جلسات من دون أن يكون هناك قانون لمناقشته لا يعني أيّ شي، وقد يعود قانون الستين الى التداول». ورأى برّي أنّ «انتهاء الدورة الاستثنائية من دون التوصل إلى اتفاق، نكون حينها قد دخلنا في الفراغ».
الحديث عن القانون حضر في استقبالات الرئيس ميشال عون، فقال إنّه «يجب أن يُعبّر عن إرادة اللبنانيين ويعكس تمثيلهم الحقيقي ضماناً للوحدة». ورأى أنّ «الانتخابات تعطينا الحق في إدارة شؤون البلاد، إلا أنّها لا تعطينا الحق في حرمان الناس حقوقها، فالكيدية والانتقام في السياسة علينا التخلص منهما».
من جهة أخرى، وبعد توجيه السعودية الدعوة إلى الحريري للمشاركة في القمة العربية ــ الإسلامية ــ الأميركية في الرياض في 21 أيار واستثناء رئاسة الجمهورية من الدعوة، نفت قناة «أو تي في» وجود أيّ خلاف بين بعبدا والسراي، وأن «التنسيق قائم بدليل مرافقة وزير الخارجية لرئيس الحكومة في الزيارة». وفي الإطار عينه، قالت مصادر سياسية رفيعة المستوى لـ«الأخبار» إن ثمة اتفاقاً بين رئيسَي الجمهورية والحكومة على أن يمثّل الأخير لبنان في القمة، تفادياً لأي إحراج يمكن أن ينشأ، لأن رئيس الجمهورية سيعترض على أيّ مقررات للقمة أو بيان يصدر عنها يتضمّن إدانة لحزب الله.

المصدر: الأخبار