هدأ مخيم عين الحلوة، لكنّ حكاية «الاشتباك الأخير» لا تزال خبز الجلسات اليومية لسكان «عاصمة الشتات» الفلسطيني. الاشتباكات التي شهدتها أزقة المخيم منذ نحو شهر بين مجموعة المتشدد بلال بدر وحركة فتح، تُستعاد تفاصيلها لحظة بلحظة، مع شائعات رافقتها، كـ «خبرية» روائح نتنة انبعثت من أحد البساتين المحيطة، زُعِم أنّها ناجمة عن دفن بدر قتلى أجانب كانوا يقاتلون معه للإيحاء بأنّه مُني بخسائر كبيرة! السؤال الدائم في هذه الجلسات يتعلق بمصير بدر بعد انتشار القوّة المشتركة.
والجواب عنه أنه، بإرادته، حبيس أحد المنازل منذ أسابيع ولن يخرج إلى العلن مجدداً. ويعزز ذلك الحديث عن قرار واضح لدى الفصائل بالحفاظ على الاستقرار في المخيم، رغم «قطوعات» اجتازتها القوّة المشتركة بقدرة قادر جراء منع بعض الأهالي لها من التمركز في إحدى النقاط. غير أنّ كل هذا الكلام لا يُلغي جلسات تقويم الخسائر التي تُجريها الفصائل الفلسطينية والمجموعات الإسلامية. ووسط أخذٍ وردّ عمّن فاز في جولات الاشتباك، إلا أنّ الكل يُجمع على أنّ بدر كان البادئ، وأنّ الخسارة الكبرى لحقت بالمخيم وأهله مجتمعين. ويزيد من جسامة هذه الخسارة عدم صرف التعويضات لإعادة إعمار منازل هُجِّر أهلها ولم تعد تصلح للسكن، ومحالّ تجارية احترقت بالكامل. هذا إذا ما استُثنيت عوائل القتلى الخمسة وعشرات الجرحى الذين سقطوا.
الجميع يتنصّل من المسؤولية ويتقاذفون المسؤولية. وفي مقابل توجيه أصابع الاتهام إلى مجموعة بدر التي أشعلت شرارة الاشتباك، يحمّل المتضررون حركة فتح المسؤولية. وبحسب هؤلاء، «ما دامت فتح قبضت ثمن الاشتباك، فلماذا لا تدفع؟»، ولا سيما أنّ معظم المنازل التي دُمِّرت والمحالّ التي أُحرِقت كانت بفعل القذائف الصاروخية التي استخدمها مسلّحوها. ويتهم هؤلاء «فتح» بـ «المماطلة وتأخير عملية الإعمار والتعويضات». أما الأونروا التي تُعلن دوماً أنّها جاهزة للإعمار، بحسب متضررين، فتارة تتذرّع بعدم وجود المال وبانتظار تبرعات الدول الأوروبية والخليجية، وتارة أخرى تقول إنها تتريث لحاجتها إلى ضمانات قبل المباشرة الفورية بالإعمار. ويرى المتضررون أنّ حركة «حماس»، هي الأخرى، تجاري «فتح» لعدم تحريكها ساكناً للضغط بشأن التعويضات. أما الجمعيات الخيرية «فتنتظر الإذن من فتح للمساهمة والمساعدة الفورية». فيما بقية الفصائل كالنعامة التي تدسّ رأسها في التراب وكأنّ الأمر لا يعنيها. وبحسب المصادر، يناهز مبلغ التعويضات الذي يجري الحديث عنه خمسة ملايين دولار.
في المقابل، وفيما رد قائد الأمن الوطني في لبنان صبحي أبو عرب بأنّه لا يعلم شيئا وأن ملف التعويضات لدى القيادة السياسية، قال قائد القوة الأمنية المشتركة السابق اللواء منير المقدح لـ«الأخبار» إن أمر التعويض لا يتعلق بحركة فتح فحسب، إنما بالقيادة السياسية لكافة الفصائل الفلسطينية، مشيرا إلى أنه جرى مسح الأضرار ورُفع تقرير بهذا الخصوص، إلا أنه لم يرد أي جواب بعد. وذكر المقدح أن الأونروا وجمعيات إغاثية أخرى تنتظر ضمانات أمنية من فتح لمباشرة عملها.