دخلها دخول الفاتحين وكأن النصر يأتي على يديه فهو القادر والمقتدر بعقيدتهم الوهابية. لم تكن زيارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى الرياض زيارة عادية لرئيس دولة أجنبية يزور بلاد الحرمين، بل تعمد خلالها ال سعود اظهار اقصى درجات الابهار والمبالغة بحجم وطريقة ونوعية الاسقبال الذي حظي به الرئيس الاميركي وعائلته.
لسنا الآن بوارد مناقشة وتحليل ابعاد الزيارة من ناحية الشكل ولا حتى المضمون فقد بدأت نتائجها بالتحقق بسرعة رحلته من الرياض الى تل أبيب مباشرةً. بعد ان حط رحاله في تل أبيب سرعان ما ثار بركان آل سعود لتصيب حممه العزَّل في المنطقة الشرقية من المملكة وأبناء البحرين وفقيههم بابشع صور ارهاب الدولة الذي يشهده التاريخ المعاصر.
يبدو واضحا من كل ما يجري في منطقتنا المنكوبه أن آل سعود قد استحصلوا على الضوء الاخضر من سيد البيت الابيض لإطلاق العنان لجماحهم نحو ارتكاب المزيد من الجرائم وسفك الدم. ولعل ما يعزز ذلك استعداد الولايات المتحده لتوجيه ضربات لحزب الله والجيش السوري قد تكون مؤثرة في سياق الحرب في سوريا مثلا، حيث كانت ضربة التنف ليل الخميس 18/5/2017 والتي سبقتها ضربة مطار الشعيرات في حمص تحت حجة الهجوم الكيميائي في خان شيخون في ريف حلب. ومن المتوقع ان يلي هذه الضربات مثيلات لها وربما اكثر خطورة وتاثيرا في الميدان السوري كونه الخاصرة الاكثر رخاوة في صراعات المنطقة فهي ساحة حرب مفتوحة ومتداخلة.
بالمختصر فإن المنطقة تتجه نحو صيف ساخن جداً مفتوح على كل الاحتمالات وقد تدخل فيه مناطق جديدة في الصراع لم تكن تشهد نزالا بين الأعداء. ما تريده واشنطن اليوم في سوريا ضمان عدم تدفق السلاح من العراق مروراً بسوريا ووصولا الى لبنان ومن ثم فلسطين وهذا ما لا يعارضه الروس الى حد ما. وما يدعم هذه الفرضية عدم تعليق الروس على غارة التنف الاخيرة والاكتفاء بصدور بيان خجول يعتبر الغارة انتهاكاً للقانون الدولي وهذا ما يفتح الصراع على مصراعيه ويجعل كل الاحتمالات واردة وممكنة من ضرب قوافل الاسلحة الى استهداف مواقع ومخازن لحزب الله على الحدود السورية اللبنانية فضلا عن تلك التي تقع داخل الاراضي السورية.
في العودة الى اليمن ومجريات الميدان هناك يبدو واضحاً ان ذريعة الاسلحة الكيميائية الممجوجة لا زالت اسهمها مرتفعة، حيث بدأ الحديث عن تهريب سلاح كيميائي لأنصار الله من إيران عبر ميناء الحُديدة ما يشير الى توجه سعودي بمباركة أميركية لشن التحالف الاسلامي بقيادة السعودية هجوماً على الميناء الاستراتيجي، ما ينذر بكارثة إنسانية تاريخية تنتظر الشعب اليمني.
اذاً من الواضح ان المنطقة تستعد وبوتيرة متسارعة لصيف ساخن وربما خريف وشتاء. جنون المملكة الوهابية لا يردعه أحد والضوء الاخضر الأميركي يبدو انه مستمر بتغطية حفلة الجنون هذه. لكن هل يستمر الرئيس ترامب على رأس الادارة الاميركية في المرحلة المقبلة؟ ما هو رد فعل المحور المقابل وكيف سيتعامل مع جنون سلمان؟ الخيارات باتت محدودة وتحتاج الى دقة عالية وحنكة في التعاطي مع مجريات الامور. الاكثر صبراً وذكاءً هو من ستميل اليه الكفة. التفوق العسكري الآن لا يعني الكثير سوى سفك الدم وقتل البشر. لننتظر...
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع