نصرالله استقبل باسيل: بحثٌ في قانون الانتخاب و«ما بعده»
شهد قصر بعبدا أمس اتفاقاً بين الرؤساء الثلاثة على اعتماد النسبية في 15 دائرة. لكن دون تحويل الاتفاق إلى قانون جديد للانتخابات عقبات كثيرة، بينها محاولة تحويل القانون إلى «أرثوذكسي» جديد. فهل تكفي الأيام الـ17 الباقية في ولاية المجلس النيابي لتجاوز العقبات؟
الصور الواردة من القصر الجمهوري أمس توحي بأن الاتفاق أُنجِز على قانون جديد للانتخابات، مبنيّ على النسبية في 15 دائرة. عزز ذلك إعلان الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري ليلاً أن الاتفاق قد تمّ. لكن في هذا الملف تحديداً، فإن شياطين التفاصيل لا تزال طاغية على ما عداها.
الثابت حتى اللحظة، بحسب مصادر مشاركة في المفاوضات، أن لا تراجع عن إقرار قانون يعتمد النسبية في 15 دائرة، بعدما اتفق عليه الرؤساء الثلاثة الذين اجتمعوا أمس في القصر الجمهوري، قبيل الإفطار الرئاسي. إلا أن دون الإعلان عن الاتفاق النهائي حسْم 6 قضايا، اثنتان منها ترقيان إلى مستوى العقَد، وهي:
العقدة الأولى: مطالبة التيار الوطني الحر (أبلغها الوزير جبران باسيل للنائب جورج عدوان أمس) بوضع «حدّ أدنى للأصوات التفضيلية التي يحصل عليها المرشح من أبناء طائفته، لقبول فوزه بالنيابة». فعلى سبيل المثال، إذا حصل مرشّح شيعي في جبيل على أصوات مسيحيين تضمن فوزه، لا يُعدّ فائزاً ما لم يحصل على نسبة معيّنة من أصوات الناخبين الشيعة. وهذا المطلب يرى معارضوه أنه يهدّد الاتفاق على القانون الجديد، كونه مشروع «قانون أرثوذكسي جديد»، واقتراح «تأهيل طائفيّ مقنّع»، يجعل النائب ممثلاً لطائفته لا ممثلاً للأمة (والوصف الأخير وارد في الدستور).
العقدة الثانية: مطالبة التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية بتعديل دستوري «لضمان المناصفة» في مجلس النواب. ورغم أن هذه المناصفة منصوص عليها في المادة 24 من الدستور التي توجب انتخاب مجلس النواب «بالتساوي بين المسلمين والمسيحين» إلى حين إقرار قانون خارج القيد الطائفي يربطه الدستور بإنشاء مجلس للشيوخ، فإن التيار والقوات يريدان تعديلاً يثبّت المناصفة في مجلس النواب، حتى بعد إنشاء مجلس للشيوخ. ويعني ذلك نسف فكرة الانتقال نحو إلغاء الطائفية السياسية المتفق عليها في «الطائف». وترى القوى المعارضة لتعديل الدستور أن «فتح هذا الباب سيؤدي إلى نسف اتفاق الطائف من جهة، وسيؤبّد الطائفية السياسية من جهة أخرى».
القضية الثالثة: عتبة التمثيل. سقط اقتراح تيار المستقبل المطالِب باعتماد النموذج التركي للنسبية، والقاضي بحصول أيّ لائحة على 10 في المئة من أصوات عموم المقترعين في لبنان (مثلاً، لا تفوز لائحة في عكار بأيّ مقعد، حتى لو حصلت على 90 في المئة من أصوات الدائرة، في حال لم تكن من ضمن «محدلة» حصلت على 10 في المئة من أصوات المقترعين في لبنان). ويجري البحث في عتبة التمثيل التي يتجه المتفاوضون للاتفاق على أن تكون «الحاصل الانتخابي في كل دائرة»، أي نتيجة قسمة عدد المقترعين في الدائرة على عدد مقاعدها (مثلاً، في حال اقترع في المتن الشمالي 80 ألف مواطن، يُقسم هذا الرقم على 8 (عدد المقاعد)، فتكون النتيجة 10 آلاف. وبالتالي، تفوز بمقعد في المتن الشمالي كل لائحة تحصل على 10 آلاف صوت).
القضية الرابعة: الصوت التفضيلي في القضاء. لم يعد التيار والقوات متمسكَين بهذا المطلب، بعدما صار غير ذي جدوى بسبب صغر الدوائر. وحده تيار المستقبل لا يزال متمسكاً به، لاعتقاده بأن في مقدوره ضمان مقعدَي صيدا، في حال حُصِر الصوت التفضيلي في القضاء.
القضية الخامسة: موعد الانتخابات. جميع القوى تريد إجراء الانتخابات في تشرين الاول المقبل. وحده تيار المستقبل يريد تأجيل الانتخابات إلى الربيع المقبل. ويوم أمس، زار وزير الداخلية نهاد المشنوق رئيس الجهورية العماد ميشال عون، وسلّمه تقريراً صادراً عن الأمم المتحدة، يشير إلى أن الإدارة اللبنانية لن تكون جاهزة لإنجاز الانتخابات وفق النسبية إلا بعد 7 أشهر على الأقل من موعد إقرار القانون. وعلمت «الأخبار» أن عون لم يعلّق سلباً ولا إيجاباً على كلام المشنوق ومضمون التقرير.
القضية السادسة: نقل المقاعد. غالبية القوى أسقطت المطالبة بذلك، ليقتصر الأمر على البحث في إمكان «إعادة» المقعد الإنجيلي، أو مقعد الأقليات، من دائرة بيروت الثالثة إلى الأشرفية.
وتقرر في الخلوة الرئاسية أمس تأليف لجنة مصغّرة برئاسة الحريري، للبحث في هذه النقاط الست، وبتّها بأقصى سرعة ممكنة.
من جهة أخرى، علمت «الأخبار» أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله استقبل رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل قبل أيام، وجرى البحث في «طرح متكامل قدّمه باسيل لقانون الانتخابات، مع خريطة طريق لما بعد الانتخابات». وقالت مصادر في التيار الوطني الحر إن «الاجتماع كان جيداً جداً، وبالتأكيد كان موضوع قانون الانتخاب وما بعده موضوع البحث الرئيسي». وإلى أيّ مدى تعني عبارة «ما بعده»، أجابت المصادر: «الى خمسين سنة»!
وكان رئيس الجمهورية قد وقّع أمس مرسوم فتح عقد استثنائي لمجلس النواب، بين السابع من الشهر الجاري والتاسع عشر منه، حاصراً موضوعه ببند إقرار قانون جديد للاتفاق. وبدا جلياً أن عون تعمّد أن تكون بداية العقد بعد الموعد الذي حدّده الرئيس بري للجلسة التشريعية في الخامس من حزيران، وحصر جدول أعماله بالقانون لقطع الطريق على التمديد. وبحسب مصادر الخلوة الرئاسية، فإن الأجواء كانت إيجابية، ولم يعتبر بري تفاصيل المرسوم استفزازاً له. وترى المصادر أن رئيس المجلس سينتظر المشاورات، فإذا تم الاتفاق سريعاً على مشروع قانون يقرّه مجلس الوزراء ويحيله على مجلس النواب، فإنه سيرجئ الجلسة التشريعية إلى نهاية الأسبوع المقبل. وإذا لم يتم الاتفاق، فإنه سيُرجئها إلى يوم 12 حزيران.
وشهد القصر الجمهوري اجتماعاً لتنسيق المواقف ضمّ إلى باسيل وعدوان النائبين ألان عون وإبراهيم كنعان.
وكان رئيس الجمهورية قد أكّد في خطابه بعد الإفطار في بعبدا أن «إنجاز قانون الانتخابات، خلال الايام الآتية، سيكون بداية استعادة ثقة المواطن بالدولة، لأنه سيبرهن عن إرادة تحسين التمثيل الشعبي وجعله أكثر توازناً، أفقياً بين مكوّنات الشعب اللبناني كافة، وعمودياً داخل كل مكوّن بحدّ ذاته».
أمنياً، أوقفت استخبارات الجيش في الجنوب فتاتين في مدينة النبطية، أول من أمس، يشتبه في انتمائهما إلى تنظيم «داعش». وعلمت «الأخبار» أنّ الموقوفتين قدمتا من مدينة الرقة السورية،. وقد تبيّن أنهما دخلتا خلسة إلى الأراضي اللبنانية. وذكرت المعلومات الأمنية أنّ إحدى الموقوفتين كانت تعمل ممرضة في مستشفى في الرقة يخضع لسيطرة عناصر «الدولة الإسلامية»، مشيرة إلى أنّها متزوّجة من أحد عناصر التنظيم. وفيما بدأ استجواب الموقوفتين في فرع التحقيق أمس، تردّدت معلومات أنّهما كُلّفتا بمهمة أمنية، لكنهما أوقفتا قبل تنفيذها.