الحصار الشامل الذي تفرضه ممالك الكراهية في الخليج على الإمارة القطرية العاصية لا شيء فيه يدعو إلى الدهشة إذا لم يصرف المراقب النظر عن الحصار الشامل المفروض على اليمن منذ أكثر من عامين.

لا فرق بين الحصارين سوى أن قطر إمارة تفيض بالأموال التي تمكنها من اختراق اي حصار مهما كان محكما، بينما لا يملك اليمنيون حتى ثمن الادوية الضرورية لمواجهة موجة الكوليرا التي حصدت حتى الآن نحو ٨٠٠ ضحية ونحو ١٠٠ ألف مصاب، علما ان وباء الكوليرا بات أفتك وأخطر وسائل القتل التي تستخدمها ممالك الكراهية في حربها على الجار والأخ اليمني الخارج هو أيضا عن الطاعة وإن لأسباب أخرى.

كما أن الإمارة الفاحشة الغني، والطامحة للعب دور امبراطورية ذات جبروت ربما يفوق جبروت المملكة الوهابية الأقوى والاشرس، تستطيع أن تجد ألف من يستنكر الحصار المفروض عليها ويتحداه من القوى الكبرى التي تختصر ما يسمى بالمجتمع الدولي، بينما لا يحرك فقر اليمنيين وموتهم اليومي شعرة في جلد هذا المجتمع الأشبه بجلد التماسيح. ولا فرق في الواقع بين اللؤم والشهوة الى القتل، بل الابادة الجماعية، التي تحرك ملوك الكراهية في الخليج ضد الإمارة الخارجة عن الطاعة، وبين الكلبية التي تميز عملية الإبادة التي يمارسونها ضد الشعب اليمني الذي كان يفترض بفقره ان يدفعه إلى وضع نير العبودية طواعية على عنقه فإذا به ينتفض على الراغبين في اسعباده ويرد كيدهم الى نحرهم.

وكما فرضت ممالك الكراهية الحصار الشامل على 23 ليون يمني، كذلك تفرض الآن الحصار الشامل المحكم على مليوني مقيم في الإمارة العاصية. هكذا تأخذ الرعايا الذين لا ناقة لهم في هذا الصراع ولا جمل، بجريرة خروج الامير الصغير عن طاعة العاهل الكبير.

وليس هذا فحسب، فالأعمال الانتقامية التي يتعرض لها الرعايا القطريون المقيمون في ممالك الكراهية على يد الأوباش من الرعايا السعوديين يندى لها الجبين، حتى ان مشاهد هؤلاء الأوباش وهم ينكلون ويهينون القطريين المقيمين في المملكة، ومن كانوا إخوانهم في الجيرة والعروبة والإسلام، تكشف ان تكالب ملوك ممالك الكراهية يعدي كالكوليرا رعاياهم فيتكالبون هم أيضأ اقتداء بهم.

واحقر ما يمكن أن يرى في هذا المشهد الأعرابي المقيت ان ممالك الكراهية تصف بالعمالة طلب الإمارة العاصية من إيران "العدوة" ان تمدها بالمواد الغذائية والمواد الاستهلاكية حتى لا يموت المقيمون فيها من الجوع المحتم نتيجة الحصار المحكم الذي يفرضه "الإخوة" في العروبة والإسلام. كما أن ممالك الكراهية تصف بالخيانة طلب الإمارة العاصية المساعدة العسكرية من الحليف العثماني وتندد باللجوء إلى طلب الحماية الاجنبية، وكأن الحماية العسكرية والسياسية الاجنبية التي تعتمد عليها وتفاخر بها تلك الممالك والإمارات الخليجية عمل مشروع، وكأن الأمبراطور الأميركي ترامب قد بات خليفة المسلمين وهؤلاء الملوك والأمراء المحليون هم عماله و جباة الخراج والجزية لمقامه. كل ذلك لا يعني ولا يخفي أن الإمارة العاصية المتهمة من قبل خصومها بالإرهاب بريئة مما ينسب إليها، فأميرها يقودها الى لعب اقذر الأدوار في إيواء ودعم وتمويل وتسليح المنظمات الإرهابية التكفيرية شأنه في ذلك شأن ملوك الكراهية الآخرين. وكل ما في الأمر ان هؤلاء يرون أن طموح الامير القطري الشاب لا يتناسب وصغر حجم امارته وقلة حيلتها أمام المملكة الوهابية المترامية الأطراف والكلية الجبروت.

المصدر: شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع