لا يعتبر الحديث في الشأن السعودي تدخلا في شؤون دولة اخرى. فتلك الارض التي نهبها ال سعود وسموها دولة باسمهم تبدو اليوم اكثر من اي وقت مضى "وكالة بدون بوّاب" على اعتبار ان الملك الذي هناك لا تتوفّر فيه الصفات الكافية ليكون بوّابا حارسا على مدخل دولة، او حتى مزرعة.
انقضى يوم الامس بين بن سلمان وبن نايف، في مبايعة وصفها المتملقون بالتاريخية وهي لا تتعدى وصفها بالمشهد الكوميدي الشديد السخافة. دعنا من فيلم هيئة البيعة الذي تباهى به صبيان ال سعود في لبنان، كما تتغاوى "القرعة" بشعر بنت خالتها المستعار (فبنت الخالة هنا "قرعة" ايضا)، هيئة البيعة تلك والتي تأسست عام ٢٠٠٦ ومهمة اعضائها هي السبات لحين ايقاظهم عند الحاجة ونهوضهم مدججين بما يقول ملك الرمال ثم العودة الى السبات بعد التهام ما لذ وطاب من حلويات البيعة. في الاساس دور هذه الشكليات هو ايجاد مادة دسمة يتغنى بها شعراء واعلاميو البلاط بالمشهد الديمقراطي التاريخي..
ودعنا من مشهد المبايعة بين بن سلمان الذي تمرمغ فرحا في ثياب عمه المعزول، والذي بدا كطفل نجح في لبس عباءة فضفاضة وتعثّر بها فضحك وضحك معه المشاهدون.
حتى دعنا من التحليل ومعنى ان يختار سلمان ابنه وليا للعهد ويعزل بذلك ابن اخيه في مشهد يعيد لأبناء عصر النهضة مشاهد من العصور الوسطى ببث حي ومباشر،حيث النزاع على السلطة شكل مادة غنية لحكايات لفظها التاريخ ومنعتها لجان علم النفس عن حكايات الاطفال لما فيها من تخلف وبشاعة. ولنبتعد قدر الامكان عن الدور الاميريكي الذي يسهل الطريق لولي عهد من صلب سلمان اي يشابهه غباء وطواعية لهم مع اضافات عصرية تمكنه من ان يتفوق على ابيه في اجادة دور الاداة والالعوبة. بالنسبة لنا اصلا، لا مفاضلة بين بن سلمان وبن نايف، تماما كما لا مفاضلة بين قطر والسعودية، تماما كما لا مفاضلة بين العدو الصهيوني والعدو التكفيري الذي اثبتت كل الفحوص انه لقيط سعودي.
ولسقوط هذه المفاضلات، كان لا بد ان نرى المشهد بنية الضحك والاستمتاع، لا سيما وان ال سعود بهذه الخطوة بدوا كأنهم يستعجلون سقوطهم اكثر منا. فذلك الطفل المعجزة الذي صار وليا للعهد، يحمل اجماعا عالميا على تفوقه بالبوح بالتفاهات وارتكاب الحماقات واظهار الغباء في انسجام تام مع ذاته. وربما يشاركه الكثيرون من ربيبي ال سعود بهذه الصفات وان تولوا مناصب في دول غير السعودية.
تقاطر اجراء ال سعود الى مشهد البيعة مكبرين، يحاول كل منهم ان يكون صوته اعلى من صوت زملائه عسى "حفنته من الدنانير" تكون اثقل واكبر.. بعضهم حاول ان يأكل الجو عبر تقنيات الصوت والصورة، "من قبل الضو"، عسى يصل الفيديو الى اجير اخر في بلاط الملك (اي اجير برتبة اعلى) فيكون الرد عيدية "حرزانة"! هؤلاء شكلوا اضافة لذيذة الى فكاهية المشهد، وضعوا له نكهة محلية كمن يضيف صحن تبولة الى جانب منسف يقطر منه الدسم.
وهؤلاء، الذين لا مهنة لهم الا مسح ذاك البلاط النتن، اعتادوا رائحة القذارة حتى صارت جزءا منهم، لذا تلفظهم الطرقات الابية، ويتبرأ منهم من ظلمه القدر بصلة دم معهم..
بانتظار مشهد اخر وخطوة اخرى تقرب ملوك الرمال الى زوالهم، ها نحن نتابع اخبار جبهات الشرف، نمسح عيوننا بصور الشهداء، نزداد عزة واقترابا من زوال اسرائيل وكل ملحقاتها ولو كانت تلك الملحقات ممالك، او دولاً.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع