مما لا شك فيه وما قد يتفق عليه أغلب المتابعين للواقع الميداني في المنطقة والعراق خصوصاً، أن تحرير مدينة الموصل ثاني أكبر مدن العراق من تنظيم داعش الارهابي هو تحول استراتيجي كبير ومهم من شانه أن يغير الكثير على الساحة الأقليمية.
هذا ما باتت الاطراف كافة مقتنعة به حتى ألد الخصوم والاعداء، كما أن التنظيم بات شبه مقتنع بتغير المشهد اليوم وتبدل الأولويات لدى داعميه ومحركيه ومموليه.
لكن الأبرز اليوم بمعزل عن الانتصار الميداني الكبير الذي جاء نتيجة تضحيات جِسام قدمها العراق بكل أطيافه والوانه ودفع ثمنها قهرا ودماء، أنه تظهر بشكل لافت مصطلحات جديدة لعلَّها لم تظهر من قبل دخلت الى الادبيات التي بات العراقيون يتحدثون بها بعد تحقيق الانتصار، قصدت بها تلك الادبيات التي باتت تصوب نحو فلسطين المحتله وتعتبرها المعركة الاساس والوجهة الام لكل حركات المقاومة في المنطقة. فكان واضحاً من خلال اغلب المقابلات التلفزيونية التي غطت اصداء تحرير الموصل مع القادة الميدانيين والسياسيين حديثهم عن ضرورة استكمال الانتصارات وتحرير الاراضي العربية وصولا الى تحرير القدس الشريف.
لعل العراق لم يسلم يوماً ولم يذق طعم الهدوء، فكانت مشاكله الداخلية وحمام الدم المستمر يشتته عن هذا الهدف الاساس، وربما ان احد اهداف السياسة الاميركية في المنطقة حرف انظار الشعوب عن قضيتهم الام من خلال اغراقهم بحمام دم لا يبقي ولا يذر، وها ما نجح به ابناء العم سام على مدى سنين طويلة.
من هنا يمكن القول ان تبعات هذا الانتصار الكبير الذي يعود فيه الفضل الى فتوى المرجعية الدينية التاريخية في العراق والدعم الايراني الكبير، وأولا واخيرا تضحيات الشعب العراقي وبسالة قواته المسلحة وحشده العشبي الذي استطاع انهاء حرب ضروس خلال عشرة اشهر، كان قد قال عنها الاميركيون انها ستستغرق عشر سنوات وربما أكثر، نقول إن تبعات هذا النصر لم تعد محصورة بالحدود العراقية فقط بل تتعداها لتصل الى القدس الشريف.
الاستثمار اليوم يجب ان يرتكز على هذه الادبيات وجعلها اساسا في قاموس العراقيين من قوات مسحلة ومواطنين ونخب، فبعد ان كان احد اهداف انشاء داعش واخواتها ارهاق الجيوش العربية في رمال الجماعات الارهابية المتحركة التي ستقضي على قوة هذه الجيوش وتنهيها، أصبحنا اليوم في مرحلة اعادة تصويب بوصلة هذه الجيوش نحو الكيان الاسرائيلي وهو ما بات يقلق "اسرائيل" اكثر من اي وقت مضى.
الانتصارات في العراق وسوريا ستمضي على قدم وساق ولن تحد من بريقها المؤامرات ولا محاولات التعطيل، كما ان داعش باتت في خبر كان باعتراف الاطراف المتنازعة، وهذا ما تظهره سياسة الاطراف الاقليمية والدولية على الساحة. لكن هل تنتهي داعش من العراق وسوريا الى الأبد، ام ان مسرحا جديداً باسم ولون جديدين سيظهر في الايام القادمة لينفذ اجندة اخرى لمصالح من يرعى ويمول هذا الجماعات؟ لنرَ..
 

المصدر: شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع