مر أسبوع تقريباً على مواجهات المقدسيين والاحتلال على خلفية إغلاق المسجد الأقصى لمدة ثلاثة أيام. ومن ثم اعادت سلطات الاحتلال فتح المسجد ولكن بشروطها، فزرعت كاميرات داخل باحات المسجد وبوابات الكترونية على مداخله. هذه الإجراءات اتت بعدما نفذ ثلاثة فلسطينيين من مدينة ام الفحم المحتلة عملية فدائية داخل باحات المسجد الأقصى، قتل فيها اثنان من قوات الاحتلال واصيب آخرون.
يذكر انه ظهرت في المدة الأخيرة في الساحة الإسرائيلية حالة “إصرار” للاستيلاء على القدس وإعلانها عاصمة “إسرائيل”. ومنذ انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب حتى يومنا هذا لم تهدأ “إسرائيل” في محاولة منها لإقناع امريكا بنقل سفارتها إلى القدس، ومنها تنطلق إسرائيل بتنفيذ خطتها لجعل القدس العاصمة السياسية لدولة الاحتلال. طبعاً ترامب “الذكي” لم يوافق الصهيوني حتى اليوم، لأسباب تتعلق بعلاقات البلدين وليس كما يقول المثل “ع سواد عيون العرب”.
لم يكن هناك ترحيب او تغطية عربية لعملية القدس هذه المرة، لأسباب منها “شرعية” تتعلق بقدسية المكان، فاطلقو على العملية الفدائية اسم “إعتداء في مكان مقدس”، والبعض الذي اعتدنا أن نسمع تأييده لفلسطين وقضيتها على منبره ولو فقط “كلامياً” قرر هذه المرة ان يلتزم الصمت لأسباب ليس لها ترجمة فعلية.
المشكلة هنا ان للأقصى في الدين الإسلامي مكانة خاصة إذ يعتبر اولى القبلتين وثالث الحرمين، وكل مسلم يطمع في أن يصلي داخل الأقصى “إذا استطاع اليه سبيلاً”. والمتعارف عن دول العالم الإسلامي أن شعاراتها “الرنانة” رددت لأعوام شعارات مثل “عالقدس رايحين شهدا بالملايين” وما شابه، وعندما اتى اليوم الذي “تستنكر” فيه هذه الدول الاحتلال الفعلي للأقصى صمتت.
وهنا نسأل انفسنا: هل فعلياً العرب لا يستخدمون اسم فلسطين وقضيتها إلا “لغاياتهم الخاصة”؟ هل دول “العالم الإسلامي” تحولت لدول علمانية وحذفت الأقصى من مقدساتها؟ واخيراً هل دول “العالم الإسلامي” اهدت الأقصى للإسرائيلي كما اهدى العرب فلسطين عام ١٩٤٨؟
للاسف أصبح واضحاً أن فلسطين لم تعد قضية الأمة العربية، ولم تعد على أجندة اي دولة عربية، بل أصبحت قضية “إذا احتجنا لشعبية سنتحدث عنها”، ولم يعد للأقصى مكانة إسلامية، بل أصبح مجرد مبنى حجري قديم كأي مبنى آخر، وهذه المرة كما قال صديقي المقدسي فهمنا لعبة العرب و“إسرائيل”، وفقط نحن سنحرر أرضنا، كفاهم كذباً علينا، أشبعونا شعارات وكلام منابر. سنحررها نحن بالسكين والحجر، ومبارك عليهم اهدافهم الصهيونية.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع