في كل مرة يخرج فيها السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي خطيبا، تحتشد في الذهن مشاعر جميلة من الفخر والثقة والاعجاب وصور عديدة عن الصمود وعن المقاومة وعن المصداقية. فلا يمكنك ان تنظر في ملامحه ولا ترى صدق القول في كل ما ينطقبه، ولا يمكنك ان لا تكتشف حجم الوعي المقاوم في كل كلماته، وقدرته الجميلة، رغم جراح الحرب، على ربط ما يجري في اليمن، بل ما يجري على اليمن، بكل مفاصل الصراع مع الاميركي وعلى امتداد بقعة هذا الصراع التي تتسع وتصل الى كل بيت وتفرض بذلك على الجميع ان يحددوا موقعهم منه ودورهم فيه، قولا وفعلا، بحيث يصبح ادعاء الحياد وهماً او خيانة.
من الجرح اليمني النازف، من الارض التي تنبع مقاومين وتوجع العدو السعودي الصهيوني رغم المجازر التي تشهدها، خرج هذا البطل ليقول ان المقاومة اليمنية هي حليفة المقاومة اللبنانية والفلسطينية.. بكلام اخر، رغم "سعودية" الطائرات التي تقصف الآمنين في اليمن، عرف هذا الاصيل كيف واين يوجه كلامه، وفعله. هو يدري ان اليد السعودية انما تتحرك بأمر الدماغ الاميركي، ويدري ان ما يؤلم هذا الدماغ هو فقط ان يتّحد السلاح المقاوم متوجها الى رأس الافعى.. وهو يعني ما يقول تماما، لذاك كان صدى خطابه مدويا، مفزعا وحقيقيا الى ابعد الحدود.
منذ بداية العدوان الاميريكي-السعودي على اليمن، راهن الكثيرون على انكسار المقاومة اليمنية.. راهنوا على اضعاف الثقة الشعبية بالمقاومين اليمنيين. وظن الكثيرون، كما ظنوا في حرب تموز، ان الهمجية وقصف المدنيين سيضعفان من الاحتضان الشعبي لحالة المقاومة ولسلاحها ومشروعها. الا ان رياح الحق لا تجري بما تشتهي سفن العمالة والارتهان.. على العكس، ما انتجته وتنتجه هذه المرحلة من الحرب، هو اسقاط الحدود التي صنعها الاستعمار وكرستها الانظمة المتعاملة والموظفة لدى المستعمرين، وان تبدلت الاسماء واشكال الاستعمار. اليوم، يدرك السوري واليمني والفلسطيني واللبناني والعراقي والمصري وكل عربي اننا جميعا نعيش صراعا واحدا مهما اختلفت وجوه العدو وادواته. فالطيار السعودي الذي يقصف الابنية في اليمن هو نفسه الجندي الصهيوني الذي يطلق النار على الفلسطينيين وهو نفسه "الداعشي" الذي يقتل ويذبح ويسطو ويغتصب في العراق وهو نفسه "المعارض" الذي يقتل ويعيث فسادا ودمارا في سوريا تحت مسميات عديدة (داعش_التصرة_السوري الحر).. هو نفسه "الاخونجي" الذي يقتل قبطيا في مصر.. وهو دائما الاداة التي يستخدمها الاميريكي العدو في محاولته للسيطرة والهيمنة والنهب في بلادنا التي لولا الخونة فيها لما تجرأ عليها مستعمر..
قال السيد الحوثي خلاصة الكلام، كل الكلام، في موقف صادق الى الحدّ الذي زرع الفرح في كل قلب عربي وجهته القدس.. الى الحد الذي شابه بنقائه ياسمين الشام ومياه بردى.. والى الحد الذي رسم على ثغر لبنان ضحكة عزّ تعرف طعم الانتصار. من خاصرة الجرح اليمني المقاوم، سطع خطابه أمس شريفا قويا مسلحا بالحق، وبروح تدرك ان المقاومَ منتصرٌ، لا محالة.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع