ليس جديدا تركيز الاعلام العربي والغربي على أعداد شهداء المقاومة وليس أعداد قتلى الجهة المقابلة مهما كانت خسائر هؤلاء كبيرة، واليوم ومنذ بدء حملة قلع ما تبقى من عناصر ارهاب في جرود عرسال والقلمون الغربي لاحظنا تركيز قنوات ومواقع غربية واخرى تابعة لجهات اقليمية على عدد الشهداء. ورغم ان المقاومة كما قال امينها العام لا تخجل بعدد شهدائها بل تعلن عنهم وتفخر بهم وفي هكذا معركة من المتوقع سقوط شهداء وهو يبقى محدودا نسبة الى طبيعة المعركة وميدانها وانجازاتها وهدفها، الا ان هذه الحملة ارادت التقليل من قيمة هذا الانجاز دون جدوى. وشهدنا بموازاة صوت الرصاص اصواتا واخبارا موجهة و”هاشتاغات” مختلفة حاولت ضرب الروح المعنوية ولكنها كشفت ان هناك من هو متضرر من القضاء على مشروع ارهابي ويتناسى ان عناصر هذا المشروع كانوا يعيثون قتلا وتفجيرا.
في الصورة المقابلة
لكن في المقابل استمرت المقاومة في عملها غير آبهة بكل الاصوات وواعية لمسارها، واستمر الشعب المقاوم من الجنوب الى البقاع وبيروت وكل لبنان من الشرفاء غير ابهين بكل الاصوات واهل المقاومة لم يبخلوا بابنائهم وهم كلما ارتقى من بينهم شهيد يزدادون عزما.
بل بمقابل حملة التضليل على وسائل التواصل وحملة التأثير على النفسية والمعنويات فقد رأينا الالتفاف الضخم خلف المقاومين في حملة شعبية قل نظيرها واطلاق هاشتاغات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة تؤشر الى الوفاء للمقاومين والشهداء، وكان التفاعل معها كبيرا وواضحا وغير محدود ولا يزال مستمرا. كان الكثير من المواقف الشعبية ومن شتى الطوائف منحازا وجدانيا لرجال المقاومة ، فبدا ان هناك ما يقارب اجماعا وطنيا على دور المقاومة الذي تقوم به في معارك الجرود.
ظهر التفاف واسع شعبيا خلف المقاومة، وعند مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي نرى هذا الاجماع من كافة الجهات وبدا انه اتسع في مجاله عن احداث سابقة وهذا كان علامة فارقة واضحة بموازاة معارك الجرود، فكان الدعم للمقاومين والجيش في دورهم الوطني حتى بدت المواقف السياسية المعترضة او بعض وسائل الاعلام “المنددة” كأنها تصرخ وحيدة في الوادي، وبدا من يقوم بحملة هنا وهناك شاذا عن قاعدة الاجماع ويمثل فئة ضيقة وقليلة من اللبنانيين الذين خرجوا على شتى المنابر متضامنين وداعمين.
بل واللافت اننا وقفنا ايضا على تغييرات في مواقف وسائل اعلام معروفة بعدم تاييدها للخط المقاوم، فكانت العديد من التقارير ومقدمات النشرات الاخبارية والمقالات لافتة في هذا السياق في دعمها المعركة ضد الارهاب ومدحها المقاومين. وحتى من داخل الفئة السياسية المعترضة صدرت مواقف متناقضة ومتضادة، فأيد بعضهم الحملة في الجرود، وظهر من داخل هذا الطرف السياسي تشتت فلم يكن هناك اجماع على رفض معركة الجرود.
وحّدت معركة الجرود التي تشارف على نهايتها بوجه جبهة النصرة، الكثير من الفئات اللبنانية خلف المقاومة والجيش، وهذا كان من نتائجها المهمة على الصعيد الوطني والشعبي والسياسي، التي تضاف الى النتيجة الاساسية وهي اجتثاث الارهابيين من الجرود والحدود وحماية الوطن، وتكون الصورة أنصع وأبهى اذا كان الوطن المحمي موحدا ومتضامنا وواعيا.