يبدو أن الاحتلال السرطاني قد اعتاد على المُضادات وتمكن من كسر النمطيّة في التعامل معها، ونجح في تجريد الضفة من السلاح بقبضته الأمنيّة، إضافة إلى شلّ حركة القيادات الوطنية التقليدية ما بين اغتيال وأسر وتحديد صلاحيات، بمؤازرة أوسلوية.
وما كاد الاحتلال يكسب الرهان على نجاح قبضته ويظن قدرته في طمس الوعي متجاهلاً الأحداث الطارئة باعتبارها ظرفية وعابرة، حتى بدأت سياسة الذئاب المنفردة بأخذ صفة متجددة ومقبولة في الشارع الفلسطيني حيث أصبح لها حاضنة شعبية، إذ إن أي طعنة سكين أو رصاصة كارلو (سلاح الفقراء) تحتاج توضيحات من حكومة العدو لشعبها، مسببة إحراجا متكررا للكيان. هذه السياسة هي العمليات الفرديّة التي فرضت معادلات جديدة وتراكمية ذات "جدوى مستمرة" ومنهجية في خلق حالة شعبوية تحت اطار فليمت الذيب بطلاً وليفنَ قطيع الغنم. تلك الحالة لن تطول حتى تأخذ صبغة عامة وتصبح اداة جديدة لإعداد ثورة لا يمكن إعدامها دون إحراز أهداف كثيرة.
اليوم، شاء من شاء وأبى من أبى، الفضل كل الفضل لتراكمات نضالات الذئاب المنفردة التي تضرب بعفوية قد لا تكون جليّة التنظيم أو جسيمة الإنجازات، في إضفاء حالة وعي عالٍ في الأحداث الأخيرة في القدس، بعد العملية البطولية الفردية لأبناء الجبّارين، والتي على أثرها تذرع الاحتلال بها حجة واهية في وضع البوابات الإلكترونية والكاميرات والأجهزة المُسرطنة، متنقلاً من استعمار إلى محاولة استحمار. لكن هنا تجلت الجدوى في رفض الإجراء تلو الإجراء والمواجهة المستمرة التي قد تميل إلى الهدوء بعد زوال الإجراءات، إلا أنها قادت الجميع لحقيقة حتميّة، أن ليس ما يقوم بهِ العدو انتهاكا، فـ"إسرائيل" بحد ذاتها انتهاك يجب انهاؤه.
الشعب الفلسطيني شبّ وشاب على المقارعة وسيعرف الخلاص لا مناص، والبأس العظيم في فلسطين الولّادة دائماً لأشكال الثورة وحالاتها لسبب واحد هو تجييش كل ذئابها وأبطالها لدحر قطعان المستوطنين، لا يزال مستمراً حتى زوال السرطان.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع