كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله التي ألقاها عبر الشاشة حول مجريات معركة جرود عرسال 26-7-2017
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
حديثي هذه الليلة معكم له موضوع أساسي وهو المعركة الدائرة حالياً في جرود عرسال، وكانت في جرود فليطة، من باب التوصيف والتعليق والتوضيح ورسم المسار وإلى أين نحن ماضون؟ إلى أين سنصل؟ ما هي الخيارات الفعلية الآن؟ وماذا بعد؟
لكن قبل أن أدخل إلى الموضوع الأساسي في حديث الليلة اسمحوا لي أن أذكر بعض النقاط السريعة.
أولاً: من موقع المقاومين والمقاومة نتوجه بالتحية والإجلال والإكبار إلى المقدسيين، إلى أهل بيت المقدس، إلى المرابطين في بيت المقدس، إلى أهل القدس، وإلى أهل الضفة الغربية وإلى كل الفلسطينيين الذين تدفقوا إلى المدينة القديمة ليدافعوا عن المسجد الأقصى، عن هذا المكان المقدس، وليفرضوا انتصاراً جديداً في الحقيقة. ما شاهدناه هذه الأيام هو انتصار من المفترض أن يكتمل، أن يفرضوا على العدو إزالة البوابات الإلكترونية والإجراءات الجديدة التي تريد أن تفرض سيادة العدو الإسرائيلي على المسجد الأقصى بحضورهم، بصلواتهم، بتكبيراتهم، بقبضاتهم العزلاء، بصدورهم التي تواجه الرصاص والقنابل صنعوا هذا النصر، وهذه تجربة جديدة على كل حال من تجارب الخيارات المقاومة الشعبية سواءً في بُعدها العسكري أو في بُعدها المدني.
ثانياً: أود أيضاً أن أتوجه بالشكر، الأخ العزيز القائد السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي في خطابه قبل أيام أعلن وبوضوح وبدون مجاملة وقوفه وجميع المجاهدين والمقاومين والمقاتلين في اليمن المظلوم والغريب إلى جانب لبنان، إلى جانب سوريا، إلى جانب فلسطين في أي مواجهة مع العدو الإسرائيلي وفي هذا تأكيد لمعادلة القوة التي تريد أمتنا وشعوب أمتنا وحركات المقاومة في أمتنا أن تكرّسها وتؤكدها، له كل الشكر ولكل الأعزاء والصابرين والثابتين في اليمن الشريف، وطبعاً يجب الإشادة في الحقيقة، الآن نحن في لبنان كنا مشغولين قليلاً بجرود عرسال والوضع الأمني في البلد لا يسمح أن نقوم بتحركات شعبية لائقة ومناسبة بما يجري في القدس ولكن على امتداد العالم العربي والإسلامي هل وجدتم مسيرة تضامن مع القدس، مع الأقصى، مع الشعب الفلسطيني، مع المقدسيين؟ أضخم وأكبر وأهم من المسيرات الشعبية في اليمن، أنا دائماً أحب أن أذكر بهذا الموضوع وأدعو إلى إعادة النظر من كل من له موقف خاطئ في ما يجري في اليمن، أن يعيد النظر في موقفه.
ثالثاً: هذه الأيام هي أيام الذكرى السنوية لحرب تموز، لعدوان تموز، للانتصار العظيم، وطبعاً كلنا نواكب ونتابع ونحمل مشاعر هذه الأيام، لكن الليلة أنا لن أتحدث، فقط أحببت أن أشير وسأترك الكلام في هذه المناسبة العظيمة إلى الاحتفال الذي سيقيمه حزب الله إن شاء الله في مناسبة الرابع عشر من آب.
رابعاً: بعد أيام قليلة واحد آب عيد الجيش اللبناني، وبهذه المناسبة أيضاً، عيد الجيش، الذي هو شريك وعمدة المعادلة الذهبية والمعادلة الماسية، أتوجه إلى قيادة الجيش، إلى ضباطه ورتبائه وجنوده وشهدائه وأسراه وعائلاتهم جميعاً بالتهنئة والتبريك في هذا اليوم السعيد والعيد الكريم.
وكذلك هو عيد وطني للجيش العربي السوري الذي أيضاً أتوجه إلى قيادته وضباطه ورتبائه وجنوده وشهدائه وجرحاه وإلى كل المضحين بالتبريك بهذه المناسبة.
خامساً: أنا اليوم لن أرد على تصريحات الرئيس الأميركي ترامب وتصريحات المسؤولين في الإدارة الأميركية فيما يتعلق بحزب الله، تسهيلاً لعمل الوفد الحكومي الرسمي الموجود هناك ولعدم إحراجه، والأيام أمامنا قادمة، إن شاء الله يعود الوفد بسلامة وعندنا مناسبات نتكلم فيها ونُعلق فيها إن شاء الله.
والنقطة الأخيرة قبل الدخول إلى الموضوع، فيما سأعرضه في الموضوع الأساسي، أنا لا أريد أن أدخل في سجال مع أحد ولا أريد أن أدخل في نقاش عقيم مع أحد ونستهلك أنفسنا وأعصابنا ونستهلك أوقاتكم الكريمة، سأذهب إلى عرض القضايا بشكل إيجابي ومسؤول وهادئ، الآن هناك بعض الناس أكيد يكونون متوترين نتيجة بعض المواقف أو بعض الكلمات وبعض البيانات ويتوقعون هكذا باللغة الشعبية " أنو السيد الليلة بدو يفشّ لنا خلقنا"، أنا لا أريد أن "أفش خلق حدا" نحن لسنا في معركة "فش خلق"، نحن في معركة مسؤولة تنزف فيها دماء شريفة وتحصل فيها تضحيات ويُصنع فيها مصير بلد، فلنتكلم بمسؤولية.
إذاً الموضوع الأساسي هو المعركة الدائرة الآن في جرود عرسال وفليطة.
كالعادة أنا سأقسمها إلى عناوين:
العنوان الأول: هدف هذه المعركة. هدف المعركة الحالية، الدائرة الآن، هو إخراج المسلحين والجماعات المسلحة من المنطقة التي تسيطر عليها جبهة النصرة سواءً كان في جرود فليطة أو في جرود عرسال، يعني في الأرض السورية أو في الأرض اللبنانية. الآن لماذا نسعى إلى هذا الهدف؟ شرحنا كثيراً مخاطر تواجد هذه الجماعات المسلحة في هذه الجرود على لبنان وعلى سوريا وعلى الجميع، أنا لا أريد أن أعيد لأن هناك كثيراً من الكلام نريد أن نقوله، ولكن للذي ما زال عنده نقاش أو سؤال أو تردد أنا أُحيله ليسأل - لأن هذه معركة محقة، أنا أقول هذا حقٌ واضح بينٌ مشرقٌ لا لبس فيه، لا ريب فيه، هذه المعركة - يمكن لأي أحد متردد أن يذهب ويبدأ من الهرمل، يسأل أهل الهرمل الذي سقطت عليهم الصواريخ والسيارات المفخخة، يُكمل إلى قرى الهرمل يذهب إلى القاع، إلى الفاكهة، إلى رأس بعبلك، إلى عرسال، إلى اللبوة، إلى النبي العثمان، إلى البزالية، إلى مقنة، يونين، نحلة، الجمالية وصولاً إلى بعلبك ومن خلفها كل البقاع، ويسأل، يذهب إلى المناطق التي ضُربت بالسيارات المفخخة، التي سقط فيها شهداء وهناك جرحى ما زالوا يعانون الجراح، والمناطق التي كان يحضّر لاستهدافها على مدى السنوات والأشهر الماضية بعمليات انتحارية جديدة، يسأل هؤلاء وبعد ذلك يُجاوب نفسه، لماذا يجب أن نخرج لتحقيق هذا الهدف؟
هذا أولاً إذاً بهدف المعركة.
ثانياً، في توقيت المعركة. أساساً هذه العملية هي عملية مؤجلة من 2015، نحن في عام 2015 استعدنا جزءاً كبيراً من الجرود في الأراضي اللبنانية وفي الأراضي السورية، وصولاً إلى الحال الذي كنا عليه قبل يوم الجمعة الفائت، وتأجلت هذه المعركة التي كان ينبغي أن تحصل. السؤال هو ليس لماذا الآن؟ السؤال لماذا تأخرتم؟ طبعاً الذي أكد على هذه التوقيت هو ما انكشف في الأشهر الماضية من أنه فعلاً عادت الجرود تتحول إلى قواعد مجدداً تؤوي انتحاريين ويُعتمد عليها في تأمين الأحزمة الناسفة وفي العبوات الناسفة وفي السيارات المفخخة، بعد أن فشلت كل الخلايا التي شُكلّت في الداخل اللبناني ببركة جهود الجيش والأجهزة الأمنية الرسمية. هذا يشكل عندنا حافزاً أن هذا الموضوع لم يعد هناك مصلحة أن يؤجل، نحن اتخذنا هذا القرار. بالتأكيد بالنسبة للبعض هذا الموضوع إشكالي، أنا أحترم اختلاف وجهات النظر في هذه المسألة، لكن أحب أن أؤكد أن هذا ليس قراراً إيرانياً، ليست إيران التي قالت لحزب الله اذهب إلى جرود عرسال وفليطة، وليس قراراً سورياً أيضاً، حتى في فليطة. نحن اتصلنا بالقيادة السورية وتحدثنا معهم وطلبنا مساعدتهم في هذه المعركة، وإلا لو بقوا هم وأنفسهم فأولويتهم في القتال بأماكن أخرى وجاءوا معنا على القتال في الأرض السورية التي تحتلها جبهة النصرة.
إذاً هذه قرار ذاتي داخلي ليس له علاقة بأي جهة إقليمية ولم يُدرس ولم يُناقش ولم يُخطط ولم يُقرر في أي مكان آخر. من أجل المحللين السياسيين، أنا أريد أن أقدم وقائع، ونحن أيضاً كنا نعد لهذه المعركة منذ الشتاء الماضي. تكلمنا بها كفكرة، بدأنا بالتخطيط نظرياً مع بداية الربيع، الاستطلاع وجمع المعلومات، التحضير اللوجستي، التحضير البشري، وأيضاً إنجاز الخطط، وكنا أيضاً بين خيارين: إما قبل شهر رمضان واحتمال أن تتمدد لشهر رمضان، واحتمال بعد شهر رمضان، ففضلنا أن نلجأ الى الخيار الثاني، لذلك، التوقيت ليس له علاقة لا بجنيف ولا بمؤتمر استانا وأيضاً ليس بلقاء بوتين وترامب وأيضاً لا بالعلاقات الايرانية الامريكية ولا بمناطق تخفيف التوتر وايضاً ليس بدرعا وليس بالأزمة الخليجية القطرية، وأيضاً ليس بما يجري في القدس وليس له علاقة بشيء، لأنه سابق على كل هذه الأحداث، لذلك يجب أن يريحوا أعصابهم ونحن نقدم لهم حقائق ووقائع. وفي جميع الأحوال، الشخص الذي لديه أدنى معرفة بالرؤية العسكرية وشؤون القتال يعلم أن هذه المعركة لا يؤخذ بها قرار قبل يومين وتصعد القوات للقتال ويحققون هذا الإنجاز بسرعة. لذلك فإن هذه المعركة تحتاج إلى تحضير على مدار أشهر بالحد الأدنى، وهذا يؤكد أنها غير مرتبطة بأي وقائع وأحداث وتطورات سياسية حصلت في الآونة الأخيرة.
ثالثاً: في مجريات المعركة، طبعاً نحن منذ البداية قلنا إن الميدان سيتحدث عن نفسه، ولذلك طوال الأيام الماضية لم أظهر ولم يظهر أحد من المعنيين ليشرح على التلفزيون او لكي يقوم بعقد مؤتمر صحافي، الميدان وما كان يصدر عن الجهات الاعلامية المعنية كان يقدم الحقائق والوقائع دون أن يقدم أي تحليلات ولا تفسيرات ولا شيء من هذا النوع.
اسمحوا لي في هذا العنوان لأن هذا العنوان مهم جداً أن أدخل إلى تفاصيل في مجريات المعركة:
اولاً: في ميدان المعركة الجغرافي: الجميع شاهد على الشاشات، لأننا لا نتكلم عن جبهة غير مرئية، الناس جميعهم يستطيعون الجلوس أمام التلفزيون ويشاهدون المنطقة التي دارت بها هذه المعركة، هي منطقة في المساحة ما يقارب المئة كيلومتر، الأرض التي كانت تسيطر عليها جبهة النصرة سواءً في جرود فليطة أو في جرود عرسال، هذه المئة كيلومتر مربع، هذه المساحة ليست سهل، وليست صحراء، هذه منطقة جبلية تصل فيها بعض الجبال إلى علو ألفين متر وأكثر. يوجد بها جبال وتلال عالية ووديان وهي جرداء. والذي لديه أدنى معرفة عسكرية يعلم أن القتال في هذه المنطقة هو من أصعب أنواع القتال على الإطلاق.
النقطة الثانية في هذه الجبال وفي هذه الوديان وفي هذه التلال، يوجد عدو في وضعية دفاع ومحصن، وبالتالي الشخص الذي يكون في وضعية الدفاع والتحصين له نوع من الأرجحية، خصوصاً انهم سكنوا سنوات في هذه الجبال التي يوجد بها عدد من الكهوف والأنفاق.
أصلاً الوضع الطبيعي فيها تضاريس طبيعية أكبر من أي متراس أو خطوط دفاعية يمكن أن يعملوها ويستحدثوها وطبعاً ليس لديهم أدنى مشكلة بالعديد وايضاَ ليس بالوضع المعنوي والنفسي.
هذه عائلاتهم بالقرب منهم في المخيمات يستطيعون النزول والصعود، وهم مرتاحون، ولديهم السلاح والذخيرة وإمكانات ومواد غذائية وطبية، وهذا بحث يطول.
ثالثاً: الإخوان المقاومون هم في موقع الهجوم، وبالتالي هم الذين سيتحركون وهم مكشوفين ومستهدفين، والعدو يستحكم وكما ذكرنا جبال ومناطق جرداء وصعبة، وبالتالي يجب أن تمشي سيراً على الاقدام، وكما شاهدتم على التلفاز، يصعدون إلى الجبال سيراً على الاقدام، وينزلون الى الوديان سيراً على الأقدام. أغلب المنطقة ستكون سيراً على الاقدام، ومن بعدها يمكن الاعتماد على بعض الاليات عندما نصل الى أماكن معينة. هذه ايضاً من الصعوبات التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار.
كذلك لم يكن عامل المفاجأة موجوداً، لأننا منذ أشهر قلنا ونقول ونخطب ونتكلم ونعرض تسوية، وأيضاً نعرض معالجة الموضوع من خلال تسوية معينة تُنهي وجود المسلحين في الجرود وتضمن حقوق النازحين وتخرج المسلحين إلى إدلب في سوريا بالتوافق مع القيادة السورية، وإلا سوف نذهب إلى خياراتنا، وهذا لم يكن سراً في البلد. وهذه نقطة مهمة. 
لكن بفضل الله سبحانه وتعالى ومن مجموعة عوامل سوف أذكر بعضها وفي الأيام القادمة سوف أذكر البعض الآخر، منها الخطة، حيث كان هناك خطة محكمة وجيدة ومدروسة ومحسوبة جيداً بالاستفادة من كل التجارب التي خاضها قادتنا العسكريون ومجاهدونا حتى اليوم والالتزام بالخطة، أيضاً القيادة العسكرية والميدانية التي لديها تجربة متقدمة كان عندها هدوء بإدارة المعركة. أيضاً شجاعة وإقدام المقاتلين وروحيتهم العالية وانضباطهم، والملفت هو الحماس الشديد، الحماس العالي و"الأريحية": يمزحون ويضحكون ويتكلمون وببركة تضحياتهم وعلى رأسهم الشهداء والجرحى الأعزاء والكرام، طبعاً هناك عوامل سوف أعود اليها بعد قليل.
آن الاوان أن اتكلم معكم، أستطيع القول إننا بتنا أمام انتصار عسكري وميداني كبير جداً، وتحقق في الحقيقة خلال 48 ساعة، يعني في أول يومين أصبح هناك تحوّل كبير في الجبهة، وبعدها أصبحنا نتقدم قليلاً قليلاً. هذا الانتصار طبعاً فاجأ الجميع. هذه المنطقة الصعبة والتي تكلمت عنها قبل قليل والذي تحقق بهذه السرعة وبأقل كلفة ممكنة على مستوى الشهداء والجرحى، وبهذه الدقة، طبعاً، هذا إنجاز كبير ومهم جداً يجب التوقف عنده.
النقطة الرابعة في عنوان مجريات المعركة، في جرود فليطة المعركة كانت مشتركة، يعني نحن والجيش العربي السوري قاتلنا هناك كتف الى كتف وسقط لنا ولهم شهداء وجرحى وتم تحرير كامل جرود فليطة، ونستطيع القول في الارض السورية لم يعد هناك تواجد لجبهة النصرة.
بطبيعة الحال في بعض الوديان إلى هذه اللحظة هناك إشكال حولها ما إذا كانت سورية او لبنانية، يعني لا يوجد فرز للحدود. بشكل عام لكن يستطيع المرء أن يتحدث عن هذه النتيجة.
النقطة الخامسة في الأراضي اللبنانية، ما قام به الجيش اللبناني أيضاً في محيط عرسال وجرود عرسال وعلى امتداد خط التماس كان أساسياً جداً في صنع هذا الانتصار وفي صنع هذا الانجاز.
أريد أن أتحدث عن الوقائع: الجيش اللبناني ضمن مسؤولياته القانونية موجود على خط طويل من التماس مع الجماعات المسلحة.
في البداية نريد ان نتحدث بما يبين ثمرة هذا الجهد، وهو إقفال خط التماس. في كل المنطقة ممنوع نزول المسلحين من الجرود وممنوع الصعود إلى الجرود من خلال خطوط ونقاط ومواقع الجيش اللبناني ولذلك أي مجموعات حاولت أن تتقدم باتجاه عرسال أو باتجاه خطوط تواجد الجيش اللبناني كان يتصدى لها ويقوم بضربها.
ثانياً بمعزل عن هذه الحركة، الجيش وخلال بيانات متعددة أعلن أنه ضرب أهدافاً للمسلحين في تلك المنطقة انطلاقاً من حيثيات معينة ولذلك شعر المسلحون أنهم ليسوا في أمان. والمعركة ليس فقط مع المقاومة.
ثالثاً، الحماية الأمنية التي قدمها الجيش اللبناني لبلدة عرسال ولكل البلدات على خط التماس، لكن عرسال مميزة لأنها قريبة من الجبهة، وبالتالي تطمين أهلها واتخاذ الاجراءات والتواصل وعملية العلاقات العامة التي قام بها الجيش داخل بلدة عرسال ولدت جواً كبيراً من الاطمئنان، سواءً فيما يتعلق بأهل البلدة أو فيما يتعلق بالنازحين السوريين الموجودين في هذه البلدة، وبالتالي تحييد بلدة عرسال عن أي اشتباك أو إشكال، أراح البلدة وحماها، وكذلك البلدات الأخرى. هذا كان عاملاً أساسياً وحاسماً وقطع الطريق على كل مثيري الفتن الذي كانوا يراهنون على استخدام بلدة عرسال أو استخدام أحد ما في عرسال في هذه المعركة.
وفي هذه المواجهة أيضاً الجيش اللبناني قام بحماية النازحين السوريين ومخيمات النازحين وساعدهم، حتى المخيمات التي هي خارج سيطرته بوادي حميد وفي مدينة الملاهي فإنه حماها بجهوده وبتصديه الناري لأي حركة من جبهة النصرة باتجاهها. كما استطاع تأمين شكل من أشكال الحماية لها ومنع المسلحين من الاقتراب منها سواءً كانت داخل سيطرته أو خارج منطقة تواجده.
اذاً الجيش اللبناني من خلال وجوده وتحمل مسؤولياته وسهره في الليل والنهار استطاع ان يؤمن هذا السد المنيع وهذه الحماية المطمئنة ويهدئ كل النفوس ويجعل الجميع يتوجهون إلى المعركة الحقيقية.
النقطة السادسة بالمجريات يجب أن نتوقف ـلأننا نحن نحترم من يتصرف بمسؤولية ـ يجب أن نتوقف أيضا أيضا عند السلوك العقلاني والمسؤول لسرايا أهل الشام. هناك فصيل ـ لمن لا يعرف التفاصيل ـ هناك فصيل كان موجوداً وما زال موجوداً في جرود عرسال، كان موجوداً أيضاً وله مواقع في الخطوط الأمامية اسمه سرايا أهل الشام.
باليوم الأول هم شاركوا في القتال، وحدث قتال بيننا وبينهم كما حصل مع جبهة النصرة، ولكن لأنهم تصرفوا بعقلانية واستجابوا لنداء العقل وفهموا تماماً أن هذه معركة ليس لها أفق في الوقت الذي فتح الباب أمام حل وأمام تسوية تحقن دماءهم ودماءنا وتحمي الجميع وتنصف الجميع.
اتخذوا قراراً باليوم الثاني أن ينسحبوا من الخطوط الأمامية إلى مخيمات النازحين في وادي حميد وفي مدينة الملاهي ويتحملوا هم مسؤولية حماية أهلهم وعيالهم ومخيمات النازحين هناك، ونحن سهّلنا لهم هذا الانسحاب وأيضا توثقوا منا لأن نحن لدينا التزام ـ سأعود وأؤكد عليه بعد قليل ـ أن مخيمات النازحين في وادي حميد وفي مدينة الملاهي لن تمس ولا تمس، ومع ذلك وجودهم هم لحمايتها وحراستها كان عاملاً إضافياً في طمأنة النازحين ـ وهم بالآلاف ـ الموجودين هناك، لأن هذه المخيمات هي خارج نطاق تواجد ومسؤولية وسيطرة الجيش اللبناني.
هذا التصرف العاقل والمسؤول طبعاً يُشكرون عليه ويُحمدون عليه، ونحن لدينا التزام تجاههم، وأنا أؤكد علناً ـ لأن هذا التزام حصل كلامياً ـ أنه في أي توقيت نحن جاهزون، وتحدثنا مع القيادة السورية منذ مدة وهم موافقون على هذا الأمر، أنه في أي توقيت يجدونه مناسباً نحن ننسّق مع الدولة اللبنانية ومع الدولة السورية لخروج مسلحي سرايا أهل الشام بكرامتهم وبكل ما يلزم بما يتناسب مع التفاصيل التي يُتفق عليها ومع عائلاتهم وإخوانهم وأهلهم إلى حيث يحبون، وطبعاً إلى حيث تقبل الدولة السورية من خلال التنسيق معها، وهذا ليس فيه مشكلة.
نحن لدينا التزام على هذا الصعيد وحاضرون له في أي ساعة. الأمر يعود إليهم.
النقطة السابعة: في مجريات المعركة فيما يتعلق بجبهة النصرة للأسف قادة هذه الجبهة ومسؤولوها لم يصغوا إلى كل النداءات السابقة وانفتح لهم هذا الباب ونحن كنا جديين في هذا الموضوع وكان هذا هو الحل الأفضل والحل الأنسب.
نحن ـ وربما يقول بعض الناس أنتم مصرون على القتال لتصنعوا نصراً وتفتخرون به ـ نحن لا ينقصنا انتصارات أبداً، لا ينقصنا. نحن تضحيات الشباب ودماؤهم وأرواحهم وتحمّل الناس بالمنطقة أغلى عندنا من أي اعتبارات من هذا النوع.
لذلك نحن كنا جديين وعرضنا بالعلن والسر، لكن هم تصرفوا بعنجهية وبروح غير مسؤولة وربما أيضا ببعض تحليلاتهم الخاطئة اعتبروا أن كل هذا حرب نفسية لا يوجد معركة ولا قتال ولا من يحزنون.
ولذلك فوّتوا على أنفسهم هذه الفرصة. حتى عندما بدأت المعركة هم راهنوا، لأن أي عسكري يشاهد هذه المنطقة ربما يخرج برهان كهذا. هذا رهان ليس غير عقلائي عقلائي. الآن هناك معركة وهؤلاء شباب حزب الله قادمون، لكن هناك جبال وتلال وكهوف وأنفاق ومنطقة صخرية وجرداء إلخ.. نقاتلهم، نلحق بهم خسائر فادحة ونلحق هزيمة بحزب الله ونفشل هذه المعركة، ربما لأنه بطبيعة الحال ـ كما قلت قبل قليل ـ المعركة هناك صعبة.
بكل الأحوال، عندما سارت مجريات المعركة وسقطت المواقع الأمامية كلها وسرعان ما انهارت أعلى الجبال والتلال وأعقد العقد وأصعب الوديان، هم بدأوا بالانكفاء وبدأوا يخسرون الأرض، وفوق خسارة الأرض والمواقع وغرف العمليات والمقرات الأساسية هناك قتلى، وجرحى، وارتباك وتخبط بطبيعة الحال.
نحن نعتقد أن إصرارهم الذي كان على عدم الاستجابة للنداءات كان أمرا خاطئاً ولا أريد توصيفه بأكثر من هذا.
وبكل الأحوال الآن هم عملياً الآن، كما تحدثنا قبل قليل، خرجوا من جرود فليطا، بالمنطقة التي كانوا يتواجدون فيها من جرود عرسال، عملياً خسروا غالبية المنطقة، وتبقّى لهم عدة كيلو مترات مربعة، ولا أود الدخول بحسابات دقيقة 4 5 6 كيلو أقل أكثر، لأنه بالحقيقة لا يملك أحد جهاز مساحة ويمسح الأرض بدقة، لذلك ترون بعض التعليقات متفاوتة، لكن عملياً الآن هم أصبحوا في مكان ضيق: هنا يوجد وادي حميد ومدينة الملاهي، ومن ثلاث جهات: جهة لديهم حزب الله الذي يقاتلهم وما زال يعرض عليهم التسوية، ومن جهة لديهم الجيش اللبناني الذي يمنعهم من الدخول إلى المخيمات أو إلى عرسال أو إلى البلدات اللبنانية، ومن جهة ثالثة لديهم داعش التي ترفض أن تعينهم أو أن تستقبلهم إلا بعد إذلالها لهم، لأنه ـ كما تعرفون ـ بأدبيّاتهم النصرة يعتبرون داعش خوارج وكلاب أهل النار وقتلاهم في النار وما شاكل.
شرط داعش الأول، وهناك شروط أخرى، لكن شرطها الأول هو البيعة، مبايعة الخليفة البغدادي، وهذا طبعا مذلّ جدا لمقاتلي جبهة النصرة. وبكل الأحوال هم الآن وضعوا أنفسهم في هذا المكان الصعب.
النقطة الثامنة بمجريات المعركة: رغم ضراوة وصعوبة المعركة، قصف ومدافع وصواريخ وقتال واشتباكات وآليات واقتحامات، بقيت بلدة عرسال في مأمن، وطبعا هذا الفضل للجيش اللبناني، لكن حتى بالخطأ ـ لا أحد يتعمد أي شيء تجاه عرسال ـ المعركة بهذا الحجم وكان هناك سعي لئلا يُرتكب أي خطأ، وأي خطأ يمكن أن يحدث، بالنهاية تتحدث عن معركة وجبال وأودية وصواريخ ومدافع وقذائف كما يقال "إلا ما تشيح قذيفة يمنة وقذيفة يسرة" لكن هذا كان هناك حرص شديد أن لا يحدث ذلك.
وكذلك الحال فيما يتعلق بالمخيمات وفيما يتعلق بعرسال أنا أحب اليوم وأعيد وأؤكد ولا يوم من بداية الأحداث من سنوات ويوم كانت عرسال مستهدفة، ولا يوم كان أهل عرسال مستهدفين على الإطلاق، ولا يوم.
حاول البعض إثارة فتنة مذهبية ويا غيرة الدين ويا أهل السنة ويا أهل ما بعرف شو لكن كل هذا كان ظلماً واتهاماً غير صحيح على الإطلاق. والدليل مسار الأحداث خلال كل السنوات. حزب الله ومجاهدو حزب الله وشهداء حزب الله لا يريدون لعرسال ولأهل عرسال إلا الخير والأمن والأمانة والسلامة والكرامة، وإن شاء الله بأسرع وقت عندما تنتهي هذه المعركة نحن جاهزون، كل هذه الأرض التي تم استعادتها من الأرض اللبنانية جاهزون من اليوم الثاني ـ إذا تطلب قيادة الجيش اللبناني وتكون جاهزة لتسلم كل المواقع وكل الأرض ـ أن نسلمها إلى الجيش اللبناني.
نحن لا نريد أن نكون سلطة ولا نودّ خلق نفوذ وحضور عسكري ولا نريد فرض حالنا على أحد.
نحن أردنا أن نطرد هؤلاء المسلحين لما يشكّلونه من إرهاب وتهديد وخطر، وبالتالي نأمل ونحن نأمل أيضاً من قيادة الجيش اللبناني إن شاء الله في أقرب وقت ممكن أن تتحمل هذه المسؤولية، وأنا أعلن أننا نحن جاهزون لتسليم كل الأرض وكل المواقع التي دخلنا إليها حتى يتاح لاحقاً لأهل عرسال الكرام أن يعودوا إلى بساتينهم وإلى كسّاراتهم وإلى مقالعهم وإلى جرودهم.
أحببت التأكيد والطمأنة بهذه النقطة، كذلك في موضوع مخيمات النازحين لن نسمح أن تكون هدفاً، لن يقترب منها أحد، لن نسمح لأحد ان يقترب منها. هؤلاء وإن اختلفنا معهم بالسياسة أو لم نختلف لكن من الناحية الإنسانية والأخلاقية والدينية والشرعية وبكل الموازين لا يجوز التعرض لهم بسوء تحت أي سبب وتحت أي عنوان، حتى ولو كان هذا العنوان ظروف المعركة القاسية.
وأنا في كل يوم واليوم أيضا بالتحديد أبلغت الإخوة أنه يجب التشدد في هذه النقطة لأننا نخشى من دخول أحد على الخط لا سمح الله والقيام باستهداف النازحين وبالتالي تحويل هذا الموضوع في وجه المقاومة أو في وجه الجيش اللبناني وأخذ الأمور باتجاهات سيئة.
هذه في مجريات المعركة نعود للتسلسل الأساسي، كنا ثالثا.
رابعاً: الآن ماذا يجري وإلى أين نحن ماضون، لأن هذا هو السؤال الأهم. الآن كلّ ما تحدثنا به قبل قليل هو توصيف وعرض للواقع بالحد الأدنى من وجهة نظرنا. الآن ماذا يجري وإلى أين نحن ماضون.
في الوضع الحالي من أجل إنجاز الهدف لأن الهدف لا تنسوا بدأنا به بداية وهو إخراج كل المسلحين من هذه المنطقة التي كانت تسيطر عليها جبهة النصرة، العمل جارٍ على خطين:
الخط الأول في الميدان والخط الثاني في المفاوضات.
أولاً في الميدان: يستمر التقدم ولكن وهذا نتيجة إصراري أنا على الإخوة، وإلا تعرفون العسكر عادة يعتمدون عادة الفرص المتاحة والاندفاع ولديهم من الشجاعة ما يكفي ومن مشاهدة الميدان، ليس مثلي أنا البعيد، لكن بحسابات أخرى أنا أكدت على الإخوة أن يسيروا ويتقدموا بشكل مدروس ومحسوب وأن لا يعجلوا.
السبب في ذلك، السبب الرئيسي في ذلك هو الذي كنا نتحدث عنه قبل قليل، لما بقية جبهة النصرة، من بقي منها من مسؤولين وقادة ومقاتلين الآن باتوا محصورين في مساحة ضيقة جداً، وهذه المساحة هي قريبة جداً من مخيمات النازحين في وادي حميد ومدينة الملاهي، وهؤلاء يحاولون الإلتجاء إلى هذه المخيمات. بالتالي هنا العمل هنا يجب أن يكون دقيقاً جداً، حتى بعض أنواع الأسلحة التي كان يمكن أن تستخدم الآن بات استخدامها يجب أن يكون فيه احتياط إما ممنوع أو احتياط شديد لأننا لا نريد أن يحدث أي خطأ تجاه النازحين وباتجاه المدنيين. هذا يتطلب مسؤولية عالية في مقاربة المعركة بدقة وبحساسية وبشكل مدروس.
وأيضا نحن لسنا مستعجلين على شيء. عندما نسير بشكل مدروس وبشكل محسوب حتى الآن، نحن أنجزنا، مجاهدونا وقادتنا في الميدان أنجزوا انتصاراً وانجازاً عسكرياً وميدانياً كبيراً جداً بأقل خسائر ممكنة أو مفترضة أيضاً.
إذاً هذا الخط الأول هو خط العمليات، وهو متواصل وليس متوقفاً، متواصل في الليل وفي النهار، وأمره إلى الميدان، مع الأخذ في عين الاعتبار هذه الملاحظة.
هنا أريد أن ألفت وسائل الاعلام خصوصا المحبين والمتحمسين والمؤيدين، أن لا يحددوا لنا سقفاً زمنياً، لأننا منذ البداية لم نحدد سقفاً زمنياً، الآن صحيح الإخوة في غرفة العمليات قالوا إن المعركة شارفت على نهايتها، صحيح ، شارفت على نهايتها، ولكن هذا لا يعني بأن تعدوا لنا الدقائق والساعات والايام، وكأننا بتنا "محشورين"، كلا، نحن وقتنا معنا، لا ينبغي أن نستعجل، دماء إخواننا غالية علينا جميعاً، وحتى إعطاء فرصة، يعني هذا أحد الأسباب أيضاً لأن نأخذ وقتنا وأن نعمل بشكل مدروس، لأنه إذا أخذنا بعض الوقت للتوصل إلى تسوية من خلال المفاوضات تقضي بخروج هؤلاء المسلحين، طبعاً، ضمن شروط معينة وتفاصيل معينة، هذا أفضل.
نحن جماعة من البداية، من قبل يوم الجمعة واليوم وغداً وبعد غد، نريد أن نأكل العنب لا نريد أن نقتل الناطور، ولذلك طالما يوجد إمكانية أن تأكل العنب دون أن تقتل الناطور، لا يوجد داع للعجلة، ولا يحشرنا أحد.
يا إخواننا يا أحباءنا يا أصدقاءنا، إعلاميين سياسيين جمهور، اتركونا على راحتنا ودعوا الاخوة يديروا هذه المعركة بعيداً عن أي ضغط، من موقع المسؤولية والحرص على الدماء والإنجاز الأفضل والأسرع ما أمكن.
اثنين، إذا ذهبنا إلى خط المفاوضات، أمس بدأت مفاوضات جدية، قبلها كان كلام ليس له علاقة لا بالأرض ولا بالميدان، يعني أناس يتكلمون بعالم آخر، لكن أستطيع القول بأنه أمس، بدأت مفاوضات جادة. طبعاً، الذي يتولى المفاوضات هي جهة رسمية لبنانية، هي تتصل ضمن قنواتها، معنا لا تحتاج الى قنوات، وتتصل بمسؤولي جبهة النصرة الموجودين في جرود عرسال، من بقي منهم، وتقود مفاوضات ونقاشات لأنه في نهاية المطاف، هناك شيء ستقبل به الدولة اللبنانية ويوجد شيء ستقبل به الدولة السورية ويوجد شيء نحن معنيون أن نقبل به، لأننا نحن موجودون بالجبهة وفي الميدان، فلذلك الذي يقود المفاوضات الآن هي جهة رسمية لبنانية. يوجد جدية أفضل من أي وقت مضى، أنا شخصياً، أمس واليوم، لأول مرة أشعر بأنه هناك جدية ويوجد شيء من التقدم، لكن يوجد القليل من البعد عن الواقع، يعني قيادة جبهة النصرة، سواءً كانت في جرود عرسال أو في ادلب يجب أن تعرف أن الوضع الميداني الآن في جرود عرسال لا يجعل جبهة النصرة في موقع من يفرض الشروط، يعني هذه ملاحظة أساسية بناءً على الوقائع والميدان، وبالتالي الفرصة التي أضاعوها يوم الجمعة، الآن لا تزال متاحة، لكن الوقت ضيق، يعني اننا نفاوض والشباب يتقدمون، من يسبق الآخر؟ أنا لا اضمن شيء في هذا الموضوع، ولذلك الوقت غير متاح، الوقت غير مفتوح، والفرصة الآن متاحة إذا كانت جبهة النصرة سواءً في جرود عرسال او في ادلب مكان وجود قيادتهم حقيقةً جدية. يعني هؤلاء القادة والمسؤولون والأمراء والمقاتلون، عائلاتهم لا يقترب منهم أحد حتى لو كانوا أي أحد، يعني الذين قتلونا وأرسلوا لنا السيارات المفخخة وذبحوا جنود الجيش اللبناني، لا دخل لنا، لا بعيالهم ولا نسائهم ولا أطفالهم ولا أعراضهم، أبدا، نحن لسنا مثل غيرنا، لكن اذا كانوا حريصين على هؤلاء، الآن الفرصة متاحة والوقت ضيق، ولذلك هم مدعوون إلى جدية اعلى وأفضل مما شهدناه أمس وصباح هذا اليوم وطوال اليوم. طبعا التفاوض يجب أن يستمر مع الجهة الرسمية، نحن لسنا معنيين مباشرة بالتفاوض.
إذاً هذا الذي يجري الآن وهذا ما نحن ذاهبون اليه، الماضون اليه هو تحقيق الهدف وإنجاز المهمة.
الطريق الموصل الآن، هناك طريقان، من الأول كان هناك طريقان، لكن هم أغلقوا الطريق الاخر، الميدان والمفاوضات للتسوية، الآن الطريقان سالكان، ونحن نحاول أن نراعي بينهما على أمل أن نصل إلى النتيجة المطلوبة.
حسناً في كل الأحوال، أيها الإخوة والأخوات، أيها اللبنانيون جميعاً، وإلى كل من يسمع في عالمنا العربي والإسلامي، والى كل من يعنيه ما يجري عندنا في بلدنا لأنه ينعكس على بلدنا وعلى بلدان وشعوب المنطقة، أود أن أختصر وأقول نحن الآن أمام انتصار كبير ومنجز، وسيكتمل إن شاء الله، يعني لا زال لدينا هذه الخطوات الاخيرة، المسار هو مسار اكتمال بعونه تعالى وبتوفيق من الله عز وجل، إما بالميدان وإما بالتفاوض، وستعود كل هذه الأرض إلى أهلها، ستعود بساتينها وكساراتها ومقالعها وجرودها وسيأمن الناس جميعاً، من الهرمل إلى بعلبك إلى بريتال إلى النبي شيت إلى زحلة، إلى كل الأرض اللبنانية التي كانت هذه الجرود منطلقا للإرهابيين وللانتحاريين وللأحزمة الناسفة، وستطوى الصفحة العسكرية نهائيا لجبهة النصرة من لبنان، أقول عسكرية لأنه بالنهاية هم اسمهم تنظيم القاعدة في بلاد الشام.
في الحقيقة، التهديد الأمني سيظل قائماً ولا يمكن لأحد أن ينفيه، وهم حاولوا أن يعملوا عبر المطار، وأن يرسلوا أناساً من بلدان اخرى، ومثل ما رأيتم بالإعلام: يمنيين وخليجيين والى آخره، لكن الصفحة العسكرية ستطوى بشكل نهائي إن شاء الله، وهذا النصر المنجز والمحقق والذي ننتظر اكتماله يهديه مجاهدونا وجرحانا وعوائل شهدائنا، يهدونه إلى كل اللبنانيين، مثل العادة نحن هكذا، من ال 2000 وال 2006، إلى كل اللبنانيين وإلى كل شعوب المنطقة التي عانت وتعاني من الإرهاب التكفيري، من الإرعاب التكفيري، من الوحشية التكفيرية على امتداد منطقتنا، إلى المسيحيين بكل مذاهبهم وإلى المسلمين بكل مذاهبهم وطوائفهم، واسمحوا لي أن أقول وأن أذكر بأن من المسلمين الذين عانوا أكثر ما عانوا من هذا الارهاب التكفيري ومن حماقة هذا الارهاب التكفيري ومن مجازر ووحشية هذا الارهاب التكفيري هم أهلنا أهل السنة، سواءً في العراق أو في سورية أو في أفغانستان وباكستان.
كان الإرهابيون يدخلون إلى مسجد مليىء بالمصلين، إمام سني ومصلون سنة ويدخل انتحاري ويفجر نفسه، ويسقط 100 شهيد ومئات الجرحى. ويوجد أماكن 300 شهيد، وحصل كثيرا في باكستان والهند لأنه يوجد حشود كبيرة عادة بالمساجد أو بمراسم دينية وما شاكل.
على كلٍّ، نحن في معركة الارهاب، نعتقد إننا نقوم بواجبنا، لا نتوقع شكراً من أحد ولا تقديراً من أحد، إذا جُلدنا ببعض السياط، لا مشكل، نحتسبها عند الله سبحانه وتعالى، حسبنا أننا نقوم بواجبنا أمام ربنا وأمام أمتنا وأمام شعبنا وأمام أهلنا الذين يستحقون كل هذه التضحيات.
خامسا، بالعنوان الأساسي، ماذا بعد الانتهاء من ملف جبهة النصرة، هذا سؤال مطروح الآن، فيما يرتبط ببقية الجرود، لأنه لدينا بقية جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع وبقية المنطقة. سأدع الكلام في هذه النقطة إلى حينه إن شاء الله تعالى حينما ننتهي من ملف جبهة النصرة نعود ونتكلم.
سادساً قبل الأخير، يجب التوقف عند المستوى العالي والواسع من التأييد التي حظيت به هذه المعركة المحقة من القادة السياسيين، والدينيين، والأحزاب، والشخصيات الرسمية، وغير الرسمية، ووسائل الإعلام، والنخب الإعلامية، والثقافية، والإجتماعية، والفنية، وعلى المستوى الشعبي، والجماهيري، وأشكال التعبير المختلفة، التي شهدناها من شبكات التواصل الإجتماعي، من التبرع بالدم، من تقديم أشكال الدعم المختلف، البيانات، المواقف، التصريحات، الزيارات، زيارة أضرحة الشهداء.
على كل حال، لكل من أيد، وساعد، ودعم بكلمة، أو خط يد، أو دعاء، أو "هزة رأس"، أو إبتسامة، أو رضا قلب، لكل هؤلاء بدون إستثناء كل الشكر والتقدير.
أخيراً، إلى المضحين ـ الأن أريد منكم أن تسمحوا لي قليلاً، انا في حرب تموز تماسكت نفسي قليلاً، الأن أشتغلت جيداً قبل أن أخرج لكي أتكلم لأمسك نفسي، لأنني أتحدث كل شيء من القلب ولكن هنا أتحدث بمشاعر مختلفة ـ إلى المضحين كلهم، إلى الشهداء، أرواح الشهداء، عوائل الشهداء، الجرحى، عائلات الجرحى، المجاهدين، المقاومين في هذا الميدان، وفي كل ميادين المقاومة، والقتال، والتضحية، والفداء، ليس فقط الموجودين الأن في جرود عرسال، هذا خطاب إلى كل المقاومين، والمقاتلين، في كل الساحات وفي كل الميادين.
انا بحثت جيداً من أجل أن أقول خطاب كلمتين للجميع سوياً، تذكرت إننا في زيارة أئمتنا من أهل بيت النبي صلى الله عليه واله وسلم، نقول لهم في الزيارة فيما نقول في مقطع من الزيارة نصل إلى مكان ونقول لهم "بأبي أنتم وأمي ونفسي كيف أصف حسن ثنائكم وأحصي جميل بلائكم وبكم أخرجنا الله من الذل وفرج عنا غمرات الكروب وأنقذنا من شفا جرف الهلكات" وأنتم جميعاً ـ الخطاب إلى الشهداء، إلى الجرحى، إلى المقاتلين، إلى المقاومين، إلى كل أب، وأم، وزوجة، وعزيز، لهؤلاء ـ وأنتم ورثة هؤلاء الأئمة أنتم أحبائهم، أنتم السائرون على نهجهم، في كل إمرأة، وسيدة منكم، تسكن روح زينب عليها السلام، التي كانت تقول بعد كربلاء "ما رأيت إلا جميلاً".
في رجالكم إيثار العباس الذي رفض أن يشرب الماء وقال على شط الفرات " يا نفس من بعد الحسين هوني وبعده لا كنت أن تكوني"، وفيكم روح أبي عبد الله الحسين عليه السلام الذي عندما حاصره العالم ووضعه بين خيارين، بين الثلة، والذلة، قال كلمته للتاريخ وللقيامة "هيهات منا الذلة".
لذلك، لأنكم أنتم هكذا، إسمحوا لي أن أقول لكم: بأبي أنتم وأمي ونفسي، كيف أصف حسن ثنائكم، اللسان عاجز عن مدحكم، بماذا نمدحكم؟ بأي كلمات؟ بأي جمل؟ بأي بلاغة؟ بأي أدبيات؟ بأي أبيات شعر يمكن أن تحصي وتصف ما أنتم عليه، وما أنتم فيه، وأنتم النجباء، الطيبون، الكرام، الذين ما بخلتم بيوم من الأيام لا بدم، ولا بفلذة كبد، ولا بمال، ولا بصبر، ولا بصمود، ولا بتأييد، وأحصي جميل بلائكم، بلائكم الإمتحانات التي مررتم بها منذ البداية، سيصبح لنا أربعون عاما سوياً بالحد الأدنى هذه تجربة حزب الله، جميل بلائكم وفوزكم في كل هذه الإمتحانات والصعاب، وبكم أخرجنا الله من الذل ـ كما نقول لأئمتنا نقول لكم ـ بكم أنتم أخرجنا الله من الذل، بدمائكم، بتضحياتكم، بشهدائكم، بجرحاكم، بدموعكم، بصبركم، بصمودكم، بإيثاركم، بشهامتكم، بشجاعتكم، أخرجنا الله من الذل، من ذل الإحتلال بالمقاومة، من ذل الهوان، من ذل الضعف، من ذل الخوف، من ذل الهزيمة، من ذل الإحتقار، ومن كل ذل.
وفرج عنا بكم، فرج عنا غمرات الكروب، هذه الهموم أنتم، أبنائكم، فرسانكم، كشفوا هذه الكروب وهذه الهموم عن وجوه هذا الشعب الذي كان مهدداً بالإحتلال وكاد أن يضيع وطنه وأرضه، والمهدد بالتكفير، والمهدد بالغم، والهم، والإذلال، والقتل، والذبح، والسبي، هذه من أعظم الكروبات، هذه من أعظم الهموم، لكن بكم كشف الله عنا غمرات الكروب، وأنقذنا من شفا جرف الهلكات فبات شعبنا يعيش امناً على إمتداد هذه الأرض، وعلى إمتداد هذه الحدود، وفي كل القرى، وفي كل البلدات، امناً، مطمئناً، عزيزاً، كريماً، واثقاً، قادراً على مواجهة كل الصعاب، وكل التحديات والمخاطر، لا يخاف تهديد أحد، لا ترامب، ولا أوباما، ولا بوش يعني بمفعول رجعي، ولا نتنياهو، ولا شارون، ولا وايزمان، ولا أحد، بكم بكم أنتم.
أيها المضحون الشرفاء جازاكم الله عن أهلكم، وشعبكم، ووطنكم، وأمتكم، أحسن الجزاء الثواب في الآخرة، وحفظكم الله، ونصركم في الدنيا، وبيض الله وجوهكم في الدنيا والآخرة، وتقبل الله منكم. إلى مزيد إن شاء الله من تحمل المسؤولية، ومن النصر، ومن العز، ومن الأمن والامان، بتعاون الجميع، ووحدة الجميع، وتحمل الجميع المسؤولية.
مجدداً لكل من أيد، ودعم، وساند، وبارك، كل الشكر، وكل التقدير، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.