كلما تحدث سمير جعجع قائد القوات اللبنانية شعرت بالشفقة عليه، بسبب ما وصل إليه من وضع يُبكي العدو قبل الصديق. فبعد أن كان هذا الرجل صاحب أكبر ميليشيا لبنانية، وبعد أن كان الآمر الناهي، صاحب الكلمة العليا، بالرضا أو بالقوة، وأشهر من لبس البزة العسكرية، بعد كل ذلك، لم يعد له عمل سوى انتظار كلمة أو خطاب للسيد حسن نصر الله، ليرد على هذه الكلمة أو الخطاب، مباشرة أو بعد أيام، مفنداً كلام السيد، فاشلاً في ذلك على الدوام.
لم يعد للجنرال سمير جعجع من يكاتبه، حتى من بين أصدقائه وحلفائه في حلف 14 آذار سيئ الذكر، فملأ وقته بالرد على السيد نصر الله، وبالرقص في الحفلات والمهرجانات والأعراس، والمؤتمرات الصحافية التي كانت تمتلئ بتوقعات لم تصدق ولو مرة، يا لحظ الجنرال السيئ.
ما جديد "الحكيم" جعجع؟
بعد أيام من رفض جعجع "شيطنة حزب الله"، وتقديره لـ"تضحيات عناصر الحزب الصادقين"، يعود الرجل إلى نفسه، بوحي ربما أو من غير وحي، ليستمر في سيرته المعهودة حول حزب الله والمقاومة، ليقول في تصريح لصحيفة الحياة إنه "طالما حزب الله موجود بالشكل الذي هو فيه، من سابع المستحيلات أن تقوم دولة فعلية". وكان لا بد من إدخال اسمي إيران وسوريا في الحوار، لأن حزب الله يعمل لأجلهما ومن ذلك عمليته في جرود عرسال، وفق كلام "الحكيم".
لكن جوهرة العقد في كلام سمير جعجع كانت قوله: "إذا أراد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن يهدي اللبنانيين «شغلة بتحرز»، فليهدِ سلاحه إلى الجيش اللبناني وينصرف للعمل السياسي". وهذه الجملة من الواجب على المعنيين في الدولة اللبنانية نقشها على صخور نهر الكلب، إلى جانب العبارات المنقوشة عليها سابقاً.
يعرف سمير جعجع أن السيد نصر الله لن يبخل على الجيش اللبناني بسلاح المقاومة، خفيفه ومتوسطه وثقيله، وبالتأكيد يتمنى السيد أن يأتي اليوم الذي يُسمح فيه للجيش اللبناني بالقيام بواجبه الكامل في حماية الأرض اللبنانية من العدوان الإسرائيلي ومن الإرهاب التكفيري ومن أي اعتداء أو إرهاب. لأن سلاح المقاومة وُجد ويستمر لأجل لبنان كله، لا لأجل مشروع انعزالي أو خارجي، ولا لأجل "حالات حتماً".
سلاح المقاومة سيكون أجمل هدية للجيش الوطني عندما يقبل سمير جعجع وحلفاؤه بأن يكون الجيش اللبناني - الذي لا تنقص قيادته وضباطه وأفراده لا الوطنية ولا العزيمة، ولا الكرامة ولا النخوة - قوياً قادراً، مزوّداً بكل سلاح يتوفر له إهداءً أو بيعاً، من دون تدخلات حلفاء سمير جعجع الداخليين والخارجيين الذي لا يريدون للجيش الوطني ممارسة واجباته في حماية الوطن.
نحمد الله أن السيد نصر الله والمقاومة لم يهديا لبنان إلا النصر والكرامة، والأبناء والتضحيات، والشهداء والجرحى، أما سمير جعجع فلن ينسى اللبنانيون ما قدمه لهم وللوطن من هدايا عظيمة، دخلت بيوت الكثيرين منهم، ووصلت إلى آخرين حين مرورهم بحواجز المحبة التي كان يقيمها رجال جعجع.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع