ركزت افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة في بيروت اليوم الخميس 3 آب على مواضيع عديدة كان اهمها خروج “جبهة النصرة” فرع تنظيم القاعدة في بلاد الشام من لبنان… 116 هو عدد الحافلات التي خرجت أمس من عرسال، إلى بلدة فليطا السورية في القلمون الغربي… فصفحة “جبهة النصرة” طويت في لبنان على ايدي مجاهدي المقاومة الاسلامية، حفرت في الذاكرة عميقاً، وستكتب.. ذات تاريخ.
الاخبار
الجرود تعود إلى الوطن: سقوط الأوهام الكبرى
حسن عليق
يوم 2 آب 2014، احتل «المقاتلون من أجل الحرية» بلدة عرسال، وخطفوا جنود الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، وقتلوا مدنيين حاولوا الدفاع عن بلدتهم. لكن التأريخ لفترة احتلال الجرود، يوجب التخلي عن السردية التي عممتها، منذ عام 2011، آلة إعلامية ربما لم يشهد العالم لها مثيلاً. فالجرود اللبنانية التي تحررت أمس، ليست محتلة منذ عام 2014، بل منذ عام 2011.
عندما اندلعت الحرب السورية، لم يكن لبنان بمنأى عنها. وكما فُتِحت الحدود التركية والأردنية و«الإسرائيلية» (الحدود مع الجولان السوري المحتل) والعراقية لدعم «مقاتلي الحرية»، أريد للحدود اللبنانية أن تكون ممراً لإسقاط دمشق وحمص وما بعدهما: من وادي خالد إلى تلكلخ، ومن عرسال إلى القلمون. ثمة يوم مفصلي، صدف أنه عشية عيد الاستقلال عام 2011. يوم 21 تشرين الثاني من تلك السنة، دخلت دورية من استخبارات الجيش إلى عرسال، لتوقيف أحد المشتبه في انتمائهم إلى تنظيم القاعدة (يُدعى حمزة القرقوز).
مُنعت الدورية من إتمام مهمتها، واختُطِف الجنود، ودُمرت آلياتهم، وسُرِقت أسلحتهم. وبدل التعامل مع الحدث كاعتداء على الجيش، أمّن فريق 14 آذار الغطاء للاعتداء على المؤسسة العسكرية. وكـ«برغيّ» في الآلة الضخمة التي تجنّدت لإسقاط سوريا ــ ومن خلفها كل محور المقاومة ــ أتمّ فريق 14 آذار مهمته المطلوبة على أكمل وجه. صارت عرسال، وجرودها، خارج سلطة الدولة. ومضت شحنات السلاح عبرها إلى سوريا، بحماية رسمية. توسّعت رقعة سيطرة المسلحين، على جانبَي الحدود، ومعها كانت تكبر الأوهام. قدّر الأميركيون أن سوريا ستسقط. وبعدها، سيبدأ العمل لإسقاط حزب الله، بالضغط أو بالقتال. لم يكن الأمر خفيّاً. لكن آلة الدعاية الضخمة، كانت على الدوام تسعى إلى وضع هذا الهدف جانباً. أما ميدانياً، فالعمل نُفِّذ كما رُسم له: السيطرة على الحدود اللبنانية من الجهة السورية، لفتح طريق إلى البحر الأبيض المتوسط، بعيداً عن محافظة طرطوس السورية، أي عبر عكار اللبنانية. بقي هذا الهدف يراود المعارضين السوريين، وصولاً إلى آب 2014، يوم احتلوا، انطلاقاً من الجرود، عرسال البلدة. مخطط الوصول إلى البحر كشفته الحكومة البريطانية حينذاك، وقائد الجيش (السابق) العماد جان قهوجي، والتحقيقات التي أجرتها المؤسسة العسكرية مع الإرهابيين.
بقيت جرود عرسال محتلة، ومعها جرود القاع ورأس بعلبك ونحلة… وصولاً إلى الزبداني السورية. ورغم سحبهم المظاهر المسلحة من شوارع عرسال عام 2014، قويت شوكة «مقاتلي الحرية»، فقتلوا مدنيين لبنانيين وسوريين ظلماً، وأرسلوا السيارات المفخخة، وأطلقوا الصواريخ على قرى لبنانية، وذبحوا عسكريين. لم يضعفهم سوى تحرير الجيش السوري والمقاومة اللبنانية للأراضي السورية المقابلة. ورغم ذلك، بقي تهديدهم قائماً.
التجرد من تأثيرات آلة الدعاية الكبرى، يكشف للناظر ما كان يُعَدّ لسوريا، ولبنان، ودور الجرود في ذلك (قبل «حادثة» القرقوز، كانت الجرود منطلقاً لاختطاف الأستونيين السبعة في آذار 2011، ومقراً لاحتجازهم فيها، ثم استخدام فدية تحريرهم لتمويل «تنظيم القاعدة» في سوريا). كانت الأرض اللبنانية المحتلة في السلسلة الشرقية إحدى ركائز الأحلام الكبرى بإسقاط سوريا، ومعها كل المشرق. لكن قتال المقاومة وحلفائها، أثبت لأصحاب المشروع انهم توهّموا. تكفي قراءة الوثيقة التاريخية التي أدلى بها السفير الأميركي السابق في دمشق، روبرت فورد (صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية يوم 19 حزيران 2017)، لتبيان أن واشنطن توهّمت، وأن جميع حلفائها في هذا العالم شاركوها العمل على تحويل أوهامها إلى حقيقة. ويكفي أيضاً النظر إلى عنوان الصحيفة نفسها (يملكها الملك السعودي وأبناؤه شخصياً) يوم الجمعة الماضي («صفقة بين «حزب الله» و«النصرة» في عرسال تشمل تهجير معارضين من القلمون إلى إدلب»). تحرير الأرض اللبنانية من محتليها تهجير. وذابحو جنود الجيش معارضون. في عقل المحور الذي عمل على إسقاط سوريا والمقاومة، جرود عرسال أرض لـ«مقاتلي الحرية» الذين يجب ندب هزيمتهم.
معركة الجرود لا تُقاس بالتفاصيل، بل بالنظر إلى ما كان يُعَدّ لبلادنا. يوم 2 آب 2017، تحررت الأرض اللبنانية من إرهابيي جبهة النصرة، وعادت الجرود إلى الوطن. لكن الأهم أن الأوهام الكبرى سقطت، إلى غير رجعة.
«النصرة» خارج لبنان: الحريري عن الصفقة: إنجازٌ كبير
116 هو عدد الحافلات التي خرجت أمس من عرسال، وعلى متنها مُسلحو جبهة النصرة وعائلاتهم إلى بلدة فليطا السورية في القلمون الغربي. فتكون بذلك المرحلة الأولى من تحرير جزءٍ من جرود عرسال، والتخلّص من تنظيم النصرة الإرهابي، قد طُويت بنجاح. الحافلات، التي رافقتها 17 سيارة من الصليب الأحمر نقلت جرحى «النصرة»، وصلت ليلاً إلى بلدة فليطا.
وبحسب «الإعلام الحربي»، فإنّ أعداد الذين غادروا من عرسال إلى إدلب هم 7777 (قتلت «النصرة» واحداً منهم قبل انطلاق القافلة)، ينقسمون إلى 6101 نازح و116 مُسلحاً من بلدة عرسال. أما من المنطقة الواقعة خارج سيطرة الجيش اللبناني في جرود عرسال، فخرج 1000 مُسلح و560 نازحاً. المُسلحون لا يشملون فقط المقاتلين، بل كلّ من حمل سلاحاً تحت راية «النصرة»، وكلّ من ساعدهم لوجستياً، وكلّ من قدّم لهم الخدمات استخبارياً. وإضافةً إلى تسليم «النصرة» ثلاثة موقوفين من السجون اللبنانية (عبد الغني شروف، عبد الرحمن زكريا الحسن، وعدنان محمد الصليبي) أول من أمس، سلّم الأمن العام أمس موقوفتين، هما خولة القصاب، وريهام حمدوش. جرت العملية بإشراف الأمن العام ومواكبته، مع انتشار عناصر المقاومة على طول الطريق إلى فليطا. وقبل الانطلاق، حاول «أمير» جبهة النصرة في الجرود (سابقاً) أبو مالك التلي تأخير الانطلاق، فتلقى تحذيراً دفعه إلى تسريع عملية الترحيل. ومن المنتظر أن تسلّم النصرة اليوم خمسة أسرى للمقاومة، فور وصول القافلة إلى حدود «إمارة إدلب الكبرى». ونشر التنظيم الإرهابي أمس فيديو يُظهر الأسرى الخمسة، وهم بصحة جيدة.
سينسق الجيشان
اللبناني والسوري
عبر حزب الله
خلال المعارك ضدّ «داعش»
مرحلة ما بعد تحرير جرود عرسال، وخروج «النصرة» من لبنان، سيتحدّث عنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عند الثامنة والنصف من مساء اليوم.
من جهته، بدأ الجيش اللبناني يتسلّم المواقع المُحرّرة، الواقعة في محيط وادي حميد، والتي لم يدخلها منذ الـ2011. وستُباشر قيادته في اليومين المقبلين بالمفاوضات لتنفيذ الاتفاق مع سرايا أهل الشام، الذي يقضي بخروجهم مع عائلاتهم من عرسال إلى الداخل السوري، سواء إلى مناطق في قرى القلمون الغربي خاضعة لسلطة الدولة السورية، وإما في قرى القلمون الشرقي الخاضعة لسيطرة مجموعات مُسلحة معارِضة (يجري التفاوض، برعاية روسية، من أجل عقد مصالحة فيها مع الدولة السورية). مصادر أمنية لبنانية، لم تستبعد أن يبقى في لبنان مجموعة من سرايا أهل الشام، باتت تأتمر رسمياً بأوامر الجيش اللبناني، وسبق أن قاتلت تنظيم «داعش»، وساعدت الجيش في الحصول على قدر كبير من المعلومات عن الجماعات الإرهابية في الجرود.
الانتهاء من المفاوضات مع سرايا أهل الشام، يعني بدء العدّ العكسي لانطلاق معركة تحرير الجزء الشمالي من جرود عرسال، وجرود القاع، ورأس بعلبك، من وجود «داعش». وبات محسوماً، أنه خلال المعارك، سيكون هناك تنسيقٌ بين الجيشين اللبناني والسوري، من خلال حزب الله.
ولم تستبعد مصادر سياسية لبنانية رسمية «إمكانية أن يتحول التنسيق بين الجيشين مباشراً، بعد انطلاق المعركة، بسبب الوقائع الميدانية». ومن المُرجح ألا يخوض الجيش اللبناني المعركة مُنفرداً، لأنّ حزب الله والجيش السوري سيخوضان، في الوقت عينه، المعركة من داخل الأراضي السورية، وعلى طول الحدود الشمالية، والشرقية، والجنوبية للجرود. الجبهات المُتعدّدة التي ستُفتح، لبنانياً وسورياً، ستُخفف الضغط الدفاعي لـ«داعش» ضدّ الجيش اللبناني.
ومواكبةً لعملية التفاوض، استقبل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أمس المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، فدافع عن العملية، مُعتبراً أنّ «كل الدول في العالم تفاوض حين يتعلق الأمر بمواطنيها». وقال إنّ موقف الحكومة من معركة الجرود هو «حماية اللبنانيين ومخيمات النازحين الموجودة في البلدة. أراد حزب الله أن يقوم بهذه العملية، التي أنجزت أموراً في مكان ما، ولكن الجزء الأكبر هو الذي يقوم به الجيش اللبناني، وهو المهم بالنسبة إلينا. الحكومة هدفها الأساسي حماية كل الحدود، وعدم السماح للنصرة أو داعش أو أي فريق متطرف بأن يدخل إلى الأراضي اللبنانية، وهذا ما قام به الجيش». وقد وصف الحريري الصيغة التي جرى التوصل إليها بـ«الحل المناسب جداً للدولة اللبنانية، وهو إنجاز كبير»، مُعتبراً أنّ «الدولة هي التي قامت بكل هذا الإنجاز. أنا أعرف اللغط الحاصل في هذا الأمر وأن حزب الله شنّ هذه المعركة. وهناك مواقف صدرت عن تيار المستقبل وغيره. لكن ما يهمني ما حصل اليوم. هناك منطقة كانت مرهونة وتعاني من مشكلة كبيرة جداً، وهذه مشكلة انتهت. وهناك منطقة أخرى فيها داعش، وهذه المشكلة ستنتهي بدورها والجيش اللبناني سيتعامل مع هذا الموضوع بالشكل اللازم». ودعا رئيس الحكومة إلى عدم «المزايدة على بعضنا. لنا رأينا ولحزب الله رأيه. ولكن في نهاية المطاف، التقينا على إجماع ما يهم الشعب اللبناني من أجل الاقتصاد اللبناني والأمن اللبناني والاستقرار والحكومة ومجلس النواب في لبنان».
من جهته، نقل النواب عن رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعد لقاء الأربعاء النيابي، أنّ «ما حصل في جرود عرسال من انتصار على الإرهاب هو انتصار لبناني شامل لاقى إجماعاً لبنانياً، وأثبت أننا قادرون على تحقيق الإنجازات الوطنية ومواجهة التحديات والأخطار المحدقة بالوطن، أكان من العدو الإسرائيلي، أم من الإرهاب التكفيري».
الجولاني أدار المفاوضات… وفشل بإخراج المولوي
رضوان مرتضى
نشرُ «جبهة النصرة» فيديو يُظهر الأسير مهدي شعيب يطلب من أهله التدخل لدى قيادة حزب الله لوقف المعركة كي لا يُقتل، كان بمثابة صافرة انطلاق المفاوضات بين حزب الله وجبهة النصرة، بعد انطلاق معركة جرود عرسال قبل 12 يوماً. غير أن جانباً كبيراً من كواليس التفاوض بقي خفيّاً، رغم أنها مرت بمراحل ثلاث. المرحلة الأولى، قبل المعركة بشهرين، كانت تهدف إلى تحرير أسرى حزب الله لدى جبهة النصرة في إدلب. لم تنجح المفاوضات حينها.
رغم ذلك، انطلقت المرحلة الثانية خلال الحشد للمعركة، بهدف إخراج «النصرة» من الجرود، ففشلت المفاوضات أيضاً. وبعد انطلاق المعارك، بدأت المرحلة الثالثة، لتحقيق تحرير الجرود وإخلاء الأسرى. وكادت صفقة التسوية تُطاح، مع رفع النصرة سقف مطالبها، لولا أن لوّح حزب الله بالعودة إلى المعركة. كان التفوّق ميدانياً لمصلحة حزب الله، ما حال دون أن تفرض جبهة النصرة شروطها، لكنها حصلت على ورقة قوة بأسرها ثلاثة عناصر من الحزب بعد بدء هدنة وقف إطلاق النار. غير أن ورقة القوة هذه لم تخوّلها سوى الحصول على 5 سجناء في مقابل الأسرى الذين كانوا في قبضتها. حاولت النصرة تحقيق انتصار إعلامي، رغم الهزيمة العسكرية، سواء عبر المقابلتين الإعلاميتين اللتين أجراهما أبو مالك التلّي ليخرج فيهما يتحدث كما المنتصر، أو الإيحاء بأن جبهة النصرة فرضت شروطها.
وسيط زار «أمير
داعش »
في الجرود ثلاث مرات
ورغم أنه لم تُكشف رسمياً بعد خفايا المفاوضات التي سبقت إتمام الصفقة المعقودة بين حزب الله و«جبهة النصرة»، إلا أن مصادر بارزة مقربة من قيادة جبهة النصرة كشفت لـ«الأخبار» أن القائد العام لـ«جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني هو من كان يدير دفة التفاوض وليس أمير قاطع القلمون أبو مالك التلّي. وتحدثت معلومات الجبهة عن مسار مفاوضات عمره أشهر لإخراج أسرى حزب الله الخمسة في إدلب مقابل إخراج المطلوب شادي المولوي ورفاقه من المخيم، لكنها تعثّرت أكثر من مرة. إضافة إلى مطلب ثانٍ كانت تُطالب به قيادة النصرة يتعلق بالإفراج عن سجناء «مهمّين» موجودين في السجون اللبنانية. غير أن المفاوضات توقفت بعد رفض حزب الله مطلبَي الجولاني. معركة الجرود أعطت زخماً لإعادة فتح باب التفاوض.
تضيف المصادر أن العلاقة الوطيدة التي تربط المطلوب اللبناني شادي المولوي بالجولاني، دفعت الأخير إلى الطلب من التلي إدراج شرط إخراج شادي المولوي ومجموعته من مخيم عين الحلوة لإتمام صفقة التبادل. وهنا تؤكد مصادر سورية في «النصرة» أن العلاقة بين التلي والمولوي توتّرت في الأشهر الأخيرة، مشيرة إلى أن سبب الخلاف مالي، مردّه اعتبار المولوي أن التلّي، بوصفه مسؤولاً عن الساحة اللبنانية مجبرٌ على توفير مصاريف للعناصر التي بايعت التنظيم، والمحاصرة في عين الحلوة. وتكشف المصادر أن التلي أرسل مبالغ مالية إلى المولوي عدة مرات، قبل أن يوقف دعمه عنه لأسباب غير محددة.
وسيط يزور «أبو السوس»
من جهة أخرى، كشفت مصادر غير لبنانية مقربة من تنظيم «الدولة الإسلامية» أن وسيطاً جديداً دخل على خط التفاوض مع قيادة التنظيم في القلمون، مشيرة إلى أن الوسيط المذكور زار الأمير العسكري لتنظيم «الدولة» في الجرود موفق أبو السوس ثلاث مرات. وكشفت المصادر أن الوسيط وهو من مدينة القصير السورية، ومن أقرباء أبو السوس، التقى ضباطاً من الأمن العام اللبناني. وذكرت المصادر أن المفاوضات بين الأمن العام والتنظيم ستركز على مسألتين: الأولى مصير العسكريين المخطوفين لدى تنظيم «الدولة»، والثانية فتح ممر للخروج إلى البادية السورية إن نجحت المفاوضات. وفي هذا السياق، تؤكد المصادر أن شرط الأمن العام الرئيسي للسير في التفاوض هو إحضار فيديو يكشف مصير العسكريين المخطوفين. كذلك تشير المصادر إلى معلومة نُقلت إلى الأمن العام تفيد بأن العسكريين المخطوفين لدى «الدولة الإسلامية» قُسِّموا إلى مجموعتين: واحدة بقيت في الجرود، فيما المجموعة الثانية انتقلت برعاية الأمير السابق للتنظيم أبو طلال الحمد (قُتل لاحقاً) إلى الرقة، عاصمة التنظيم السورية. وتكشف المصادر أن زوجة الأمير المقتول موجودة اليوم في تركيا، وربما تملك معلومات عن مصير العسكريين، أو على الأقل المجموعة التي انتقلت إلى الرقة.
ويواجه تنظيم الدولة في القلمون معضلة أساسية، هي عدم قدرته على حشد عائلات من النازحين لتأمين ما يشبه الدرع البشرية له أثناء المغادرة كما كانت الحال مع النصرة، إذ إن معظم مناطق سيطرة داعش في الداخل السوري تتعرض لقصف يومي من قبل الجيش السوري والطيران الروسي والتحالف الأميركي.
الجمهورية
بكركي تُطوِّق «السلسلة»… وعون يَردّ الضرائب… و«النصرة» غادرت و«داعش» قريباً
طويَت صفحة جرود عرسال بإخراج إرهابيي جبهة النصرة منها، وانتهت تلك الحقبة السوداء التي جثمت على صدر البلد لسنوات، ولم يعد هواء تلك المنطقة كما كان ملوّثاً برائحة القتل والدم والسيارات المفخّخة والأحزمة الناسفة، وبات نظيفاً، وسيصبح أكثرَ نقاوةً مع ارتفاع العَلم اللبناني فوق تلك الجرود وحضورِ الجيش اللبناني على كامل ترابها بين الأهل والأبناء. وأمّا في السياسة، كما هو واضح، فإنّ الحلبة قد فتِحت على اشتباكات سياسية حول سلسلة من الملفات، سواء التعيينات أو ملف بواخر الكهرباء، والمحطة الأولى جلسة مجلس الوزراء اليوم، فيما وُضعت سلسلة الرتب والرواتب، وكذلك قانون الضرائب المكمّلة لها على مشرحة الرئاسة، مع توجه نحو رد القانون الضريبي من قبَل رئيس الجمهورية ميشال عون إلى المجلس النيابي، وخصوصاً مع تصاعد الاعتراضات عليها من الهيئات الاقتصادية، وتفاقمِ آثارها السلبية على المواطن، والتي تبَدّت في مسارعة التجّارِ إلى رفع أسعار السِلع، وبعضِ المدارس إلى زيادة الأقساط، وكان لافتاً في هذا السياق ارتفاع صرخة بكركي في وجهها، والتي تجلّت بالأمس مع موقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي، واستكمِلت في بيان مجلس المطارنة الموارنة.
ميدانياً، انطلقت عشرات الحافلات من جرود عرسال اعتباراً من بعد ظهر أمس، مقِلّةً ما يزيد عن 7777 من النازحين السوريين إلى الداخل السوري، ومعهم إرهابيّو «جبهة النصرة» الـ 120 وأميرهم أبو مالك التلي وعائلاتهم، واستمرّت العملية حتى ساعة متقدّمة من الليل؛ غادر الإرهابيون تلك الجرود، وخلّفوا وراءهم صوَراً كريهة تحكي ما اقترَفت أيديهم بحقّ لبنان واللبنانيين والجيش من أعمال إجرامية أقلّ ما يُقال فيها أنّها جرائم ضدّ الإنسانية، وآثاراً مدمّرة ومحروقة تحكي الهزيمة التي منُوا بها، وتؤكّد أنّهم أقوياء فقط بالغدر بالمدنيين الآمنين، وأمّا في ميدان المواجهة فنمورٌ من ورَق تهرب إلى الجحور والمغاور.
ومع خروج آخِر إرهابيّي «النصرة» من جرود عرسال، صار في الإمكان القول بكلّ ثقة إنّ تلك المنطقة عادت إلى حضن الوطن، على أنّ الحكاية لا تنتهي هنا، بل إنّ عيون اللبنانيين صارت شاخصة أكثر من أيّ وقت مضى إلى تلك البقعة التي ما زالت مخطوفة من إرهابيي «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع، وإلى الجيش المرابط على تخومها في جهوزية تامّة لإكمال الانتصار وتنظيف تلك الجرود من كلّ الملوِّثات الإرهابية، وبالتالي نصبِ مظلّة الأمن والأمان الحقيقية والكاملة لأبناء القرى والبلدات اللبنانية المسيحية والإسلامية الواقعة على حدودها، ومن خلالها لكلّ لبنان.
إنتشار عسكري
وفي وقت تستعد الدولة لبسط سيادتها على كامل جرود عرسال، أوضح مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّ الجيش اللبناني يُوسّع إنتشاره في إتجاه وادي حميد ومدينة الملاهي، وهذا الانتشار يقوم به اللواء التاسع، لكنّ هذا الأمر لا يعني أنّ عملية الانتشار الواسعة في الجرود وعلى الحدود بين عرسال وسوريا قد بدأت بل تحتاج إلى بعض الوقت، مؤكّداً أن الجيش حاضر لكل المهمات التي ستلقى على عاتقه.
جبهة «داعش»
من هنا، فإنّ الأيام القليلة المقبلة ستكون حبلى بالمفاجآت على صعيد الجبهة مع «داعش»، وهو ما أكّد عليه مصدر أمني رفيع لـ«الجمهورية» بقوله: نستطيع أن نقول إنّنا في مرحلة العدّ التنازلي لبلوغ الساعة الصفر للحسمِ الذي تَقرَّر بشكل نهائي، وبغطاء سياسي كامل للجيش، ضدّ مجموعات «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع».
وفي السياق ذاته، قال مصدر في «حزب الله» لـ«الجمهورية»: معركة الجرود في شقّيها مع «النصرة» و«داعش» قد بدأت فعلاً، وإنْ كانت جبهة عرسال قد فرَضت التفرّغ لها نظراً لبعض الأمور التي استجدّت واستوجب تركيز الاهتمام الكلّي عليها، ما نستطيع أن نقوله إنّ معركة الجرود يجب أن تُستكمل وستُستكمل، لن نتحدّث منذ الآن عن مسار المعركة ولا عن توقيت إطلاق العمليات العسكرية، ومن أين، بل سنترك للميدان أن يخبر عن نفسه، هذا مع التأكيد على التقدير فوق العالي لدور الجيش اللبناني فيها.
وعلمت «الجمهورية» أنّ مشاورات مكثّفة بين جهات أمنية لبنانية رسمية وغير رسمية تَجري على قدم وساق، في سياق التحضير لمعركة جرود رأس بعلبك، حيث توحي الأجواء بأنّ كلّ الاستعدادات مكتملة تماماً، والخطة العسكرية قد وضِعت وباتت على شفير التطبيق، إنّما التوقيت سيعلن عن نفسه في أيّ لحظة، وقالت مصادر مشاركة في هذه المشاورات لـ«الجمهورية»: إنّ هذه الجهات الأمنية تضع في حسبانها كلّ الاحتمالات، وثمّة أهمّيتان لهذه المعركة، الأولى معلنة، أي تطهير المنطقة من الإرهابيين مهما كلّف الأمر، والثانية أنّ من شأن هذه العملية أن تميطَ اللثام عن مصير الجنود اللبنانيين المخطوفين لدى «داعش».
وهذا يستوجب الحسمَ السريع للمعركة، وإلقاءَ القبض على بعض الرؤوس الكبيرة في «داعش» أحياءً، فلدى هؤلاء بالتأكيد كلمة السرّ التي يمكن أن تكشف عن مصير العسكريّين.
الرئيس برّي والسيد نصرالله
إلى ذلك، وفيما نَقل نوّاب لقاء الأربعاء عن رئيس مجلس النواب نبيه بري تأكيده «أنّ انتصار عرسال هو انتصار لبناني شامل لاقى إجماعاً لبنانياً، وأثبتَ أنّنا قادرون على تحقيق الإنجازات الوطنية ومواجهة التحدّيات والأخطار المحدقة بالوطن أكان من العدوّ الإسرائيلي، أو من الإرهاب التكفيري».
يطلّ الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله بكلمة متلفَزة عند الثامنة والنصف مساء اليوم، يتناول فيها مرحلة ما بعد تحرير جرود عرسال. وقالت مصادر الحزب إنّه سيتحدّث بالتأكيد عمّا بقيَ من جرود يحتلّها الإرهابيون في جرود بعلبك.
الحريري
ولفتَ في هذا السياق موقف رئيس الحكومة سعد الحريري، حيث أكّد بعد استقباله المديرَ العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم «أنّنا حرّرنا المنطقة في شكلٍ يساعد أهل المنطقة، والدولة هي مَن حرّرت أرض عرسال».
وأكّد الحريري «أنّنا لن نقبل أن يكون هناك أيّ نوع من الإرهاب على أيّ أرض لبنانية»، مشيراً إلى أنّ «الدولة قامت بواجبها وحصَل التفاوض مع «جبهة النصرة»، واستطعنا أن نصل إلى هذا الحلّ وسنكمِل معالجة هذا الموضوع»، مشدّداً على أنّ «الحكومة تعمل على إنهاء ملف العسكريين المخطوفين لدى «داعش» بأحسن طريقة، وكلّ دول العالم تُفاوض الإرهابيين، فنحن نفتح بابَ التفاوض كي نرى في موضوع داعش، ما إذا كانت هناك إمكانية لعودة العسكريين فنحن مستعدّون لذلك.
وعلمت «الجمهورية» أنّ اللواء ابراهيم وضَع الرئيس الحريري في صورة المفاوضات التي قادها في الأيام الأخيرة لإنهاء ملفّ جبهة النصرة في جرود عرسال والمعوقات التي شابَتها، وسمعَ ابراهيم تقديراً من رئيس الحكومة على الجهود التي بذلها وأوصَلت إلى الغاية المنشودة ، كما جرى بحثٌ في موضوع العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى «داعش».
وقالت مصادر مواكبة للاجتماع إنّ لدى المدير العام للأمن العام خريطة طريق قد رسَمها لإطلاق عملية التفاوض في شأن العسكريين في القريب العاجل، وذكّرَت بقول ابراهيم نفسِه إن الوسيط الذي يمكن أن يكون له دور في هذا التفاوض موجود، وبالتالي يمكن أن ينطلق هذا التفاوض في أيّ وقت. إلّا أنّ ما يجري التركيز عليه هو «داعش» ومدى تجاوبِه في هذه العملية، خصوصاً أنه بإمكانكَ أن تتوقّع منه أيّ شيء، على أنّ المهم هو الوصول إلى نتائج إيجابية تعيد العسكريين إلى ذويهم.
كما علمت «الجمهورية» أنّ مجلس الوزراء سيُخصّص 15 مليون دولار لعرسال لإنمائها في ظلّ الوضع الجديد.
«السلسلة»!
سياسياً، ينعقد مجلس الوزراء اليوم، في القصر الجمهوري في بعبدا، في جلسة تزدحم فيها الملفّات، بدءاً من ملف عرسال وتحرير جرودها من إرهابيي جبهة النصرة، وكذلك ملف التعيينات، وأيضا سيحضر ملف باخرة الكهرباء في مداخلات بعض الوزراء في ضوء التقرير الصادر عن إدارة المناقصات. بالإضافة إلى موضوع سلسلة الرتب والرواتب.
في هذا الوقت، تبقى الأنظار شاخصةً في اتّجاه بعبدا، رصداً للخطوة التي سيقدِم عليها رئيس الجمهورية ميشال عون في ما خصَّ قانون السلسلة والقانون المتعلّق بالضرائب المكمّلة لها، حيث كان هذا الأمر، مع انعكاساته محورَ لقاءات رئيس الجمهورية، وبحسب بعض الزوّار فإنّهم لمسوا لدى عون امتعاضاً من القانون الضريبي، واستنتجوا من عدمِ رضاه أنّه بصددِ ردِّه إلى مجلس النوّاب لإعادة النظر فيه.
المطارنة
ولفتَ في هذا السياق، استغراب مجلس المطارنة الموارنة «السير في إقرار سلسلة الرتب والرواتب، التي هي حقّ لمستحقّيها، ولكن على قاعدة فرضِ ضرائب يشكو الجميع من مترتّباتها ونتائجها، في وقتٍ يعاني لبنان من ركودٍ اقتصاديّ خطير».
كما استغرَب «تجاهل ما يَفرض ذلك من أعباء مضاعفة على الأهل في القطاع التربوي الخاصّ رغم التشديد على وحدة التشريع»، مطالباً المشرّعين بـ«إعادة النظر في قانون السلسلة فتتحمّل الدولة أعباء هذه السلسلة في القطاعين العام والخاص، تفادياً لتعريض القطاع التربوي والأمن الاجتماعي إلى مخاطر لا يستطيع مجتمعنا تحمّلها».
حاصباني لـ«الجمهورية»
إلى ذلك، قال نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني لـ«الجمهورية» إنّ قانون السلسلة نوقشَ في المجلس النيابي، وقد يكون بحاجة إلى نقاش إضافي لتحسين بعض البنود».
وإذ أكّد أنّ مِن حقّ رئيس الجمهورية أن يقوم بردّ القانون، دعا إلى التنبّه لوضعِ المالية العامة، واحتمال انهيار الاقتصاد في حال لم تتمّ معالجة الأمور المالية بطريقة جيّدة.
أبي خليل لـ«الجمهورية»
من جهته، قال وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل لـ«الجمهورية» «إنّ موقفنا كان واضحاً منذ البداية. نحن مع إقرار الموازنة قبل السلسلة من أجل أن تكون الأرقام واضحة ومن أجل الانتظام العام». أضاف: أقِرّت السلسلة والضرائب في المجلس النيابي في جوّ من المزايدات، وسنرى في جلسة مجلس الوزراء، إذا تمّ طرحُ الموضوع، ماذا نستطيع أن نفعل لمعالجة الثغرات والتداعيات.
وعن احتمال طرحِ ملفّ الكهرباء في ضوء التقرير الذي رَفعته إدارة المناقصات في ملف البواخر، أكّد أبي خليل أنّ مسار استكمال الأوراق الناقصة سوف يُستتبع، لأنه مسارٌ وافقَ عليه كلّ الوزراء، ولا يفترض بأيّ وزير إثارة إشكال مُفتعَل، ما دامت هناك موافقة على الخطة.
خلية العبدلي
من جهة ثانية، وفي سياق العلاقات الللبنانية – الكويتية، وبعد المذكّرة التي تسَلّمتها وزارة الخارجية اللبنانية من السفير الكويتي عبد العال القناعي حول مشاركة عناصر من «حزب الله» في خلية العبدلي الإرهابية، قالت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» إنّ «وزارة الخارجية اللبنانية لم تُهمل المذكرة الكويتية التي تسَلّمتها من السفير الكويتي بخصوص خليّة العبدلي، وهي تعالج هذا الموضوع مع وزارة الخارجية الكويتية والسفارة الكويتية في بيروت، وقد طالبَت بمعلومات إضافية عن القضية لتتمكّن من التحرّك».
اللواء
عرسال إلى الدولة والجرود محرَّرة من النُصرة وداعش على الطاولة
عون يتجه لرد السلسلة في بنود ضريبية.. وامتعاض «قواتي» من هيمنة «التيار الوطني» على التعيينات المسيحية
3 آب 2017، جرود عرسال على طريق العودة إلى الشرعية اللبنانية، ممثلة بقواها العسكرية والأمنية، بعد يوم طويل، من إخراج مسلحي «جبهة النصرة» من الجرود، مع آلاف الأشخاص السوريين، من عائلات المسلحين المغادرين، والنازحين الراغبين بالعودة إلى سوريا.
والعملية العسكرية التي بدأت في 21 تموز، والمفاوضات التي تلت، والاتفاق الخاص بالانسحاب والتبادل بين حزب الله وجبهة النصرة، والذي رعاه مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وصفها الرئيس سعد الحريري «بالأيام الصعبة» بعد لقاء اللواء إبراهيم الذي زار السراي الكبير بعد ظهر أمس لإطلاع رئيس مجلس الوزراء «على مجريات عملية التفاوض التي أدّت إلى إخراج مسلحي جبهة النصرة وعائلاتهم من جرود عرسال»، وفقاً لبيان صدر عن المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة.
وقال الرئيس الحريري: «الأهم اننا تمكنا من ان ننجز هذا الإنجاز كدولة، وبشكل سريع للغاية، وجرت مفاوضات صعبة، ولكن في النهاية انجزنا ما نريده وأنهينا هذا المشكل الموجود في جرود عرسال».
وهذا الموضوع سيحضر بقوة اليوم على طاولة مجلس الوزراء، ضمن خطة اعدتها الحكومة لمساعدة أهالي عرسال والمنطقة اجتماعياً ومعيشياً، حيث سيتم تكليف هيئة الاغاثة العليا به.
ورحبت مصادر سياسية بموقف الرئيس الحريري، الذي فتح الباب إلى مرحلة سياسية «متضامنة» من شأنها ان تستفيد من التفاهمات الدولية – الإقليمية حول إيجاد تسوية للوضع المتفجر منذ سنوات في سوريا، مع البحث عن منطقة خفض توتر جديدة.
وفي الوقت، الذي تحدثت فيه مصادر شبه رسمية ان مسؤولاً ايرانياً سيصل إلى بيروت في 9 آب الجاري، كان من المثير للاهتمام الموقف الذي عممه المبعوث الخاص للولايات المتحدة الأميركية إلى سوريا مايكل راتني، لجهة تحذيره من تحويل «جبهة النصرة» ادلب إلى ما يشبه وضعية الموصل (من دون تسمية ذلك صراحة)، إذ أشار الي انه في «حال تحققت هيمنة «النصرة» على ادلب سيصبح من الصعب على الولايات المتحدة الأميركية إقناع الأطراف الدولية بعدم اتخاذ الإجراءات العسكرية المطلوبة» (في إشارة إلى احتمال التدخل العسكري الروسي ضد النصرة في إدلب).
وأشارت مصادر وزارية لـ«اللواء» إلى ان التطورات التي طرأت على الساحة سياسياً أو أمنياً أو دبلوماسياً سترخي بظلالها على جلسة مجلس الوزراء، التي توقع أكثر من وزير ان تكون هادئة وموضوعية، رغم المواضيع الساخنة، لكنها قالت انها ستكون كالعادة، في جلسات العهد الجديد، لن تتجاوز الخطوط الحمراء.
وعلى الرغم من ان جدول الأعمال تضمن عدداً من التعيينات، فإن التوافق السياسي سينسحب عليها، لا سيما بالنسبة إلى تعيين محافظ البقاع ومحافظ الجبل الذي أضيف أمس إلى جدول الأعمال، وهو القاضي محمّد مكاوي خلفاً للمحافظ فؤاد فليفل الأمين العام لمجلس الوزراء، فيما تمّ التوافق على اسم القاضي رولان شرتوني محافظاً للبقاع خلفاً للمحافظ الحالي انطوان سليمان.
الا ان مصادر وزارية لاحظت وجود نوع من امتعاض قواتي على التعيينات الجديدة، بالنظر إلى عدم وجود حصة للقوات اللبنانية فيها.
وكشفت المصادر ان قواتياً هو إيلي زيتوني كان مرشحاً لمنصب عضو مجلس إدارة «أوجيرو» وأن مؤهلاته الإدارية والعلمية تخوّله ذلك، إلا ان القواتيين فوجئوا بأن الاسم المطروح للتعيين هو العوني كمال أبو فرحات.
واللافت انه في حال تعيين أبو فرحات فسيتم ترفيعه درجات عدّة، بينما زيتوني تخوّله درجته ان يتولى هذا المنصب من دون أي ترفيع.
ومن المواضيع التي ستثار في الجلسة من خارج جدول الأعمال، ما حصل من تطورات في منطقة جرود عرسال والمعركة التي خاضها «حزب الله» هناك وما تلا ذلك من مفاوضات أدّت إلى خروج عناصر جبهة «النصرة» من زاوية ما يمكن ان يثيره بعض الوزراء، وايضا من خلال ما اعلنه الرئيس الحريري عن الخطة التي سيطرحها لمساعدة اهالي عرسال.
والى جانب زيارة واشنطن، والعقوبات التي ستتخذ بحق حزب الله، توقعت المصادر ان يتطرق مجلس الوزراء الى موضوع المذكرة التي تبلغها لبنان من دولة الكويت والمتعلقة بتورط حزب الله بخلية العبدلي والتي طالبت لبنان باتخاذ ما يلزم من اجراءات.
وشددت المصادر الوزارية على ضرورة مناقشة هذا الموضوع لتبيان حقيقة الامر، خصوصا وان وزارة الخارجية لم تحرك ساكناً حيال المذكرة رغم اهمية الموضوع، وعلى ضرورة صدور موقف رسمي، نظرا للعلاقات الاخوية الوثيقة التي تربط لبنان مع دولة الكويت، وذلك خوفا من ان يؤدي استمرار السكوت الى حدوث ازمة مع هذا البلد الشقيق ومع دول الخليج الاخرى.
اما بالنسبة لملف بواخر الكهرباء، فقد نصحت المصادر وزير الطاقة سيزار ابي خليل عدم اثارة هذا الملف، رغم انه غير مدرج في جدول الاعمال وذلك بسبب ضعف حجة الوزير ازاء الشوائب الكثيرة التي تشوب هذا الملف بعد تقرير هيئة ادارة المناقصات.
السلسلة
الى ذك، اوضحت مصادر رئاسة الجمهورية لـ «اللواء» ان الرئيس عون سيضع بين أيدي الوزراء مجمل الملاحظات والمعطيات التي كونها بعد ردود الفعل المختلفة حيال مشروع سلسلة الرتب والرواتب وقانون الضرائب.
وأشارت المصادر إلى أن الرئيس عون لا يحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء لاتخاذ قراره حول الأمرين ، مؤكدة حقه الدستوري في ماهية القرار الذي يتخذه، سواء بالنسبة إلى ردّ قانون موارد السلسلة أو التوقيع عليه.
ولفتت إلى أنه سيناقش الموضوع وإجراء التقييم داخل الحكومة باعتبارها السلطة التنفيذية.
وعلم أن رئيس الجمهورية سيعرض أرقاما ومعطيات حول الواقع الإقتصادي وانعكاسات إقرار سلسلة الرتب والرواتب.
وفهم من مصادر وزارية أن الرئيس عون تلقى دراسات وتقارير تتطلب التوضيح والتدقيق.
مما يرجح ان يكون قراره الطلب من مجلس النواب إعادة دراسة القانون إزاء المسائل التي أثارها القضاة والعسكريون المتقاعدون، والمطارنة الموارنة لجهة الأعباء التي تفرضها السلسلة على القطاعين العام والخاص، تفادياً لتعريض القطاع التربوي للمخاطر، فضلاً عن بنود ضريبية، أثيرت في غير مناسبة، سواء مع نقباء المهن الحرة أو المدارس الكاثوليكية.
الا ان زوار الرئيس نبيه بري، نقلوا عنه تشكيكه في امكان رد الرئيس عون لقانون السلسلة لافتا الى ان كافة القوى السياسية شاركت في التفاهم حول السلسلة، بما فيها التيار الوطني الحر.
والامر نفسه استبعده الرئيس الحريري الذي سبق ان اعلن رفضه لتمويل السلسلة من الاستدانة، في حال الغاء الموارد التي اقرت.
خروج القوافل
وهكذا، ومع اقتراب عقارب الساعة نحو الثانية مساء، كانت معظم الحافلات التي تقل مسلحي جبهة «النصرة» وعائلاتهم وآلاف النازحين، قد عبرت جرود عرسال، عند سهل الرهوة، حيث آخر نقطة للجيش اللبناني، باتجاه فليطة في الاراضي السورية، بمواكبة سيارات من الصليب الاحمر اللبناني والدولي، وسيارات للامن العام، وحزب الله، حيث سيخضع هؤلاء للتدقيق من قبل الامن السوري تمهيدا لمتابعة الطريق باتجاه حلب، عبر طريق حمص – حلب، حيث ستتم عملية التبادل مع اسرى الحزب لدى جبهة «النصرة».
وكان هؤلاء المسلحين الموجودين في وادي حميد قد أضرموا النار في مقاراتهم ومبنى الاركان في مخيم الباطون، بحسب ما افاد «الاعلام الحربي» التابع لحزب الله، فيما أمّ أمير الجبهة في القلمون «ابو مالك» التلي صلاة الظهر قبل المغادرة، وألقى فيهم خطبة حاول فيها رفع معنويات مقاتليه، معتبرا ما حصل ليس هزيمة، بل نقل المعركة الى مكان آخر، علما ان التلي كان في مقدمة من خرج في الحافلات، الا انه لم يعرف في اي حافلة من الحافلات التي خرجت وعددها 113 حافلة، من اصل 154 حافلة تجمعت في وادي حميد من البارحة، وتردد ان ما تبقى من الحافلات ستنقل نازحين غير مسلحين اعلنوا رغبتهم بالرحيل مع «سرايا اهل الشام» الى مناطق غير ادلب، وربما في القلمون الغربي.
ولوحظ ان الحافلات التي نقلت المسلحين اسدلت ستائر نوافذها لحجبهم عن كاميرات المصورين الذين تجمعوا لمواكبة الحدث في سهل الرهوة، فيما كانت طائرة مسيرة في الجنوب تحمل علم حزب الله تحوم فوق الحافلات تلتقط الصور وتراقب عملية اخلاء الجرود.
ومع طي صفحة «النصرة» في لبنان، مع تحرير الجرود منها، وخروج مسلحيها، يفترض ان تبدأ صفحة تحرير جرود رأس بعلبك والقاع التي يحتلها تنظيم «داعش»، والتي، بحسب ما تشير المعلومات سيتولاها الجيش اللبناني، وبحسب ما اكد الرئيس الحريري، الا ان المعلومات المتوافرة في هذا الشأن تشير الى ان شرط انطلاق اي مفاوضات مع داعش لتحرير الجرود من دون معارك يتمثل في تقديم معلومات عن مصير العسكريين التسعة المخطوفين لدى هذا التنظيم.
ويفترض ان تتزامن اطلالة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، عند الثامنة والنصف من مساء اليوم، للحديث عن مرحلة ما بعد تحرير جرود عرسال وإخراج 7777 شخصاً هم مجموع المسلحين وعائلاتهم متزامنة مع تسلم الحزب للاسرى الخمسة، وهم، بحسب ما هو معروف، واحد من الهرمل هو حسن نزيه طي، واربعة من الجنوب وهم: مهدي هاني شعيب من الشرقية، وموسى كوراني من ياطر، ومحمد جواد علي ياسين من مجدل سلم، واحمد مزهر من عمشيت، وجميعهم اسروا عند اطراف بلدة العيس في ريف حلب بتاريخ 13/11/2015، باستثناء الاخير الذي اسر في بلدة خلطة بريف حلف ايضا بتاريخ 6/6/2016.
البناء
ترامب يوقّع بمرارة العقوبات على روسيا… وتنسيق روسي إيراني عراقي حول المنطقة
لبنان يُنهي النصرة ويستعدّ لداعش السيد نصرالله يطلّ اليوم مفصلاً: الإنجاز للمقاومة والشعب والجيش
عون: إنجاز للوطن بري: انتصار لبناني شامل الحريري: إنجاز كبير… والدولة حرّرت عرسال
كتب المحرّر السياسي
في قلب علاقات روسية أميركية هي الأسوأ، وفقاً لوصف موحّد لوزيري خارجية البلدين، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أشدّ قوانين العقوبات انتهاكاً للسيادة للروسية، مصدراً بياناً غير مسبوق لرئيس أميركي يصف توقيعه بمسعى إنقاذي للوحدة الوطنية ومنع الانشقاق بين الرئاسة والكونغرس، رغم الاعتداء السافر الذي قام به الكونغرس على صلاحيات الرئيس، وفقاً لبيان البيت الأبيض، الذي بدا محاولة استباقية لردّ الفعل الروسي، وتخفيفاً للاحتقان الذي سيتسبّب به القانون في علاقات موسكو – واشنطن، رغم تأكيدهما مواصلة التعاون في الملفين الأعقد والأهمّ، سورية والحرب على الإرهاب، فيما بدت موسكو المتمسكة بمواصلة التعاون في هذين الملفين راغبة بتأكيد حلفها مع إيران بوجه التلميحات والتصريحات الأميركية عن فرضيات تفاهم مع موسكو تستبعد إيران، والحديث عن ربط الحلّ في سورية بخروج إيران منها، فجاء الاجتماع الروسي الإيراني العراقي، على مستوى نواب وزراء الخارجية رسالة ذات مغزى، تقول إنّ العراق لن يكون منطقة نفوذ أميركية مسلّم بها من روسيا مقابل التسليم الأميركي بالدور الروسي المتميّز والمحوري في سورية.
تماسك تحالف روسيا ودول وقوى محور المقاومة كشرط للتفاهم الروسي الأميركي في سورية، يأتي على خلفية الانتصارات التي يحققها هذا الحلف والتي تكفلت بجلب الأميركيين إلى خيارات كانوا يجاهرون بمعارضتها. فالجيش السوري يتقدّم في الجبهات كلّها، والحرب على داعش تتحوّل شيئاً فشيئاً إلى حرب تحت إدارة الحلف الروسي الإيراني السوري، وفي قلبه المقاومة. وها هو العراق يظهر شريكاً فيه، بينما جبهة النصرة التي كانت حصان رهان أميركا وحلفائها تتلقى على يد المقاومة والجيش السوري بالتنسيق مع الجيش اللبناني ضربة قاضية على الحدود اللبنانية السورية وترحل مهزومة، وسط إجماع لبناني على أهمية النصر الذي لعبت المقاومة الدور الرئيس فيه حرباً وتفاوضاً.
بقي الحدث الأبرز هو رحيل النصرة ومؤيديها من لبنان بقوة الثبات العسكري والتفاوضي لحزب الله وقدرته المتميّزة والمتفوّقة على الحرب والمفاوضات. فظهرت الأصوات المؤيدة لواشنطن والمشكّكة بالمقاومة بلا تغطية وبلا عمق شعبي، كما كان الحال مع إنجاز التحرير العام 2000.
رحلت النصرة ذليلة بألف ومئة من مسلحيها الذين فشلوا في خوض معركة أيّام معدودة، وفشلوا في خوض مفاوضات رابحة مشرفة، وتلقى اللبنانيون جميعاً ثمار الانتصار، فقال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أنّ الوطن هو الذي انتصر، وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري إنه نصر لبناني شامل، بينما قال رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي كان نواب كتلته قد رفعوا سقوف الكلام بوجه الإنجاز، إنّ الدولة اللبنانية حرّرت عرسال وحزب الله نفّذ العملية، والمهمّ أننا أمام إنجاز وطني كبير.
الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله شدّد على تكامل الجيش والشعب والمقاومة، تاركاً الحديث المفصل لإطلالته اليوم.
النهاية العسكرية لـ «النصرة» في لبنان
بمحاذاة العلم اللبناني وشارات النصر المرفوعة فوق التلال والمعابر، وتحت أجنحة الطائرات المسيّرة التي حملت رايات المقاومة، شقّت قوافل مسلّحي تنظيم جبهة النصرة وعائلاتهم يتقدمهم متزعم «الجبهة» أبو مالك التلي، إضافة الى عشرات آلاف النازحين السوريين، طريقها في الجرود باتجاه إدلب السورية، بناءً للاتفاق بين الدولة اللبنانية و «جبهة النصرة» الذي سار وفق المرسوم بصعوبة، بعد أن تعرّض للانهيار مرات عدة منتصف ليل الثلاثاء الماضي، بسبب محاولة «التلي» فرض شروط إضافية رفضها الجانب اللبناني.
وبعد نجاح المرحلة الأولى التي قضت بتبادل جثامين شهداء المقاومة وقتلى «النصرة»، وإنجاز المرحلة الثانية بمقايضة أسرى حزب الله الثلاثة بموقوفين من «الجبهة» في سجن رومية، تكللت المرحلة الثالثة بالنجاح بإخراج 7777 شخصاً من بينهم 1116 مسلحاً ومتزعمهم أبو مالك التلي، ومجموعته الذين كانوا محاصَرين في بقعة جغرافية ضيقة وعوائلهم من مخيمات الملاهي والكسارات في عرسال الى شمال سورية.
وفي وقائع لحظات التفاوض الأخيرة، حاول «التلي» انتزاع مكاسب إضافية وشمول «صفقة التبادل» مطلوبين للعدالة في مخيم عين الحلوة، ظناً منه بأن الجانب اللبناني لم يعُد يمكنه التراجع عن تنفيذ الاتفاق بعد إنجاز المرحلة الأولى، غير أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي كان يشرف شخصياً من اللبوة على العملية، أجرى اتصالاً هاتفياً بالوسيط وأنذر قيادة «النصرة» حتى منتصف ليل الثلاثاء وإلا يعتبر الاتفاق ساقطاً والعودة إلى الحل العسكري. وفي تلك اللحظة وجّهت المقاومة رسالة أمنية لـ«النصرة» بإطلاق رشقات نارية على الموقع الذي تواجد فيه «التلي» ومجموعته في منطقة الملاهي، فما كان منه إلا أن أعلن تراجعه عن شروطه وموافقته على استكمال تنفيذ الاتفاق.
وانطلقت القافلة التي تألّفت من 113 حافلة استقلها المسلحون وعائلاتهم من جرود عرسال باتجاه جرود فليطة، بمواكبة أمنية مشدّدة من الأمن العام اللبناني وسط انتشار كثيف لعناصر المقاومة على طول الطريق التي ستسلكها القافلة إلى إدلب برفقة سيارات الصليب الأحمر اللبناني الذي تقلّ 11 جريحاً لـ «النصرة».
وسلك موكب الحافلات طريق وادي الخيل – الملاهي عقبة الجرد الى جرود فليطا داخل الأراضي السورية الى يبرود الرحيبة، ثم سلك أتوستراد حمص – دمشق الدولي متجهاً الى إدلب، على أن يتولى الجيش السوري وحزب الله المواكبة الأمنية حتى آخر نقطة يسيطر عليها الجيش السوري قريبة من إدلب، وعندها يُطلق سراح الأسرى الخمسة لحزب الله الذين رجحت مصادر لـ «البناء» أن يكونوا في عهدة السلطات التركية، التي ستسلّمهم إلى الحزب ويعودون جواً من نقطة قريبة من حلب على الحدود التركية السورية الى مطار دمشق ثم الى مطار بيروت.
وفور انطلاق الحافلات، وفي عمل يدلّ على وحشية التنظيمات الإرهابية وأسلوب الغدر والخيانة الذي تتبعه حتى مع عناصرها، أقدمت «النصرة» على إنزال رعد الحمادي الملقب بـ»رعد العموري»، من إحدى الحافلات، وقتلته أمام النازحين المدنيين.
ووفق مصادر لـ «البناء»، فإن «العموري كان على خلاف حاد مع أمير «النصرة» التلي بسبب مغانم مالية تفاقمت كثيراً خلال فترة التفاوض».
كما أحرقت «الجبهة» قبيل مسير الموكب مقارها في مناطق انتشارها في منطقة وادي حميد والملاهي إضافة إلى مقرّها الأساسي في مخيم الباطون على طريق الملاهي في الجرود.
ومع إنجاز المراحل الثلاث وتنفيذ الاتفاق، يكون لبنان قد كتب النهاية العسكرية لـ «جبهة النصرة» على أراضيه التي احتلت جزءاً كبيراً من الجرود في السلسلة الشرقية منذ العام 2014، وذلك بعد معركة عسكرية خاضتها المقاومة بمساندة الجيش اللبناني، أدّت الى تحرير هذه الجرود وفرض التفاوض على قيادة «النصرة» والخروج من الجرود اللبنانية.
كلمة للسيد نصرالله مساءً
وفي حين يُلقي الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كلمة عبر الشاشة مساء اليوم، يتحدّث فيها عن مرحلة ما بعد تحرير جرود عرسال، أكد السيد نصرالله خلال استقباله المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإسلامي حسين أمير عبداللهيان، بأن دور المقاومة والجيش في لبنان والدعم من جميع فئات الشعب، سر النجاح في دحر الإرهابيين في عرسال ولبنان.
وأشار السيد نصرالله الى دور الشعب والجيش والمقاومة في لبنان في مكافحة الإرهاب وأشاد بشهداء المقاومة والمدافعين عن مراقد أهل البيت، معتبراً محاولات التقسيم وتغيير الخريطة الجغرافية في المنطقة والعالم الإسلامي من المؤامرات الخطيرة التي تساعد فقط بتحقيق أهداف الأعداء ومصالحهم».
كما اعتبر النجاحات الأخيرة التي تمثلت بتحرير الموصل وحلب وأخيراً عرسال من براثن الإرهابيين بأنها نتيجة لوحدة الصف الداخلي في هذه الدول، مؤكداً ضرورة الاهتمام الجاد بالعناصر الثلاثة «الوحدة في العالم الإسلامي» و»المقاومة ضد اعتداءات الكيان الصهيوني» و»المكافحة الحقيقية ضد الإرهاب».
وأشار الى أن «الصهاينة يسعون عبر جميع المسارات الممكنة لتطبيع العلاقات مع بعض دول المنطقة والعالم العربي. وهم يتخذون الخطوات بالتزامن مع ذلك لتفتيت هذه الدول».
وقال مصدر مطلع لـ «البناء»، إن «الدولة أثبتت بما لا يرقى الى الشك، تبنيها ودعمها الكلي لعملية المقاومة العسكرية للوصول الى النتائج المتوخاة، ما يدحض اتهامات البعض بأن حزب الله تفرّد في القرار وتجاوز الدولة التي أظهرت أنها مستعدة لتبني أي عمل يصبّ في مصلحة الوطن». وأضافت المصادر أن «الحزب أثبت أيضاً الحزم في الميدان والسياسة وكما قاتل بشراسة في الميدان، تعامل في لحظة اقتداره مع الأطراف الأخرى برحمة وأخلاقية عالية ما يسجل في تاريخ الحزب السياسي والميداني صفحة بيضاء ناصعة».
كما برهنت العملية زيف الهالة التي صوّرت بها «النصرة» وغيرها من التشكيلات الإرهابية، بل رأينا كيف يتراجعون ويستسلمون عند وجود مقاومين يمتلكون الإرادة والصلابة للدفاع عن وطنهم، وهذا يُبنى عليه في المواجهات المقبلة في سورية.
كما سيمنح الانتصار على «النصرة» مزيداً من الزخم المعنوي للجيش وتغطية سياسية واضحة لاستكمال تحرير الجرود من تنظيم «داعش»، لا سيما مع كلام رئيس الجمهورية الحاسم والتأييد الشعبي المتنوّع طائفياً وسياسياً للجيش والمقاومة.
اللواء إبراهيم في السراي
وفور اطمئنان اللواء ابراهيم، الى وصول المرحلة الثالثة من الاتفاق الى خواتيمها السعيدة، عاد الى بيروت متوجّهاً الى السراي الحكومي، حيث أطلع رئيس الحكومة سعد الحريري على مسار عملية التفاوض ونتائجها، وسير تنفيذها. وأكد الحريري «أننا مستمرون في العمل لحل مشكلة داعش، لأننا لا نقبل وجود أي نوع من الارهاب على الاراضي اللبنانية»، لافتاً الى «اننا نفتح باب التفاوض مع داعش، إذا كان من صلبه مصير العسكريين المخطوفين»، معتبراً أن الدولة هي من حرّرت جرود عرسال».
واعتبر «أننا وصلنا الى حل يناسب الدولة اللبنانية وهو إنجاز كبير»، لافتاً الى «أن موقف الحكومة واضح وهو حماية اللبنانيين وحزب الله قام بالعملية».
رسالة أخيرة إلى «داعش»
ومع خروج «النصرة» من المعادلة الداخلية، تتجه الأنظار الى المقلب الآخر من الجرود، حيث ينتشر تنظيم «داعش»، وقالت مصادر قناة «أو تي في» إن «المعركة ضد داعش تمّ تأخيرها كي لا يؤدي اندلاعها إلى وقف صفقة جلاء الإرهابيين، كما أن توقيتها يفترض أن يكون قبل زيارة قائد الجيش إلى واشنطن»، بينما أشارت مصادر «البناء» الى أن «الجانب اللبناني سيوجّه قريباً رسالة أخيرة الى داعش يخيّره فيها بين سلوك الخيار التفاوضي أو العسكري كحلٍ أخير، على أن يبدأ التفاوض بمعلومات عن العسكريين المخطوفين لديه، لكن مصادر عسكرية رجّحت أن يرفض التنظيم التفاوض وأن ينسحب ما حصل مع «النصرة» على «داعش»، وبالتالي الرضوخ للتفاوض بالقوة، وأوضحت لـ«البناء» أن «التنظيم في وضعٍ أصعب من وضع النصرة ميدانياً، إذا إنه محاصر من الجهات كافة ومنذ وقت طويل باستثناء منفذ وحيد باتجاه سورية، لكنه محفوف بالمخاطر ومن الصعب سلوكه كمجموعات».
وكشفت المصادر أن «الخطة العسكرية للهجوم على مواقع داعش باتت جاهزة وتمّ وضعها بالتنسيق بين المقاومة والجيشين اللبناني والسوري، حيث سيكون الهجوم من جانبَي الحدود، وسيتقدم الجيش اللبناني من الجهة الغربية – الشمالية لعرسال والجيش السوري والمقاومة من الجهة الشرقية – الجنوبية».
بري: انتصار لبناني شامل
وتواصلت المواقف الرسمية المؤيدة والداعمة للإنجازات التي تحققها المقاومة والجيش، ونقل النواب عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعد لقاء الأربعاء النيابي، «أن ما حصل في جرود عرسال من انتصار على الإرهاب هو انتصار لبناني شامل لاقى إجماعاً لبنانياً، وأثبت أننا قادرون على تحقيق الإنجازات الوطنية ومواجهة التحديات والأخطار المحدقة بالوطن أكان من العدو «الإسرائيلي»، أو من الإرهاب التكفيري».
وتطرق رئيس المجلس الى العديد من الملفات والقضايا الحيوية التي تهم الناس، مشدداً على وجوب تعزيز الجهود ومعالجة مشاكل الكهرباء والنفايات والمياه وغيرها، وعلى تفعيل عمل الإدارات في هذه المجالات.
وأكد الرئيس ميشال عون في هذا الصدد «اهتمامه بالملاحظات التي برزت بعد إقرار السلسلة والأحكام الضريبية»، لافتاً الى «الإرث الكبير» الذي نتج عن مرور سنوات من الأداء المالي والاقتصادي المتعثر وعدم الاهتمام بقطاعات الإنتاج»، معتبراً «أن الوضع بات يحتاج الى معالجة جذرية من خلال خطة اقتصادية متكاملة يجري العمل على وضعها حالياً».
..وجلسة لمجلس الوزراء
وعلى وقع التطورات على الحدود، يعقد مجلس الوزراء جلسة اليوم في بعبدا برئاسة الرئيس عون وحضور رئيس الحكومة، حيث ستحضر معارك الجرود وصفقة التبادل التي تمّت بتغطية رسمية في نقاشات الوزراء، وعلّقت مصادر وزارية مقرّبة من بعبدا لـ«البناء» بالقول: «لا جدوى من نقل الخلاف السياسي حول معركة الجرود إلى مجلس الوزراء بعد أن سبق السيف العزل وتمكّنت المقاومة والجيش من تحرير الجرود والقضاء على النصرة في الميدان والتفاوض معاً»، متساءلة: «ما جدوى تحويل الانتصار إلى موضع خلاف؟ لا سيما أن المقاومة والجيش حرّرا 100 كلم من الأرض اللبنانية الحدودية وإخراج 12 الف نازحٍ سوري ومئات من الإرهابيين من لبنان؟ وشدّدت على أهمية الانتصار وتظهير أبعاده الوطنية الجامعة وعدم تشويهه بتفاصيل ضيقة لا تخدم مصلحة البلد».
كما سيطلع الحريري مجلس الوزراء على أجواء زيارته للولايات المتحدة الأميركية ولقاءاته مع المسؤولين ورؤيته حيال مشروع قرار العقوبات المالية على لبنان.
وعلمت «البناء» أن مجلس الوزراء سيقر سلة من التعيينات تشمل التفتيش المركزي ورئاسة مجلس شورى الدولة ومحافظي البقاع وجبل لبنان في سياق توافق سياسي مسبق حولها.
وقالت مصادر حكومية لـ «البناء» إن «خطة الكهرباء غير مدرجة على جدول الأعمال ولن يطرحها المجلس في جلسته اليوم»، لكنها أوضحت أن «الخطة مجمّدة ولن تنفذ لإعادة النظر في بنودها بعد تقرير إدارة المناقصات الذي حدّد ثغرات في بعض بنودها».
وعن سلسلة الرتب والرواتب، استبعدت مصادر بعبدا لـ «البناء» أن «يردّ الرئيس عون مشروع السلسلة الى المجلس النيابي»، موضحة أن «الرئيس سيطرح الأمر اليوم من باب تحسين الإيرادات واتخاذ إجراءات على هذا الصعيد لتغطية كلفة السلسلة، لا سيما من وقف الفساد والهدر في الجمعيات الوهمية والمصاريف السنوية التي تتكلّفها الدولة لاستئجار مكاتب لها».