سيظل جيش العدو الصهيوني المحتل، من جهة، قوة عدوان وتأثير خارج نطاق فلسطين المحتلة دون أن تؤدي نظرية "الحرب ما بين الحروب" أهدافا جدية فعلية وكبرى مرجوة. ومن المرجح أن تراوح هذه النظرية مكانها وتفقد فعاليتها لأنها لن تصمد أمام نقيضها الإستراتيجي الموضوعي وهو ما يمكن أن نسميه المواجهة النهائية الشاملة، بمعنى المقاومة المفتوحة على كل الخيارات من مراكمة القوة والانتصارات إلى الربط العام الإقليمي بين الجبهات أو جمع الجبهات بما فيها الجليل والجولان. وبعبارات أخرى، نحن بتنا بلا مبالغة في مرحلة الردع المضاف أو الحصار المتقدم من جهة الانتصارات المعمقة مقابل الهزيمة الجسيمة. هذا أهم ما يمكن أن نستخلص من التقارير الإسرائيلية الأخيرة وأهمها مركز دراسات الأمن القومي الصهيوني.
سيظل جيش العدو الصهيوني المحتل، من جهة أخرى وأكثر فأكثر، كيان اغتصاب واحتلال داخلي بما فيه من جرائم ابارتهيد وتطهير وإبادة. وهذا ما دل عليه آخر تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش الذي تحدث عن آلاف الضحايا الفلسطينيين ما بين أسر وتشريد وتهجير من القدس الشرقية، دون أن نغفل، في نفس الخطة، عن تشديد الخناق والتعويض عن الفشل الخارجي وتفاقم الخوف من الزوال، بالعمل الإسرائيلي على توسيع وتكثيف وربط المستوطنات وكل محاولات ابعاد خطر الانتفاضة المتواصلة ودرجات التصعيد المحدقة. يحدث بالتزامن مع ذلك تزايد التجنيد الاستخباراتي والشعب والوحدات والالوية، إضافة إلى منشآت عسكرية أخرى بالعشرات شمالا وجنوبا وفي غور الأردن تتزامن معها مناورات لا تنتهي تحاكي معارك لن تنتهي إلا بزوالها.
على ذلك، تظل أهداف محور المقاومة الكاملة والإيجابية هي ذاتها على حساب تهاوي الأهداف السلبية لمحور الإرهاب والتبعية والتطبيع وفي قلبه الكيان الإسرائيلي بعدما لاحت حتمية اندحاره. كل الأهداف إذن قائمة فوق عجز كيان العدو ومن معه. كل الانتصارات التي يحققها محور المقاومة تنقل كتابة التاريخ من الجيوبوليتيك إلى تاريخ كوني جديد، أو إذا جاز لنا التعبير بهذه الصيغة: من الجيو - بوليتيك إلى الايستوريكو - بوليتيك أو التاريخ السياسي. فمن مقولة نحن انتقلنا "من الزمان إلى التاريخ" التي أطلقها يوم تحرير حلب من أضحى قائدا إقليميا بمقياس الدولة وبادراك الشعوب الواقفة في صف المقاومة ونقصد بذلك الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد، ومن مقولة "حيث يجب أن نكون سنكون" التي أطلقها الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله ابان الدخول إلى الجبهة السورية وقد أمسى زعيما إقليميا وامميا بمقاييس إرادة الشعوب في المقاومة وحركات المقاومة في حسم المصير، تغيرت الأمور في العمق.
هاتان المقولتان بدأتا بالتحول نحو تحكم في التاريخ من جهة مكان القيادة ومن جهة سرعة مدة التحول. وعلى هذا النحو يصبح من الممكن فعلا الحسم كلما ووقتما وجب الحسم. وهكذا تكون سوريا المنتصرة قد حررت العراق المنتصر والجديد ويكون العراق قد حرر نفسه وحرر سوريا ويكون لبنان قد تحرر ليحرر وتكون سوريا قد حررت اليمن المحرر لنفسه ولمناطق عدة من دول الخليج الإسلامي بعد أن تحرر وتكون فلسطين هي مشروع المقاومة تحريرا وتحررا.
وعليه، مقارنة بما كان يخطط لمحور المقاومة، تكون سبع سنوات من الصمود والمقاومة وتحقيق الانتصارات حتى الآن، مدة قصيرة. فزمن العدوان تحول إلى زمنية صمود ومقاومة وبدورها تحولت هذه الزمنية إلى مرحلة انتصارات حاسمة وعهدا نظنه الأخير من عمر الكيان الإسرائيلي ومن معه، ما يجعل مخططات العدوان مستقبلا أكثر فشلا والانتصارات أكثر سرعة وحسما. هذا التزمين تحكم في التاريخ. من هنا يبدأ عصر محور المقاومة في العالمين.
* منسق شبكة باب المغاربة
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع