لا أرى أنه يوجد في العالم من هو أفضل من حزب الله تنظيماً وتدريباً وانضباطاً وإيماناً والتزاما وانتماء واستعداداً للتضحية نحو تحقيق النصر والتطلعات المرجوة. وأشك أن يكون في هذا العالم من هو أكثر قدرة من حزب الله على ابتكار التكتيكات العسكرية اللازمة لتحييد أعتى الأسلحة وأكثرها قدرة تدميرية وأدقها إليكترونيا. وقد سجل حزب الله للأمة العربية انتصارات عزت على الجيوش العربية منفردة ومجتمعة، وأخرج الأمة العربية من دائرة الوهن والعجز والهزائم والاندحارات. لقد طرد الكيان الصهيوني شر طردة من جنوب لبنان وبدون قيد أو شرط، وانتصر في مواجهته لجيش الكيان عام 2006، وهو يسجل نصراً سريعاً خاطفاً على تنظيم النصرة المنبثق عن القاعدة في جرود عرسال اللبنانية على الرغم من قسوة التضاريس الجغرافية التي تعرض المهاجمين لأخطار كبيرة. لقد فاجأ الحزب أعداءه وأصدقاءه بأساليبه التكتيكية، وبقدرته العالية على استعمال مختلف أنواع الأسلحة ومنها الثقيلة وسرعة نقلها وحشدها في الزمان والمكان المناسبين في ظروف جغرافية وعرة جدا تفتقر إلى الطرق وتعرقل الانتقال. إنه حزب محترف ومكّن احترافه بحرصه الأمني الشديد الذي حال دون انكشافه أمام أعدائه.
ومن الواضح أن قدرات حزب الله المميزة والفائقة التوظيف والاحتراف ترهب أعداءه من العرب والصهاينة والدول الاستعمارية. يتسابق خصومه من حكام العرب على وصفه بالتنظيم الإرهابي والذي يهدد استقرار المنطقة، ولا يبخل بعض الداخل اللبناني من مؤازرة الحملة الشعواء ضد الحزب. حكام العرب يصرون دائماً على بقائنا أقزاماً يتحكم بنا الآخرون، وهم يكرهون أن تطول قامته ويحقق الإنجازات. حكامنا يعشقون الفشل والفاشلين ذلك لأنهم عملوا وما زالوا يعملون على إذلال الأمة وتقزيمها أمام الغرباء والمستعمرين، وعلى المتاجرة بضعفها عسى أن يشفق عليها الآخرون فيقدمون لها المال وما تجود به أنفسهم لتحسين الأحوال.
أصر حكام العرب ومعهم العديد من التنظيمات والأحزاب والجمعيات على ضعفهم، وجرّ الأمة نحو الذلة والهوان والاستجداء والتوسل والتسول، بينما أصر حزب الله ومن سار على خطاه من الفصائل الفلسطينية المقاومة على مراكمة القوة وبناء الذات وتحقيق الإنجازات على الأرض. وبذلك طالت قامة حزب الله حتى استطاع صناعة تاريخ مشرف للأمة العربية. حزب الله لم يخسر أي معركة حتى الآن، وهو لن يخسر ما دام متمسكا بمنظومته القيمية الوطنية والدينية الأخلاقية وينشر تربية وثقافة متقنتين راقيتين تخالفان ثقافة الهزائم والنذالة والانصياع لإرادة الآخرين. لقد اعتمد الحزب منذ البداية سياسة بناء الإنسان على أسس صلبة ومبادئ راسخة رأسها الإيمان والالتزام والانتماء، وتمكن من تحقيق الانتصارات بهذا الإنسان الواعي والمؤمن والمطلع وصاحب الشخصية المميزة المتمتع بثقة عالية بالذات. وفي هذا خالف برامج التربية العربية التي تكرس الخنوع والخضوع وتدب الرعب في القلوب وتلغي شخصية الإنسان.
حزب الله يشكل خطراً على الحكام العرب الاستبداديين الفاسدين الذين يطوعون أنفسهم للاستعمار والكيان الصهيوني، ليس لأنه يتعمد ذلك، وإنما لأنه يحمل برنامجاً يؤدي إلى قلب موازين الأمة العربية التي اعتادت الاستسلام أمام الأعداء والطامعين. وإذا انقلبت الموازين انقلبت الدنيا على رؤوس الحكام وفقدوا ما هم فيه وعليه من نعم ورفاهية وثراء. أمثال حزب الله يكشفون عورات الكسالى المتراخين والمتآمرين على الأمة. لهذا يكشف عجز الآخرين وعوراتهم، فتستمر المحاولات للتخلص منه. فلا غرابة أن تشترك أنظمة عربية إرهابية استعبادية استبدادية مع الكيان الصهيوني والولايات الأمريكية في مناهضة حزب الله وتشويهه من خلال وصفه بالتنظيم الإرهابي.
حزب الله بالنسبة لهذه الأنظمة العربية إرهابي لأنه يردع الكيان الصهيوني ويتوعده بهزيمة نكراء، وإذا هزم إسرائيل فإنه سيهزم دُماها العربية.وستسقط واللافت أن عرباً لبنانيين يحملون على حزب الله وهو في أوج المعركة ضد الإرهاب الذي حول أيام لبنان في مناسبات عدة إلى سواد، وذبح جنوداً لبنانيين ومارس التفجير في المدن والأزقة والحوانيت. ماذا يريد هؤلاء من حزب رفع اسم بلادهم عالياً ووضعها على الخارطة كأكبر قوة تقف بصلابة ضد الاحتلال؟ القادة العرب ربما لا يخجلون على أنفسهم ولا يحاسبون أنفسهم على ما يصنعون. حتى رئيس وزراء لبنان وقف صامتاً أمام رئيس أمريكا الإرهابي عندما اتهم حزب الله بالإرهاب. القيادات تلاحق الأمة العربية بالعار، والشعوب تصنع الشرف والعزة والإباء. ولا ضير في مهاجمة أمريكا للحزب إذ اعتدنا عليها تمتدح الفاسدين وتهجو كل من التزم بعزة الأمة وانتصر لكرامتها وحرص على وحدتها وثرواتها.

المصدر: lebanon2day