يُدرك التيار الوطني الحر وجود عوامل عدّة أدّت إلى «ركود» في كسروان، على الرغم من العهد الجديد، ووجود مُرشّح قوي هو شامل روكز. الهجوم على روكز يبدو سهلاً من قبل خصومه ويأخذ مداه، في حين أنّه يُصرّ على شعبيته الكبيرة مقابل ضعف خصومه

ورقة التيار الوطني الحرّ في كسروان، التي يُفترض أن تكون رابحة، اسمها العميد المتقاعد شامل روكز. يجري الاتكال على صورته واسمه وتاريخه العسكري، من أجل رفد اللائحة العونية شعبياً، لا سيّما بعد أن تحّول «عماد» اللائحة ميشال عون إلى رئيسٍ للجمهورية، وبغياب مُرشحين عونيّين أقوياء. أهمية روكز لا تتعلّق بشخصه فحسب، بل في كونه مُرشّحاً ليكون «بديلاً» من عون في كسروان.

من هنا يُفهم جزءٌ من معركة خصوم التيار الوطني الحر ضدّه، الذين يحاولون إسقاطه، أو إيصاله «ضعيفاً» إلى الندوة البرلمانية. عنوان الحملات الرئيسي ضدّه أنّ روكز «غْريب»، «وكأنّه لم يعد في القضاء مُرشحون»، كما يقولون. رقعة الذين يُعايرون روكز بمكان ولادته وبعده الجغرافي عن كسروان تتّسع وتُشكّل عامل ضغط حقيقي على العميد المتقاعد ومن خلفه التيار الوطني الحرّ. ولكن لا يتعلّق الأمر بالحملة التي يتعرّض لها روكز من قِبل الأبعدين، فحسب؛ فتقارير أمنية عدّة، يُقال إنها وصلت إلى دوائر القصر الجمهوري، وعددٌ من الدراسات الانتخابية، تُشير إلى أنّ «أقوى مرشحي التيار» في كسروان وضعه الانتخابي غير جيّد. وقد تلقّى العونيون نصائح بأن «لا يُصرّوا على إجراء الانتخابات الفرعية، لأنّ الأمور ليست على أحسن ما يُرام»، مع العلم بأنّ الرئيس عون لا يزال الأكثر تمسّكاً بإجراء «الفرعية».

ولكن، إذا كانت التقارير تُعبّر ولو عن جزء من الواقع، فكيف سيخوض التيار العوني الانتخابات، الفرعية، والعادية في أيار 2018، فيما أقوى مرشحيه يتراجع انتخابياً؟ ولماذا لم تتأثر «القلعة العونية الكسروانية» إيجاباً بوجود عون في بعبدا، ومن «عهد التغيير القوي»؟ هل المشكلة تتعلّق حصراً بروكز؟ أم أنّها دليل أزمة يُعاني منها «التيار»؟
تبدأ مصادر مسؤولة في التيار الوطني الحرّ حديثها بتأكيد أنّ «التيار كحالة وكتنظيم لم يتراجع في الفترة الأخيرة». إلا أنّ ذلك لا يعني أنّه سجّل تقدماً، فهي تُقّر بأنّ «الوحيد الذي تقدّم خلال الخمسة أشهر الأخيرة في كسروان هو (النائب السابق) فريد هيكل الخازن، مُتعهّد الزفت في المنطقة، بسبب الخدمات التي تُقدّمها له وزارة الأشغال». هذه الأمور «خلقت له بروباغندا، ولكن هل تُربحه أصواتاً انتخابيّة؟ نشّك في ذلك، خاصة إذا ما عُدنا إلى الانتخابات البلدية التي لم يفز فيها الخازن سوى في غوسطا. وفي كفرذبيان، التي يعتبر أنّ له حصّة فيها، رُفعت اللافتات لشكر الوزير علي حسن خليل ومستشارته رانيا خليل على الزفت».
يُترك الخازن يلعب خدماتياً وحيداً في كسروان، «مقابل فراغ من ناحيتنا سبّبه النواب. تُرمى كلّ الخدمات والمشاريع والواجبات الاجتماعية على عاتق هيئة القضاء والهيئات المحلية». تتذرّع المصادر بهذا السبب، غافلةً عن أنّه لم يعد بإمكانها تبرير التقصير بعد أن مضى 10 أشهر على بدء العهد الجديد، وهناك 9 وزراء في الحكومة الجديدة ينتمون إلى تكتل التغيير والإصلاح. «نستفيد من الحُكم، ونقوم بالخدمات والمشاريع، وستظهر النتيجة في المرحلة المقبلة».
هناك أسباب عديدة للركود الذي يُعاني منه «التيار» في كسروان، تُعدّدها المصادر بالقول إنها تتعلّق «بعدم إعداد مُرشحين حزبيين للانتخابات النيابية من قبل، وعدم توزير أي شخص من كسروان. وفي الوقت نفسه، الملتزمون حزبياً يريدون أن يتم انتخابهم من دون بذل أي مجهود، مُتّكلين على اسم ميشال عون»، فضلاً عن وجود «تُخمة في المرشحين من الفتوح، وقلّة مرشحين في كسروان، وغياب أيّ مُرشح من الجرد الذي يُعدّ الخزان الانتخابي». وتدعو المصادر إلى عدم الاستهتار بالتأثير السلبي لكثرة الاستحقاقات التي خاضها «التيار» في السنة الماضية، «بدءاً من الانتخابات الداخلية، والمجلسين السياسي والوطني، والانتخابات التمهيدية، ثمّ الإعداد للبلدية، وتنظيم التظاهرات، والانتخابات الرئاسية، وتنظيم الماكينة الانتخابية أخيراً».
ولكن من ناحية العمل التنظيمي، «فقد أصبح هناك في كسروان قرابة 3000 منتسب يحمل كلّ منهم بطاقة حزبية. ومن أصل 21 بلدة من دون هيئات منظّمة، لم يتبقّ سوى ثلاث بلدات بلا هيئات، باستثناء البلدات الشيعية». تذكر المصادر هذه المعلومة لتؤكد أنّ «الكتلة العونية الناخبة ثابتة، ونستفيد من أنّ العوامل التي كانت تعمل ضدّنا في الـ2009 انتفت، والفريق المعارض لنا غير موحّد». حتّى روكز «رغم الهجوم عليه، الذي يتحمّل جزءاً منه، لن يخسر».
يتحمّل روكز قسماً من مسؤولية الهجوم عليه، وعدم حماسة بعض الملتزمين في «التيار» للدفاع عنه، بسبب الترددات التي لم تنتهِ لفكرة أنّه «مُستقل غير مُلتزم حزبياً»، رغم تأكيده في أكثر من مناسبة أنه سيكون ضمن تكتل التغيير والاصلاح، إضافة إلى تلبيته دعوة أحد رجال الأعمال في جرد كسروان، موصوف بكرهه لميشال عون وعمله كرأس حربة ضدّه خلال الـ2005 والـ2009، الأمر الذي استفزّ «التيار»، فضلاً عن عدم التنسيق مع هيئة القضاء المحلية في جولاته المناطقية. ولكن، «اتُّخذ القرار بترتيب الوضع الداخلي لروكز، والتركيز عليه في المرحلة المقبلة»، بحسب المصادر.
في مكتبه الجديد في جونية، يمضي روكز معظم وقته. الطابق الأرضي خُصّص لـ«غرفة العمليات»، أما في الأول فمكتبه الواسع. لا يعرف «مِن أين تأتون بمؤشرات على أنّ وضعنا تراجع. الأرقام التي لدينا تشير إلى أنّ وضعنا جيّد جداً. إن تجمّع الكلّ ضدّنا، ما هي النسبة التي سيحصلون عليها؟»، يسأل روكز. يبدو الرجل واثقاً من قدراته، ويؤكد «ضرورة تطبيق القانون وإجراء الانتخابات الفرعية، التي لا يوجد سبب لإلغائها». أما من يقول إنّ «التيار» لا يريد إجراء «الفرعية» خوفاً من الخسارة، فيردّ روكز عليه ضاحكاً: «نتمنى لهم التوفيق». هو مرتاح إلى «التنسيق الأفضل مع هيئة القضاء في التيار». وبالنسبة إلى الهجوم عليه، من منطلق أنه ليس من كسروان، «فمصدرها من لديه مصالح انتخابية ضدّنا. هم دائرة ضيقة. وأنا لا أعتبر نفسي غريباً عن كسروان».

المصدر: ليا القزي - الأخبار