بدأت أمس زيارة الوزيرين حسين الحاج حسن وغازي زعيتر لسوريا، بما تعنيه من فتح صفحة جديدة في العلاقات اللبنانية السورية التي شهدت تدهوراً غداة بدء الأزمة السورية. فيما تؤثر الحكومة اللبنانية وبعض الوزراء دفن رؤوسهم في الرمال تحت عنوان النأي بالنفس للهروب من الاعتراف بزيارة الوزيرين الرسمية لا الشخصية لدمشق

في الوقت الذي لا يزال فيه بعض الوزراء يعتلون المنابر لتأكيد أن زيارة وزير الزراعة غازي زعيتر والصناعة حسين الحاج حسن لدمشق تأتي بصفتهما الشخصية من منطلق نأي الحكومة بنفسها، حظي زعيتر والحاج حسن يوم أمس باستقبال رسمي حاشد تقدمه محافظ ريف دمشق علاء منير إبراهيم ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محمد سامر الخليل الذي كان قد وجه الدعوة إليهما.

ويصل إلى دمشق اليوم أيضاً وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس، للمشاركة في معرض دمشق الدولي إلى جانب زميليه، بعد أن أعلن زيارته لسوريا اليوم بصفته الرسمية. وكان الوزيران الحاج حسن وزعيتر قد وصلا إلى معبر جديدة يابوس الحدودي برفقة وفد لبناني كبير من الصناعيين ورجال الأعمال والتجار والزراعيين الذين قدموا لمشاركة همومهم وتعزيز التعاون المشترك بين البلدين. وتبدأ اليوم اللقاءات الرسمية لوزيري الزراعة والصناعة، لتشمل نظيريهما ورئيس الحكومة السورية، على أن يشاركا في افتتاح معرض دمشق الدولي الذي يعود للعمل بعد خمس سنوات من الغياب على أثر بدء الأزمة السورية. ويعقد المعرض في مدينة المعارض التي تقع في جنوب دمشق ضمن منطقة تحمل دلالة كبيرة بالنسبة إلى السوريين، حيث كانت طوال السنوات الماضية مهددة من المسلحين، وباتت اليوم آمنة. كذلك يشارك في المعرض ممثلون لأكثر من 20 دولة صناعية، فيما تشارك أوروبا اقتصادياً وليس رسمياً، إذ يحضر عدد كبير من رجال الأعمال وممثلي شركات لأكثر من 20 دولة أوروبية. أما الصين، فتتمثل رسمياً وعبر عدد كبير من الشركات. فيما أهم الدول العربية الحاضرة إلى جانب لبنان هي عمان والعراق ومصر، علماً أن وفوداً فنية وصلت من القاهرة أمس.

وتكتسب المشاركة اللبنانية طابعاً استثنائياً بما تعنيه من تأكيد لعمق العلاقات السورية اللبنانية، رغم كل الأزمات التي مرت بها، وهو ما أشار إليه الوزيران اللبنانيان في تصاريحهما. وقال الحاج حسن إنه على قناعة بأن «العلاقات اللبنانية السورية المبنية على التاريخ والجغرافيا والمصالح المشتركة عميقة وستستمر»، موضحاً أنه جاء كوزير تلبية للدعوة السورية على رأس وفد تجاوز عدده الستين شخصاً. وأوضح أن «بعض الأفرقاء أثاروا الموضوع في جلسة الحكومة، رغم أنه لم يطرح البند على جدول الأعمال، وقد أعلمت الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري شفهياً بالموضوع، ونحن بكل وضوح نقول إن العلاقات اللبنانية السورية لا تحتاج إلى نقاش، وهناك علاقات اقتصادية واتفاقات ثنائية، وفي العديد من المستويات. وغداً (اليوم) سنوجه تهنئة من القلب إلى سوريا والرئيس بشار الأسد ولكل حلفاء سوريا بعد الانتصار على الإرهاب، والأيام قادمة». ولفت الحاج حسن إلى أنه لن يكون هناك توقيع اتفاقيات في هذه الزيارة، ولكن هناك ملفات يجب بحثها. جئنا إلى سوريا المنتصرة على الإرهاب كي يكون كل لبنان موجوداً في دمشق، وكل اللبنانيين سيستفيدون من تحرك العجلة الاقتصادية والترانزيت بين البلدين، ولبنان يجب أن يكون حاضراً في إعمار سوريا. بدوره، أكد وزير الزراعة اللبناني غازي زعيتر، أن «تعميق العلاقات الثنائية هو لمصلحة البلدين على كل الصعد الأمنية والسياسية والاقتصادية (..) فسورية بوابة لبنان إلى الدول العربية». وأشار إلى أن البحث سيتناول «سبل تفعيل الاتفاقيات الموقعة بين البلدين على مستوى الزراعة والصناعة وغيرها من الاتفاقيات»، مضيفاً: «إن الزيارة سيكون لها نتائج إيجابية بالرغم من كل ما قيل عنها وما أُطلق عليها، ونحن بقناعة وإيمان حضرنا إلى سورية الشقيقة». وكرر زعيتر مسألة «تعيين سفير لبناني جديد في سوريا منذ أقل من شهر» لينفي وجود أي مقاطعة للدولة السورية: «هناك بعض المواقف السياسية على أمل أن تتغير هذه المواقف بعد النصر النهائي على الإرهاب».

المصدر: الاخبار