مرّ ملفّ التشكيلات الدبلوماسية بنجاح داخل الحكومة، و«احتفل» وزير الخارجية جبران باسيل بـ«أكبر حركة للتشكيلات الدبلوماسية في تاريخ الوزارة». إلا أنّ ذلك لا يعني أنّ الصفحة قد طويت، ولا سيّما ما يتعلّق بقضية السفير رامي عدوان. «الفضيحة» التي حاولت «الخارجية» تمريرها هي ترفيع عدوان من الفئة الثالثة إلى الفئة الثانية، على الرغم من تقديمه في ١٨ تموز الماضي استقالته من السلك الدبلوماسي، واللجوء إلى تعيينه سفيراً لدى فرنسا من خارج الملاك. ووفق الوثيقة التي اطلعت عليها «الأخبار»، تمّت الموافقة على استقالته في ١٩ تموز.
وفي التفاصيل أنّ أحد الدبلوماسيين اكتشف أنّ اسم عدوان أُدرج ضمن ملفّ الترفيعات من الفئة الثالثة إلى الثانية الذي أرسلته «الخارجية» إلى مجلس الخدمة المدنية، بعد تقديمه استقالته، وتمّت الموافقة على «ترقيته»! لم ينتبه أحد إلى «الخطأ» المُرتكب، حتّى أرسلت وزارة الخارجية، إلى وزارة المال يوم الاثنين، مرسومَي الترفيعات الدبلوماسية من الفئة الثانية إلى الأولى (بحاجة إلى موافقة مجلس الوزراء)، ومن الفئة الثالثة إلى الثانية (قرار من «الخارجية»).
ويُحاول أحد المديرين في قصر بسترس الضغط من أجل توقيع المرسوم الثاني، رغم إدراكه أنّه حتى لو مرّ ترفيع عدوان خلافاً للقانون لا تسمح له درجاته بتسلّم بعثة دبلوماسية في الخارج. فعدوان سبق أن انقطع عن العمل، بإرادته، بعد ورود تقرير إلى «الخارجية» عام 2012، من السفارة اللبنانية في هولندا، يتهمه بارتكاب مخالفات مسلكية وإدارية، إضافة إلى اتهامه بجرائم جنائية («الأخبار»، عدد 20 تموز 2017). وبصرف النظر عن مضمون التقرير، فإن انقطاع عدوان عن العمل، قبل عودته بعد أشهر ليعيّنه باسيل مديراً لمكتبه، أدى إلى خسارته عدداً من الدرجات الوظيفية. وفي جلسة مجلس الوزراء يوم ٢٠ تموز الماضي، التي أُقرت فيها التشكيلات الدبلوماسية، كان الوزير يوسف فنيانوس الوحيد الذي استفسر عمّا نشرته «الأخبار» عن «التقرير السرّي» بحق عدوان، لينتهي الأمر بإنكار باسيل لما نُشر، واعتباره أنّ الأمر لم يكن أكثر من «خلافات شخصية في السفارة في هولندا» قبل سنوات. بعد ذلك، أُقِرّ تعيين عدوان سفيراً في فرنسا، من خارج الملاك، لكونه قد استقال قبل يومين من جلسة مجلس الوزراء. وبالتالي، لم يعد معنياً بالترفيعات التي تشمل الدبلوماسيين من داخل الملاك حصراً.
وزارة المال انتبهت إلى اللغط الذي يتضمنه مرسوم ترفيعات الفئة الثالثة، وامتنعت عن توقيعه إلى حين تصحيحه. وإذا ما وقّعته، فسيكون عرضة للطعن به.
ليست هذه النقطة الوحيدة التي تحتاج إلى تعديل في مرسوم التشكيلات الدبلوماسية. فوزارة الخارجية نسيت أن تُرسل طلب ترفيع سفير لبنان لدى كوبا روبير نعوم إلى الفئة الأولى، وهو الذي سيتقاعد في أيلول المقبل. كذلك لم تأخذ «الخارجية» برأي مجلس الخدمة المدنية بشأن إعادة دبلوماسيين من الخارج إلى الإدارة المركزية، وهم: سامي النمير، سليم بدورة، ميليا جبور، غسان الخطيب، جوانا القزي، ألبير سماحة، طوني فرنجية، رلى نور الدين، والحجة أنه «لا يوجد عدد كافٍ من الدبلوماسيين الذين تسمح درجاتهم بترؤس بعثات في الخارج».
من جهة أخرى، وبعد اللغط الذي أثاره تعيين جوني إبراهيم سفيراً لدى الفاتيكان، بسبب انتمائه السابق إلى أحد المحافل الماسونية، رجّحت مصادر دبلوماسية أن توافق الدوائر الفاتيكانية على تعيينه. يبقى أنّ «الخارجية» لم تُرسل بعد أوراق اعتماد السفير ريان سعيد إلى الكويت، بذريعة أنّ السلطات هناك سترفض تعيين سفير شيعي. ولكن، بعد الضجة التي أثارها الأمر، علمت «الأخبار» أنّ السلطات الكويتية استنكرت التذرّع بها لعدم إرسال أوراق اعتماد سعيد. لذلك، من المفترض أن تُرسل «الخارجية» أوراق اعتماده. إلا أنّ مصادر قصر بسترس تكتفي بالقول: «لم يتضح شيء بعد».