«حرب زحلة» بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وزيارتا جبران باسيل وسمير جعجع، استفزت ميريام سكاف أكثر بكثير مما تركت تأثيرها في الشارع الزحلاوي. قلّة المشاريع وخلافات «التيار» والقوات الداخلية، تصعّب من المهمة. العمل جارٍ لحل هذه الثغرات قبل الانتخابات النيابية

القانون الانتخابي الجديد أعطى أهمية لدوائر على حساب دوائر أخرى. إلا أنّ زحلة لا تزال واحدة من أهم الدوائر الانتخابية. الولوج إلى عاصمة البقاع ليس بالأمر السهل، ولا سيّما بالنسبة إلى التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية اللذين يُعانيان من مشاكل تنظيمية وخلافات داخلية، تنعكس سلباً على عملهما السياسي.

يُقال في زحلة إنّ زيارة رئيس القوات سمير جعجع إليها أتت رداً على العشاء الذي أقامه رجل الأعمال، والمرشح إلى الانتخابات النيابية، ميشال الضاهر على شرف رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل. الأخير ثبّت تحالفاً انتخابياً مع الضاهر، رداً أيضاً على ترشيح جعجع لرئيس بلدية جبيل السابق زياد حواط إلى الانتخابات في دائرة جبل لبنان الأولى. إلا أنّ ذلك لا يلغي أنّ زيارتَي باسيل وجعجع صبّتا في إطار شدّ العصب الحزبي لكل منهما، وإنهاء «التمردات» الداخلية التي يمكن أن تُعكّر صفو الانتخابات النيابية.
تقول مصادر زحلاوية إنّ باسيل وجعجع يقومان بـ«حصر ارث في زحلة. ويحشدان من أجل تأمين الحاصل الانتخابي كلّ لوحده، بالتعاون مع المستقلين، ليبدأ بعدها التفاوض على التحالفات». حقّق باسيل هدفه من زيارة زحلة: ضمّ الضاهر إلى صفوفه، بعد أن فشل جعجع في أن يُحوله إلى «حواط» آخر، ثم لم ينجح في إقناع شقيقه عبدالله الضاهر في الترشح. وكان العشاء عند الضاهر، بحضور رفيع المستوى من جانب تيار المستقبل. فيكون بذلك «التيار»، قد حسم مُرشحَين له، النائب السابق سليم عون والضاهر. إلا أنّ المصادر الزحلاوية تُصّر على أنّ «زيارة باسيل لم تكن منظمة جيّداً، ما أثار غيظه. بعد انتهاء جولته، عقد لقاءً في شتورا ضمّ عون ومنسقية زحلة، لامهم خلاله على طريقة ترتيب الزيارة».
لا توافق مصادر «التيار» الرسمية على ما تقدّم. «زيارة باسيل كانت أفضل من زيارة جعجع، ولا سيّما أنّ الهدف منها قد تحقق». وتؤكد أنّه ليس صحيحاً أنّ وزير الخارجية «عقد اجتماعاً لأعضاء التيار يلومهم فيه». ما حصل أنّه «لدينا مشاكل تنظيمية، منذ ٨ سنوات. قرّر باسيل عقد لقاء لمعالجة الخلل الداخلي، قبل الانتخابات النيابية». حصل نقاش بين الأجنحة العونية المتناقضة في زحلة «ومن المفترض أن تكون هناك تغييرات جزئية في المنسقية. وخلال الأسبوعين المقبلين سنبدأ نلاحظ تغييراً ما، لنعمل كفريق واحد ونشدّ العصب من جديد»، بحسب المصادر العونية. أما الزيارة الثانية التي سيقوم بها باسيل للبقاع نهاية الشهر الحالي، «فلا تعني أنّ الأولى لم تنجح». ولكن هناك «بلدات عدّة في قضاء زحلة لم يسمح الوقت في الذهاب إليها. بعد زيارة البقاع الشمالي نهاية الشهر، سيعود ويزور المفتيين الشيعي والسني في البقاع الأوسط، وعدداً من الفعاليات السنية المستقلة، إضافة إلى الأرمن في مجدل عنجر».

زيارة جعجع لزحلة، تصفها المصادر المحلية بأنها «في الشكل، كانت جيدة». رغم أنّ طريقة «استدعاء» السياسيين، ورجال الدين، والفعاليات المحلية «شكّلت نوعاً من الاستفزاز. فقد تذرّع رئيس القوات بالظروف الأمنية التي لا تسمح له بزيارتهم في منازلهم». كان هذا أحد الأسباب الذي دفع عدداً من رؤساء البلديات «السنية» إلى مقاطعة الزيارة، «إضافة إلى وجود عتب على الطريقة التي تتعامل بها منسقية القوات مع هذه البلدات».
ولكن، على العكس من باسيل «لم يحسم جعجع مُرشحيه في زحلة. رغم أنّه ألزم كلّ من يرغب في الترشح معه بشراء ١٢ بطاقة إلى حفلة العشاء السنوي لمنسقية القوات». ترك الباب مفتوحاً لـ«سليم وردة، ماغدا رزق، ميشال فتوش، أنطوان شديد، سمير صادر، يوسف القرعوني، طوني طعمة… من دون أن يُقدّم وعداً لأحد. حتى فتوش الذي يقول في زحلة إنّ ترشيحه محسوم، لم يُخصص له مكان على الطاولة الرئيسية خلال العشاء».
مضمون كلام جعجع، لم يكن مطابقاً للشكل الذي ظهر فيه، «كشخص يملك القدرة على استقبال كل المكونات وكأنه صاحب مفتاح الدار». خطابه كان «قلقاً من نتائج الانتخابات النيابية، وهو الذي يُدرك أنّه منذ الـ٢٠٠٩ لم يقم نوابه بأي مشروع من أجل زحلة». تكلّم عن شعارات ١٤ آذار «وشدّ العصب كما يُحب أهل زحلة، ولكن عملياً لم يترك تأثيراً بينهم»، ما عدا استفزاز رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف. خلال اللقاءات التي عقدها، «عبّر عن رغبة في التحالف مع المستقبل، من دون أن يستبعد الاحتمال الكبير في أن يكون وحده». وقال إنّه في هذه الحالة «يحصد نائباً أو نائباً وربع». يعمل الرجل «على الفوز بالمقعد الكاثوليكي. ويدرس إمكانية التركيز على المقعد الأرمني الذي يُعد الأضعف. أما بقية المرشحين، فالهدف منهم هو تأمين الحاصل الانتخابي». الأمر الآخر الذي يسعى جعجع إليه هو «انتساب الشخصيات المستقلة التي سيُرشحها إلى القوات. وقد بعث بهذه الرسالة إلى أحد المستقلين الأورثوذكس».
الخلافات الداخلية بين القواتيين، عادت لتطفو على السطح من جديد بين المنسق ميشال التنوري من جهة، والفريق الآخر الذي يترأسه مرشح القوات عن المقعد الكاثوليكي (في الـ٢٠١٣) في زحلة جورج سماحة، من جهة أخرى. وتستبعد المصادر أي إمكانية لتغيير المنسق قبل الانتخابات النيابية. ولكن كما كلّف جعجع في الـ٢٠٠٩ غسان المعلوف متابعة ملف النيابة، وكلّف مارون اسطفان إدارة الانتخابات البلدية، «سيُتابع الملف الانتخابي هذه المرة، إلى جانب التنوري، جوزف بو جودة».
من جهتها، تصف مصادر معراب الرسمية زحلة بأنها «خزان أساسي للقوات اللبنانية. لذلك، الزيارة إليها ليست رداً على أحد». تقول المصادر إنّ القوات «تتعامل مع الانتخابات النيابية بشكل جدي. نريد أن نُقوي حضورنا في زحلة». لا تزال القوات تُعاني من أزمة مرشحين إلى النيابة. والدليل أنها في واحدة من أهم المناطق بالنسبة إليها، لم تحسم بعد من هم المرشحون، على غرار دوائر أخرى. «الاستشارات قائمة» تردّ المصادر. وحين تجتمع «الهيئة التنفيذية، من المفترض في أقرب وقت أن يُعلن عن المرشحين».

المصدر: ليا القزي - الأخبار