بين فجر وفجر، ثمة ايام تفوح منها رائحة العزّ، ولا سيّما في زمن سمته انّه زمن انتصارات. هذا اليوم، الذي بدأ مع اعلان الجيش اللبناني عن بدء عملية "فجر الجرود" والتي تزامنت مع انطلاق عملية "ان عدتم عدنا"، هو يوم اثبتت فيه المؤسسة العسكرية ان ولاءها الوطني اعلى وانقى من كل التفاهات التي يتبارى سياسيّو الارتزاق في التسويق لها.
قاتل رجال الشمس اليوم، كما في الايام السابقة، مرتزقة الولايات المتحدة الاميركية والسعودية وسائر حلفائهما المحليين والدوليين. قاتلوا ببأس من يعرف انه يدافع عن ارض وعن كرامة ومن يعرف ان سلاحه سلاح حق لا ينهزم. قاتلوا ولم يأبهوا لكل "دواعش" الداخل الذين لطالما اوجعتهم كل اصابة في صفوف الارهابيين، فسعوا اليوم الى محاولة الفصل بين الجيش والمقاومة عبر نظم الاشعار للجيش ومهاجمة المقاومة في الوقت عينه، او عبر اعتبار ان الجيش اللبناني هو وحده من يقوم بانجاز تطهير الجرود. حاولوا بذلك التنفيس عن غضبهم من مجريات المعركة التي سيخسرون فيها معسكرات مرتزقتهم، فزايدوا قدر استطاعتهم، محاولين دس سمّ حقدهم على المقاومة والجيش العربي السوري في دسم التغني بالجيش ورفع الشعارات الطنانة.
اذاً، بزغ فجر الجرود فوق جبال تصيح بالارهابيين "ان عدتم عدنا". كتفاً بكتف، وقلباً واحداً يوزع نبضه في كل الجهات، استبسل رجال الشمس قتالا وانتصارا وتنسيقا واخلاقا. شنّوا سويا هجومهم المنسّق والمعد له بشكل دقيق. وهذا التنسيق ليس طارئا، بغض النظر ان كان معلنا او خفيا، فإخفاؤه لا يغير في واقع الامر شيئا، ولا سيما بالنظر الى الموضوع من وجهة الهدف الاسمى وليس الجدالات الفارغة. حسنا، لنرَ الامر من وجهة نظر "المتحسسين" من اعلان التنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري وحزب الله. لقد قام هؤلاء وعلى مدى شهور طويلة بخداع جمهورهم تارة بمعزوفة "لولا تدخل حزب الله في سوريا" وطورا بنشيد "النأي بالنفس" ناهيك عن الشعارات الخاصة بالمناسبات والتي كانت تختلف بحسب التوقيت ونوعية المناسبة. نتذكر هنا استراتيجية النادور التي طرحها احدهم والتي تقوم على حماية الحدود بالمناظير (لم يحدد واضع الاستراتيجية ان كان يقصد مناظير ليلية او عادية)، ونتذكر ايضا محاولات يائسة خاضها الكثير من الساسة الاذاريين لابتزاز الجيش او خلق فتنة بينه وبين المقاومة، ويرفض اليوم الاعتراف، عن مكابرة وسبق اصرار، ان ما جمعه الدم لا تفرقه العمالة، وان شهداء الجيش اللبناني وشهداء المقاومة هم ابناء العقيدة الوطنية الواحدة، هم الاشقاء الذين تقاسموا واجب حماية الارض والناس وحق الدفاع عن الارض والناس.
اليوم، جميعهم كانوا اهل الشرف، وجميعهم كانوا البواسل، وجميعهم رفعوا راية الحق خافقة في الدشم. بدوا كأنهم طليعة الجيش العربي الذي اسقط الحدود التي رسمها الاستعمار ذات سايكس-بيكو. بدوا جميعهم، متكافلين متضامنين، درع الامان الاجمل، وحصن الارض الابهى. دمهم الذي فئته الكرامة كتب الانتصار رصاصة تلو رصاصة، تلة تلو تلة. كيف يلتفتون لحقارة من باع الدم وتاجر به، موقفا ومشروعا وعمالة وانهزاما؟ وكيف يردون على محاولات التفريق بينهم بغير اشهار السلاح الموحد ضد الارهاب، كل الارهاب؟
اليوم، بدا المشهد خياليا، خلابا. الجيش العربي السوري معطرا بالحق وياسمين الشام، والجيش اللبناني معمدا بالنار وببهجة الارض التي تعرف خطو الرجال، وابطال حزب الله المدججين بالكرامة وباليقين بالنصر وبالعشق الاخاذ للحق مهما غلا ثمنه. صاحوا اليوم صيحة واحدة. قالوا للنصر "كن". وما بقي الا القليل ليكون.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع