فتح الجيش السوري وحزب الله، في ذات الوقت النار على داعشبالتوازي مع تحرك الجيش اللبناني لمسح داعش عن خارطة جرود رأس بعلبك من الجانب اللبناني، سريعا، ظهرت صورة مغايرة لداعش عما كان مألوفا عن التنظيم الذي أصخب العالم بدمويته ووحشيته، يبدو الآن كقط جبان يفر جرد إلى آخر.
هذه الصورة ليست جديدة كليا، ظهرت في العراق خلال تحرير الموصل، لكن ما يظهر عليه داعش الآن هو أن يقدم التوبة ويسعة لمسح ماضيه الآثم والمليء باللون الأحمر، بعد سنوات من العنجهية وتعريض الأكتاف والتطاول على القدرات المواجهة له.
بحسب أدبيات التنظيم الإرهابي، فإن داعش الآن يعلن برائته من داعميه الذين يراقبون ما يجري من زوايا الظل، وكذلك يحاول التوبة،عمليات تسليم مقاتلي داعش أنفسهم تؤكد ذلك، لكن التبرؤ حالة لافتة بكل المعايير، وعلى الأغلب فإن السعودية تمر بأوقات عصيبة للغاية حتى يأس منها التنظيم وتعلم من التجربة السابقة، والتجربة الحالية التي تثبت له أن لا فرصة لديه لمتابعة أي معركة حتى لم يعد يستطيع البدء بأي واحدة منها.
حتى الآن، لم يعلو صوت للجوقة السعودية في لبنان، أصبحت النتائج مؤكدة، فالميليشيات والتنظيمات الإرهابية التي كان تحاول بعض التيارات السياسية في لبنان أن تتعامل معها على أنها أمر واقع يجب التفاوض معه وليس دحره، آيلة للزوال، والسعودية التي كانت ترسم هذه المنهجية صامتة هي الأخرى، وبالتالي، فإن الاوراق التي كان يبنى عليها للعب دور رئيس في المفاوضات الدولية تحترق.
حتى لبنان بدأ يتغير، والمقامرون بالأوراق السعودية في داخله في موقف حرج، عليهم أن يكونوا جنبلاطيين الآن ومستعدين للانقلاب والتغير والتبدل بحسب الطقس الأمني والسياسي الجديد، وإلا فإن لا مكان لديهم سوى تملق ما حصل على شاكلة بعض مسؤولي نظام الرياض الذين قدموا سابقا إلى بيروت غداة حل العقدة الرئاسية.
إنه شرق أوسط جديد حقا، لكن بلا ربيع أميركي أو فوضى خلاقة لصالح ما تريده واشنطن، شرق أوسط انسكرت فيه شوكة الإرهاب التي زرعت وغذيت بمبالغ لا تقدر من الأموال، المنطقة الآن من شأنها أن تقول لا للهيمنة الأميركية بكل ثقة، في المقابل فإنها لن ترى جوابا أميركيا مقتدرا، لأن عصر الوهن الأميركي قد فرض نفسه على كافة المستويات.