في إسرائيل توجد على الأغلب مؤسستين عسكريتين اثنتين غير مُعلن عنهما: الأولى، تُواكب تطوّر ترسانة حزب الله العسكريّة كمًّا، والثانية تعمل على مدار الساعة في إحصاء أنواع الأسلحة، أيْ متخصصة في الإحصاء النوعيّ للأسلحة التي تندرج في إطار تعاظم سلاح المقاومة من كلّ الأنواع.
ولا نُجافي الحقيقة إذا جزمنا بأنّه مع كلّ إنجازٍ عسكريٍّ جديدٍ يُسجله حزب الله في حربه ضدّ الإرهاب في سوريّة، يرتفع بشكلٍ أوتوماتيكيٍّ منسوب القلق والتوتر لدى الإسرائيليين، تحسبًا للمواجهة المقبلة مع المقاومة.
وعلى سبيل الذكر لا الحصر، كشفت صحيفة “معاريف” العبريّة، نقلاً عن مصادر عسكريّة وأمنيّة رفيعة في تل أبيب، كشفت النقاب عن أنّ العديد من الضباط الإسرائيليين الكبار أقّروا بحالة التوتر التي تسود الحدود مع لبنان وبتآكل الردع الإسرائيليّ مقابل حزب الله، على حدّ تعبير الصحيفة.
بناءً على ما تقدّم، كان أكثر من متوقعٍ أنْ يُتابع الإعلام العبريّ بدقّةٍ وخوف بالِغَين مشاهد عرضتها المقاومة لطائرة مسيرة دون طيار وهي تقصف مواقع تنظيم “داعش” الإرهابيّ في جرود القلمون الغربيّ، حيث حذّر الخبراء في تل أبيب من أنّ ما عُرض ليس إلا تمهيدًا لقوةٍ جويةٍ ذات قدرات هجومية ضخمة تابعة لحزب الله، من شأنها أنْ تقلب موازين القوى في أيّ حربٍ قادمةٍ.
وفي هذا الصدد، أبدى معلقون وخبراء في إسرائيل قلقهم البالغ إزاء الصور التي عرضها حزب الله لطائرة مسيرة دون طيار. التلفزيون الإسرائيليّ الرسميّ “كان” قال إنّ المشاهد تُظهر قدرات خارجة عن المألوف، وعلى الرغم من أنّ هجمات حزب الله كانت موجهة نحو أهداف لـ”داعش”، لكن المؤكّد أنّ ثمة متابعة إسرائيلية لعمليات حزب الله.
وتابع التلفزيون العبريّ الرسميّ قائلاً إنّها ليست المرة الأولى التي يُظهر فيها حزب الله أنه يتملك قدرات كهذه، لكن استخدام هذا السلاح في هذا التوقيت بعد أن تمّ الإعلان عن وقف إطلاق النار في الجنوب الغربيّ في سوريّة يُضاف إلى الخشية المتزايدة في إسرائيل من الواقع الأمنيّ الذي يتكون في سوريّة والذي يمنح حرية التصرف لإيران ولحزب الله، على حدّ تعبيره.
ونقل التلفزيون عن رئيس برنامج الدَّراسات الأمنية في جامعة تل أبيب الجنرال احتياط يتسحاق بن يسرائيل قوله إنّ هذه المشاهد بالتأكيد تُساعد حزب الله أكثر في الحرب النفسيّة، لافتًا إلى أنّ تل أبيب لم توافق في أية مرة ولن توافق في المستقبل على أيّ تواجد مكثف إيراني في سوريّة، لأنّ هذا يشكل تهديدًا مباشرًا لنا، مشيرًا إلى أنّهم يعالجون هذا الأمر بالوسائل كافة بما فيها الوسائل الدبلوماسيّة.
وشدّدّ التلفزيون العبريّ في تقاريره المُوسّعة عن الطائرات المُسيرّة على أنّ الصور التي تمّ عرضها تُعزز الإدراك الذي يفيد أننّا المرة القادمة سنواجه على الحدود حزب الله مختلفًا تمامًا، عن الذي عرفناه في العام 2006، على حدّ وصفه.
وتابع التلفزيون قائلاً: سنُواجه حزب الله مدربًا أكثر مع تجهيزات مختلفة، مُضيفًا أنّه في الواقع لم يعد حزب الله منظمة بل جيشًا بكلّ ما تحمل هذه الكلمة من معنى، وفي الجيش الإسرائيليّ يدركون ذلك جيدًا، وكان للمشاهد التي عرضها حزب الله تأثير على القاطنين في الشمال، هؤلاء لا يمكنهم مواجهة هذا التهديد الجويّ، وكانوا في السنوات الأخيرة يخافون جدًا من الأنفاق على الحدود الشمالية، إن وُجدت.
من ناحيته، قال المعلق العسكري في القناة العاشرة ألون بن دافيد إنّ ما شاهدناه هو طائرات غير مأهولة تحلق على ارتفاع كبير بسرعة بطيئة بعض الشيء ترمي قذائف هاون، وهذه ليست أفضل التكنولوجيا الإيرانية بالتأكيد، لأن الإيرانيون وحزب الله يمتلكون طائرات هجومية متطورة أكثر.
واعتبر في الوقت عينه أنّ ما عُرض ليس إلّا الخطوة الأولى لقوّةٍ جويّةٍ مهمةٍ تابعةٍ لحزب الله، التي تدمج بين التصوير وقدرات هجومية أيضًا، لذلك لا يجب الاستخفاف باستعراض القوة هذا، على حدّ وصف المُحلل الإسرائيليّ.

المصدر: راي اليوم