على مدى الأشهر الماضية في مخيم عين الحلوة، اهتزّت العصا التي نجحت حركة حماس في الإمساك بها من المنتصف، لتبدو كطرف معتدل ووسيط بين فتح من جهة والقوى الإسلامية وتجمع الشباب المسلم من جهة أخرى. في موقف لافت، تناول القيادي في التجمع الشيخ أسامة الشهابي، حماس، في خطبة الجمعة الأخيرة. قال إن الصراع في المخيم «صراعٌ بين فتح وحماس على أحقيّة تمثيل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

فتح تُقاتل بسيفها وحماس تُقاتل بسيف غيرها مُستغلةً جهل بعض الشباب في السياسة الشرعية وحاجة بعض الشباب للمال». وفيما حمّل المسؤولية لحماس، برّأ الشهابي الشباب المسلم «الذي لا دور له في هذا النزاع الموجود أصلاً قبل ولادته. نحن لا نملك مشروعاً في لبنان ولن نكون أداة بيد أحد». ودعا الحركتين (فتح وحماس) إلى أن تتصارعا «بعيداً عنا، ونبرأ إلى الله من صراعكم الذي ما جلب لأهل مخيمنا إلا القتل والدمار والتهجير».
قيادي في حماس عبّر في حديث لـ«الأخبار» عن «تفاجؤنا بالأمر ونحن المتهمون بتغطية الإسلاميين ومناصرتهم». كيف تفسر حماس هجوم الشهابي الأول من نوعه على الملأ؟ «إنه رد فعل على عدم نجاح عملية إخراج عدد من المسلحين من عين الحلوة إلى إدلب ضمن باصات جبهة النصرة بعد معركة جرود عرسال» قال القيادي. علماً بأن الشهابي والعشرات من إخوانه كانوا موعودين بالموافقة على ترحيلهم. ما علاقة حماس بذلك؟ «الشهابي يتهمنا بأننا لم نبذل جهداً كافياً لإقناع الدولة اللبنانية بالموافقة. إلا أننا نواصل مساعينا من الجهات المعنية من أجل إخراجهم».


بحسب القيادي، عرضت حماس في شهر آذار الفائت (أي قبل الحديث عن معركتي الجرود وقبل اندلاع الاشتباك ضد مربع بلال بدر في نيسان الفائت) على حزب الله، مقترحاً لإخراج من يشكل خطراً من عين الحلوة إلى سوريا بهدف «إراحة المخيم من الخضات الأمنية المتكررة وتداعياتها على صيدا وعلى طريق الجنوب». طلبت حماس من الحزب نقل المقترح إلى الدولتين اللبنانية والسورية. «الرفض القاطع جاء من دمشق» قال القيادي. لكن المحاولات «لم تتوقف حتى الآن والمقترح بعهدة الدولة اللبنانية برغم تشدد الرفض السوري ومن بعض الداخل اللبناني بعد ترحيل عناصر داعش من جرود رأس بعلبك». تسعى حماس إلى الفوز بذلك الإنجاز «ظناً منها أنها تقدم للدولة اللبنانية وحليفها الحزب ورقة رابحة». الحركة التي يتهمها خصومها برعاية المتشددين انبرت كما في كل اشتباك إلى الدعوة لوقف إطلاق النار. ومن جهة أخرى، فإنها تفتش عن إنجازات تسديها للدولة، على غرار تبنيها اعتقال القيادي في داعش خالد السيد في عين الحلوة قبل. الإنجاز الجديد المرتقب، تحدده برأي البعض، نتيجة التلاقي اللافت بين حماس وأنصار الله وتوزيع صورة (على غير العادة) للزيارة التي قام بها المسؤول السياسي لحماس أحمد عبد الهادي على رأس قيادة صيدا إلى مسؤول «الأنصار» جمال سليمان في مخيم المية ومية يوم الجمعة الفائت، بحضور نجله عضو الشورى حمزة سليمان (قاتل في سوريا مع «النصرة»، ومع أتباعها في عين الحلوة ضد فتح). في البيان الصادر عن اللقاء، أكدت الحركتان ضرورة إطلاق عمل اللجنة المعنية بالتعامل مع ملف المطلوبين ونشر القوة المشتركة في حي الطيرة والتنسيق والتعاون مع الدولة». مصدر مواكب وجد في التلاقي «إشارة لإطلاق عمليات أمنية تطاول قياديين في المجموعات المتشددة تحقق هدف إراحة المخيم بعد فشل الحسم العسكري».
في هذا الإطار، جزم القيادي في حماس لـ«الأخبار» بأن المعركة «لن تتجدد في عين الحلوة. فتح استعادت هيبتها وطردت بلال بدر وبلال العرقوب من مربعهما في الطيرة، فيما معظم عناصر «الشباب المسلم» يفكرون في الرحيل من المخيم والوصول إلى تركيا ومنها إلى أوروبا». هذا فضلاً عن أن المعارك الأخيرة «لم تجلب سوى الدمار والتشريد لسكان المخيم». أكثر من فصيل يترقب العمليات الأمنية، إذ قال رئيس التيار الإصلاحي في فتح العميد محمود عيسى (اللينو) إن «العمل العسكري لم يعد يأتي بنتيجة». وكان لافتاً إعلان رئيس الدائرة العسكرية والأمنية في «الجبهة الشعبية ــ القيادة العامة»، اللواء خالد جبريل، إرسال قوات النخبة إلى عين الحلوة لضبط الأمن، وتهديده «الجماعات الإرهابية بالإستسلام وإلا فالقضاء عليها»، علماً بأن «القيادة العامة» سحبت مجموعاتها 

المصدر: امال خليل - الأخبار