تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح السبت 16-9-2017 العديد من الملفات المحلية والاقليمية والدولية ابرزها الجولة السادسة من محادثات أستانا والاتفاق حول منطقة «تخفيف التصعيد» الجديدة في إدلب، ومحليا تمكّنت استخبارات الجيش اللبناني أمس من إحباط مخطط إرهابي كبير، كانت تُعدّ لتنفيذه خلية إرهابية تنتمي الى تنظيم «داعش» واعتقلت 19 شخصاً إثر مداهمة نفّذتها لمكان إقامتهم.

الجمهورية:
التحذيرات الدولية تتوالى… والجيش يُحبط عملاً إرهابياً ويُوقف 19 متورِّطاً
صحيفة الجمهورية _لبناننحّى الهاجس الأمني كلّ الملفات الاخرى جانباً وتربّع على سطح المشهد الداخلي، وفعلت التحذيرات الدولية التي توالت على يومين متتالين، وخلقت بلبلة داخلية ورفعت منسوب القلق لدى اللبنانيين من ان يكونوا أهدافاً لعمليات ارهابية خطيرة، وهو الامر الذي دفع العديد من السياسيين الى إلغاء نشاطات كانوا ينوون القيام بها نهاية الاسبوع الحالي، خصوصاً انّ النبرة الحازمة التي تضمنتها هذه التحذيرات الى رعاياها في لبنان، بَدت وكأنها مبنية على معطيات امنية شديدة الخطورة حول استهداف مراكز حيوية وتجمّعات في لبنان، ووصلت الى حد تحديد موعد حصول عمل إرهابي خلال الساعات الثماني والاربعين المقبلة. ويأتي ذلك في وقت تمكّن الجيش من كشف خلية لـ»داعش» في مخيم عين الحلوة كانت تعد لعملية إرهابية، وألقى القبض على 19 متورطاً. وامّا في السياسة، فيبدو انّ البلد دخل في حال من الاسترخاء السياسي، تتجاذبه الفكرة التي طرحها رئيس المجلس النيابي نبيه بري بتقصير الولاية الممددة للمجلس وإجراء الانتخابات النيابية في الشتاء المقبل، طالما انّ اعداد البطاقة الممغنطة التي فرضها القانون الانتخابي الجديد معطّل وغير قابل للتحقيق.
بعد التحذيرات التي أطلقتها الولايات المتحدة الاميركية وكندا لرعاياهما في لبنان قبل يومين، انضمّت فرنسا الى التحذير امس، عبر رسائل نصيّة قصيرة بعثت بها القنصلية الفرنسية الى الرعايا الفرنسيين تدعوهم فيها الى «تنبه استثنائي عند ارتياد الأماكن العامة، نتيجة وجود خطر أمني خلال الساعات الـ48 المقبلة»، من دون ان تحدد ماهية هذا الخطر وحجمه، والجهة التي تقف خلفه، والموقع الذي سيستهدفه، على غرار ما ورد في التحذير الاميركي الذي حدّد كازينو لبنان كهدف محتمل لعمل إرهابي.
وبَدا جلياً انّ هذه التحذيرات – التي اتبعتها الامم المتحدة وقيادة اليونيفيل بتحذيرات مماثلة، وتردد في سياقها ايضاً انّ المانيا وجّهت تحذيراً لرعاياها والانتباه في تنقلاتهم في لبنان – لم تأت من فراغ، وقد أكدت على ذلك مراجع معنية بالأمن، ولا سيما وزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي أكد في بيان له انّ «تحذير السفارات الغربية في لبنان مبني على معلومات من أحد اجهزة الاستخبارات الاجنبية، والاجهزة الامنية تقوم بمتابعتها للتحري عن صحتها ودقتها ولا داعي للخوف لتضخيم الخبر».
وكان لافتاً بيان قيادة الجيش مساء امس، الذي كشفت فيه عن إحباط عمل ارهابي كان يخطط تنظيم «داعش» للقيام به، وتوقيف 19 شخصاً على صِلة بهذا الامر.
وجاء في البيان: «على أثر توافر معلومات لمديرية المخابرات عن قيام خلية تابعة لتنظيم داعش الإرهابي، يترأسها المصري فادي إبراهيم أحمد علي أحمد الملقّب بـ»أبو خطاب»، المتواري داخل مخيم عين الحلوة، بالتخطيط والتحضير للقيام بعمل إرهابي، قامت مديرية المخابرات بتنفيذ عدة عمليات دهم، أدّت إلى توقيف 19 شخصاً لارتباطهم بشكل أو بآخر بالخلية المذكورة، ولا تزال التحقيقات مستمرة مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص. وقد اتخذت وحدات الجيش التدابير الاحترازية اللازمة».

مرجع عسكري
وقال مرجع عسكري لـ«الجمهورية» انّ هذه التحذيرات استرعَت الاهتمام، ونتعاطى معها بمنتهى الجدية، ولا تزال مديرية المخابرات تقوم بتدابيرها الامنية الاستباقية لمنع حدوث اي خلل أمني في كافة المناطق اللبنانية.
وأكد المرجع «انّ الوضع الامني مقبول وممسوك، والجيش بعد معارك الجرود رفع من جهوزيته في المعركة الامنية مع الارهاب، وكثّف في الآونة الاخيرة من حضوره الامني، ومديرية المخابرات مع سائر الاجهزة الامنية تعمل بأقصى طاقتها في ملاحقة الخلايا الارهابية.
الى ذلك، كشف مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّه «تواردت معلومات عن وجود شبكة كبيرة من «داعش» كانت على وشك تنفيذ تفجيرات إرهابية وإستهداف مراكز تجارية ومرافق سياحيّة، وقد تمّ كشفها بعد تقاطع معلومات بين المخابرات الأميركيّة والجيش اللبناني»، لافتاً الى أنّ «التعاون يجري بين المخابرات اللبنانية والأميركيّة والبريطانية وبقيّة الأجهزة العالمية من أجل القضاء عليها وتوقيف عناصرها»، موضحاً أنّه «تمّ إبطال مفعول الشبكة بعد التمكّن من كشف مخططاتها، لكنّ مستوى الإستنفار الإستخباراتي بلغ الذروة خصوصاً انّ المخابرات الأميركية دعت المخابرات اللبنانية الى أخذ الحيطة والحذر لأنّ «داعش» قد يحاول الضرب في لبنان».
وأكد المصدر العسكري أن «لا شيء يدعو الى الخوف والهلع لأنّ الأجهزة الأمنية مستيقظة ومستنفرة وتفكك الشبكات، والتدابير الأمنية مرتفعة، لكنّ الحيطة واجبة».
وبحسب معلومات لـ«الجمهورية»، فإن «خطة أمنية نفّذت أمس، فانتشر الجيش في الأماكن التي قد تكون عرضة للاستهداف، ولا سيما في الأماكن العامة والتي تشهد تجمعات، لكن لا معلومات أكيدة عن استهداف لمكان محدّد.
وأوضحت أنّ «الأجهزة المعنية في الدولة تتابع مع نظيراتها في الخارج المعلومات والتحذيرات، وأنّ الجيش أساساً مستمر بإجراءاته التي بدأت منذ ما قبل معركة الجرود لأنّ المعركة لم تنتهِ بدحر الإرهابيين في ظل وجود خلايا نائمة في الداخل، ما يتطلّب وعياً من المواطنين وضرورة التعامل مع الأجهزة لتفويت أي فرصة على الإرهابيين لتمرير مخططاتهم».
وكشفت المعلومات أنّ «الإجراءات لا تشمل فقط السيارات المفخخة والإنتحاريين، بل تأخذ بعين الإعتبار كل الأساليب التي قد يلجأ الإرهابيون إليها كعمليات الدهس والضرب بالسكاكين وغيرها».

باسيل
الّا انّ ما استرعى الانتباه حول التحذيرات الدولية، هو بيان وزارة الخارجية الذي اكد انه «على كافة السفارات الاجنبية في لبنان الأخذ بعين الاعتبار الهلع الذي تسبّبه البيانات التحذيرية على كافة المقيمين اللبنانيين والاجانب».
وجاء هذا البيان مقروناً بتغريدة لوزير الخارجية جبران باسيل على حسابه الخاص عبر موقع «تويتر»، حيث قال: «إنّ «تخوّف بعض الدول على رعاياها يسبّب الهلع لكلّ اللبنانيين والأجانب؛ الدولة مُدركة للمخاطر وتتصدّى لها كما تفعل هذه الدول على أرضها».

وحدات «فجر الجرود»
من جهة ثانية، يترأس قائد الجيش العماد جوزف عون صباح اليوم احتفالاً تكريمياً للوحدات التي شاركت في عملية «فجر الجرود» في قاعدة رياق الجوية، بحضور قادة الأجهزة الأمنية وكبار ضباط الجيش وقادة الأفواج التي نفذت العملية. وسيُلقي كلمة في الاحتفال يتناول فيها الظروف التي رافقت العملية العسكرية وحجم الإنتصار الذي تحقق.
وسيوجّه تحية خاصة الى اهالي شهداء الجيش متعهداً بكشف كامل الحقائق المتصلة بالظروف التي أدت الى استشهادهم. وسيؤكد على اهمية وحدة القرار السياسي التي دعمت الجيش في خطواته العسكرية الإستباقية منها وتلك التي نفّذها على الحدود مع سوريا. وسيشّدد على انّ الجيش مصمّم على حماية الحدود ومكافحة الإرهاب أينما وجد.

الملف الانتخابي
سياسياً، شكّل الملف الانتخابي محور الحركة في الساعات الماضية، فانعقدت اللجنة الوزارية المكلفة دراسة تطبيق قانون الانتخاب برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري وحضور الوزراء نهاد المشنوق، جبران باسيل، علي حسن خليل، طلال ارسلان، ايمن شقير، بيار ابي عاصي، محمد فنيش وعلي قانصو والامين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل.
وعلمت «الجمهورية» انه تمّ الاتفاق على التسجيل الإلكتروني للمنتشرين بهدف تسهيل عملية اقتراعهم. وتقرّر السير بالبطاقة البيومترية، وتمّ تكليف المشنوق البدء بالعمل لتلزيمها وكلفتها تبلغ 140 مليون دولار. علماً انّ «التيار الوطني الحر» كان شدّد على اعتماد البطاقة، وفي حال عدم اعتمادها طلب إجراء انتخابات فورية في غضون شهرين. وظل «التيار»على رفضه للتسجيل المسبق.
وفيما تحدثت المعلومات عن ملاقاة «القوات اللبنانية» «التيار» في هذا الامر بعدما طالبت به في السابق، أوضحت مصادر «القوات» لـ«الجمهورية» ان موقفها وخيارها الاول والاساس هو كالتالي: «نتمسّك بالاقتراع على قاعدة التسجيل المسبق وفق البطاقة القديمة. لكن في حال أصرّت الاطراف كلها على اعتماد خيار آخر الذي هو البطاقة البيوميترية والتسجيل المسبق في الوقت نفسه، عندها نحن مع «البيومترية» من دون تسجيل مسبق.
اذاً، موقفنا اليوم هو ضد «البيومترية»، مع التسجيل المسبق على قاعدة البطاقة القديمة وهذا الخيار الاول. امّا الخيار الثاني فهو: اذا كنّا سنذهب الى «البيومترية» وتسجيل مسبق، عندئذ نحن مع «البيومترية» بلا تسجيل مسبق لأنه لا يجوز تحميل الناس معاناة الذهاب الى أخذ البطاقة ومن ثم الذهاب للتسجيل. وهنا نحمّل وزارة الداخلية مسؤولية التأخير في إصدار «البيومترية» فهذه المسألة يجب ان تكون على عاتقها، وبالتالي عليها ان تؤكد ما اذا كانت قادرة على إنجاز المهمة ام لا».
وقال باسيل ‏عبر «تويتر»: «إتفقنا في اللجنة الوزارية على إطلاق التسجيل الالكتروني للمنتشرين تسهيلاً لاقتراعهم والاقرار في مجلس وزراء الأحد. إنجاز جديد للانتشار، مبروك»!

«الكتائب»
وتوالت المواقف حول الانتخابات النيابية ربطاً بطرح بري. وقال مصدر كتائبي مسؤول لـ«الجمهورية»: «التمديد لمجلس النواب لثلاث مرات كان خطيئة دستورية ووطنية، والانتخابات يجب ان تتمّ في أسرع وقت، وكلما كان وقتها قريباً كلما سمحنا للبنانيين بالتعبير عن آرائهم في اختيار من يمثّلهم وأمنّا لهم حقوقهم الدستورية التي سلبتها منهم السلطة الحاكمة».
وأضاف: «من المستحيل الوصول الى استعادة القرار الوطني الحر والسيادة الوطنية وعمل مؤسساتي سويّ من دون انتخابات نيابية تسمح بوصول دم نيابي جديد يفرز حكومة تعيد الاعتبار للدستور اللبناني في القضايا السيادية، وتبسط سلطتها بقواها الشرعية حصراً على كل الاراضي اللبنانية وتضبط الحدود وتحمي الداخل وتوقف الهدر والفساد، وتحاسب المرتكبين وتضع الانسان المناسب في المكان المناسب، وتؤمن للبنانيين شبكة حماية اجتماعية متكاملة.
وما يهمّ الكتائب هو انتخابات ديموقراطية شفّافة في أقرب فرصة بعيداً عمّا يُحضّر له من آليّات وتركيبات تؤشر الى نيّة السلطة للتحكّم بمسار هذه الانتخابات ونتائجها، سواء كان ذلك من خلال محاولة التحكم بخيارات الناخبين بالبطاقة الممغنطة حيناً او بشرط التسجيل المسبق للناخبين حيناً آخر، او بغيرها من الاساليب التي تحد من حرية الناخب احياناً».
ورأى المصدر «انّ حسن نية السلطة لا يكون بالمواقف والتصريحات والمزايدات التي تتحدث عن تقريب الانتخابات في اطار التجاذبات في ما بين أركانها، وإنما بالخطوات العملية وفي مقدمها إجراء الانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس». وتخوّف «من ان يكون الكلام عن انتخابات عامة قبل ايار المقبل ذريعة لتبرير عدم إجراء الانتخابات الفرعية، على أن يُصار بعد ذلك الى صرف النظر عن تقصير الولاية الممددة للمجلس الحالي والمضي قدماً في البحث عن أساليب للتحكم بنتائج الانتخابات العامة المقبلة».

«القوات»
من جهتها، أوضحت مصادر»القوات» لـ«الجمهورية» انّ إقرار هيئة الإشراف على الانتخابات «يؤكد أنّ الأمور تسير في الاتجاه الصحيح»، وأكدت «الجهوزية لخوض الانتخابات اليوم قبل الغد، وقد تكون «القوات» الفريق الوحيد الذي أطلق ترشيحات عدة وترشيحاته المتبقية على الطريق، والماكينة الانتخابية اكتملت فصولها منذ مطلع الصيف والعمل جار على قدم وساق تحضيراً للانتخابات في الربيع المقبل أو في أي وقت في حال تمّ تقريب موعدها».
ورأت «انّ الانتخابات المقبلة ستكون الأولى من نوعها التمثيلية وطنياً والمفتوحة على المفاجآت، وبالتالي لا يجب حرف النقاش عن أهمية ما تحقّق وترك ايّ انطباع بأنّ البلاد تتجه إلى تمديد جديد، لأنّ التمديد خط أحمر وممنوع، والرأي العام ينتظر بفارغ الصبر هذا الاستحقاق بعد 8 سنوات على آخر انتخابات للتعبير عن رأيه، وندفع بهذا الاتجاه لتزخيم الحياة الوطنية والسياسية والوصول إلى مجلس نواب جديد يعكس إرادة الشعب اللبناني».

استانا
في مكان آخر في المنطقة، إتفقت كل من روسيا وإيران وتركيا امس على إقامة مِنطقة خَفض توتر في منطقة ادلب، على أن تَنتَشر قوة مراقبين من الدول الثلاث لضمان الأمن على حدود هذه المنطقة ومنع الإشتباكات بين النظام والمعارضة.
ورحب موفد الكرملين إلى أستانا الكسندر لافرنتييف بالإتفاق واعتبره «المرحلة النهائية» نحو اقامة المناطق الاربع لخفض التوتر في سوريا، معتبرًا انّها «ستفتح طريقاً فعلياً لوقف حمّام الدم». الّا ان المسؤول الروسي اقر مع ذلك ببقاء «الكثير من العمل غير المنجز لتعزيز الثقة» بين النظام والمعارضة.

البناء:

أردوغان يحذّر البرزاني… ومجلس الأمن القومي التركي سيتخذ إجراءات تستبق الاستفتاء
أستانة ينشر 1500 مراقب في إدلب… والجيش السوري يعبر الفرات باعتراف خصومه
عون إلى نيويورك بملف النازحين… وباسيل يتّهم السفارات بنشر الهلع… وروكز يردّ على الجراح
صحيفة البناءيبدو لقاء أستانة السادس كأنه إعادة تأسيس للمسار الذي افتتحه تحرير الجيش السوري وحلفائه لحلب، وتعمّد بانتصار الجيش السوري في دير الزور، فجاء اللقاء تتويجاً لتحضيرات شملت الرعاة الثلاثة روسيا وتركيا وإيران لصياغة تفاهم سياسي يؤسّس لترجمة الخطوات الإجرائية بما يمنحها فرص تغيير معادلات الأمر الواقع التي أفرزتها الحرب على سورية خلال سنوات مضت، وبدا واضحاً أنّ الأمر الواقع المتفق على تغييره يطال معادلة النصرة في إدلب، والكيانية الكردية في العراق وسورية، منعاً للانفصال.
تخطّت تركيا حساباتها التقليدية وتحمّلت أخيراً مسؤولية نشر 1500 مراقب في إدلب بشراكة بينها وبين روسيا، وتركت نشر المراقبين في جنوب دمشق للتنسيق الروسي الإيراني، بينما يتولى الروس وحدهم الانتشار في الجنوب السوري. وتفاهمت تركيا وإيران على خطوات متزامنة لمنع الانفصال الكردي انطلاقاً من العراق وصولاً إلى سورية، وقد بدا أنّ الموقف الحاسم لتركيا هو المطلوب، بسبب العلاقة التي تربط رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني بالرئيس التركي رجب أردوغان، الذي حذّر البرزاني من مغبّة العناد على إجراء الاستفتاء على الانفصال بينما، قدّم مجلس الأمن القومي التركي موعد اجتماعه أسبوعاً ليتسنّى له اتخاذ مواقف وخطوات إجرائية من الاستفتاء في كردستان العراق، خصوصاً في ما يتعلق بضخّ النفط من كركوك إلى الساحل التركي بعد الاستفتاء.
التفاهم التركي الروسي الإيراني تجلّى بموقف المندوب الروسي إلى لقاء أستانة، بتحذير المعارضة من مواصلة طرح أهداف تعجيزية غير قابلة للتحقيق، بينما قال ممثل الحكومة السورية بشار الجعفري إنّ الضامنين أكدوا التزامهم بوحدة التراب السوري، بينما كان الميدان العسكري يشهد المزيد من الإنجازات للجيش السوري وحلفائه، كان أبزرها نجاح الجيش بعبور ضفة الفرات الشرقية باعتراف خصومه، واسترداده عدداً من القرى والبلدات من سيطرة داعش في ريف دير الزور الجنوبي الغربي، وريف حماة الشمالي الشرقي.
في لبنان يستعدّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للسفر إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، وملف عودة النازحين السوريين يتقدّم أولوياته، ومطالبة الهيئات الأممية والدول الكبرى برصد الأموال اللازمة، وتحرير الملف من عمليات التوظيف السياسي التي تضع التعقيدات والشروط لتسجيل نقاط سياسية،
بينما القضية ذات طابع إنساني بالنسبة للنازحين، وذات طابع وجودي بالنسبة لبعض الدول المضيفة كلبنان.
ولبنانياً أيضاً كانت فوبيا مخاطر التفجيرات والعمليات الأمنية التخريبية تسيطر على اللبنانيين مع اكتشاف خلايا تابعة لتنظيم داعش في ظلّ تحذيرات أطلقتها السفارات الغربية لرعاياها من مخاطر الأعمال الإرهابية، ما دعا وزير الخارجية جبران باسيل، إلى تذكير السفارات بأنّ قلقها المفهوم على رعاياها لا يبرّر إشاعة الهلع والذعر بين اللبنانيين والمقيمين.
على خط التحقيق في قضية استشهاد العسكريين المخطوفين، وعلى خلفية كلام وزير الاتصالات جمال الجراح عن المطلوب مصطفى الحجيري المعروف بأبي طاقية، واتهامه حزب الله بتهديد عرسال بالتهجير ووصفه أبي طاقية بالضحية، ردّ العميد المتقاعد شامل روكز على الجراح، بصفته القائد السابق لفوج المغاوير والقائد السابق لجبهة عرسال يوم اختطاف العسكريين، فقال إنّ كلام الجراح تضليل، وإنّ حزب الله لم يكن في عرسال، وإنّ إطلاق النار على الشيخ سالم الرافعي كان حينها عندما كان الرافعي في مناطق سيطرة المسلحين خلافاً لرواية الجراح…
الجيش أحبط مخططاً إرهابياً كبيراً
في حين تزدحم الساحة المحلية بجملة من الملفات والعناوين السياسية والأمنية والقضائية والاقتصادية والاجتماعية، عاد الهاجس الأمني الى الواجهة، مع تحذير عدد من السفارات الغربية في بيروت رعاياها من عمل إرهابي قريب ما أثار الهلع والبلبلة لدى المواطنين.
وقد تمكّنت استخبارات الجيش اللبناني أمس من إحباط مخطط إرهابي كبير، كانت تُعدّ لتنفيذه خلية إرهابية تنتمي الى تنظيم «داعش» يتزعّمها المصري فادي إبراهيم أحمد علي أحمد الملقب بـ «أبو خطاب»، واعتقلت 19 شخصاً إثر مداهمة نفّذتها لمكان إقامتهم. وعلمت «البناء» أن الأجهزة الأمنية رفعت من درجة إجراءاتها الأمنية في المناطق كافة، تحسباً لأي طارئ ولإجهاض أي عملية إرهابية قد تحصل.
وبعد السفارتين الأميركية والكندية، دعت السفارة الفرنسية في بيروت أمس، رعاياها الى تنبّه استثنائي عند ارتياد الأماكن العامة نتيجة وجود خطر أمني خلال الـ48 ساعة المقبلة.
وقد ذكرت مصادر «البناء» أن معلومات استخبارية محلية تقاطعت مع تقارير جهاز استخباري غربي أعلم الاستخبارات اللبنانية «أن عملاً أمنياً كبيراً تحضّر له خلية إرهابية لضرب مكان عسكري»، وتضيف المصادر أن «الاستخبارات اللبنانية كانت تملك معلومات عن خلايا إرهابية نشطت منذ أسابيع وبعد تقاطع المعلومات الغربية واللبنانية ضبطت خيوط للعمل الإرهابي، ما سمح بتعطيله».
ورجّحت المصادر أن الجهاز المذكور هو الاستخبارات الأميركية، أما الهدف المقصود فرجّحت أن يكون مهرجان الانتصار الذي تقيمه قيادة الجيش اليوم في قاعدة رياق الجوية في أبلح البقاعية. ووفق معلومات «البناء» فإن استخبارات الجيش لا تزال تقوم بتدابيرها الأمنية الاستباقية في المناطق اللبنانية كافة لمنع حدوث أي خللٍ أمني.
ولاحقاً أفادت قيادة الجيش في بيان أنه «على أثر توافر معلومات لمديرية المخابرات عن قيام خلية تابعة لتنظيم داعش الإرهابي، يترأسها المصري فادي إبراهيم أحمد علي أحمد الملقب بـ «أبو خطاب»، المتواري داخل مخيم عين الحلوة، بالتخطيط والتحضير للقيام بعمل إرهابي، قامت مديرية المخابرات بتنفيذ عمليات دهم عدة، أدّت إلى توقيف 19 شخصاً لارتباطهم بشكل أو بآخر بالخلية المذكورة، ولا تزال التحقيقات مستمرّة مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص وقد اتخذت وحدات الجيش التدابير الاحترازية اللازمة».
وفي حين أبدت مصادر مراقبة استغرابها الشديد لإطلاق السفارات الغربية التحذيرات بهذا الشكل العلني والمضخم الذي بث الرعب في صفوف المواطنين والرعايا الاجانب وأثر سلباً على حركة السياحة، تساءلت المصادر عن الأهداف الأمنية والسياسية الكامنة خلف هذه البيانات المتتابعة وهل هي مقصودة أم لا، لا سيما أن هناك قنوات رسمية يمكن التواصل من خلالها وإبلاغ الأجهزة الأمنية اللبنانية المعنية التي تبادر الى اتخاذ الخطوات الاستباقية لحماية الرعايا وأماكن تواجدهم والمقار الدبلوماسية من دون اثارة الأمر في الإعلام بالشكل الذي أثير فيه.

و«الداخلية» و«الخارجية» تردّان
وردّت وزارتا الداخلية والبلديات والخارجية على بيانات السفارات، فقد أوضحت وزارة الداخلية أن «التحذيرات الصادرة من سفارات أجنبية مبنية على معلومات أجهزة أجنبية، وتتحرّى الأجهزة اللبنانية عن صحّتها، ولا داعي للخوف والتضخيم». بينما اعتبرت وزارة الخارجية «أنها تتفهم حرص بعض السفارات الأجنبية المعتمدة في لبنان على سلامة رعاياها من أحداث قد تطالهم»، معتبرةً أن «على هذه البعثات الأخذ بعين الاعتبار الهلع الذي تسببه هذه البيانات على المقيمين كافة ، لبنانيين وأجانب».
وفي بيان لها رأت وزارة الخارجية أن «بيانات كهذه يجب أن تندرج ضمن التنسيق، القائم أصلاً، مع وزارة الخارجية والمغتربين وأجهزة الدولة الأمنية، خاصة أن هذه الأخيرة قامت ولا تزال بالتعاطي مع التحذيرات والتهديدات الإرهابية وفق سياسة ردعية مبنية على تنسيق أمني فعال مع الدول الصديقة، معتمدةً العمل الاستباقي الذي أدى إلى إحباط عدد كبير من المخططات الإرهابية من خلال تفكيك هذه الخلايا وتوقيف أعضائها» مشيرة الى «أن الدولة اللبنانية بجميع أجهزتها، كما هو الحال في جميع الدول الحرة، تضع نصب عينيها حماية المواطنين وسلامة جميع المقيمين على أراضيها دون استثناء».
ورأى وزير الخارجية جبران باسيل في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي أن «تخوّف بعض الدول على رعاياها يسبّب الهلع، لكن الدولة مدركة للمخاطر وتتصدّى لها كما تفعل هذه الدول».

القبض على خلية «أبو البراء»
وأوقفت المديرية العامّة لأمن الدولة أمس، في بعلبك خلية تنتمي الى تنظيم جبهة النصرة الإرهابي مجموعة البراء ، تتألّف من السوريّين وليد ج. و أحمد ج. و زكريا ر. و زياد ر. الذين كانوا قد شاركوا في القتال ضد الجيش اللبناني في عرسال عام 2014.
وتبيّن خلال التحقيق، بحسب بيان المديرية، أنّ هذه المجموعة كانت قد استولت خلال تلك المعارك على أسلحة وآلية عسكرية وناقلة جند مجنزرة ومبالغ مالية بالإضافة لساعة يد تعود لأحد شهداء الجيش اللبناني والتي ضُبطت بحوزتهم. وتمّ تسليم الموقوفين مع المضبوطات لمديرية المخابرات في الجيش اللبناني».

الأمن العام: «التلي» وجرحى المسلحين غادروا براً
من جهة أخرى، استمرت حملة التشويه التي يشنها الإعلام التابع للولايات المتحدة وأنظمة الخليج على انتصار المقاومة والجيش اللبناني في معارك الجرود والتصويب على تسوية إخراج مسلحي «النصرة» و«داعش» الى الداخل السوري، وروّجت قنوات وصحف هذا الإعلام بأن جرحى التنظيمين الإرهابيين و«أهل الشام»، وربما أبو مالك التلّي، قد غادروا لبنان إلى تركيا فإدلب عن طريق مطار بيروت بموافقة حكومة لبنان، ما استدعى رداً من المديرية العامة للأمن العام في بيان نفت فيه نفياً قاطعاً هذه المعلومات، وأكدت أن «جميع الإرهابيين ومن ضمنهم ابو مالك التلّي قد غادروا الأراضي اللبنانية إلى سورية برّاً ولم يغادر أحد منهم عبر مطار رفيق الحريري الدولي».
كما واصل إعلام «المستقبل» تحوير وتزييف الحقائق في ملف «غزوة عرسال» وخطف العسكريين الشهداء عام 2014، محاولاً إبعاد المسؤولية عنه وإلصاقها بحزب الله تحت ذريعة أنه منع التفاوض مع «النصرة» و«داعش» لاستعادة العكسريين الأسرى، في حين يتحمل «المستقبل» الجزء الأكبر من المسؤولية حيث عمل لفترة طويلة على تأمين الدعم السياسي والمالي والإعلامي واللوجستي والعسكري للتنظيمات الإرهابية ووصفهم بـ «الثوار»، وأكد العميد شامل روكز قائد جبهة عرسال عام 2014 في حديث تلفزيوني أن «ما قاله وزير المستقبل جمال الجراح يدخل ضمن إطار التضليل وأهالي عرسال كانوا يحدّدون لنا مراكز تواجد المسلحين والموضوع هو عسكري بحت». كما كشف روكز أنه «تم اطلاق النار على الشيخ سالم الرافعي في منطقة سيطرة المسلحين، ولم يكن هناك تواجد لحزب الله في عرسال».
وعلى خط التحقيقات في ملف عرسال، أبلغت مصادر بعبدا «البناء» أن «هناك إصراراً رئاسياً على المضي في التحقيق حتى النهاية لكشف ملابسات قضية العسكريين وأحداث عرسال، وأن كل الحديث عن تسويات وتمييع للتحقيق في غير محله»، مشدّدة على أن «الرئيس عون لن يألو جهداً حتى تتحقق العدالة وإنهاء هذا الملف قضائياً».

تسليم الجرود بانتظار جهوزية الجيش
في غضون ذلك، وبعد إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله استعداد المقاومة لتسليم الجرود اللبنانية التي حررتها من احتلال «النصرة» فور طلب الجيش ذلك، تستكمل التحضيرات اللوجستية لتسليمها الى الجيش بحسب معلومات «البناء»، التي ذكرت أن «عملية التسلم والتسليم تنتظر بعض الترتيبات الروتينية وأن حزب الله مستعدّ لتسليم المواقع الحدودية الى الجيش، لكنها نفت تحديد أي موعدٍ رسمي للعملية التي تبقى رهن جهوزية الجيش». ورجّحت المصادر أن تعلن قيادة الجيش في كلمتها اليوم في احتفال تكريم وحداتها التي شاركت في القتال بمعارك القاع ورأس بعلبك، موعد تسلّمها لكامل الحدود مع سورية، وأوضحت المصادر بأن «التنسيق بين مديرية العمليات في الجيش وعمليات المقاومة مستمر لإتمام عملية التسلم والتسليم في أسرع وقت ممكن».
وأكد رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري إخلاء الجرود من قبل حزب الله ، داعياً أهالي عرسال الى التريث وعدم الاستعجال والانتظار فترة قصيرة حتى يعطي الجيش اللبناني الإذن بالذهاب إلى الأراضي بشكل رسمي .

اجتماع للجنة الانتخابات
وقد دخل لبنان في الفلك الانتخابي بعد التحذير الذي أطلقه رئيس المجلس النيابي نبيه بري للقوى السياسية من تأجيل الاستحقاق النيابي ودعوته الى تقريب موعده الى الشتاء، ما دفع الحكومة الى تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات النيابية في جلستها الخميس الماضي، وأمس أعلن وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أنه تمّ الاتفاق في اللجنة الوزارية على إطلاق التسجيل الالكتروني للمنتشرين تسهيلاً لاقتراعهم والإقرار في مجلس وزراء الأحد».
وفي سياق ذلك، ترأس رئيس الحكومة سعد الحريري في السراي الحكومي، اجتماعاً للجنة الوزارية المكلّفة دراسة تطبيق قانون الانتخاب، حضره الوزراء: علي قانصو، محمد فنيش، نهاد المشنوق، جبران باسيل، علي حسن خليل، طلال أرسلان، أيمن شقير، بيار أبي عاصي، والأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل.
ويعقد مجلس الوزراء جلسة مساء الأحد لاستكمال البحث في بنود جدول أعمال جلسة الخميس.

عون إلى نيويورك غداً
ويترأس رئيس الجمهورية غداً وفد لبنان الى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للامم المتحدة، وأوضحت مصادر بعبدا لـ«البناء» أن «خطاب رئيس الجمهورية سيكون شاملاً وجامعاً لكل الملفات المطروحة في الداخل وعلى الساحتين الإقليمية والدولية، كما سيشرح للمجتمع الدولي التطورات الأخيرة في لبنان والاستراتيجية السياسية التي ينتهجها العهد إزاء التطورات الخارجية والداخلية، وسيحدد الموقف من أزمة النازحين السوريين التي باتت المصدر الأول لتهديد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والأمني للبنان، كما سيتحدّث عون عن الإرهاب وإنجازات الجيش في دحره من الجرود اللبنانية، وكما سيعرّض رؤية لبنان للازمات الإقليمية نظراً لتداعياتها على لبنان وسيتناول القضية الفلسطينية ومسألة جعل لبنان مركزاً لتلاقي الحضارات وحوار الأديان».
وأشارت المصادر نفسها الى أن «الملف الرئيسي الذي سيشدد عليه عون هو ملف النازحين وسيطلب مساعدة الامم المتحدة والدول الفاعلة دولياً واقليمياً لإعادة النازحين الى سورية، لا سيما بعد عودة الاستقرار الى المدن السورية الكبرى وانحسار رقعة الحرب وتوسع دائرة المناطق التي تشملها الهدنة الإقليمية الدولية بعد ضم محافظة ادلب الى هذه الهدنة في اطار اتفاق تركي إيراني روسي، وبالتالي بات بإمكان النازحين العودة الآمنة والطوعية الى مناطقهم، خصوصاً أن عدداً كبيراً من النازحين هم من ادلب».
ويضمّ الوفد المرافق وزير الخارجية جبران باسيل ووزير الدولة لشؤون الرئاسة بيار رفول على أن ينضمّ الى الوفد سفير لبنان في الأمم المتحدة نواف سلام.
وتتخلل زيارة الرئيس عون لقاءات عدة مع رؤساء دول إقليمية ودولية يجري التحضير لها، لكن مصادر «البناء» نفت حصول لقاء خاص بين عون والرئيس الأميركي دونالد ترامب، لكنها أشارت الى أنه ربما يحصل اللقاء على هامش اجتماع الجمعية.

الاخبار:

تفكيك «إمارة إدلب»؟
منذ سقوط مدينة إدلب في آذار من عام 2015 بيد «جيش الفتح»، الذي كانت «جبهة النصرة» أحد أهم أركانه، دارت نقاشات كثيرة حول مستقبل المدينة وريفها، على اعتبارها مركز المحافظة الوحيد الذي خرج عن سيطرة الحكومة في دمشق (بيد معارضي الحكومة و«داعش»). الفترة الفاصلة بين ذلك التاريخ واليوم شهدت أحداثاً مفصلية قادت في محصلتها إلى دخول المحافظة وبعض أرياف حلب وحماة واللاذقية القريبة تحت عباءة «القاعدة».
التغوّل القاعدي على حساب آخر جماعات المعارضة المسلحة، هدّد وجود هيكل عسكري «معتدل» يمكن تسويقه كندّ للحكومة في المحادثات، بعدما فشل الرهان على التنظيم ليكون رأس الحربة في مشروع إسقاط دمشق.
وهو ما وضع خططاً جديدة قيد الدراسة، تتضمن إطاحة «النصرة» وسطوة زعيمها أبو محمد الجولاني. هذا التحوّل لم يأت من دون محفّزات. فمحاصرة جيوب الفصائل المسلحة وإحباط هجماتها المتكررة في حماة ودرعا وطوق دمشق، كان كفيلاً بإيضاح استحالة أيّ نصر عسكري لتلك الفصائل. وجاء مسار محادثات أستانا كحل بديل تمكن من اجتراح وقف لإطلاق النار. وكانت نقطة التحول في هذا المسار هي التفاهم الروسي ــ الأميركي على أولوية مكافحة الإرهاب، وما أفضى إليه ذلك من اتفاق في المنطقة الجنوبية.
الحل كان جاهزاً لسنوات، وطرحته موسكو بموافقة دمشق وطهران مراراً. غير أنه بقي معطلاً من قبل واشنطن، وعنوانه العريض «فصل المعارضة عن الإرهاب». اليوم، ومع مخرجات اجتماع «أستانا 6» التي تمهّد لتحييد «هيئة تحرير الشام» عن محافظة إدلب عبر تعاون مضمون من قبل موسكو وطهران وأنقرة، يبدو الطرح أمراً واقعاً. والوقائع تقول إن الخطط التي تضمنت قبل عام واحد من الآن عرضاً روسياً بمشاركة أميركية على الأرض في حال التوافق ضد «النصرة»، قد استبدلت بخطط بديلة، تسهم فيها إيران كدولة ضامنة، رغم الاعتراضات الأميركية المتكررة ضدها. كذلك، فإن هذه الخطط تأتي في وقت وصل فيه الجيش السوري وحلفاؤه شرق الفرات، بعد كسرهم حصار دير الزور وتحرير آلاف الكيلومترات ومئات البلدات من سطوة «داعش».

«أستانا 6»: نجاح في فصل المعارضة عن «النصرة»
أثمر النشاط الديبلوماسي لمسؤولي الدول الضامنة الثلاث أمس على طاولة الجولة السادسة من محادثات أستانا. الاتفاق حول منطقة «تخفيف التصعيد» الجديدة في إدلب، بدا لفترة طويلة أمراً أعقد من أن يتحقق، غير أن تقاطعات تلك الدول الإقليمية وموقعها من الملف السوري، أفرز تفاهماً واضحاً عنوانه غير المعلن «عزل المعارضة عن الإرهابيين».
الاتفاق القاضي بالتفاهم على وقف لإطلاق النار بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة المسلحة على اختلافاتها الكبيرة، تضمن نشر قوات مراقبة روسية وإيرانية وتركية، تتولى مسؤولية المراقبة والأمن وإدارة تنفيذ باقي تفاصيل الاتفاق. وأعلن عنه في بيان ختامي لجولة المحادثات، تضمن الخطوط العريضة التي تم إقرارها، والتي أكدت أن إنشاء مناطق «تخفيف التصعيد» المقرّة في المنطقة الجنوبية وغوطة دمشق الشرقية وريف حمص الشمالي وإدلب، هو إجراء مؤقت يستمر لستة أشهر قابلة للتمديد على أساس الإجماع بين الدول الضامنة، مشددة على أن إنشاء هذه المناطق لا يؤثر على سيادة واستقلال ووحدة الأراضي السورية.
وتم الاتفاق على إنشاء مركز تنسيق ثلاثي مشترك (روسي ــ إيراني ــ تركي)، مهمته متابعة نشاط قوات المراقبة، التي يفترض أن تنتشر على أساس خرائط تم الاتفاق عليها في الثامن من الشهر الجاري في أنقرة. كذلك نصّ على محاربة تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» وكل المجموعات والكيانات المرتبطة بالتنظيمين، خارج وداخل مناطق «تخفيف التصعيد». وتضمن البيان الختامي إشارة إلى ضرورة اتخاذ إجراءات لبناء الثقة، بينها إطلاق سراح المحتجزين وتحديد مصير المفقودين، بما يسمح بتهيئة الظروف لنجاح وقف إطلاق النار والوصول إلى العملية السياسية. وأشارت المعلومات إلى نجاح المشاركين في التوافق على الوثائق المقدمة ضمن المحادثات، باستثناء قضية المختطفين والمحتجزين، التي بقيت موضع خلاف، مع اعتراضات ساقها الوفد الحكومي على بعض تفاصيلها، على أن يتم العمل عليها لبتّها خلال الاجتماع المقبل المرتقب أواخر تشرين الأول.

بدت تركيا أكثر المتفائلين بالاتفاق الذي تمّ التوصل إليه
ورغم بقاء تفاصيل الانتشار وآلية توزيع المراقبين خارج نطاق التداول الإعلامي، كشفت صحيفة «يني شفق» التركية أن القوات العسكرية التركية التي ستشارك في ضمان أمن منطقة «تخفيف التصعيد» في إدلب، سوف تعبر من منطقتي يايلاداغي ​​والريحانية، وسوف تدخل ما بين 35 و50 كيلومتراً في إدلب ضمن العملية التي ستنطلق في هذا الشهر. وأوضحت أن الخريطة المتفق عليها تقسّم المنطقة إلى ثلاثة أقسام، على أن تتولى القوات التركية بالتعاون مع «الجيش الحر» مسؤولية المنطقة الغربية المحاذية للواء إسكندورن (إقليم هاتاي)، والتي تمتد على عرض 35 كيلومتراً (على الأقل) وبطول يصل إلى 130 كيلومتراً. وأشارت إلى أن عديد القوات المشاركة في العملية من قبل تركيا و«الجيش الحر» قد يصل إلى 25 ألفاً، مضيفة أن من بين المناطق التي ستسيطر عليها تلك القوات دارة عزة ومطار تفتناز العسكري وجبل الأربعين وجسر الشغور وأريحا ومعرة النعمان وخان شيخون.
وبناءً على التصور الذي نشرته الصحيفة، سوف تدخل تلك القوات في مناطق تسيطر عليها «هيئة تحرير الشام»، وتتمتع فيها بالنفوذ الأقوى. وهو ما قد يقود إلى اشتباكات عنيفة في تلك المناطق، في حال بقيت «الهيئة» بعيدة عن العروض التركية السابقة بحل نفسها والقبول بإدارة مدنية في إدلب.
وبدت تركيا أكثر المتفائلين بالاتفاق الذي تم التوصل إليه، لا سيما أنها حاولت مراراً إدخال قواتها إلى محافظة إدلب بذرائع عديدة. وقالت وزارة الخارجية التركية، أمس، إن أنقرة لعبت دوراً حاسماً في إعلان منطقة «تخفيف التصعيد» في إدلب، بصفتها ضامنة للمعارضة المسلحة. بدوره، رأى رئيس الوفد الروسي إلى أستانا، ألكسندر لافرنتييف، أن هذا الاتفاق «يفتح الطريق أمام وقف إطلاق النار بشكل كامل في سوريا». وأضاف أن «من المهم التوصل إلى ضم الجزء البنّاء من المعارضة السورية لمحاربة الإرهاب»، داعياً المعارضة إلى «التخلي عن المطالب التي لا يمكن تنفيذها». أما مساعد وزير الخارجية الإيراني، حسين جابري أنصاري، فرأى أنه «تم في أستانا فصل المجموعات الإرهابية عن المعارضة المسلحة التي تحاول أن تكون جزءاً من الحل السياسي». وقال إن «الدول الضامنة، بعد المشاورات، ستدعو عدداً من الدول للانضمام إلى عملية أستانا بصفة مراقبين». ومن ناحيته، أعرب المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا عن ترحيبه بالاتفاق، وعن أسفه لعدم حل مسألة المعتقلين. وشدد على أنه «ليس هناك حل عسكري، ولا أحد يريد الحرب… لذا يجب الاستفادة من دفعة أستانا».
ورأى رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري أن حكومات الدول الضامنة التي وقّعت الاتفاق «معنية بالحفاظ على سيادة واستقلال ووحدة الأراضي السورية»، معتبراً أن هذا البيان «امتحان لكل الجهات التي ما زالت تراهن على استخدام الإرهاب كسلاح سياسي للضغط على الحكومة». وقال إن «أيّ وجود عسكري لقوات أجنبية فوق الأراضي السورية هو وجود غير شرعي من منظور القانون الدولي»، موضحاً أن «الالتزام بالحفاظ على سيادة واستقلال سوريا ووحدة أراضيها… كلام سياسي ينبغي أن يطبّق عملياً على الأرض من قبل الحكومة التركية وغيرها ممن ترسل قوات بشكل غير شرعي». وتابع أنه «بموجب البيان الختامي، فإنّ من المفروض الآن على تركيا ومجموعات المعارضة المسلحة التي حضرت هذا الاجتماع ووافقت عليه، أن تحارب الإرهاب جنباً إلى جنب مع الجيش السوري ومع الحلفاء والأصدقاء».

المصدر: صحف