تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الأربعاء 27-09-2017 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها الأجواء الضبابية التي تخيم على المشهد السياسي..
الأخبار
فضيحة في حسابات الدولة
تعليق السلسلة سيؤدي إلى حسم غلاء المعيشة من الرواتب
صحيفة الاخبارتناولت الأخبار الشأن المحلي وكتبت تقول “تتشعّب الأزمة التي تسبّب فيها قرار المجلس الدستوري الذي أبطل قانون الضرائب: من الجانب الاجتماعي إلى المالي والاقتصادي، وصولاً إلى حسابات الدولة التي كشف الوزير علي حسن خليل لمجلس الوزراء أمس وجود فضيحة كبرى فيها. وكل هذه الأزمات تظللها أزمة سياسية بين الرئاستين الاولى والثانية، على خلفية صلاحيات مجلس النواب.
فضيحة جديدة من العيار الثقيل فجّرها أمس وزير المال علي حسن خليل، في مجلس الوزراء. في التقرير الذي أرفقه بمشروع قطع حساب عام 2015، كشف خليل وجود كارثة في المالية العامة. منذ عام 1993 حتى عام 2010، لا توجد في وزارة المالية قيود لـ92 في المئة من الهبات التي وصلت إلى الدولة اللبنانية. وفي الفترة عينها، ثمة عدد لا يُحصى من القروض التي تسددها وزارة المالية من دون ان تعرف شيئاً عنها.
يكفي أن تصل إحالة إلى الوزارة، من وزارة أخرى، أو من مؤسسة عامة، يُطلب فيها تسديد مبلغ معيّن كدفعة شهرية لقرض لجهة ما، حتى تلبّي الوزارة الطلب، من دون أن تملك أدنى فكرة عمّا يتم تسديده. وبحسب ما ورد في تقرير وزارة المال، فإن في مصرف لبنان نحو 80 حساباً مصرفياً غير قانونية لوزارات ومؤسسات عامة. ومن أجل مراجعة حسابات الدولة، يدقق فريق من الوزارة بمئات آلاف الحسابات، بعضها بلا قيود. ويجري البحث عن هذه القيود كما لو أن فريق عمل الوزارة تحوّل إلى فريق تحقيق، إذ تتم ملاحقة القيود في المصارف، وفي المؤسسات الرسمية، لمحاولة جمع أجزاء الصورة كاملة. خلاصة التقرير المالي أن الدولة اللبنانية تعيش بلا حسابات حقيقية.
في مطالعته الطويلة في مجلس الوزراء، أكّد خليل وجود ثغر كبيرة في حسابات الدولة منذ عام 1979 «يستحيل سدّها بلا تسوية، إذ إن البحث عن قيودها وتدقيقها أمر مستحيل، بسبب عدم وجود سجلات لها». هذه الصورة القاتمة تتصل اتصالاً عضوياً بالأزمة القائمة في البلاد، بعد قرار المجلس الدستوري الذي أبطل قانون الضرائب التي كانت مخصصة لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، إذ ولّد قرار المجلس مشكلة بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، تتصل أيضاً بالفضيحة التي كشفها وزير المال أمس.
بناءً على ذلك، الحكم اليوم أمام معضلة. وزارة المال قادرة على دفع الرواتب بناءً على قانون سلسلة الرتب والرواتب والأموال متوافرة لدفع رواتب الشهر المقبل، لكن المالية العامة ستقترب من الانهيار إذا لم تتأمن الاموال اللازمة لدفع كامل كلفة السلسلة. وفي هذا المجال، يصرّ وزير المال على دفع الرواتب بحسب قانون السلسلة. وهو أبلغ جميع القوى أن إصدار مجلس الوزراء لقرار يلزمه بالعودة إلى ما قبل السلسلة سيخلق مشكلة كبرى، ليس بسبب احتجاج الموظفين على عدم منحهم حقوقهم التي ينص عليها القانون النافذ وحسب، بل لأن تعليق العمل بقانون السلسلة سيؤدي إلى صرف رواتب للموظفين أقل ممّا كانوا يتقاضونه (!). والسبب؟ كانت الرواتب تنقسم إلى قسمين: القسم الأكبر هو المنصوص عليه بالقانون، والقسم الأصغر وهو بدل غلاء المعيشة. وقد ألغى قانون السلسلة بدل غلاء المعيشة، ما يعني أن الموظف الذي كان يتقاضى شهرياً مليون ليرة قبل إقرار السلسلة، وصار راتبه مليوناً و500 ألف ليرة بعدها، لن يتقاضى المليون ليرة التي كان يحصل عليها، بل ستكتفي الوزارة بصرف مبلغ 800 ألف ليرة له، بسبب غياب أي سند قانوني يجيز لها صرف بدل غلاء المعيشة.
الحل إذاً، بحسب وزير المال، هو دفع الرواتب المستحقة كاملة طبقاً لما هو وارد في قانون السلسلة، وبإقرار مشروع الضرائب الذي عدّله بناءً على قرار المجلس الدستوري، وجرى توزيعه على الوزراء أمس، وبات بمقدورهم إقراره غداً، وإحالته على مجلس النواب لإعادة إقرار قانون الضرائب. ويؤكد خليل أنه عدّل الاقتراح شكلياً، بما لا يمس بالضرائب المفروضة على المصارف والشركات المالية والعقارية، علماً بأن فريق الرئيس نبيه بري لا يرى في قرار المجلس الدستوري سوى ضربة وجّهتها المصارف للقانون الذي يمس أرباحها الطائلة.
ولم تتضح بعد كيفية تصرف مجلس الوزراء مع مشروع قانون الضرائب. ثمة انقسام حاد حوله. فريق بري يصرّ على إقراره، من زاويتين:
أولاً، حق مجلس النواب في التشريع، وهو حق مطلق. ويصف مقرّبون من بري قرار «الدستوري» بـ«المراهقة». وقال رئيس المجلس لزواره أمس إن «ما يحصل هو تجاوز وتجرّؤ على المجلس النيابي واعتداء على صلاحيات رئيس المجلس وخرق لاتفاق الطائف، بل بداية قتله. ومن لا يدرك هذه الحقيقة يعاني مشكلة كبيرة ويضع لبنان أمام مشكلة أكبر. تفسير الدستور يعود فقط للمجلس النيابي، وفقط المجلس النيابي». ويصرّ بري على أن التشريع الضريبي حق مقدس لمجلس النواب خارج الموازنة. وفي مجلس الوزراء، قال وزير المال إن أكثر من 99 في المئة من الضرائب أقرّت خارج الموازنة، وإقرارها من ضمن الموازنة يجعلها عرضة للطعن، لأن الموازنة تصلح لعام واحد فقط.
ثانياً، تأمين واردات لسلسلة الرتب والرواتب.
أما فريق الرئيس عون، فيصرّ على ربط إقرار الضرائب بالموازنة. وهنا تكمن الأزمة، إذ إن إقرار الموازنة بحاجة إلى إصدار قطع الحساب. وقطع الحساب غير ممكن في ظل غياب حسابات منجزة لـ12 عاماً سابقة لعام 2015. يقترح العونيون تعليق المادة 87 من الدستور، بما يتيح لمجلس النواب إقرار الموازنة بلا قطع حساب، فيما يرفض بري ذلك، مقترحاً إصدار الموازنة، بعد إقرار قطع حساب غير نهائي لعام 2015، ومن دون إبراء ذمة الحكومة عن الحسابات السابقة، وبلا حساب مهمة، ومع أخذ العلم بمضمون تقرير وزارة المالية المرفق بقطع الحساب، ومع تكليف الوزارة بإنجاز كافة الحسابات السابقة وتقديمها إلى مجلس النواب. وترى مصادر بري أن المسار الذي يطالب به عون سيؤدي إلى تأجيل المشكلة، أما مسار وزير المال فيؤدي إلى فتح باب للمحاسبة، عبر كشف كامل حسابات الدولة في مهلة محددة.
أمر آخر يثيره العونيون، وهو ضرورة عدم مخالفة المادة 87 من الدستور. فتعليقها، برأيهم، ليس تجاوزاً لها، بل يهدف حصراً إلى تسيير شؤون الدولة عبر إصدار موازنة. ترد مصادر بري على ذلك بالقول إن الحريص على الدستور، في مادة حمّالة أوجه كالمادة 87، وسبق أن تم إيجاد فتوى لتحرير المجلس النيابي من نصّها الحرفي، لم يُظهر الحرص نفسه على المادة 41 من الدستور التي توجِب إجراء انتخابات فرعية. وجرت مخالفة هذه المادة من خلال عدم إجراء الانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس، «إرضاءً للرئيس سعد الحريري. وإذا اعتمدت سابقة تعليق العمل بالمادة 87، فلا شيء يحول دون تكرارها كل عام، بدل إحالة ملف حسابات الدولة على مجلس النواب لبدء التدقيق بها، وتكليف النيابات العامة بالتحقيق في المخالفات الجمّة المضبوطة فيها».
وبالتأكيد، الخلاف ليس تقنياً بين الفريقين. المشكلة تكمن في نظرة كل منهما إلى الصلاحيات الدستورية، والتوازنات داخل السلطة. وبحسب مصادر وزارية، فإن حل الخلاف بينهما صعب جداً، ما سينعكس سلباً على جلسة مجلس الوزراء الخميس، التي سيرأسها الرئيس ميشال عون، بعدما فشلت الحكومة في جلستها التي عقدتها برئاسة الحريري أمس في التوصل إلى حل للأزمة المالية ــ القانونية ــ الدستورية التي خلّفها قرار المجلس الدستوري. إلى جانب الرئيس برّي وقف حزب الله الذي عبّر عن موقفه الوزير محمد فنيش باعتباره «ربط التشريع الضريبي بالموازنة ليس دستورياً»، فيما كان بارزاً موقف الرئيس السابق حسين الحسيني الذي رأى في حديث إلى قناة «أم تي في» أن «مجلس النواب له كامل الحق بتشريع الضرائب». في المقابل، وفي ظل وجود غالبية أعضاء تكتل التغيير والإصلاح في فرنسا مواكبة لزيارة الرئيس ميشال عون إليها، ظهر الموقف العوني جلياً في مقدمة نشرة أخبار قناة «أو تي في» التي أشارت إلى أن «البعض يحاول أن يمحو خطاياه المميتة في حق الدولة، فيما خارطة الحلّ واضحة رسمها (المجلس) الدستوري؛ أولاً قطعُ الحساب، ثم الموازنة، ثم السلسلة المستحقة وتمويلها المطلوب».
الجمهورية
السراي ترمي «كرة السلسلة» إلى بعــبدا… وبرِّي يُحذِّر من قتل «الطائف»
وتناولت الجمهورية الشأن الداخلي وكتبت تقول “أرجَأت الحكومة مجدّداً قرارَها بشأن دفعِ الرواتب بعد إبطال قانون الضرائب تمويلها، وذلك وسط مؤشّرات إلى أزمة رئاسية حاوَل رئيس مجلس النواب نبيه بري التخفيفَ من وطأتها متمسّكاً بوجوب دفعِ السلسلة لمستحقّيها ومحذّراً من أنّ ما يجري محاولة لقتلِ اتّفاق الطائف. فيما بدا أنّ التأجيل الحكومي يستبطن رغبةً لدى المعنيين بإشراك رئيس الجمهورية في القرار رغم أنّه نأى بنفسه عن هذا الأمر، عندما رفضَ ترؤسَ جلسة مجلس الوزراء الأحد لبَتّ مصير السلسلة ووارداتها. علماً أنّ بري أوحى بأنّ إقرار الموازنة قد يتأخّر ستة أشهر إضافية إلى حين إنجاز قطعِ الحساب الذي يستغرق هذه المدّة، ما دفع بعضَ المراقبين إلى القول إنّ قطع الحساب يعد بـ»قطع» الموازنة، والتساؤل حول مصير موازنة سنة 2018. وبدا لهؤلاء المراقبين أنّ هناك خلافات جدّية بين أركان السلطة، فكلّ موقع دستوري يرمي الكرة في ملعب الآخر، ولكنّ الكرة تسقط على رؤوس اللبنانيين، سواء كانوا موظّفين أم أساتذة أم معلّمين. وفي كلّ الحالات، ما جرى في جلستَي الأحد والثلثاء الماضيَين أكّد مجدّداً، ليس عمقَ الخلافات الموجودة فقط، إنّما مدى التخبّط الذي تدور فيه الدولة. وكلّ ذلك في وقتٍ تتصاعد المطالب النقابية وتتّسع حركة الإضرابات.
على رغم الأجواء العامة المتجهّمة في البلاد نتيجة المخاوف على مصير السلسلة، وربما الحكومة، أجمعَ وزراء لدى دخولهم الى جلسة مجلس الوزراء في السراي الحكومي برئاسة الرئيس سعد الحريري أنّ «الحكومة متماسكة وصامدة ولا خوف على استقرارها»، فيما لاحظ وزير الداخلية نهاد المشنوق «أنّ هناك مبالغة في الكلام عن انّ هذا الاستقرارفي خطر».
لكنّ هذه التطمينات الوزارية تعارضَت مع ما انتهت إليه الجلسة من تأجيل جديد لقرارها في شأن مصير السلسلة، بعد تعليق المجلس الدستوري قانون الضرائب، الى جلسة جديدة تعقَد غداً الخميس في قصر بعبدا.
إلّا انّ هيئة التنسيق النقابية التي تقف لها بالمرصاد حسَمت موقفَها فقرّرت المضيَّ في الاضرابات والتظاهرات اليوم وغداً والإبقاءَ على اعتصامها المفتوح غداً الخميس امام القصر الجمهوري مواكَبةً لجلسة مجلس الوزراء، في مشهد لن يختلف كثيراً عن مشهد ساحة رياض الصلح امس ولا عن اليوم الذي سبقه.
وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» بعد الجلسة: «الاجواء ليست متوترة بل اجواء متهيّبة موضوع الواردات التي من دونها ولو دفَعنا السلسلة، وهذا ما سنفعله هذا الشهر، سنجد انفسَنا بلا واردات عاجزين عن الاستمرار. وبالتالي لا نريد ان نصل الى وضع «يوناني» ونتذكر انّ اليونان خفّضت 50 في المئة من الرواتب نتيجة ازمتِها المالية».
وإذ اختصرت هذه المصادر الخيارات بعبارة واحدة هي: «مِش رمانة سلسلة بل هي قلوب مليانة حول التشريع وقطع الحساب»، قالت في المقابل: «سنَحسم موضوع إرسال قانون الضرائب قبل يوم استحقاق السلسلة في نهاية الشهر، إضافة الى شكل الإحالة: هل نسحب الموازنة أم نرسِل مشروع قانون يتضمّن كلّ الضرائب التي اوردناها سابقاً مع التصحيحات التي طلبها المجلس الدستوري من دون الخضوع له بالتفسير الذي يقول انّ الضرائب يجب ان تكون في الموازنة فقط. كلّا، هذه غير مقبولة من احد، والمجلس النيابي هو الذي يفسّر الدستور ولا أحد غيره».
برّي
وأكّد رئيس مجلس النواب نبيه بري في دردشة مع اعلاميين أمس في دارته في مصيلح انّ صلاحية تفسير الدستور هي للمجلس دون سواه، وقال «إنّ سلسلة الرتب والرواتب حقّ وواجب ليس من اليوم ولا من الامس إنّما منذ سنوات، ولو انّ الدولة كانت تدفع بدل غلاء المعيشة لَما وصلنا الى ما نحن عليه اليوم».
وعلّقَ بري على قرار المجلس الدستوري بإبطال قانون الضرائب فقال: «القضاء على حقّ حتى لو لم يكن على حقّ، وهذه المرة كان على حقّ وليس على حق». واعتبر «انّ ما يحصل هو تجاوُز وتجَرّؤ على المجلس النيابي واعتداء على صلاحيات رئيس المجلس وخرقٌ لاتفاق الطائف، بل بداية قتلِه».
وأكد «أنّ قطع الحساب ليس من مسؤولية المجلس النيابي وإنّما من واجبات الحكومة، وقال: «علمتُ انّ موضوع قطع الحساب قد يستغرق سبعة اشهر لإنجازه وهو ما قد يعوق إقرار الموازنة». ووصفَ علاقته مع رئيس الجمهورية بأنّها «اكثر من جيّدة».
وعمّا يُحكى عن تطيير الحكومة وتلويح رئيسها بالاستقالة على خلفية العلاقة مع سوريا، قال بري: «هِز عصا العز ولا تضرب فيه». وسأل: «هل مِن عاقل يمكن له ان يتخيّل انّ لبنان الذي يستضيف مليوناً ونصف مليون نازح سوري، ولا يريد البعض التكلّم مع الحكومة السورية».
«القوات»
وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» انّ الوزير غسان حاصباني تولّى مهمة إيصال وجهة نظر»القوات» خلال جلسة أمس والتعبير عنها، فاعتبَر «انّ السلسلة حق للموظفين، ولكن يجب تحصينها من خلال تأمين المداخيل المطلوبة لها بطريقة لا جدل قانونياً ودستورياً فيها، في اعتبار انّ الدفع الفوري من دون تأمين الموارد قانوناً سيؤثر سلباً على تصنيف لبنان والوضع المالي عموماً».
ورأى حاصباني «انّ تعليق المادة 78 من الدستور هو موضع نقاش، والصلاحية باقتراح تعديله تعود إلى رئيس الجمهورية»، داعياً إلى انتظار عودته لعقدِ جلسة لمجلس الوزراء برئاسته «لبتّ هذا الموضوع وإحالته عبر مجلس الوزراء إلى مجلس النواب، لأنّ ذلك ليس من صلاحية مجلس الوزراء ضمن العقد الاستثنائي».
ولفتَ إلى «أهمّية تضمين الضرائب ضمن الموازنة العامة»، مذكّراً بأنه كان سبقَ لوزراء «القوات» ان طالبوا بذلك ضمن النقاش حول الموازنة، واعتبَر «انّ التمويل الدائم للسلسلة وتعزيزها ضمن الموازنة يشكّل حصانةً للوضع المالي»، وأكّد «انّ المطلوب دفعُ السلسلة وحماية الاستقرار النقدي».
البلد مشلول
ولليوم الثاني، شلَّ موظفو القطاع العام ومعلّمو المدارس البلد، والتزَمت الادارات العامة والمستشفيات الحكومية والمدارس الرسمية قرارَ الاضراب. ونفّذ المعترضون اعتصاماً امس في رياض الصلح تزامناً مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء.
وأكد رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر خلال الاعتصام «التصعيد، إذا لم تقرّ الحكومة الدفعَ الفوري للسلسلة، بما فيه الإضراب العام المفتوح بالتنسيق مع «هيئة التنسيق» النقابية».
ومن جهتها هيئة التنسيق النقابية حمَّلت الحكومة «المسؤولية الكاملة عن الشلل التامّ الذي اصاب مؤسسات الدولة ومرافقَها العامة»، مؤكّدةً انّ اجتماعاتها «ستبقى مفتوحة لدرس الخطوات التصعيدية». وأعلنَت استمرارها في الإضراب، داعيةً إلى الاعتصام غداً عند مفترق القصر الجمهوري مواكبةً لجلسة مجلس الوزراء أثناء انعقادها الساعة الحادية عشرة قبل الظهر، وذلك حتى دفعِ الرواتب على الأساس الجديد.
وبدوره الاتحاد العمّالي العام دعا جميعَ العمال والموظفين إلى الاستمرار في الإضراب العام والشامل في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة والمستشفيات الحكومية في كلّ الأقضية اللبنانية وكلّ البلديات، اليوم وغدًا الخميس، وخصوصاً في المؤسسات العامة».
جدل حول «الدستوري»
وإلى ذلك، استمرّ الجدل في شأن مندرجات تنفيذ قرار المجلس الدستوري. وفي حين يقول البعض إنّه يمكن سنُّ قوانين للضرائب من خارج الموازنة، يؤكّد آخرون انّ في ذلك خروجاً على قرار المجلس الدستوري الملزم لكلّ السلطات.
وقال الرئيس السابق للمجلس الدستوري غالب غانم لـ«الجمهورية» إنّ «وضع الضرائب في إطار قوانين من خارج الموازنة يعرّضها مجدّداً للطعن».
وأضاف: «وفقاً للدستور فإنّ القرارات التي تصدر عن المجلس الدستوري ملزمة لجميع السلطات وحتى للقضاء، ولذا يجب الالتزام بقرار المجلس وتطبيقه بحذافيره حتى لو افترَضنا أنه يتضمّن مبادئ في غير محلّها، لأنّ عدم التقيّد بهذه القرارات يجعل كلّ شيء مباحاً». وأضاف: «قرار المجلس الدستوري واضح، ويوصي بضرورة إقرار الضرائب من ضمن الموازنة». (تفاصيل ص 11)
عون
خارجياً، ينهي الرئيس عون اليوم زيارته لفرنسا التي كانت ناجحة بروتوكولياً، إذ لاقى حفاوةً مميّزة طول الايام الثلاثة، ولكن على الصعيد العملي، بدا واضحاً عدم حصول لبنان على التزامات فرنسية جديدة خارج الالتزامات التقليدية التي سبق ان أُعلِن عنها، لا بل بَرز تبايُن واضح بين عون ونظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون حيال موضوع النازحين السوريين، إذ فيما طالب عون بعودتهم فوراً الى سوريا لوجود مناطق آمنة، ربَط الرئيس الفرنسي هذه العودة بالتسوية السياسية للحرب في سوريا، وهي تسوية قد تأتي أو لا تأتي، وفي كلّ الحالات لن تأتي غداً.
ولكنّ موقف ماكرون هذا جاء مختلفاً عن موقف الرئيس الاميركي دونالد ترامب الذي دعا إلى توطين النازحين في البلدان المجاورة لسوريا ودمجهم في المجتمعات المضيفة.
الى ذلك، قال عون في كلمة امام الجالية اللبنانية في فرنسا «إنّ النزوح الكثيف مشكلة، ونَعمل مع المؤسسات الدولية والصديقة لحلّ الموضوع. هذا الحمل نقلَ كثافة السكان من 400 نسمة في الكليومتر المربع الى 600، ولا أحد يحمل عنّا شيئاً»، واعتبَر أنّ «هذا الحمل الثقيل خطر، لأنّ العبء الاقتصادي صعب وكذلك الأمني، ونحن لا زلنا نحارب الخلايا النائمة وواعون لهذا الموضوع، والاجهزة الامنية تعمل بجهد، وواعون أيضاََ للأزمات الاقتصادية المتتالية التي أصابتنا، والعجيبُ أنّنا لا زلنا نتحمل ولكن الى متى؟
أتينا الى فرنسا ووجَدنا تفهّماً لهذه المواضيع، نتمنى أن يكونوا تفهّمونا ايضاً في الامم المتحدة، ويجب جمعُ الجهد للتخلّص من هذه الأزمة بسبب الحرب السورية».
حمادة لـ «الجمهورية»
أمّا داخلياً، وفي انتظار ما سيعلنه باسيل مساء غدٍ من مواقف، خصوصا بعد الضجّة التي اثيرَت في بيروت حول لقائه نظيرَه السوري وليد المعلم في نيويورك، ظلّت اصداء هذا اللقاء تتردّد في الاوساط السياسية، وقال الوزير مروان حمادة لـ«الجمهورية»: «إستعداء العالم العربي، والموقف المعادي من المملكة العربية السعودية والخليج منذ فترة، ثمّ هذا التطبيع مع النظام السوري، لن يؤدي الّا الى تدهور الوفاق السياسي وانهيار الوضع الاقتصادي في لبنان.
من هنا لقاء باسيل ـ المعلم يأخذ منحى غيرَ الذي اخذته زيارات الوزراء المصنّفة شخصية وفنّية الى دمشق، ويأتي مكمّلاً لجملة تصريحات ومواقف تصبّ كلّها في خانة الابتعاد عن سياسة «النأي بالنفس» عن روحية البيان الوزاري ونصّه وحتى عن خطاب القسَم».
وردّاً على سؤال قال حمادة: «السعودية لم تهجّر مليون ونصف مليون سعودي الى لبنان عبر القتل والارهاب، بل تستضيف مئات الوف اللبنانيين، وتعود على لبنان منذ عقود طويلة بالخيرات والزيارات والودائع والاستثمارات.
فلا مجال هنا للمقارنة بين العلاقة مع السعودية وبين تصرّف النظام السوري. كذلك، لا علاقة للقاء باسيل ـ المعلم بعودة النازحين لأن لا عودةَ لهم قبل تأمين مناطق آمنة في ظلّ حلّ سياسي، امّا الكلام عن تنسيق او غير تنسيق فالنظام السوري هجَّرهم أساساً لأنه يريد التغييرَ في ديموغرافية سوريا. فالتصرّف «الخارجي» الذي يؤثّر على الوفاق الداخلي وعلى العلاقات العربية، مُنافٍ للمصلحة اللبنانية، خلافاً لِما قاله الوزير باسيل في ردِّه على الوزير المشنوق».
وكان حمادة قد قال قبَيل مشاركته في جلسة مجلس الوزراء: «لا خوف على السنة الدراسية، الخوف على الدولة، خصوصاً من باب وزارة الخارجية، والخطر على لبنان اقتصاديّ نتيجة السياسات الخارجية الخاطئة واستعداء العالم العربي».
«الكتائب»
أمّا حزب الكتائب فرأى في اجتماع باسيل بالمعلّم «انزلاقاً خطيراً نحو ضربِ السيادة ومبدأ الحياد، وتطبيعاً مع النظام السوري، ونسفاً للبيان الوزاري، وتشويهاً لصورة لبنان على الصعيد الاقليمي والدولي، وتأكيداً للسيطرة الكاملة لمنطق السلاح غير الشرعي». واعتبَر «انّ كلّ ذلك، يؤكد مجدداً صوابية مواقفِه الممتدة من مرحلة الانتخابات الرئاسية وحتى اليوم» .
«المستقبل»
واعتبرت كتلة «المستقبل» أنّ لقاء باسيل ـ المعلم وغيره من اللقاءات المنفردة الأخرى كان بمثابة تجاوُز للأصول والاعراف الحكومية، وهي تشكّل مخالفةً صريحة وفاقعة للبيان الوزاري للحكومة، وكذلك اعتداءً صارخاً على الحكومة ورئيسها وعلى التضامن الحكومي داخلها»، وأيَّدت «الموقف الذي أعلنَه وزير الداخلية نهاد المشنوق في هذا الصدد، والذي دعمته فيه أيضاً مواقف كتلٍ نيابية أخرى ممثّلة في الحكومة».
«8 آذار»
في المقابل، استغرَب مصدر وزاري في 8 آذار عبر «الجمهورية» الحملة على باسيل، وسأل: «هل نريد معالجة مشكلة النازحين السوريين أم لا؟ إذا اردنا معالجتها فلا بدّ من الحوار مع الحكومة السورية، وكلُّ كلام آخَر هو نوع من تخدير الناس حول هذه المشكلة، كذلك إذا اردنا معالجة بعضِ ازماتنا الاقتصادية، وخصوصا موضوع المنتجات الزراعية التي نصدّرها الى سوريا، وغداً عندما تفتح طريق الترانزيت سنصدّر منتجاتنا الى الدول العربية، فلا خيار امامنا الّا الحوار مع سوريا».
وأضاف: «سبقَ وعانَينا معاً خطر الارهاب وكنّا نقول دائماً لا بدّ من التنسيق مع سوريا لمواجهته، فأين المشكلة إذا التقى الوزير باسيل بالوزير المعلّم؟».
ورأى المصدر «انّ اللبنانيين يريدون عودةَ النازحين الى بلدهم و«مِش مِتل ما بدّو ترامب»، فكلامه عن توطينهم يشكّل خطراً على لبنان اوّلاً. لذلك لا بدّ من الحوار مع الحكومة السورية حول هذا الملف وحول الملفات الاقتصادية المشتركة وما اكثرَها، وحول الاخطار التي تهدّدنا سواء الخطر الإسرائيلي أو الخطر الإرهابي».
«حزب الله»
ودعا عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله الى «اغتنام الفرصة وعدمِ المكابرة في العلاقة مع سوريا التي يجب أن تكون علاقة طبيعية». وذكّرَ الفريق الآخر بـ«أنّ مطلبَه الدائم كان في السابق إقامة علاقات ديبلوماسية وفتح سفارات»، متسائلاً: «أين المشكلة إذا ما التقى وزير خارجية مع وزير خارجية»؟
اللواء
المواجهة بين بعبدا وعين التينة تعطِّل تمويل السلسلة
برّي يصف «ما يجري بالإعتداء على صلاحياته».. و«المستقبل» تعتبر لقاء باسيل – المعلِّم إعتداءً على رئاسة الحكومة
جريدة اللواءبدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “قذفت كرة نار سلسلة الرتب والرواتب إلى الخميس، ليستكمل درس الخيارات المالية، المتصلة بها، في جلسة ثالثة لمجلس الوزراء برئاسة الرئيس ميشال عون، المفترض ان يعود اليوم إلى بيروت مختتماً «زيارة دولة» إلى فرنسا، التقى خلالها الرئيس عمانويل ماكرون، وزار بلدية العاصمة، كما التقى مجلس الشيوخ والجالية اللبنانية هناك.
وإذا كان توفير المال هو الظاهر في الأزمة الراهنة، فإن «وراء الأكمة ما وراءها»، كما يقال، فقد كشف الرئيس نبيه برّي بعضاً من الخلفيات السياسية للاشتباك المالي، في حين ان الأوساط المقربة من بعبدا، تتحدث عن خارطة طريق من ثلاث محطات:
1- قطع حساب.
2- موازنة.
3- السلسلة والتمويل.
ووفقاً لهذه الخارطة، تعطّل على ما كشف أحد الوزراء في الجلسة الثانية لمجلس الوزراء التي عقدت في السراي الكبير قبل ظهر أمس، الاقتراح الذي قدّمه وزير المال علي حسن خليل، ويتضمن إقرار مشروع قانون معجّل لتحصيل الضرائب وفقاً لقرار المجلس الدستوري، على ان يترافق مع قرار بصرف رواتب موظفي الدولة على أساس جداول السلسلة الجديدة.
وكشف الوزير الذي طلب عدم كشف هويته لـ«اللواء» ان وزير العدل سليم جريصاتي، ردّ على الاقتراح بالرفض، من زاوية ان الرئيس قد لا يوقع مشروع القانون هذا.
ومن زاوية ان المجلس بإمكانه ان يشرّع ضرائبياً خارج الموازنة أم لا، ارتؤي نقل الجلسة الثالثة للحكومة إلى قصر بعبدا، على خلفية موقف متقدم للرئيس نبيه برّي رأى فيه ان «ما يحصل هو تجاوز وتجرؤ على المؤسسة الأم بل اعتداء على صلاحيات رئاستها، وخرق لاتفاق الطائف، بل بداية قتله».
وفي ظل الاشتباك السياسي الذي يخنق «المبادرة المالية» ويعلّق حقوق الموظفين في الهواء، تحدثت كتلة المستقبل عن «اعتداء صارخ على الحكومة ورئيسها وعلى التضامن الحكومي في معرض الموقف من اللقاء بين وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ووزير الخارجية السوري وليد المعلِّم»، معربة عن تضامنها وتأييدها لموقف وزير الداخلية نهاد المشنوق، المدعوم من كتل نيابية أخرى ممثلة بالحكومة.
«كباش» رئاسي في مجلس الوزراء
الى ذلك، تقاطعت معلومات عدد من الوزراء على ان المشكلة العالقة حول قانون الضرائب هي «قلوب مليانة بسبب الخلاف على التشريع في مجلس النواب وتفسير الدستور، وليست رمانة دفع رواتب السلسلة اوعدم دفعها، وذلك بعد السجال الذي اندلع بعد قرار المجلس الدستوري بقبول الطعن المقدم في قانون الموارد المالية والضريبية للسلسلة، على خلفية حق المجلس النيابي في التشريع الضريبي وجواز تضمين الموازنة العامة القوانين الضريبية او عدم تضمينها».
واوضحت ان الخلاف تركز في جلسة مجلس الوزراء الثانية، أمس، بين موقف وزراء «التيار الوطني الحر» الذي عبر عنه الوزير سليم جريصاتي ودعا الى ضم قانون الضرائب الى الموازنة، وبين وزراء القوى السياسية الاخرى وفي مقدمهم حركة «أمل» الذين يؤكدون ان ما من نص دستوري صريح يقضي بضم قانون الضرائب الى الموازنة، وإلاَ لما صدرت منذ سنوات طويلة قوانين ضريبية خارج الموازنة ولما جاء في نص الدستور على «ان الضرائب تنشأ بقانون» ولم يقل انها تكون ضمن الموازنة. اما موقف وزراء «القوات اللبنانية» فكان ضائعا بين عدم رغبتهم الاصطدام مع تياري الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري.
وكشفت المصادر الوزارية ان الرئيس بري سيثير في اول جلسة نيابية هذه القضية وسيؤكد حق المجلس النيابي المطلق في التشريع الضريبي وفي تفسير الدستور.
وخلصت المصادر الى القول: حصيلة ما جرى مؤخرا هو ربط نزاع دستوري حول التشريع بين الرئيس عون والرئيس بري، وربط نزاع سياسي بين الرئيس عون والرئيس سعد الحريري.
اما في وقائع الجلسة فقد تركز النقاش فيها على قانون الضرائب هل يكون من ضمن الموازنة ام من خارجها، وعلى اقتراح الوزير جريصاتي تعليق العمل بالمادة 87 من الدستور المتعلقة بقطع حساب الموازنة لحين البت بقطع حسابات السنوات الماضية وهو ما رفضته القوى السياسية الاخرى. وتبين انه في حال تم ضم قانون الضرائب الى الموازنة فلا بد من انجازقطع حساب السنوات الماضية وهو الامر المختلف عليه.
اما وزير الإعلام ملحم رياشي الذي أذاع مقررات الجلسة الاستثنائية الثانية، فقد أوضح ان البحث كان معمقاً في قانون الإيرادات المنوي ضمه إلى الموازنة لتأمين مصادر دخل للسلسلة، آملاً ان تبت جلسة الغد في القصر الجمهوري مبدئياً مشروع القانون ويحول إلى المجلس النيابي، مشيراً إلى ان موضوع دفع الرواتب سيبت أيضاً يوم الخميس.
واشارت المصادر الوزارية لـ«اللواء» الى ان الطروحات كثيرة، ولكن الخلاف حول كيفية تأمين الموارد، يتركز حول هل من خلال وضع ضرائب جديدة تأتي في قانون منفصل عن مشروع قانون الموازنة ام ادخاله ضمن الموازنة والعمل على اقرارها في وقت قريب، واعتبرت ان هناك حاجة لان يترأس رئيس الجمهورية الجلسة ومشاركة الحكومة في اتخاذ القرارات المناسبة باعتبار ان القوانين في النهاية تحتاج الى توقيع رئيس الجمهورية، ولفتت الى انه لا يجوز ان تحمل الحكومة وحدها كرة النار، خصوصا ان هناك خوفاً حقيقياً على الدولة واقتصادها.
واعتبرت المصادر ان موضوع قطع الحساب من المواضيع المعقدة حاليا، والتي اخذت حيزا غير قليل من مناقشات المجلس خصوصا ان البعض يرى بان الموضوع مرتبط بالسلسلة والموازنة والضرائب ولا يمكن فصل احدى هذه المواضيع عن غيرها.
بري: اعتداء على صلاحياتي
وكان الرئيس برّي زاد على موقفه الصارخ من «ملائكة المجلس الدستوري» بسلسلة مواقف أدلى بها أمس امام الإعلاميين المعتمدين في المصيلح، حيث يمضي أيام عاشوراء هناك، مستغرباً ما يقال بأن المجلس النيابي ليس له الحق بفرض ضرائب إلا من خلال الموازنة، مع العلم ان قانون السلسلة مر وهو يتضمن شقين، شق النفقات وشق الإيرادات، لافتاً النظر إلى ان المجلس أقرّ في جلسته الاخيرة قانون الضريبة على النفط، متسائلاً: كيف ذلك؟.
واعتبر برّي «ان ما يحصل هو تجاوز وتجرؤ على المجلس النيابي، واعتداء على صلاحيات رئيس المجلس، أو خرق لاتفاق الطائف بل بداية قتله». وقال: «من لا يُدرك هذه الحقيقة يُعاني مشكلة كبيرة ويضع لبنان امام مشكلة أكبر»، مؤكداً «أن تفسير الدستور يعود فقط للمجلس النيابي».
وفي السياق، رأي الرئيس حسين الحسيني ان مجرّد تفكير مجلس الوزراء بتعليق سلسلة الرتب والرواتب يعد خرقا دستوريا، مشيرا إلى انه «لا يجوز الربط بين الموازنة وباقي القوانين المالية والضرائب لأن هذا الأمر مرتبط بخزينة الدولة».
وفي حديث تلفزيوني، لفت الرئيس الحسيني إلى ان «السلسلة أصبحت نافذة»، مشيرا إلى انه «لا يجوز ان يستطيع مجلس النواب ان يُقرّ ضرائب ويترجمها لاحقا في الموازنة».
عون في باريس
في هذا الوقت، وصلت أصداء ما يجري في بيروت إلى العاصمة الفرنسية، حيث يتابع الرئيس ميشال عون زيارته الباريسية لليوم الثاني، حيث التقى عددا من المسؤولين الفرنسيين، فسارعت مصادر الوفد اللبناني المرافق للزيارة، إلى نفي الكلام عن وجود أزمة بين الرئيسين عون والحريري على خلفية محاولات التطبيع مع النظام السوري، وأزمة ابطال المجلس الدستوري لقانون الضرائب المموّلة للسلسلة، معتبرة ان هذا الأمر غير صحيح، مشيرة إلى ان هناك من يحاول ان يفتعل هذا الخلاف لأسباب انتخابية. كاشفة بأن الاتصال الذي تلقاه عون من الرئيس الحريري كفيل بإظهار ذلك. وأوضحت ان الرئيس عون على ثقة بأن الصعوبات في ما خص ملف السلسلة قابلة للحلحلة.
ولفتت مندوبة «اللواء» المرافقة للزيارة، إلى ان اليوم الثاني توزع بين السياسة والاغتراب، بعدما اتسم اليوم الأوّل بطابعه الرئاسي بفعل القمة الرئاسية اللبنانية – الفرنسية، وأن «زيارة الدولة» الأولى لعون حققت أهدافها، سواء من خلال إظهار المقاربة اللبنانية، للملفات الشائكة التي يواجهها وفي مقدمها أزمة النزوح السوري، أو من خلال ما سمعه في ما خص إعطاء فرنسا الأولوية للمؤتمرات الثلاثة التي تعتزم عقدها قريبا من أجل لبنان، فضلا عن المتغيّرات الحاصلة اقليميا ودوليا التي حضرت في اللقاء بين الرئيسين عون وايمانويل ماكرون، حيث حاولت مصادر مواكبة إظهار عدم الاختلاف في الرؤية بين الرئيسين، لا سيما حيال ملف النازحين السوريين، رغم التأكيد الفرنسي على وجوب التمسك بسياسة النأي بالنفس من الأزمة السورية، مشيرة إلى ان الرئيس الفرنسي أقرّ بالتواصل مع السلطات السورية بعدما بسطت سلطتها على 80 في المائة من الأراضي، ملاحظة بأن هناك قبولا في الرؤية الفرنسية حيال هذا الملف، إذ ان فرنسا ترغب في الانخراط مجددا في الملفات التي توليها روسيا والولايات المتحدة أهمية.
وعلمت «اللواء» ان خارطة طريق ستعد في ما خص المؤتمرات الدولية التي ستتولاها فرنسا، بعد زيارات وزراء فرنسيين إلى بيروت، وبينهم وزير الخارجية جان ايف لودريان، وأن السفير اللبناني لدى فرنسا رامي عدوان كلف بمتابعة التحضيرات في هذا الشأن.
وكان الوزير لودريان أبلغ عون انه سيزور بيروت قبل نهاية العام للتحضير لزيارة الرئيس الفرنسي التي ستتم في الربيع المقبل، ولدرس كل الترتيبات المتعلقة بالمؤتمرات الثلاثة: مؤتمر تسلح الجيش في روما ومؤتمر الاستثمارات (باريس – 4) ومؤتمر النازحين.
الإضراب
نقابياً، لم يفلح «إضراب الكرامة» بحشوده في الضغط على مجلس الوزارء المنعقد على بُعد أمتار من ساحة الاستقلال (رياض الصلح) لإعلان قراره بتنفيذ قانون السلسلة، فرحّل القرار إلى يوم غدٍ الخميس، ما دفع بهيئة التنسيق والاتحاد العمالي العام الى الاستمرار بالاضراب وشل كافة المؤسسات الرسمية، والاعتصام امام القصر الجمهوري تزامنا مع جلسة مجلس الوزراء، وخرجت نقابة المعلمين، الرافضة لفصل التشريع بين التعليم العام والخاص، من السرب فأعلنت تعليق الإضراب بعد تضارب في وجهات النظر داخل المجلس التنفيذي بين مُصرٍّ على الاستمرار في الإضراب وآخر مطالب بتعليقه لا سيما أن عددا كبيرا من المدارس الخاصة لم يلتزم بالاضراب أمس.
العقوبات
في مجال آخر، يناقش مجلس النواب الأميركي غداً، تعديل قانون العقوبات على «حزب الله» ويضمن إجراءات إضافية في مجال العقوبات ويتعلق النص الأول بعقوبات جديدة على «حزب الله» بسبب نشاطاته «الإرهابية»، فيما يتحدث النص الثاني عن عقوبات أخرى، على خلفية «اتخاذ المدنيين دروعاً بشرية». ووفقاً لمسودة مشروع والذي يحمل الرقم أتش — آر 3329، فإنّ الحديث يدور عن تعديل التشريع الصادر في العام 2015، والمعروف باسم «قانون منع التمويل الدولي لحزب الله».
وبحسب المسودة، سيجري تعديل المادة 101 من القانون الحالي بحيث تفرض على الرئيس الأميركي فرض عقوبات على «حزب الله» تطال كل شخص يدعم أو يرعى أو يقدم تمويلاً مهماً أو مواداً أو دعماً تقنياً لعدد من الكيانات، ومن بينها «بيت المال» و»جهاد البناء» و»هيئة دعم المقاومة الإسلامية»، وقسم العلاقات الخارجية، والمنظمة الأمنية التابعة لحزب الله في الخارج، بالإضافة إلى قناة «المنار» وإذاعة «النور» و«المجموعة اللبنانية للإعلام». وتشمل العقوبات التي سيناقشها الكونغرس تجميد الأصول، وحجب التعاملات المالية، ومنع إصدار تأشيرات السفر إلى الولايات المتحدة.
ويمنح مشروع القانون الرئيس الأميركي صلاحية تحديد الأشخاص والكيانات الذين ستفرض عليهم عقوبات لتعاونهم مع «حزب الله». ويتضمن مشروع القانون إمكانية فرض عقوبات على دول أجنبية في حال قامت بتقديم دعم عسكري أو مالي ذي أهمية لـ»حزب الله» أو أحد الكيانات المرتبطة به.
وأمّا النص الثاني، الذي تناقشه لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، ويحمل الرقم «أتش آر 3342»، فيتعلق بفرض عقوبات على أشخاص أو كيانات يثبت ضلوعهم في «انتهاكات للحقوق الإنسانية المعترف بها دولياً، والمرتبطة باستخدام حزب الله لمدنيين كدروع بشرية».
ويشير مشروع القانون إلى أنه «خلال صراع العام 2006 استخدم حزب الله المدنيين كدروع بشرية لحماية نفسه». وتضيف المسودة أن «حزب الله أعاد تسليح نفسه، ممتلكاً ترسانة تضم أكثر من 150 ألف صاروخ، وأسلحة مهددة للاستقرار، تم تزويده بها من قبل الحكومتين السورية والإيرانية، ويقوم بنشرها داخل القرى الشيعية في جنوب لبنان، بما في ذلك ضمن البنية التحتية المدنية».
البناء
البرزاني يريد حوار الأمر الوقع… وبوتين يبحث الاستفتاء مع أردوغان وروحاني
العبادي: الجيش العراقي سينتشر في كركوك… و72 ساعة لتسليم المعابر والمطارات
خلط أوراق سياسي مالي دستوري بين الرئاسات… وأسئلة كبرى حول فرص التسوية
صحيفة البناءصحيفة البناء كتبت تقول “بقي مشهد كردستان العراق مهيمناً على المنطقة، رغم الإنجازات النوعية التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه في جبهات ريف دمشق ودير الزور وإدلب، والجسور العائمة الثابتة التي ركّزها الجيش الروسي ووضعها بخدمة تحرّك القوات السورية والحليفة بين ضفتي الفرات الشرقية والغربية، واندفاع الوحدات المقاتلة عبر هذا الجسر لفرض معادلة جديدة في محافظة دير الزور بعدما رسمت الخطوط الحمراء أمام «قوات سورية الديمقراطية»، تترقب الأوساط الكردية في سورية النصّ الحرفي لحوار وزير الخارجية السوري وليد المعلم مع قناة «روسيا اليوم»، وما ورد من الملخّص عن عدم ممانعة دمشق بالتفاوض مع القيادت الكردية حول شكل من أشكال الإدارة الذاتية ضمن مفهوم وحدة الدولة السورية، بعدما شكل الموقف ما وصفته قيادات كردية سورية أمام مشهد الانفصال الكردي في العراق بضربة معلم تجمّد دعوات متطرّفة لدى بعض الأكراد المأخوذين بالمشهد العراقي وتدعوهم للتعقل الكردي وعدم المجازفة بخيارات انتحارية.
في مشهد كردستان العراق، إطلالة رئيس الإقليم مسعود البرزاني للدعوة للحوار والتهدئة من موقع الأمر الواقع، وقد كرّر كما وزراء حكومته مقولة، الاستفتاء أصبح وراءنا ولا يمكن التفاوض على ما تمّ وانتهى، فتعالوا نتفاوض على ما بعده، وقد جاء الردّ العالي السقف من أنقرة التي رفضت كلّ تفاوض قبل إعلان إلغاء الاستفتاء ونتائجه واعتباره كأنه لم يكن، فيما هدّد الرئيس التركي بالمجاعة لكردستان إذا بقي العناد لدى القيادة الكردية، قائلاً ماذا ستفعلون عندما تتوقف الشاحنات من العبور، وعدنما نوقف ضخّ النفط سيكون كلّ شيء قد انتهى، واعداً بأنّ خطوات العقاب والحصار ستنفذ تباعاً، بينما أعلن رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي أنّ مهل التفاوض سقطت بإجراء الاستفتاء، والآن مهل تسليم عهدة الحكومة العراقية معلناً عن مهلة اثنتين وسبعين ساعة لتسليم المعابر الحدودية والمطارات في كردستان، طالباً من الجيش العراقي والقوات المسلحة الانتشار في كركوك والمناطق المتنازع عليها.
مخاطر التصادم تبدو حاضرة مع التطوّرات الجديدة وكيفية تصرف أربيل ستقرّر بقاء المواجهة سياسية أم تحوّلها إلى صدام مسلح.
في لبنان تخيّم أجواء ضبابية على المشهد السياسي مع خلط أوراق بين الرئاسات الثلاث، حيث يختلط «حابل» الملفات المالية بـ«نابل» الملفات السياسية والدستورية، وفيما يبدو رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري في خندق واحد تجاه ملف النازحين والعلاقة اللبنانية السورية، ويقف رئيس الحكومة سعد الحريري وحلفاؤه في الرابع عشر من آذار في الخندق المقابل، يقف رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في خندق واحد في قضية الموقف من قرار المجلس الدستوري بإبطال قانون الضرائب، الذي حقق لرئيس الجمهورية طلبه بدمج الضرائب بالموازنة وحقق لرئيس الحكومة أحد هدفين: إعفاؤه من عبء الضرائب على المصارف بالإبطال أو إعفاؤه من عبء قطع الحساب بدمج الضرائب بالموازنة لتأمين دفع السلسلة بصورة عاجلة. وفي الملف نفسه يقف رئيسا الجمهورية والمجلس النيابي معاً لدفع غير مؤجّل للرواتب وفق السلسلة، بينما يقف رئيس الحكومة مع تعليق العمل بها ولو لشهر واحد، ولاستبدال ضرائب المصارف بزيادة الضريبة على القيمة المضافة، وهو ما يلتقي رئيسا الجمهورية والمجلس على رفضه. ودستورياً يرفض رئيس المجلس التساهل مع ما وصفه بتعدّي المجلس الدستوري على صلاحيات مجلس النواب ورئيسه في تفسير الدستور، لجهة جواز وعدم جواز إقرار ضرائب خارج الموازنة، ويقبل بحدود الطعن بتخصيص الضريبة لتغطية السلسلة، يحوز قرار المجلس الدستوري رضا رئيسَي الجمهورية والحكومة كلّ لأسباب مختلفة، تنعكس على مقترحات الحلول، التي تبدو بالنسبة لرئيس المجلس إعادة إقرار لقانون الضرائب بتعديلات طفيفة تطال تحريره من تخصيص العائدات للسلسلة وضمّ العائدات للخزينة، وتعديل ما وصف بالازدواج الضريبي بالنسبة للشركات المالية والمصارف، بينما يتفق رئيسا الجمهورية والحكومة على أن يكون الحلّ بالإسراع في إصدار الموازنة. وهنا يدخل البحث بمطبّ دستوري كبير يتمثل بالحديث عن تعليق العمل بربط الموازنة بقطع الحساب وهو ما قد يكون عرضة لطعن جديد، وفقاً للكثير من المصادر الدستورية.
في الحصيلة لا يبدو ثمة مشترك بين رئيسَيْ المجلس والحكومة، بينما يتقاسم رئيس الجمهورية مع كلّ منهما بعضاً من المواقف ما يجعل لموقف بعبدا موقع بيضة القبان في جلاء الصورة وصناعة فرص التسويات، التي تبدو في ملف النازحين والعلاقة بسورية بانتظار عودة الرئيس وترؤسه مجلس الوزراء غداً، بينما في شأن السلسلة والموازنة وعلى إيقاع ضغط الشارع لا تزال الصورة مشوّشة بالضباب.
خلاف حول الموازنة والمادة 87 وحلّ مؤقت في بعبدا الخميس
لم ينجح مجلس الوزراء في جلسته الثانية أمس، التي استمرّت قرابة 4 ساعات من اجتراح حلول للثغرات التي أوردها المجلس الدستوري في قرار إبطال قانون الإيرادات الضريبية لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، وأرجأ الحل الى جلسة ثالثة في بعبدا غداً الخميس برئاسة رئيس الجمهورية، ويحمل الحل المؤقت توجهاً لدفع السلسلة هذا الشهر وتعليق المادة 87 المتعلقة بقطع الحساب لإنجاز الموازنة وإرسال مشروع قانون من الحكومة الى المجلس النيابي لتعديل المواد 11 و17 المتعلقة بالازدواج الضريبي والضرائب على الأملاك البحرية والمصارف.
بينما فتح رئيس المجلس النيابي نبيه بري من مصيلح النار السياسية على «المجلس الدستوري»، واصفاً ما يجري بأنه اعتداء على صلاحيات رئاسة المجلس وبداية قتل اتفاق الطائف، واعتبر أن السلسلة حق وواجب ليس من اليوم ولا من الأمس وإنما منذ سنوات.
وبالعودة الى جلسة مجلس الوزراء، فإن محور الخلاف داخل المجلس، بحسب مصادر حكومية، يكمن حول نقطتين: الأولى قانونية التشريع الضريبي من خارج الموازنة، والثانية تعليق العمل بالمادة 87 من الدستور المتعلقة بعدم قانونية إقرار الموازنة من دون قطع حساب الموازنات السابقة.
ونأت حكومة «استعادة الثقة» بنفسها عن سجال الوزيرين نهاد المشنوق وجبران باسيل في محاولة لتأجيل الانفجار بانتظار عودة الرئيس عون من فرنسا الذي يحمل في جعبته حلاً للأزمة، وأفردت الحكومة كامل وقتها لبحث الخيارات المتاحة للبحث عن بدائل لتمويل السلسلة وتجنّب كأس المواجهة المبكّرة مع الشارع وإبعاد خطر سقوط الحكومة في الشارع، غير أن الخلاف السياسي المستحكم بين أركان السلطة انعكس على الواقع المالي والقانوني، وانقسمت الآراء في الجلسة بين فريقين، بحسب ما قالت مصادر وزارية لــ «البناء» الأول يمثله فريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر الذي أيّد دفع السلسلة فور إقرار مشروع الموازنة العامة وتضمينه السلة الضرائبية الجديدة بعد اجراء التعديلات الواردة في قرار «الدستوري»، أما الفريق الثاني فيمثله رئيس المجلس النيابي نبيه بري ممثلاً بوزير المال علي حسن خليل الذي رمى الكرة الى ملعب الحكومة بعد إعلانه الانتهاء من إعداد الجداول لصرف الرواتب وفقاً للقانون الجديد، وأعلن خليل في جلسة أمس إنهاء التعديلات في المادتين 11 و17 التي وردت في قرار «الدستوري» المتعلقتين بفرض ضريبة على الأملاك البحرية بدلاً من الغرامة وضريبة على المصارف.
ويرفض هذا الفريق أن يفرض المجلس الدستوري على المجلس النيابي سنّ القوانين، ويعتبر أنّ من حق البرلمان فرض ضرائب من خارج الموازنة ويعزّز رؤيته بالتذكير بفرض جملة من الضرائب من خارج الموازنة كقانون الأحكام الضريبية النفطية الذي أقرّه المجلس في جلسته الأسبوع المنصرم. ويتساءل مصدر مقرّب من فريق حركة أمل: هل هي المرة الأولى التي نقرّ ضرائب من خارج الموازنة؟ فلماذا فتح النقاش والجدال حول قانون الضرائب المخصّص لتمويل السلسلة؟ غير أن مصادر قانونية تردّ على ذلك بالقول «الضرائب النفطية ستدخل الى الموازنة ومن ثم يُعَاد صرفها على الإنفاق، لكن الضرائب الجديدة مخصّصة لتمويل السلسلة وهذا مخالف للقانون، فلا يمكن فرض ضريبة وتخصيصها لتمويل إنفاق معين، كما يتّهم فريق رئيس المجلس رئيس الجمهورية بالإيحاء للمجلس الدستوري بربط ضرائب تمويل السلسلة بإقرار الموازنة وتضمينها التعديلات الضريبية، ما يعتبر التفافاً على تنفيذ قانون السلسلة، وما الغزل بين بعبدا والمجلس الدستوري خلال الأيام القليلة الماضية إلا دليل على ذلك. كما يرفض فريق رئيس البرلمان تعليق المادة 87 من الدستور وهذا كان محل الخلاف في الجلسة بين «التيار الحر» و»أمل» واجتهادات متضاربة بين وزير العدل سليم جريصاتي والوزير خليل الذي بدت علامات الامتعاض على وجهه أثناء خروجه من الجلسة، حيث لم يُجِب على أسئلة الصحافيين.
وبين الفريقين، وقف رئيس الحكومة سعد الحريري في موقع الوسط، فمن جهة أكد على ضرورة صرف السلسلة للموظفين وأنها حق لهم وكرست في القانون، شدّد في المقابل على مراعاة قرار المجلس الدستوري وتأمين موارد للتمويل لاستمرار دفع الرواتب كي لا ينعكس ذلك سلباً على الاستقرار المالي والاقتصادي».
لكن هل تستطيع الحكومة فصل ضرائب تمويل السلسلة عن مشروع الموازنة؟ وماذا عن قرار الدستوري الذي ألزم المجلس النيابي بضم الضرائب الى الموازنة؟ وماذا لو تكرّر الطعن؟ وهل يمكن إقرار الموازنة من دون قطع الحساب؟
يشير مصدر قانوني وسياسي ودستوري لـ «البناء» بأن «المجلس النيابي سيد نفسه ولديه صلاحيات شمولية لكن أي تشريع مالي يجب ألا يتناقض مع مبدأ الموازنة، وبالتالي المجلس لديه الحق في سن القوانين المالية شرط أن ينسجم مع روح ومنطق الدستور». وتساءل المصدر: «لماذا تم تعديل الدستور أكثر من مرة للتمديد لقيادات أمنية أو لإفساح المجال أمامها للترشح الى مناصب سياسية عليا في الدولة، ويمنع تعليق المادة 87 لإنهاء أزمة الموازنة والسلسلة معاً؟».
وشدد المصدر على دور السلطة التنفيذية في ضبط تشريع السلطة التشريعية في الشأن المالي، مشيراً الى أن الموازنة عملية تشاورية بين السلطتين، وأوضح أن «المجلس النيابي يمكنه من تعليق المادة 87 من الدستور لإخراج الموازنة من عنق الزجاجة، لكن لا يلغي ذلك ربط نزاع مالي وسياسي حول مبلغ الـ11 مليار دولار».
مصادر وزارية تحدثت لـ «البناء» عن وجهتي نظر في مجلس الوزراء حيال تعديل المادة 87 ويجري العمل على درسها من الوجهة الدستورية، لكن هل هي فعلاً مشكلة دستورية ومالية أم سياسية؟
وزير «قواتي» أبدى شكوكه حيال صرف السلسلة الشهر الحالي، وقال: «السلسلة والضرائب مشكلة سياسية وتحتاج الى معالجة سياسية. وهذا لا يتم إلا بتوافق سياسي»، مرجحاً أن «يحصل ذلك التوافق في جلسة بعبدا، فضلا عن أن قانون الضرائب يحتاج الى توقيع رئيس الجمهورية، وبالتالي الرأي المفصلي سيكون للرئيس عون». وترى مصادر في أن اجتماع السراي لم يعدو كونه «تمثيلية» لامتصاص الغضب الشعبي وجس نبض الشارع والدليل على ذلك التوصل الى اتفاق مساء الاثنين بين بعبدا وبيت الوسط على تحديد موعد الجلسة في بعبدا الخميس المقبل!
وفي حين ترى مصادر وزارية مقربة من الحريري أن «الحل قريب جداً، لكنه يحتاج الى اطار قانوني»، تضع مصادر أخرى الخلاف في اطار التنافس بين الرئاستين الأولى والثانية لقطف إنجاز صرف السلسلة في الشارع على أبواب الانتخابات النيابية، حيث كان يفضل الرئيس بري البتّ بالموضوع في جلسة أمس في السراي ما يعطيه حصرية الإنجاز، بينما يفضل الرئيس عون أن يخرج الدخان الأبيض من بعبدا.
بري: ما يحصل اعتداء على المجلس
وفيما انعكس قرار المجلس الدستوري سلباً على العلاقة بين الرئاستين الاولى والثانية، رفع الرئيس بري سقف مواقفه ضد «الدستوري» وقال: «تفسير الدستور يعود فقط للمجلس النيابي والقضاء على حق، حتى ولو لم يكن على حق. وهذه المرة كان على حق وليس على حق». ورأى أن «ما يحصل هو تجاوز وتجرؤ على مجلس النواب واعتداء على صلاحيات رئاسته وخرق لاتفاق الطائف، بل بداية قتله».
وحول المطالبة بضرورة أن تكون الضرائب من ضمن الموازنة وقطع الحساب قبل إقرار الموازنة، قال في دردشة مع الإعلاميين المعتمدين في المصيلح: «إن قطع الحساب ليس من مسؤولية المجلس النيابي، فهي من واجبات الحكومة ولا علاقة للمجلس بها»، مشيراً الى أن «قيمة السلسلة مذكورة من ضمن الموازنة، وهذا أمر معروف للجميع، وكما علمت أن موضوع قطع الحساب قد يستغرق سبعة أشهر لإنجازه، وهو ما قد يعيق إقرار الموازنة».
وأكد بري أن «العلاقة أكثر من جيدة مع رئيس الجمهورية، وفي الاستراتيجيا هناك تطابق مع فخامة الرئيس ولا وجود لأية تباينات».
اعتصامات واستمرار الإضراب
وبالتزامن مع انعقاد الجلسة الوزارية، شهدت ساحة رياض الصلح المقابلة للسراي الحكومي اعتصامات شارك فيها الاتحاد العمالي العام وهيئة التنسيق النقابية وسط إضراب شامل عمّ مختلف الإدارات الرسمية والمدارس الرسمية والخاصة. ودعا الاتحاد العمالي ببيان، إلى الاستمرار في الإضراب العام والشامل في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة والمستشفيات الحكومية في الأقضية اللبنانية كلها والبلديات كلها، الأربعاء والخميس المقبلين.
كما دعت هيئة التنسيق إلى تنفيذ اعتصام يوم الخميس المقبل أمام مفرق القصر الجمهوري مواكبة لجلسة مجلس الوزراء حتى دفع الرواتب على الأساس الجديد. كما أعلنت الهيئة الإدارية لرابطة معلمي التعليم الأساسي الرسمي استمرارها بالإضراب. في حين أعلنت نقابة المعلمين في التعليم الخاص في بيان تعليق الإضراب في المدارس الخاصة.
.. وعاصفة السجال مستمرة
ولم تهدأ عاصفة السجال بين تياري الوطني الحر والمستقبل على خلفية لقاء باسيل – المعلم، لكن الوزير المشنوق تراجع أمس عن تصريحاته السابقة بأن اللقاء يهدّد التسوية الرئاسية واستقرار الحكومة، وأكد من السراي الحكومي أمس، في رده على سؤال أحد الصحافيين بأن الحديث عن تهديد الاستقرار الحكومي أمر مبالغ فيه ومضخّم. بينما أكد أكثر من مصدر وزاري لـ «البناء» من فريقين سياسيين مختلفين، بأن لا خوف على الحكومة وطمأنوا بأن الخلاف على التنسيق مع سورية حيال ملف النازحين سيحلّ بين الرئيسين عون والحريري.
واعتبرت كتلة المستقبل أن «اللقاء تجاوز للأصول والأعراف الحكومية، ومخالفة للبيان الوزاري للحكومة، واعتداء صارخ على الحكومة ورئيسها وعلى التضامن الحكومي داخلها». وأكدت الكتلة في بيان بعد اجتماعها في بيت الوسط برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة على الموقف الذي أعلنه وزير الداخلية نهاد المشنوق في هذا الصدد».
في المقابل اعتبر الرئيس بري أنه «لا يمكن لعاقل التخيّل بأن لبنان الذي يستضيف مليوناً ونصف مليون نازح سوري ولا يريد البعض التكلم مع الحكومة السورية؟». وأضاف: «اذا كنا لا نريد الحديث مع سورية، فلماذا المجلس الاعلى اللبناني السوري ولماذا السفارات بين البلدين؟»، مشدداً على أن «التنسيق بين لبنان وسورية ضروري وفيه مصلحة للبنان قبل سورية، وخاصة في موضوع التصدير الزراعي وقبل أي شيء في حل مشكلة النازحين».
وحول ما يُحكى عن تطيير الحكومة وتلويح رئيس الحكومة بالاستقالة على خلفية العلاقة مع سورية، قال الرئيس بري: «هِزّ عصا العز ولا تضرب فيها».
وقالت مصادر سياسية لـ «البناء» إن «ملف النازحين هو قضية مركزية لدى رئيس الجمهورية وسيطرحها على بساط البحث فور عودته من باريس، إن كان على صعيد مجلس الوزراء أو من خلال التشاور مع القوى السياسية، لا سيما مع رئيس الحكومة للتوصل الى حل لناحية التواصل مع الحكومة السورية الذي بات حاجة ضرورية لإعادة النازحين الى سورية».
واذ استبعدت المصادر أن يشكل التواصل مع سورية خطراً على استقرار الحكومة في الوقت الراهن، أشارت الى أهمية زيارة عون الى فرنسا، معتبرة أنها «تشكل غطاءً سياسياً دولياً لسياسة عون الإقليمية ودعم استراتيجيته في عودة النازحين».
وأكد الرئيس عون أمام الجالية اللبنانية في فرنسا أن «هناك 500 الف نازح فلسطيني أضيف اليهم مليون و750 الف نازح سوري وعبء النزوح بات ينذر بخطر اقتصادي وأمني صعب». ولفت الى أننا «بدأنا مرحلة بناء الدولة بعد انهيار المؤسسات وعدم احترام الدستور والقوانين ونحن أمام مرحلة صعبة لإعادة الانضباط».
وكان رئيس الجمهورية والوفد المرافق قد واصل زيارته الرسمية الى فرنسا والتقى في يومه الثاني وزير الخارجية جان ايف لودريان، حيث تمّ استكمال النقاش في المواضيع التي اُثيرت مع الرئيس ايمانويل ماكرون، خلال محادثات قصر الاليزيه، تلاه لقاء مع وزير المالية والاقتصاد الفرنسي برونو لو مير. وقال لو دريان «إنه سيزور لبنان قبل نهاية العام لتحضير زيارة الرئيس الفرنسي التي ستتمّ في الربيع المقبل، ولدرس كل الترتيبات المتعلقة بالمؤتمرات الثلاثة: مؤتمر تسليح الجيش، مؤتمر الاستثمارات ومؤتمر النازحين».