يشعر الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل بأن انقلاباً وشيكاً على التسوية الرئاسية يُعدّ له الرئيسان ميشال عون ونبيه برّي في ما خصّ العلاقة مع سوريا. وفيما كانت الحال في الأشهر الماضية تقضي بأن يطالب المحيطون بالحريري رئيس الحكومة بمواقف أكثر حزماً تجاه انفتاح عون وبرّي على سوريا، بدءاً من زيارات الموفدين المتبادلة وذهاب بعض الوزراء إلى دمشق، وصولاً إلى ما حصل في معارك الجرود، ارتفع سقف الحريري وتيار المستقبل إلى التلويح بإمكانية اعتكاف الحريري أو استقالته.

يقرأ فريق عون وبرّي وحزب الله الاعتراض المستقبلي بمثابة سعي إلى تطويق سياسة رئيس الجمهورية الخارجية ومحاولة لفرض سياسة خارجية عليه لا تتوافق مع مصلحة لبنان، خصوصاً في ما خصّ ملفّ النازحين. إلّا أن مصادر وزارية بارزة في تيار المستقبل تقول لـ«الأخبار» إن «ما حصل في الآونة الأخيرة، ولا سيّما لقاء الوزير جبران باسيل و(وزير الخارجية السوري وليد) المعلم لا يمكن أن نحتمله»، مؤكّدة أن «الحريري إذا استمر الضغط عليه، فقد يعتكف وليتحملوا مسؤولياتهم».

وفيما تلحظ قيادات تيّار المستقبل ابتعاد حزب الله عن مشهد التجاذب السياسي هذا، مكتفياً بما يقوم به حليفاه، تبدو تصريحات عون وباسيل بمثابة «خطّة لحشر الرئيس الحريري في الزاوية»، كما تقول المصادر. وفيما تصرّ على أن تيار المستقبل والحريري ملتزمان إلى أقصى الحدود التسوية الرئاسية، حتى أن «الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق توقّفا عن الهجوم اللفظي على النظام السوري»، تؤكّد أن «ما يجري الآن من محاولات تطبيع مع هذا النظام في محاولة لتحويل التقدّم العسكري للنظام وحزب الله إلى تطويع للحكومة اللبنانية ودفعها إلى علاقة علنية، هو استخفاف برئاسة الحكومة وتحميل الحريري أكثر ممّا يحتمل». وتقول المصادر إن «التسوية الرئاسية التي قامت على انتخاب رئيس من طرف سياسي خصم هو عون وتشكيل الحكومة والبيان الوزاري الذي يؤكّد حياد لبنان، باتت الآن مهدّدة، والذنب ليس ذنب الحريري الذي يحاول منذ البداية الحفاظ على التضامن السياسي وحماية البلد». وتضيف أن «الذي يحرص على التضامن السياسي لا يذهب بعيداً في الاستفراد بقرارات من هذا النوع، أم أنهم يظنّون أن باستطاعة أحد عقد تسوية في لبنان من دون السّنة؟». ولا توافق المصادر على ما يحكى عن أن السعودية تدفع بالحريري إلى التصعيد بوجه حزب الله على رغم تصريحات وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان، مشيرةً إلى أن «السعودية تترك الخيار للحريري ليدير اللعبة بما تقتضيه المصلحة اللبنانية»، مؤكّدةً أن «لا الحريري ولا أحد من فريقه الضّيق يكرّر موقف السبهان أو يعمل بهذا التوجّه، وما قاله هو موقف لسنا ملزمين به».
وتكشف المصادر أن «الحريري لا ينساق خلف الإدارة الأميركية التي تريد حصار حزب الله وهو مرتاح لناحية الموقف السعودي الذي يترك له حريّة التصرف بما يراه مناسباً، لكن الأهم أن هناك تفهّماً روسياً جدّياً لموقفنا، وحرصاً على دورنا».
وفيما تسأل المصادر عن سبب استعجال عون وبرّي للاندفاع نحو سوريا، تؤكّد أنّ «الوضع في سوريا لم يستوِ، ولا مصلحة لنا أن نكون جزءاً من التحالف السوري ــ الإيراني. نحن خلف الجامعة العربية، وعندما تعود إلى العلاقة مع النظام السوري سنكون معها»، متسائلة: «هل من مصلحة حزب الله أو الدول الكبرى فرط البلد؟».
ماذا يعني «فرط البلد»؟ تردّ المصادر بأن «إحراج الحريري إلى هذا الحدّ سيوصل إلى فرط البلد عبر اعتكافه عن الحكومة أو استقالته حتى. على الأقل هذا الموقف يُكسبنا جمهوراً». وتؤكّد المصادر أن «ما يحصل يضع الحريري أمام هذا الحلّ ولا حلّ سواه. إذا استمر الضغط على هذا النحو، فإن الاعتكاف هو الموقف الأقرب إلى التطبيق».

المصدر: فراس الشوفي - الأخبار